ما تكتبه الشاعرة السورية عايدة جاويش هنا، أقرب الى مسح لما يحدث اليوم في وطن يتمزق لكن بشكل مأساوي وأقرب الى تقنية المفارقة حيث يصبح النص الشعري تأشير على حكاية صغيرة تتجه في النهاية الى إعطائنا صورة عن لحظات الموت، والمخطط لها سلفا، حيث تختلط فيها الأوراق ويتحول الظالم فيها الى مظلوم.

الطلقة العالقة في ماسورة بندقية

عايدة جاويش

ذلك الشاب، كأنها ندبة في حلقه  تشردق بها العالم صارت غير قابلة للاستعمال، فغدت تصلح لعدة أشياء... صارت مشجباً في ذلك البيت الفقير..  

 

فزاعةً للطيور في الحقل القريب

إشارة للمرور في الطريق الطويل 

وعارضة مرمى لأولاد يركلون الكرة في شارع ترابي

ماسورة بندقية..

 

ذلك الشاب استندت

على غصنِ شجرةِ اللوز

فأزهر باكراً

وحدها الحربُ بقيتْ على حالها

لم يصدق الشاب أنَّ تلكَ الرصاصة التي عَلِقت في ماسورة بندقيته، ولم تُطلق صيرته حراً. يومها لفّ إصبعه المجروحة جيداً، أخذ يسمع برنامج صباح الخير وتوقعات الأبراج  على هدير الإذاعة الوطنية..

للأرض تلكَ الرصاصة التي لم تُطلق أيقظتْ شهيةً العالم للقتلِ..

 

رصاصة كانت تقتل في الماضي

بناءاً على الاختلاف في وجهاتِ النظر

إلىَّ أنَّ الناس عمياناً

بلا وجهة نظر وأحياناً بلا وجوه للنظر

جارنا مازال يشكر الله

كلما أتت الكهرباء ويكفر به كلما غابت..

 

لم يفتدينا أحد

ولا حتى بحمامة خشية أن ينقصَ هذا العالم شيئاً من الظلمِ فيختل توازنهُ أن تكون من الأقليات يعني أن ترى الناس تتعربش على سلم الظلم لتحمي أرجلها من نار مجتمع قسمه مفهوم الأكثرية والأقلية إلى أقسام كان الإنسان خارجها..

 

أزهار عباد الشمس بمنتهى الصفرة

ولكنها ليستْ مريضة

تستدير كلما غيرتْ شمسها مسارها

لكن العاصفة عندما هبتْ هبتْ

على جميع الأشجار

وعلى أزهار عباد الشمس

التي هزئت بالريحِ

التي غيرت اتجاهاتها

فعاشت على الحافة..

وتمرست على العتمة   

 

الطلقة العالقة في ماسورة بندقية

ذلك الشاب

التي بكى لضياع مستقبلها الكثيرون

وتحدث الناس بيقين كامل

بأنهم رأوها تتسكع وحيدة حزينة

هناك

حيث يسكن الله والخراب

لكي لا تتأزم مسألة الطلقة العالقة 

والبندقية الغير قابلة للاستعمال

بين حزين

ومتألم

وإنسان مبالي

وغير مبالي

باركوا السلام الذي سمنوهُ جيداً

ليذبح صباحاً

في الصباحِ

بحثوا عن الظالم

وجدوهُ مظلوماً ..

 

"موتنا لم يكن بالتوقيت المحلي كان مضبوطاً بتوقيت غرينتش"