يشكل الشاعر العراقي المغترب، باسم الأنصار، في قصيدة من ديوان شعري سبق للكلمة أن نشرته، صراعا مريرا مع الوجود بحس تراجيدي يعلو صوت الشاعر كي يخاطب مرآته بعض من انجراحاته وانكساراته ليخلو بنفسه أخيرا بين الأشجار، الملاذ النهائي، إذ حينها تلتئم الحياة في نقطة صغيرة تحيط بالشاعر وتحميه من عثرات الزمن..

حياة محاطة بالأشجار

باسم الأنصار

هاهو زمنُكَ يتدحرج على جبل الثلج،

وها أنذا أراك تسير في الأزمنة الآمنة!

هاهي رغباتكَ تتلوّن بالعسل في الكهوف،

وها أنذا أراك تنام مع الوجع القديم!

كنتَ ترغب بالبكاء على الماضي والنحيب على المستقبل،

وكنت تود احتضان الخريف والأبدية معاً!

لمْ تكترث بعربة الشعراء يوماً، ولم تركض سوى خلف الحكايات.

اخبرتك بأن تمشي معي صوب الأحلام الزائلة،

وأن لا تمشي وحدكَ صوب الأماني الخالدة.

كنتَ تحلم بأن تضعَ خضرة الحشائش في الحقائب،

إلاّ انّكَ وضعتَ لون السماء في الغرفة!

تذكّرْ، أنتَ واللذة توأمان.

تذكّر، انّ السماء لاتنام تحت رغباتك.

وتذكّر، انّ حياتَكَ محاطةٌ بالأشجار.

تمنيتُ أن تمارسَ الحروب والمحرمات في الجزر البعيدة،

غير أنك اكتفيت بإلقاء الأفكار فوق جسدي.

ياالهي ! كم جرحتَ روحي بألحانك،

وكم كنت أنتظر منكَ أن تجرح الحياة بالاحتجاج على الخلود.

رأيتك تدخل الانتفاضة عبر بوابتها الحمراء،

بعد انْ اقسمتَ لي بأنْ تدخلها عبر بوابتها البيضاء!

لماذا قلتَ وداعاً أيها الفجر القادم،

وقلتَ مرحباً بك أيها المساء الذاهب الى الفناء؟

ولماذا غبتَ عني طويلاً في باطن الفراغ؟

آه !

طرقتُ حياتكَ بحذر بعد الغياب.

طرقتهُ الى انْ تعلّقَ قلبي على مسمارٍ غريب.

وحينما نظرتُ الى الوراء،

رأيتُ ساعي البريد يمرُّ من دون أنْ يلتفتَ الى حياتك.

حينذاك،

أحاطتني الأشجار بهدوء!

 

شاعر عراقي