هكذا أغتالوه مرتين!
صانع نصب ناجي العلي يروي قصة اغتياله مرتين!
"صدى لبنان"، انصاب الفنان شربل فارس، أن منحوتاته ورسوماته، تحتل مكانة خاصة في عالم الفن والابداع، والحق يقال أن شربل فارس، هذا الفنان والناقد هو خير من جسد وخلد ناجي العلي، إنه زميله وقد تأثربه الى حد كبير، وقصة تمثال ناجي العلي الذي اغتيل مرتين، مريرة، وعندما سألته عن التمثال، وعن الاغتيال الثاني لناجي، أجابني والدموع تسبق الكلمات المتلعثمه على شفتيه، وهي ئخرج من قلب حزين، وها هوالفنان يروي تجربته مع تماثيله الجميلة لشخصيات جليلة. إنك أول من أعطى الفنان الشهيد ناجي العلي حقه من الناحية الفنية، إذ صممت له نصب الخلود التذكاري.. فكيف عكست ناجي العلي كفنان ومناضل في التمثال الذي صنعته؟ وكيف كانت حادثة اغتياله للمرة الثانية؟ ** لقد ربطتني بناجي العلي صداقة طويلة منذ كان يزاول عمله في جريدة "السفير" وقد أسس في ذلك الوقت مدرسة، ومنهجأ كاريكاتوريأ خاصأ ومميزأ، وأصبح معروفأ أن قراء "السفير" كانوا يطالعونها بداية من الصفحة الأخيرة، حيث المكان الأثير لرسومات ناجي العلي اليومية. وعامل الصداقة الذي ربطني به أخذ منحيين، المنحى الأول هو عامل سياسي وايديولوجي من خلال موقف معين من الأحداث الجارية في لبنان والوطن العربي بشكل عام. والعامل الثاني هو جهد ناجي المتواصل في ايجاد حركة خاصة ملتزمة بالواقع المعاش. تأخذ منه موقفآ وتبحث لها عن موقع. بعد الاجتياح "الاسرائيلي" لبير وت وخروج المقاومة، استمرت رسومات ناجي اليومية الى أن غادر بيروت، متابعآ مهمته في الصحافة العربية. وشهدت تلك الفترة تطورأ في أسلوبه الفني، ونظرته الفنية النقدية، التي رصدت تحولات المقاومة الفلسطينية في ذاك الوقت، والتحولات العربية. وأصبح موقفه أكثرنقدأ وأكثر استيعابأ في تلك المرحلة، وكنت اتتبع رسوماته من خلال الصحف الخليجية التي كانت تصلنا باستمرار، وأيضأ كنت أرصد هذا التطورفي رسم ناجي الى أن كان استشهاده الذي ترك في نفسي أثرأ بالغآ. وقبل الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده، طلبت مني جمعية ناجي العلي الثقافية، تخليده بنصب له. بدأت العمل بحب وتقدير وبإعادة للذكريات المشتركة وللصور الفوتوغرافية والرسومات الكاريكاتيرية، فحاولت أن أعايش ناجي من جديد. واستغرقت هذه الفترة حوالي الشهرين، وكنت أحاول أن أدخل الى حاضرة ناجي العلي الى أن باشرت في تنفيذ النصب. وكنت أتهيا في "بسيكولوجية" ناجي، وبعد اختصار مرحلة الشهرين، أو الثلاثة أشهر، وجدت نفسي لا إراديأ انساق الى تدوبن مشهدي لشخص وقامة ناجي. فمن المعروف أن جسم ناجي بيولوجيآ كان نحيلأ، وكان يشبه الى حد بعيد، "الفقير الهندي" محني الظهر، كانت سحنته، ووجه يجسد الحزن والبؤس. وكنت أمام خيارين. إما أن أنقل ناجي بشخصه "البيولوجي"، أومن خلال شخصيته الفنية والنضالية. فكان الخيار الثاني وهو الأكثر صعوبة، وبدأت العمل من عتبة أساسية وهي رسم ملامح التحدي والغضب في اطار قامة الشهيد. لقد كان ناجي أول من بشر بثورة الحجارة "الانتفاضة" فحنظلة قلما تحرك في رسوماته، إلا عندما يمسك حجرأ، أو يصرخ بوجه الرجعية العربية والامريكية. كان ناجي يتحول يوميأ على مدى ستة أشهر. ينتصب بقامته، فتحولت يده أوقبضة يده اليمنى، الى ما يشبه الحجر بعروقه النابضة، ويحمل باليد اليسرى رسوماته ويقف بوجه العاصفة، عاقد الجبين، يميل كتفه الأيمن قليلأ الى الأمام كأنه يشق عباب الريح، بكبرياء، وهكذا بعد مضي ستة أشهرأصبح ناجي بقامته التي تخيلتها. كنت أشعرفي ذاك الوقت أنني أتقمص هذا الشخص، أتقمصه فنانأ مناضلأ، وشهيدأ، كنت أصنع فعله أكثرمما أصنعه كشخص. وكان الهم الأساسي ليس الشبه في وجه ناجي وجسده. بقدرفعله، ولم تعد قامة ناجي كما هي بالطبيعة محني الظهر، بل كانت منتصبة. وعندما أنجز التمثال كان من المقرر أن يرتفع في مدخل مخيم عيئ الحلوة. وذلك استجابة لرغبة ناجي الذي أوصى بأن تدفن رفاته في عين الحلوة، وهذا لم يتحقق حتى الآن. وفي غمرة النقاشات التي كانت تقوم بها لجنة تخليد ناجي العلي في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده. ومنها إزاحة الستارعن النصب وكنت وقتها خارج لبنان، حضرت مجموعة مسلحة، وطوقت المكان، وقامت بتفجير النصب، الأمر الذي ترك تأثير أمأساويأ في نفسي. إذ مكثت مع هذا النصب ستة شهور، وأزيل في دقائق، حاولت أن أسأل عن النصب. قيل لي أن هناك بعض المشاكل الأمنية. أوماشابه ذلك، وقبل شهرين وجدت النصب في عين الحلوة. وجدت ناجي ملقى على الأرض، قرب كومة من الحجارة.. والحديد.. والورق.. "هنا بكى شربل وسالت دموعه" لا أعرف ماذا أريد أن أقول يا أخي؟! "ثم صمت". وتابع وجدت عين ناجي اليسرى مثقوبة بطلقة رصاص نارية، ويده مضروبة ممزقة، وكأنها صافحت قذيفة، تصور أن أهم مافي ناجي كانت عينه ويده، حيث كان يرى ما لايراه غيره من قياديين ومحللين. فاطلقت الرصاصة في عينه ومزقت الأخرى يده!!.
"صدى لبنان"، انصاب الفنان شربل فارس، أن منحوتاته ورسوماته، تحتل مكانة خاصة في عالم الفن والابداع، والحق يقال أن شربل فارس، هذا الفنان والناقد هو خير من جسد وخلد ناجي العلي، إنه زميله وقد تأثربه الى حد كبير، وقصة تمثال ناجي العلي الذي اغتيل مرتين، مريرة، وعندما سألته عن التمثال، وعن الاغتيال الثاني لناجي، أجابني والدموع تسبق الكلمات المتلعثمه على شفتيه، وهي ئخرج من قلب حزين، وها هوالفنان يروي تجربته مع تماثيله الجميلة لشخصيات جليلة.
إنك أول من أعطى الفنان الشهيد ناجي العلي حقه من الناحية الفنية، إذ صممت له نصب الخلود التذكاري.. فكيف عكست ناجي العلي كفنان ومناضل في التمثال الذي صنعته؟ وكيف كانت حادثة اغتياله للمرة الثانية؟
** لقد ربطتني بناجي العلي صداقة طويلة منذ كان يزاول عمله في جريدة "السفير" وقد أسس في ذلك الوقت مدرسة، ومنهجأ كاريكاتوريأ خاصأ ومميزأ، وأصبح معروفأ أن قراء "السفير" كانوا يطالعونها بداية من الصفحة الأخيرة، حيث المكان الأثير لرسومات ناجي العلي اليومية.
وعامل الصداقة الذي ربطني به أخذ منحيين، المنحى الأول هو عامل سياسي وايديولوجي من خلال موقف معين من الأحداث الجارية في لبنان والوطن العربي بشكل عام. والعامل الثاني هو جهد ناجي المتواصل في ايجاد حركة خاصة ملتزمة بالواقع المعاش. تأخذ منه موقفآ وتبحث لها عن موقع.
بعد الاجتياح "الاسرائيلي" لبير وت وخروج المقاومة، استمرت رسومات ناجي اليومية الى أن غادر بيروت، متابعآ مهمته في الصحافة العربية. وشهدت تلك الفترة تطورأ في أسلوبه الفني، ونظرته الفنية النقدية، التي رصدت تحولات المقاومة الفلسطينية في ذاك الوقت، والتحولات العربية. وأصبح موقفه أكثرنقدأ وأكثر استيعابأ في تلك المرحلة، وكنت اتتبع رسوماته من خلال الصحف الخليجية التي كانت تصلنا باستمرار، وأيضأ كنت أرصد هذا التطورفي رسم ناجي الى أن كان استشهاده الذي ترك في نفسي أثرأ بالغآ.
وقبل الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده، طلبت مني جمعية ناجي العلي الثقافية، تخليده بنصب له. بدأت العمل بحب وتقدير وبإعادة للذكريات المشتركة وللصور الفوتوغرافية والرسومات الكاريكاتيرية، فحاولت أن أعايش ناجي من جديد. واستغرقت هذه الفترة حوالي الشهرين، وكنت أحاول أن أدخل الى حاضرة ناجي العلي الى أن باشرت في تنفيذ النصب. وكنت أتهيا في "بسيكولوجية" ناجي، وبعد اختصار مرحلة الشهرين، أو الثلاثة أشهر، وجدت نفسي لا إراديأ انساق الى تدوبن مشهدي لشخص وقامة ناجي. فمن المعروف أن جسم ناجي بيولوجيآ كان نحيلأ، وكان يشبه الى حد بعيد، "الفقير الهندي" محني الظهر، كانت سحنته، ووجه يجسد الحزن والبؤس. وكنت أمام خيارين. إما أن أنقل ناجي بشخصه "البيولوجي"، أومن خلال شخصيته الفنية والنضالية. فكان الخيار الثاني وهو الأكثر صعوبة، وبدأت العمل من عتبة أساسية وهي رسم ملامح التحدي
والغضب في اطار قامة الشهيد. لقد كان ناجي أول من بشر بثورة الحجارة "الانتفاضة" فحنظلة قلما تحرك في رسوماته، إلا عندما يمسك حجرأ، أو يصرخ بوجه الرجعية العربية والامريكية.
كان ناجي يتحول يوميأ على مدى ستة أشهر. ينتصب بقامته، فتحولت يده أوقبضة يده اليمنى، الى ما يشبه الحجر بعروقه النابضة، ويحمل باليد اليسرى رسوماته ويقف بوجه العاصفة، عاقد الجبين، يميل كتفه الأيمن قليلأ الى الأمام كأنه يشق عباب الريح، بكبرياء، وهكذا بعد مضي ستة أشهرأصبح ناجي بقامته التي تخيلتها.
كنت أشعرفي ذاك الوقت أنني أتقمص هذا الشخص، أتقمصه فنانأ مناضلأ، وشهيدأ، كنت أصنع فعله أكثرمما أصنعه كشخص. وكان الهم الأساسي ليس الشبه في وجه ناجي وجسده. بقدرفعله، ولم تعد قامة ناجي كما هي بالطبيعة محني الظهر، بل كانت منتصبة. وعندما أنجز التمثال كان من المقرر أن يرتفع في مدخل مخيم عيئ الحلوة. وذلك استجابة لرغبة ناجي الذي أوصى بأن تدفن رفاته في عين الحلوة، وهذا لم يتحقق حتى الآن.
وفي غمرة النقاشات التي كانت تقوم بها لجنة تخليد ناجي العلي في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده. ومنها إزاحة الستارعن النصب وكنت وقتها خارج لبنان، حضرت مجموعة مسلحة، وطوقت المكان، وقامت بتفجير النصب، الأمر الذي ترك تأثير أمأساويأ في نفسي. إذ مكثت مع هذا النصب ستة شهور، وأزيل في دقائق، حاولت أن أسأل عن النصب. قيل لي أن هناك بعض المشاكل الأمنية. أوماشابه ذلك، وقبل شهرين وجدت النصب في عين الحلوة. وجدت ناجي ملقى على الأرض، قرب كومة من الحجارة.. والحديد.. والورق.. "هنا بكى شربل وسالت دموعه" لا أعرف ماذا أريد أن أقول يا أخي؟! "ثم صمت".
وتابع وجدت عين ناجي اليسرى مثقوبة بطلقة رصاص نارية، ويده مضروبة ممزقة، وكأنها صافحت قذيفة، تصور أن أهم مافي ناجي كانت عينه ويده، حيث كان يرى ما لايراه غيره من قياديين ومحللين. فاطلقت الرصاصة في عينه ومزقت الأخرى يده!!.