رسالة تونس: المسرح إرادة الحياة

كل التفاصيل عن أيام قرطاج المسرحية

كمال الرياحي

انعقدت في بمقر الوكالة التونسية للاتصال الخارجي قسم الصحافة الدولية ندوة صحفية للاعلان عن افتتاح الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية التي تمتد من 30 نوفمبر 8 ديسمبر 2007 ترأس الندوة مدير الدورة الفنان محمد ادريس صحبة احمد عامر وحضرها عدد كبير من الصحفيين والفنانين والمسرحيين. وقد أكّد محمد ادريس في كلمته الافتتاحية أن "هذه الدورة هي محطة جديدة في تطوّر التظاهرة وتفاعلها مع المتغيّرات ومع واقع المسرح في منطقتنا العربية والإفريقية وفي العالم أيضا. لقد تحسّسنا العديد من المؤشرات ووقفنا على مفاجآت ومستجدّات في كيفية التعامل مع قطار الحياة الّذي لا يتوقّف. إذ انبثقت هياكل على أساس إرادة الإبداع ولزومه في غياب أطر الإبداع بسبب أوضاع حائلة دون ذلك، فالدّورة تريد أن نبرز ما يحصل في بلدان تشهد تفككا وغياب أدنى شروط الاستقرار ومع ذلك إنتصرت فيها إرادة الحياة ونحن نشاهد في العراق جيلا جديدا يجيب على أسئلة جديدة ويعبّر بإرادته عن أنّ المسرح له مكانته في الحياة وفي الدّفاع عنها، كما يعبّر عن أمل في منطقتنا نلمسه من خلال الأعمال المقترحة من البلاد العربية والإفريقية".

و من جهته أشاد محمد ادريس بمقاومة الفنان العربي في الدول العربية التي تعاني من ازمات داخلية كلبنان وفلسطين والعراق واصراره على البذل والعطاء فقال: "هذه الدورة تؤكد أن المسرح ضروري ولازم وعلى الرغم من شدّة مأساة شعبي فلسطين والعراق فإن قدراتهما الفاعلة تعبّر عن تحدّي الموت بالفن الراقي على درب الحياة والمستقبل. صورة الإنسان في أماكن أخرى وفي إفريقيا والوطن العربي يحمل حلما يتجسّم ويلتفّ حوله ويعتني بكيفية رواجه وإشعاعه عبر مسرح متقدم، متنوع ومنفتح على كل التعابير والتقنيات." وحول خطة الدورة الجديدة لايام قرطاج المسرحية أعلن أن الادارة ستسعى في هذه الدورة إلى إيجاد طريقة فاعلة وإرساء علاقات مثمرة في تبادل المعلومات حول المدارس المسرحية المختلفة وحول جديد الإبداع والمناسبات والشخصيات وستسعى بهذا أن تحثّ الفرق والأفراد لإحداث شبكة جنوب جنوب وجنوب شمال لتبادل المعلومات بقصد تجوّل الإبداعات والمبدعين وخلق علاقة تضامنية بالنسبة لمشاريع مستقبلية (التكوين، الرسكلة، تنقل المعارف) حتى لا تبقى الفرق العربية والإفريقية تنتظر المركز الغربي لترويج أعمالها لذلك ستبحث في إمكانية إرساء علاقة مباشرة جنوب جنوب ، والعمل على إيجاد صيغ في هذه المستجدات الجديدة أي صيغ جنوب شمال تقوم على الانفتاح والتبادل والتحريك في اتجاه تطوير تحوّل الإبداعات والفنانين.

وأضاف مدير الدورة محمد ادريس أن هذه الدورة تسجل حضور نسبة كبيرة من الوجوه والقدرات الشابة والجديدة وهو ما يبعث على الأمل في هذا الجيل المسرحي الشاب الذي يبشّر بنهضة مسرحية حداثية الطرح والشكل كما تسجّل الدورة أيضا ظاهرة كنّا أشرنا لها في الدّورة السابقة بكل عناية وهي حضور المرأة ودورها كقاطرة بالنسبة للإبداع ولمسؤولية الإبداع عندنا حيث يصل عدد الأعمال التي أمضتها مبدعات عربيات سواء في الإخراج أو في التأليف إلى 16 عملا وهو رقم مهمّ وظاهرة حضارية هذا وقتها وفي تونس نحن نعتزّ أنّنا سلّطنا الضّوء على هذه الظاهرة وأعطيناها فرصتها دون عقدة ولا وصاية. 
 

ومما هو لافت للانتباه في هذه الدورة أن عدد العناوين يبلغ 46 عنوانا وعدد العروض 61 عرضا بمشاركة 9 بلدان عربية و5 بلدان أجنبية وأن المغرب العربي سيحضر بكثافة من خلال عديد المقترحات المسرحية والشخصيات الفنّية وهو ما كان مقتصرا على بلدين في الدورات السابقة وستظهر هذه الأعمال التقدم الحاصل في التجربة المسرحية المغاربية.

وحول البلدان المشاركة في المهرجان أكد لنا محمد ادريس أن عدد البلدان العربية 10 وعدد البلدان الإفريقية2 وعدد البلدان الأجنبية16 أما عدد العناوين فذكر لنا مدير الدورة أن العناوين العربية 12 وعدد العناوين الإفريقية 3 وعدد العناوين الأجنبية 7 بينما تتصدر تونس عدد العناوين 25.

ومن العروض المسرحية العربية المشاركة (في شوكولا) لرغدة الشعراني من سوريا (كلام في سرّي) لريهام عبد الرازق من مصر و(حظر تجوال) لمهند هادي من العراق و(حلم في بغداد) لأنس عبد الصمد من العراق و(نساء لوركا) لعواطف نعيم من العراق و(القناع) لفرقة المسرح الحديث نص مجد القصص ونوال العلي واخراج مجد القصص من الأردن و(ألكسيس) لصونيا من الجزائر و(توقف) لفرج بوفاخرة من ليبيا و(زنقة شكسبير) لزبير بن بوشتا من المغرب.

أما العروض المسرحية الأوروبية والإفريقية فمنها الزنوج نص الكاتب الشهير جان جيني وانتاج سنغالي ايطالي اخراج غوستاف فريجيريو وتحت الركبتين لمارسيا لانسا من البرتغال ولقاء السيّد ديكارت والسيّد بسكال الشاب لدنيال وويليام مزقيش جون كلود بريفيل من فرنسا زو غيرها اما المشاركة التونسية فتمثلها جملة من المسرحيات أهمها حول فالير نوفارينا لتوفيق الجبالي وخمسون للفاضل الجعايبي ومر الكلام نص ظافر ناجي واخراج الشاذلي العرفاوي وفن لمحمد كوكة وأنتغون لنوردالين العاتي وامراة لزهيرة بن عمّار ورهائن لعزالدين قنون وطائر المينيرفا لسليم الصنهاجي.

وقد وجّهنا إلى السيد محمد ادريس سؤالا عن أسباب تغيّب الفرق الخليجية ومسرح أوروبا الشرقية والدول الناطقة بالإنغليزية فأكّد لنا أنه عمل كل ما في وسعه من اجل أن تشارك بعض الفرق المسرحية الكويتية والبحرينية وغيرها لكن تعذّر ذلك اذ لم تبد هذه الفرق اهتماما وحتى بعض الضيوف اللذين وعدوا بالمجيء والمشاركة اعتذروا في آخر لحظة اما دول أوروبا الشرقية فقد حالت تكلفة التنقلات او الأعمال الضخمة دون مشاركتهم. وسيقع تكريم عدد من الفنانين والشعراء العرب منهم محمود درويش وقد حملت الدورة شعار "المسرح إرادة الحياة من الشابي إلى درويش" فسّر محمد ادريس ذلك قائلا "أبو القاسم الشابي من الشعراء الكونيين القلائل الذين واجهوا المستحيل وقد أظهر نفسه الشعري - وهو الذي توفّي شابا - إن اليأس غير مقبول وأن أكبر علامة من علامات الإنسانية هي إرادة الحياة لذلك نحن نتفاءل بنفس الشابي ولنا الآن في عالمنا المعاصر أحد رموز الشعوب المناضلة في سبيل الحرية وهو الشاعر الكوني الكبير محمود درويش الذي سنحتفي به في هذه الدورة شاعرا وإنسانا وبذلك يصحّ لنا أن نقول إن إرادة الحياة في المسرح العربي هي من الشابي إلى درويش".

شعراء ليبيون في تونس
شهد فضاء الطاهر الحداد بالمدينة العتيقة مساء الجمعة أمسية شعرية ليبية تونسية حضرها عدد من الشعراء والمثقفين التونسيين. افتتحت الأمسية الشاعرة فاطمة بن فضيلة منشطة الصالون الذي استضاف الشاعرات الليبيات لترحب بضيوفها وانطلقت بعد ذلك الأمسية بقراءات شعرية للشعراء الليبيين تميّز منهم الشاعر محمد الهريوت وأم الخير الباروني وتخللت الأمسية وقفات طرب لمطربة شابة. وعلى هامش الأمسية تحدثنا مع الشاعرة فاطمة بن فضيلة عن صالون المبدعات الذي تشرف عليه منذ سنة بفضاء الطاهر الحداد فأفادتنا بأن الصالون يسعى إلى استعادة تقليد عربي قديم هو صالون مي زيادة ويعنى الصالون بإبداعات المرأة في شتى المجالات النقدية والمسرحية والأدبية والتشكيلية. وذكرت لنا الشاعرة أن الصالون سبق أن استضاف عددا من المبدعات العربيات في موسمه السابق وانفتح على تجارب عربية ومغاربية فكان لروّاده لقاء مع الشاعرة والروائية المغربية فاتحة مورشيد و تأتي استضافة الشاعرات الليبيات هذه الأيام ضمن توجه الصالون الذي يسعى إلى الانفتاح على التجارب الإبداعية المغاربية النسائية. كما أكدت لنا فاطمة بن فضيلة أن الصالون ليس حكرا على النساء المبدعات بل هي لا تتردد في استضافة مبدعين رجال ومن هنا جاءت استضافة الشاعر محمد الهريوت الذي أمتع الحاضرين بقصائد متميّزة 

عمارة لخوص يطلق أول دار نشر عربية في ايطاليا
في مكالمة هاتفية من روما جمعتنا بالروائي الجزائري عمارة لخوص أخبرنا بخبر اطلاق أول دار نشر باللغة العربية في إيطاليا، تحمل اسم (شرق/ غرب). وهي امتداد لدار E/O للنشر تلك الدار الإيطالية التي تحمل الاسم نفسه. تجدر الإشارة إلى أن المدير التحريري للدار الجديدة هو الروائي والباحث الجزائري المقيم في روما عمارة لخوص، صاحب رواية "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضّك" والتي أعاد كتابتها بالايطالية ونشرتها دار E/O تحت عنوان:

scontro di civilà per un ascensore a piazza vittorio وقد حققت هذه الرواية نجاحا منقطع النظير في ايطاليا وتحصّلت على جوائز كثيرة مما دفع بصاحب الدار الأم إلى الإقدام على هذه المغامرة التي حدثنا عنها الصديق عمارة لخوص كحلم بعيد السنة الماضية في لقاء جمعنا في مؤتمر ثقافي في سالارنو بجنوب ايطاليا، لكن الروائي الجزائري النشيط والمثقف المتميّز سرعان ما حوّل الحلم إلى حقيقة، لتنطلق الدار العربية في نشر أولى منشوراتها بترجمة رواية للكاتبة الإيطالية إلينيا فيرانتي "أيام الهجران" والتي حققت نجاحا كبيرا في نسختها الايطالية وحوّلت إلى عمل سينمائي قبل أن تباع منها أكثر من 100 ألف نسخة، تجدر الإشارة إلى أن الترجمة العربية لهذه الرواية أنجزتها المترجمة شيرين حيدر. والحق أن هذه الرواية التي تنقل لأول مرة إلى العربية ومن لغتها الأصل الإيطالية تمثّل رواية فنّية معقّدة ومشوّقة في الآن ذاته وهو ما يحسب للمترجمة التي أمكن لها التعامل مع رواية تقطع مع المتداول والشكل المسطور والتيمات المتكررة. سبق لإلينيا فيرانتي أن نشرت رواية أخرى حققت نجاحا هي "الحب المزعج" والتي اقتبس منها فيلم سينمائي كما صدر لها مؤخرا رواية جديدة "البنت الغامضة". رواية "أيام الهجران" رواية يتداخل فيها الرومانسي بالايروتيكي وتتعالق فيها الجرأة بالفن لتنهض نصّا عميقا قائما على الحفرالمرّ في الذات البشرية المتقلّبة وسبر أغوارها ورصد أمراضها الكثيرة. "عصر يوم من أبريل ،بعد الغداء مباشرة، أبلغني زوجي أنّه يريد هجري. أخبرني بذلك فيما كنّا نرفع الأطباق عن المائدة، وكان الولدان كعادتهما يتعاركان في الغرفة الأخرى، والكلب يحلم مبرطماً قرب جهاز التدفئة. "هكذا ودون مقدمات تضعنا الروائية في قلب الحدث وبهذه الجملة السردية الفخ تسقط في أحابيل الحكي وتُأسر بحكاية امرأة تعبر بثقل أنوثتها إلى ضفة أخرى من حياة وجدت فيها نفسها تلوك وحدتها صحبة ابنيها وكلبها وجسدها الملحّ . ليبقى القارئ يطارد قصة أنثى مجروحة في كيانها، أخبرتها الحكاية أن تعلن تمرّدها شيئا فشيئا لتعيش مغامرات ما فكّرت يوما في خوضها.

تجدر الإشارة إلى أن الدارالأم E/O تأسست سنة 1979 في روما، ثم أخذت تنفتح على العالم من خلال فتح فرع أميركي لها في نيويورك سنة 2005، وهاهو الفرع العربي يمثل الحلقة الثالثة لحركة الدار الواعدة التي تأمل حسب مديرها وصاحبها إلى مزيد من التوسع والانفتاح على الصعيد الكوني. وأكّد لنا عمارة لخوص أن الحاجة إلى وجود دارعربية تتكفّل بنقل الأدب الإيطالي إلى العربية مباشرة عن الايطالية دون وسائط بات أمرا ملحّا. ويسعى لخوص من خلال هذه النافذة المضيئة للتعريف بالأدب العربي في ايطاليا من خلال ترجمة ونشر مجموعة من الروايات العربية وأكّد لنا أن هذه الدار ستوفّر قدرا من المصداقية والشفافية في التعامل مع المبدع العربي، كما ستقيه من غول الرقابة الذي يتهدد نصوصه والذي ترفعه في وجهه المؤسسة بأشكالها المختلفة في الدول العربية. وتعتبر هذه الرواية الايطالية بجرأتها الكبيرة ميثاقا للنشر وعربون خيار ومشروع ثقافي تقدمي. كما تمثل جسرا ثقافيا تحاول الدار في نسختها العربية مده بين القارئ العربي والكاتب الايطالي والعكس بالعكس.

أما عن طريقة التوزيع فقد أعدت الدار خطة مدروسة لذلك من خلال تعميم توزيع منشوراتها في العواصم العربية وذلك بالتعاون مع المكتبات العريقة والمعروفة في مجال التسويق، كما ستستثمر الدار شبكة الانترنت لترويج كتبها ومنشوراتها وستعقد اتفاقيات تعاون مع المراكز الثقافية الإيطالية في البلدان العربية، هذا بالإضافة إلى مؤسسة دانتي أليغييري لتعليم اللغة الإيطالية المنتشرة عربيا"، والتي سيشارك أمينها العام أليساندرو مازي في تقديم دار النشر. وأولى إطلالات الدار ستكون في معرض الكتاب بالجزائر في دورته الثانية عشرة، 31 من أكتوبر الجاري إلى 9 نوفمبر المقبل2007 وسيكون القراء على موعد مع الأدب الايطالي يطلعوا على باكورة الأعمال المنشورة للدار رواية "أيام الهجران"، لأصيلة نابولي إلينيا فيرانتي في انتظار صدور ترجمة رواية "البرجوازي الصغير جدا"، لفينشينتسو تشيرامي. 

كتاب جديد لصابر الحباشة
عن الدار المتوسطية للنشر، وضمن سلسلة الكوثر التي يديرها المفكر أبو يعرب المرزوقي، صدر في تونس مؤخرا الكتاب السادس للباحث والناقد التونسي صابر الحباشة بعنوان "تلوين الخطاب" وهو عبارة عن فصول منتقاة ومترجمة عن الفرنسية والإنجليزية، مأخوذة من مؤلفات وموسوعات ودوريات غربية تهتم بعلوم اللغة ومناهجها. ويحتوي هذا الكتاب على فصول أنشأها نعوم تشمسكي وإميل بنفنيست ومارك جونسن وجون لاينز وأوزفالد ديكرو وهرمان باريه وألان بروندونير وغيرهم من علماء اللسانيات، وفلاسفة اللغة. وهذا الإصدار الجديد يمثل إضافة نوعية للمكتبة اللسانية العربية لاحتوائه على فصول مركزة حول التلفظ والأسلوبية والجسد والعقل وضمنيات القول. ويأتي هذا الكتاب بعد نشر الأستاذ صابر الحباشة كتابا آخر مترجما حول "التداولية، من أوستن إلى غوفمان" وقد صدر منذ مدة قصيرة عن دار الحوار بسوريا.