لوعة الشاعر الفلسطيني نمر سعدي لا تحدها المسافات ولا تستطيع اللغة أن تطفئ لهيبها، لذلك تسمو القصيدة الى مناطق تتحلل فيها الذات كي تكتب وجعها وصراخها الداخلي وهي تحاول لملمة ما تبقى من حنين لهذا العشق الذي يسمو الى أبعد حدود.

مزامير لحبق أيلول

نمر سعدي

(1)
آهِ يا وردتي العصبيَّةَ 
يا طيرَ روحي المهاجرَ آخرَ هذا النهارْ
أطفئي جمرَ قلبي بناركِ يا لعنةَ الماءِ والجلَّنارْ

(2)
هنا أم هناكْ
أُلملمُ صيحاتِ قلبيِ عن الشجرِ الغجريِّ وعن ضحكةِ الغيمِ
أنثرُ أوراقَ دمعي الخريفيِّ في آخرِ الأرضِ...
أدخلُ ظلَّ الندى والأراك؟

(3)
تسألني: شاعراً كانَ يوماً حبيبي أنا 
أم مجرَّدَ وغدٍ لعينْ؟
معذَّبةٌ بأنوثتها بعدُ لم تبلغَ الحلمَ والأربعينْ

(4)
سأُطعمُ سربَ الحمامِ الذي زارَ شرفةَ قلبي حنينَ الحياةِ المقفَّى
ليسَ حزناً ترينَ بعينيَّ لكنهُ الحبُّ حينَ يُصفَّى

(5)
كنتُ أحرقتُ من قبلِ عشرينَ عاماً قصائدَ حُبِّي
ولكنها لا تزالُ تضيءُ فتاتَ الندى في ترابي
وكلَّ أصابعِ قلبي

(6)
تؤرِّخُ للنرجساتِ الثلاثِ بعينينِ مائيَّتينِ 
وشمسٍ شتائيَّةٍ
وبنهرٍ يرفرفُ في هاويةْ
فكيفَ إذنْ يستردُّ المجازُ خطاكَ من التيهِ
كي تستقيمَ البلاغةُ في كاحلِ الصيفِ؟
كيفَ تئنُّ الظهيرةُ في نجمة لا تُرى؟
كيفَ يكسرُكَ البحرُ..؟
أم كيفَ يشطرُكَ الوتَرُ المتوجِّسُ في الأغنيةْ؟

(7)
أقايضُ حريَّتي بالفراغِ وعشبِ المزاميرِ أو بالقلَقْ
وأتركُ بعضي وكُلِّي..
شعاعاً خفيفاً لظلِّي
وضلعاً بدونِ اعوجاجٍ لأنثايَ..
ماءً شفيفاً 
ورملاً نظيفاً 
وورداً تعمِّدهُ شهوةٌ للغبارِِ بكلِّ الطرُقْ

(8)
زهرةُ الحُبِّ مثلُ الحياةِ ومثلُ الكتابةِ
تبزغُ في آخرِ الليلِ من فجوةِ العدَمِ
ما الذي سوفَ يجدي غداً أن تمرَّ السماءُ بكلِّ حياديَّةٍ 
ويمرَّ البرابرةُ المتعبونَ على ندمي؟
*******