بمنطق علمي رصين يعتمد على تمحيص الملعلومات والإحصاءات وتدقيق الظواهر يقدم لنا الكاتب السوداني المقيم ببرلين تلك الدراسة المهمة عن إشكاليات اندماج العرب في المجتمع الألماني.

المسلمون والعرب وإشكالية الاندماج في المجتمع الألماني

حامد فضل الله

لقد استغرق الأمر فترة طويلة حتى اقتنع الشعب الألماني بأن بلاده أصبحت بلداً للمهاجرين. بدأ النقاش في ثمانينيات القرن السابق حول مفهوم مجتمع متعدد الثقافات (ultikulturelle GesellschaftM) الذي أثار خلافاً شديداً حول الأسس التي يقوم عليها هذا المفهوم وقابليته للمجتمع الألماني. مما أدى إلى إهماله ليختصر فقط في النهاية على الشكل الفلكلوري Multikulti مثل الأكل والملبس. ورفض هذا المفهوم وفي أحيان كثيرة بحجة أن ألمانيا ليست دولة مهاجرين كلاسيكية مثل أمريكا وكندا واستراليا(1). ثم جاءت بعد ذلك مفاهيم جديدة مثل:

كل هذه المفاهيم سواء أكانت اجتماعية أو ثقافية لها علاقة مباشرة مع مشكلة الاندماج والوجود الأجنبي في بيئة مغايرة. ساهمت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 في أمريكا والتفجيرات الإرهابية الدامية في مدريد ولندن واغتيال المخرج الهولندي "تيو فان جوخ" Theo van Gogh، في إحداث هزة عنيفة داخل المجتمعات الأوروبية كونها المرة الأولى التي تتعرض فيها لمثل هذه الممارسات. مما أدى إلى زيادة الممارسات العنصرية والمشاعر العدوانية تجاه العرب والمسلمين في مختلف الدول الأوروبية. إضافة إلى ذلك كشفت الأحداث التي قام بها أفراد ينتمون إلى الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، بأن هناك خللاً وأخطاءً وقصوراً فاضحاً في سياسة الاندماج التي تتبعها البلدان الأوروبية حيال المهاجرين. ارتفعت الأصوات في نقاشات واسعة على مستوى ألمانيا من خلال وسائل الإعلام والمفكرين والكتاب والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، مع طرح ضرورة البدء بالتفكير بطرق جديدة لتفادي تفاقم الأزمة نتيجة لعدم الالتفات سابقاً إلى مشاكل الاندماج الحقيقية.

بدأ توافد المهاجرين العرب والمسلمين إلى الأراضي الأوروبية مع مطلع القرن التاسع عشر ولكن ما يهمنا هنا هي الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ـ أي فترة منتصف خمسينيات القرن الماضي، عندما دعت ألمانيا الأجانب إلى المجيء إليها للعمل والدراسة ـ جاء العمال العرب وأغلبهم من أقطار المغرب العربي لألمانيا عبر فرنسا، وعدد أقل من العمال من أقطار المشرق العربي. وكذلك الطلاب من أبناء الأسر غير الميسورة من المغرب والمشرق العربي. فالدراسة الجامعية في ألمانيا مجانية. إضافة إلى توافر فرص العمل إلى جانب الدراسة، مما يتيح لذوي الإمكانيات المادية المحدودة فرصة تمويل دارستهم. اتسمت هذه الفترة بالهدوء، فالتعامل معهم كان على أساس أنهم عمال مؤقتون، أو طلاب علم، وكلهم سيعودون بعدها إلى بلادهم. ومع ظهور الأزمة الاقتصادية في السبعينيات من القرن الماضي قامت ألمانيا في عام 1973 بفرض قيود على استقدام العمالة المهاجرة من خارج أوروبا، لكنها سمحت بلم الشمل العائلي للمهاجرين المقيمين. مما أدى إلى ظهور الجيل الثاني من المهاجرين الذي نشأ في ألمانيا، وبدأ في التعبير عن نفسه بقوة خلال الثمانينيات. في ضوء تعرف أفراده على الثقافة الأوروبية بما فيها من حرية ليطالبوا ويعملوا من أجل الدفاع عن حقوق المهاجرين، وعن ثقافتهم وتقاليدهم.

ثم جاءت فترة التوتر التي بدأت في نهاية الثمانينيات بما فيها من مواجهات سياسية وثقافية ودينية، وبروز قضية الحجاب وتداعيات الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي والانتفاضة الفلسطينية وأحداث حروب الخليج والحرب على العراق 1991 2003. تبعها تسليط السلطات والإعلام الضوء على مسائل ترتبط مباشرة بالمهاجرين مثل قضايا العنف المدرسي ونموذج لها في مدرسة روتلي (Rütli) في برلين نيوكولن، إضافة إلى بروز ظاهرة الاعتداءات على المهاجرين من قبل النازيين الجدد كالإعتداء الوحشي الذي تعرض له الشاب الأثيوبي في بوتسدام. وكذلك محاولة المس بالمعتقدات الدينية والتي عبرت عنها الصور الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم، وفي الجانب الآخر جاءت محاولة تفجير القطارات ومن ثم مؤخراً محاضرة البابا في ريغنسبورغ (Regensburg) واتهامه للإسلام بالإرهاب وعدم العقلانية. ثم استخدام مفهوم الفاشية الإسلامية من بعض السياسيين والكتاب، أدت إلى جو من الاحتقان. في نفس الوقت أدت تداعيات الحرب الأهلية في لبنان والحروب الإسرائيلية عليها وحرب الخليج الأولى والثانية إلى نزوح عدد كبير من اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين طلباً للأمن والعمل، مما ساهم في تزايد أعداد الجالية العربية في ألمانيا بصورة واضحة.

يعيش في القارة الأوروبية حوالي 23 مليون مسلم بما يشكل 5% من أجمال سكان القارة وبانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سوف يبلغ عدد مسلمي أوروبا 90 مليون مما يوازي 15% من إجمال سكان القارة، 50% من مسلمي أوروبا حالياً ولدوا في المجتمعات الأوروبية. 

جدول (1)
التركيب السكاني في ألمانيا

المصدر:                    Quelle: Statistisches Bundesamt 

بلغ متوسط مدة الإقامة في ألمانيا عام 2005 لكل الأجانب 16,8 سنة. ويعيش الآن في ألمانيا حوالي 15 مليون نسمة من أصول أجنبية:

ـ كل خامس زيجة في ألمانيا هي زيجة مختلطة
ـ كل رابع مولود أحد والديه من الأجانب أو من أصول أجنبية
ـ كل ثالث شاب له خلفية مهاجر
ـ تصل نسبة المهاجرين من الشباب أو من ينحدرون من أسر مهاجرة إلى 40% من عدد السكان في بعض مناطق ألمانيا(2)
ـ بلغت نسبة التلاميذ الأجانب الذين دخلوا المدرسة في هامبورج عام 2007 حوالي 48%.
ـ بلغ عدد المقيمين من أصول أجنبية 40% من السكان و70% من المولودين في مدينة فرانكفورت / ماين (Frankfurt am Main) عام 2006(3)

السكان العرب في ألمانيا
يقدر عدد العرب المقيمين في ألمانيا بـ 400 ألف نسمة بدون الحاصلين على الجنسية الألمانية بالتجنيس أو الميلاد

جدول (2)
توزيع السكان العرب في ألمانيا لأقطار مختارة وفقاً لأرقام تاريخ 31/12/2003

المصدر:                    Quelle: Statistisches Bundesamt 

لا توجد إحصائية رسمية منفردة تبين عدد الفلسطينيين في ألمانيا، ففي الإحصاء السكاني تأتي أرقام الفلسطينيين بحكم وضعهم السياسي عادة ضمن قائمة الجنسيات غير محددة. ويقدر عدد الفلسطينيين حالياً بحوالي 36.000 نسمة ويمثل 75% من الرقم الإجمالي لقائمة الجنسيات غير محدده(4).

جدول (3)
عدد الحاصلين على الجنسية الألمانية من السكان العرب لأقطار مختارة

المصدر:                         Quelle: Einbürgerungsstatistik

جدول (4)
توزيع السكان العرب في برلين لأقطار مختارة وفقاً لأرقام تاريخ 31/12/2005

المصدر:Quelle: Ausl?nderstatistik Statistisches Bundesamt Wiesbaden 2006  

صار معنى ذلك أن سكان ألمانيا متنوعين إثنياً (أي عرقياً)، لغوياً، ثقافياً ودينياً. على الرغم من كل هذه الحقائق تعامت الأحزاب السياسية الألمانية وخاصة في فترة حكم الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) والحزب الاشتراكي المسيحي (CSU) عن الاعتراف بهذا التغير الديموغرافي الهام. وفي الواقع لم تكن هناك منذ البداية أي سياسة واضحة بالنسبة للهجرة والمهاجرين كونهم ينظرون إلى الأجانب كقوة عمل فقط، مما أدى إلى تراكم المشاكل فيما يتعلق بقانون الجنسية (المواطنة) وحق الإقامة، وقوانين العمل والمساعدات الاجتماعية. كما استغل الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) بصورة غير مسؤولة ورقة الأجانب في الانتخابات الولائية. وتصاعدت الحملة ضد الأجانب فيما يتعلق بحقوق المواطنة مما أدى إلى فوز الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية هسن (Hessen) في انتخابات عام 1991 وتشكيل حكومة الولاية وتقوية نفوذهم في مجلس الولايات (Bundesrat) وبالرغم من ذلك استطاعت الحكومة الإئتلافية من الحزبين، الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) وحزب الخضر في الفترة 1998 - 2005 إلى تحقيق بعض الإنجازات، مثل إجازة قانون الجنسية الجديد الذي أدى إلى اكتساب الأطفال المولودين في ألمانيا للجنسية الألمانية وخفف من العقبات البيروقراطية لحصول البالغين من الأجانب على الجنسية. كما أن قانون الهجرة (Zuwanderungsgesetz) ساعد على تحسين ظروف الاندماج عن طريق خطة الاندماج (Integrationskurs) منها الحق في تعلم اللغة الألمانية مجاناً مما يساعد المهاجرين في الحصول على العمل والحقوق الاجتماعية. وبالرغم من هذه المكاسب القليلة لا تزال الأحزاب المحافظة ترفضها وتعمل على تعديلها وأقرب مثال على ذلك: القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية الألمانية (أي الحكومة الألمانية) في 14 نوفمبر 2006 فيما يتعلق بحق الحصول على الإقامة للذين يعيشون منذ سنوات وليس لديهم وثائق إقامة مع تعليق التسفير (Duldung) وبالرغم من أنه غير كافٍ وغير عادل، يأتي اجتماع وزراء داخلية الولايات ليخلق صعوبات جديدة وتشديد في تنفيذ القرار. فالحصول عل حق الإقامة لمدة سنتين يرتبط بشروط نذكر منها:

أولاً: الحصول على عقد عمل.
ثانياً: إثبات إمكانية تغطية متطلبات معيشته وعدم الاعتماد أو الحصول على المساعدات الاجتماعية.
ثالثاً: معرفة اللغة الألمانية.

(وهذا يعني في ظروف البطالة الحالية بأن الـ 200.000 نسمة الذين يشملهم هذا القرار. لن يستفيد منه إلا عدد ضئيل منهم أما الأكثرية فمهددة بالتسفير).

هنا يمكن الإشارة بصورة سريعة لقضية الدراسة والتأهيل المهني بذكر بعض الإحصائيات:

14% فقط من أبناء الأجانب يصلون إلى إكمال المرحلة الثانوية.
41% منهم بين سن 20 و 29 ليس لهم أي تأهيل مهني وأكثرهم من الجيل الثاني والثالث.
65% من الأجانب العاطلين عن العمل ليس لديهم أي تأهيل مهني مما يعني صعوبة عودتهم أو دخولهم مجدداً إلى سوق العمل.
كما أن هناك إحصائيات تقديرية بأن البطالة وسط العرب في برلين تصل إلى ما بين80 - 90% ووسط الشباب أكثر من 50%

كما نسبة العاملين من الأجانب في وظائف الخدمة العامة "الخدمة المدنية" ضئيلة جداً. وقد أقامت الأكاديمية الإسلامية ندوة بتاريخ 03/09/2006 قبل الانتخابات البرلينية دعت لها ممثلين من جميع الأحزاب المتنافسة في الانتخابات وكانت الندوة بعنوان: "لماذا ينتخبكم المسلمون؟" (Warum sollen die Muslime Sie w?hlen?) فتعهد وزير الاقتصاد "فولف" (Wolf) في حكومة برلين من حزب الاشتراكية الديموقراطية بأنه سيقترح تخصيص 10% من الوظائف الجديدة في الخدمة العامة للأجانب. نتمنى أن لا يكون هذا الوعد دعاية انتخابية فقط؟

لا خلاف حول أهمية تعليم اللغة الألمانية وهي المشكلة الأساسية التي تعوق تقدم أبناء المهاجرين في المدرسة. إن تشجيع تعليم اللغة الألمانية عن طريق مشاريع تتكفل الدولة بتمويلها قبل الدخول إلى المدرسة هام جداً لتجاوز عائق التفاهم وخلق الثقة والتعامل الندي بين التلاميذ من جميع الجنسيات. ولا قيمة لإجادة اللغة الألمانية، دون أن يرتبط ذلك بتحسن فرص حصول الأجانب على أماكن للتدريب والتعليم المهني، ليتمكنوا من الدخول لسوق العمل ـ أننا لا نتشكك هنا إطلاقاً في أهمية اللغة لأبناء المهاجرين وإنما نود أن نشير بأن الشباب ـ من ذوي الأصول العربية المغربية والأفريقية عامة ـ الذي ثار غاضباً في فرنسا، هم مواطنون فرنسيون، لا يجيدون اللغة الفرنسية فحسب بل أن اللغة الفرنسية لغتهم الأم.

لا خلاف من ناحية المبدأ حول استمارة الاختبار من أجل الحصول على الجنسية الألمانية فمثلاً، مطالبة صاحب الطلب بأن يكون على قدر من الإلمام بتاريخ وعادات وثقافة بلد المهجر لا غبار عليها، شريطة أن لا توجه بصورة عنصرية مثل اختبار ولاية بادن فورتمبيرغ (Baden Württemberg) الموجه فقط إلى المسلمين، أو أسئلة تعجيزية كما جاء في اختبار (100 سؤال) في ولاية هيسن (Hessen) بجانب أنها كذلك تمس حرية الضمير وكرامة الإنسان التي يحميها الدستور الألماني القائل ـ كرامة الإنسان لا تمس ـ Die Würde des Menschen ist unantastbar (المادة الأولى من الفقرة الأولى). الزواج القسري مرفوض قانونياً وأخلاقياً لأنه ضد حرية الفرد وضد حقوقه الإنسانية ولكن بعض الباحثين ووسائل الإعلام يخلطون بين الزواج القسري والزواج المرتب عن طريق الأسر وهو تقليد متبع في بلادنا ويتم عادة بتوافق الأسرتين والزوجين. ويجب العمل على الحد من الزواج المبكر وخاصة للفتيات، فالزواج المبكر يحرم الفتاة الشابة من مواصلة تعليمها واكتساب خبرة في الحياة.

يصل عدد المساجد والمصليات في ألمانيا إلى نحو 2300 مسجد ومصلى ـ أو 100 مسجد بالتعريف الكامل للمساجد. أول مسجد شيد في ألمانيا بالقرب من برلين وأفتتح في 13/06/1915، فالمساجد بجانب أنها دور للعبادة، تقدم أيضاً الدروس الدينية ودورات لتعليم اللغة العربية والحاسوب (الكمبيوتر). فمعظم المؤسسات الإسلامية من مدارس ومساجد لا تتمتع بإعفاءات ضريبية أو تلقي المساهمات التي تقدمها الدولة إلى الكنائس والمؤسسات المسيحية واليهودية، فهذا خلل لابد من إصلاحه. صحيح أن هناك خطب من بعض المساجد وخاصة في الفترات السابقة، لم تساهم في تعزيز الحوار والتفاعل، إذا تميزت بالدعوة إلى العنف والى رفض الآخر والدين الآخر والاستعداء عليه وبذلك تساعد القوى المحافظة التي لا تريد اندماج المسلمين في المجتمع الألماني لكن لا يجوز التعامل معها على أنها تمثل حال كل المسلمين. وعلى الرغم من الهجمات المتفرقة التي تعرضت لها بعض المساجد بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001 وتداعيات العمليات الإرهابية في أوروبا إلا أن المساجد على سبيل المثال لا تحتاج إلى حماية البوليس مقارنة بالمنشآت والمعابد اليهودية (Synagogen) التي لا تزال تحت حماية البوليس بالرغم من مرور 65 عاماً على المحرقة النازية ضد يهود أوروبا (Holocaust). فالعرب والمسلمون يؤدون شعائرهم وممارسة واجباتهم الدينية دون خوف أو رعب(5).

كما أن تقديم المساعدات المالية بصورة رسمية يؤدي إلى الشفافية ويوقف الدعم الخارجي للمساجد والذي يتحكم في تعيين الأئمة وفرض منهج تدريس عقائدي سلفي، وهو اتهام يوجه دائماً وبحق لإدارة بعض المساجد. هنا لا بد من تأكيد على ضرورة تطوير المناهج التعليمية في المساجد بدلاً من الطريقة التقليدية التي يمارسها بعضها والانتقال من أسلوب الحفظ والتلقي إلى منهاج يعتمد على الشرح والتأويل. إن القول بتزايد كبير لزوار المساجد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 كما جاء في بعض التعليقات الصحفية الألمانية هو جزء من الحقيقة ـ فظاهرة العودة الواسعة للتدين الآن ليست مقتصرة على الدين الإسلامي فحسب إذ تتحدث كثير من المقالات والدراسات عن عودة الأجيال الحالية في أوروبا إلى الكنيسة مع تزايد أعداد المتدينين أيضاً ـ والمجال لا يسمح بمناقشة وأسباب هذه الظاهرة. أنظر كتاب فريدرش فلهم غراف (Friedrich Wilhelm Graf) عودة الآلهة، الدين في ثقافة الحداثة(6) .

في الملحق الأسبوعي الذي يصدر مع صحيفة البرلمان تعرض عدد يناير (كانون الثاني) 2006 لمناقشة قضية المجتمعات الموازية. في هذا العدد دراسة ميدانية مطولة من جامعتي جوتنجن (G?ttingen) وبيلافلد

(Bielefeld) شارك فيها الباحث الأكاديمي فلهم هايتمر (Wilhelm Heitmeyer) المعروف بأبحاثه حول قضايا الهجرة والأجانب ومدير معهد الدراسات المتداخلة (دراسات التماس) التابع لجامعة بيلافيلد لدراسة النزاع والعنف، جاء عنوان الدراسة في صيغة سؤال، أيتم عزل المسلمين من خلال تعميم نقد الإسلام؟(7) وتجدر الإشارة هنا إلى نتيجتين من نتائج الدراسة الميدانية، تتعلقان بالموقف أو بوجهة النظر القائلة بما يسمى الاسلاموفوبيا أي الخوف من الإسلام، فكانت الإجابات كالآتي:

جدول (5)
1) هل أتى الإسلام بثقافة جديرة بالاحترام؟ فكانت نسبة الإجابة بـ "لا" كالآتي:

السنة 2003 2004 2005
36,6% 44,0%  49,7%


جدول (6)
2) هل تتفق الثقافة الإسلامية بلا ريب مع عالمنا الغربي؟
فكانت نسبة الإجابة بـ "لا" كالآتي:

السنة 2003 2004 2005
65,9% 69,6% 74,2%


عن ماذا تكشف نتيجة السؤالين:

هل هنا موقف عدائي عنصري حصري من الإسلام؟ أو أن النتيجة تكشف عن جهل فاضح بالثقافة الإسلامية وخلل في اندماج الإسلام في المجتمع الألماني بالرغم من أن الإسلام يمثل الديانة الثالثة بعد الكاثوليكية والبروتستانتية (الإنجيلية) ويدين به 3.5 مليون نسمة.

جدول (7)
عدد السكان الأجانب وعدد الذين حصلوا منهم على الجنسية الألمانية من أقطار إسلامية مختارة 

البلد الأصلي أعداد الأجانب
31/12/2005 
عدد المتجنسين
1988 لغاية 2005 
العدد الإجمالي
تركيا 1.764.041  675.166  2.439.207
البوسنة- هيرسوغوفينا 156.872  31.436  188.308 
إيران 61.792  68.037 129.829  
المغرب 71.639  52.881  124.520 
أفغانستان 55.111  40.565  95.676
جنسية غير محددة * 47.204  16.820  64.024 
لبنان 40.060  34.068  74.128 
العراق  75.927  18.490 94.417 
باكستان 30.034  19.309  49.343 
 تونس 22.859 20.791  43.650 
سوريا 28.154  14.181  42.335 
الجزائر 13.948 5.289   19.237 
 مصر 10.258 5.385  15.643 
الأردن 8.042  7.201  15.243
 إندونيسيا 11.054 1.668  12.722 
 إرتريا 5.930 8.662  14.592 
بنغلادش 4.354  2.373  6.727 
السودان 3.254  1.175  4.429
 ليبيا 3.138 273 3.411
 اليمن 2.239  312 2.551 
السعودية 1.423   32  1.455
متفرقات ** 1.678  60 1.738  
الإجمالي 2.419.011  1.024.174  3.443.185

* غالبيتهم من الفلسطينيين
** البحرين ، قطر، الكويت، عُمان، الإمارات العربية المتحدة
Quelle: Statisches Bundesamt (2006 a + b); eigene Berechnungen  المصدر

وهنا نأتي إلى النتيجة الثالثة عندما تقول أن 75% من الذين شاركوا في هذه الدراسة يرفضون منع هجرة المسلمين إلى ألمانيا مما يعني أن الإشكالية تنحصر في الفهم القاصر للإسلام وليس موقف عدائي أو عنصري منه. وهنا يجب العمل على إزالة هذا الخلل من خلال مثلاً: التصدي للأحكام المطلقة عن الإسلام والثقافة العربية التي تروج لها وسائل الإعلام وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بعد أن أصبحت الكتابة عن الإسلام سلعة رائجة من وسائل الإعلام ولدى الجمهور. وصار العديد من الصحفيين والكتاب الألمان يصدرون الأحكام الجاهزة دون الإطلاع على المصادر والمراجع والفحص والتحليل.

إن استخدام الإعلام كوسيلة لمحاربة التحيز والعنصرية لم يؤدي إلى أي نتيجة مُرضية. في الواقع إن النقص المعرفي العقلاني والرفض العاطفي للآخرين من الأسباب الرئيسية لصعوبة التغلب على التحيز والعنصرية. كل المعلومات المتاحة حول الحياة الدينية للمسلمين المهاجرين لم تؤدِ إلى تغيير الموقف حيالهم. حتى الذين يتابعون وسائل الإعلام يأخذون المعلومات التي تساهم في الدفاع عن وجهة نظرهم المتحيزة ضد الأجانب. إن التحيز ليس نسيجاً خيالياً لمعلومات خاطئة فحسب وإنما أيضاً تعبير عاطفي لشعور بالاستعلاء(8). كما أن شعور المهاجرين بعدم إعطائهم الاعتبار الكافي والشعور بالنقص يدفعهم إلى الاتجاه المعاكس، وهو الشعور بالتعالي والغطرسة وعدم المقدرة على النقد الذاتي. ويقلل من إمكانية التقارب. صحيح إن أكثرية العرب تعيش في مناطق أغلبية سكانها من الأجانب ولكن هذا لا يعني أنهم يعيشون في مجتمع متوازي أو جيتو. إنهم يريدون فقط ترتيب أسلوب حياتهم حسب تقاليدهم وثقافتهم وهذا لا يعني انعزالهم عن مجتمع الأغلبية. ومفهوم المجتمع الموازي نفسه يستخدم حسب تعاقبه التاريخي بسياقات مختلفة ولا يزال غير محدد المعالم ومتداخل في مفاهيم أخرى مما يؤدي إلى سؤ الفهم، ويستغل ويتلاعب به بعض السياسيين لأغراض حزبية ودعائية، ليتنصلوا من مسئوليتهم ويحملون الأجانب المسؤولية الكاملة عن تعثر عملية الاندماج في المجتمع.

إن حق المشاركة في النشاط السياسي للمقيمين إقامة دائمة (دون جنسية) والانتظام في منظمات اجتماعية كما سياسية يجب أن يكون حقاً ديمقراطياً مقدساً. كما أن المساهمة في انتخابات الإدارة والحكومات المحلية هو من الحقوق التي عملت على تحقيقها 16 دولة من الاتحاد الأوروبي (الدول الاسكندنافية والبلدان المنخفضة [هولندا] وأيرلندة و الخ). ويجب أن يجرى العمل على تطبيق هذا الحق في ألمانيا، الأمر الذي لا يطالب به اليسار وحده بل وحزب الخضر أساساً. كما لقي مؤخراً دعم زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي SPD كورت بك Kurt Beck وأطياف واسعة من حزبه. إن البدء بتحقيق هذا المطلب هو تطوير حقيقي لاندماج المقيمين بشكل دائم ومن غير حملة الجنسية الأوروبية، فهم يٌـشركون هكذا عبر الانتخابات في تشكيل الهياكل والأدوات التي تنظم محلياً كل ما تحتاجه حياتهم اليومية ويتطلبه رخائهم وسعادتهم...(9).

يجب أن لا تقتصر دراسة الأدب والثقافة العربية على قسم الدراسات الإسلامية بإمكانياتها المحدودة، وإنما يجب أن تكون ضمن منهج التدريس في علم التاريخ العام. إن فتح كلية للدراسات الإسلامية في جامعة مونستر (Münster) وتعيين محمد كاليش (ألماني) (Prof. Mohammad Sven Kalisch) مديراً لها. وكذلك تكوين مؤسسة علمية للديانة الإسلامية (Stiftungsprofessur Islamische Religion) في جامعة فرانكفورت، خطوة هامة في دعم الحوار بين الثقافات وبين الأديان. كما أن مساواة الدين الإسلامي في المؤسسات الأكاديمية بالديانة المسيحية واليهودية، وفتح المجال للطلاب العرب والمسلمين للالتحاق بها والحصول على شهادات عليا في مادة الدين الإسلامي سيؤهلهم للتدريس والبحث الأكاديمي مستقبلاً. كما أن تدريس مادة الدين الإسلامي في حوالي 130 مدرسة حكومية (Grundschule) منذ عام 2000 في ولاية نوردراين-فستفالن (Nordrhein-Westfalen) وفي حوالي 19 مدرسة حكومية منذ عام 2003 كنموذج في ولاية سكسونيا السفلي (Niedersachsen) بالتعاون مع مركز شورى (Niedersachsen) خطوة في الطريق الصحيح.

ثم يأتي المؤتمر الإسلامي الذي دعا له وزير الداخلية شويبله (Sch?uble) في 27/9/2006 بهدف تحسين فرص الاندماج للمسلمين المقيمين في ألمانيا وتجنب التطرف. والحكومة الألمانية تقدر وتعطي أهمية كبيرة للحوار الثقافي المتداخل كما جاء على لسان الوزير وقد كونت ثلاث لجان متخصصة وحلقة نقاشية تجتمع كل شهرين لمدة سنتين ثم ترفع توصياتها واقتراحاتها ـ لعل ذلك أن يكون مدخل لنقاش جاد وحقيقي حول قضايا الاندماج. تشترك أربعة منظمات إسلامية في هذا المؤتمر التي تجمعت مؤخراً تحت سقف واحد باسم مجلس تنسيق المسلمين Koordinierungsrat der Muslime ( KRM ) هذه المنظمات الأربعة لا يتجاوز عدد أعضائها 286,000 مسلم. هل يتكلم هذا التجمع الجديد باسم ثلاثة ونصف مليون مسلم في ألمانيا؟ وما هو موقفنا وموقف الجهات الرسمية الألمانية من التنظيم الجديد: المجلس المركزي للذين تخلوا عن الإسلام Zentralrat der Ex-Muslime "ولا أحبذ تعبير المسلمين السابقين لتفادي الخلط".

هل تستطيع الأكاديمية الإسلامية التي تأسست في 30/6/2004 في برلين، كمركز بحوث لقضايا المسلمين في ألمانيا والتي تضم في عضويتها مسلمين من كافة الأقطار أن تدعم الحوار بين الأديان؟ وأن تناقش القضايا التي تتعلق باندماج المسلمين، ليس من واقع نظري فحسب بل أيضاً من الواقع المعاش اليومي. وكذلك تصحيح نظرة الألمان التي تتهم العرب الذين يعيشون بينهم بالتخلف والإرهاب ويقيسونهم على الأوضاع المتردية في أوطانهم الأم، ويتعامون عن الأسباب الأساسية الداخلية والخارجية التي أدت إلى التخلف الاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي والإسلامي، وجهلهم أو تجاهلهم للحضارة الإسلامية والعربية في عصرها الذهبي والذي امتد تأثيرها إلى أوروبا بما حملته من أفكار فلسفية وعلوم إنسانية. وأشير إلى المشروع الجديد باسم مدونة قرآنية Corpus Coranicum لأكاديمية العلوم برلين /براندنبورغ وهدف المشروع هو توثيق وتعليق تاريخي نقدي للقرآن الكريم وتقديم عمل علمي يمهد لفهم القرآن كوثيقة تاريخية!! كما جاء في نشرة الأكاديمية. ويشترك في المشروع اثنان من الأكاديميين الشبان من سوريا.

وكذلك يجب التصدي إلى بعض الكتب التي تصدر هنا باللغة الألمانية من كتاب إسلاميين وعرب، أولئك الذين يستشهدون بالآيات القرآنية الكريمة أو الأحاديث النبوية الشريفة يفصلونها من سياقها أو يدمجون بعضها إلى بعض (الترقيع) قصداً ليبرهنوا بها على أفكارهم المسبقة في أذهانهم وبذلك يقدمون صورة خاطئة عن الإسلام مما ينعكس في تصور الألمان على ثقافتنا وحضارتنا وعندما تقول إحدى المسلمات(10) والتي تحصد الجائزة تلو الأخرى في أوربا وهي الآن في طريقها إلى أمريكا "بان القرآن ليس رسالة إلاهية وإنما تم تأليفه 150 عاماً بعد وفاة الرسول محمد" وأن ينشر هذا الحديث في صحيفة ألمانية عريقة واسعة الانتشار، كل ذلك من أجل الشهرة والنجومية وعلى حساب المعرفة العلمية الرصينة. عندما يكتب ويصرح ألماني من أصل عربي ويعيش منذ أكثر من ثلاثين عاماً في ألمانيا وصار أستاذاً للعلوم السياسية في إحدى الجامعات الألمانية واصدر أكثر من عشرين كتاباً ونال أرفع الأوسمة من الدولة الألمانية وله حضور بارز في وسائل الإعلام، خبيراً ومحللاً وناقداً بأنه عاجز عن الاندماج في المجتمع الألماني، وأنه قرر الرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لأن هناك سوف يشعر بقيمته ومكانته كما يتصور، وهو الذي وصل إلى مركزه المرموق!! في ألمانيا عن طريق الهجوم على العرب المسلمين والتفاخر بعلاقته مع بعض السياسيين الإسرائيليين ـ فهو في الواقع لا يقول الحقيقة ـ هنا يمتزج الطموح الشخصي البغيض والخلافات وسط الأكاديميين. لينعكس في مثل هذا السلوك المرضي ومثل هذه التصريحات الفارغة وغير المسؤولة وتفتقد إلى المصداقية ويخدم بذلك غلاة الإسلامويين الذي يدعي بأنه يحاربهم ويوجه ضربة قاسية لكل المخلصين من أبناء الجاليات العربية الإسلامية الذين يعملون بإخلاص من أجل تحسين أوضاع الأجانب وتذليل الصعاب التي تقف حجر عثرة في اندماجهم وهو أيضاً ليس صادقاً مع نفسه. فلماذا لا يغادر ألمانيا مباشرة ما دام يشعر بالغبن ولكنه يريد أن يبقى أربعة أو خمسة سنوات أخرى حتى يضمن معاشه بالكامل ثم يذهب إلى الولايات المتحدة ليقتات من جديد!!

من المهم تبيان بان العرب والمسلمين يحترمون القيم والمفاهيم التي أفرزتها الحداثة الأوروبية فهي قيم إنسانية مشتركة. البعض منهم يقبلها بتفسير آخر وهناك من يرفضها وحتى يحاربها من منظور الخصوصية سواء كانت ثقافية أو فكرية أو عقائدية، ولكن الغالبية تود أن تعيش في هذا المجتمع بسلام وأن تشعر بأنها جزء منه وتشارك فيه كقوة فاعلة مع التمسك بتراثها وثقافتها والتي هي مثل سائر ثقافات الأقليات إثراء لمجتمع الأغلبية. ويستخدم بعض المفكرين والسياسيين الألمان تعبير الثقافة القائدة. والتعبير يعود إلى أستاذ العلوم السياسية الألماني بسام طيبي (من أصل سوري) واصفاً به "الثقافة الأوربية بالقائدة" معتمداً في ذلك على قيم الإجماع للديمقراطية الغربية. ويستخدمه الألمان لتأجيج المشاعر القومية عندما يتحدثون عن الثقافة الألمانية القائدة، أحياناً بنبرة خافتة مثل العضو البارز في الحزب المسيحي الديمقراطي فريدرش ميرز Friedrich Merz مبرراً بها رفضه لمفهوم المجتمع المتعدد الثقافات أو من يتحدث بصورة صارخة مثل أستاذ التاريخ المعاصر والعلاقات الدولية في جامعة برلين الحرة سابقاً أرنولف بارنج Arnulf Baring بقوله ليس المطلوب هو الاندماج وإنما الألمنة (Eindeutschung). أو مثل الكاتب رالف جوردانو Ralph Giordano بقوله ليس المسجد وإنما الإسلام هو المشكلة. ويتساءل: ماذا نعرف عن عمل ومهام المهاجرين ذوي التوجه الأصولي الإسلامي (الإسلاموي) العالمي داخل المنظمات العديدة التي لا يمكن حصرها؟ وكيف يمكن تصديق الاعتراف بمبادئ وأسس الديمقراطية العلمانية؟ مستخدماً مدلول التقية إجمالياً وحرفياً بصورة وخيمة عندما يزعم بأن التقية أذن ديني صريح يسمح بالتضليل والاحتيال والنفاق في الجدل والحوار مع غير المسلمين(11) .

ولكن هناك شخصيات متميزة تدعوا من موقعها الاجتماعي ومن منطلقاتها الفكرية ومسئوليتها الأخلاقية والأدبية إلى انفتاح عقلاني على الآخر واندماج متبادل نذكر منها تمثيلاً لا حصراً: تقول السيدة يوتا لمباخ Jutta Limbach الرئيسة السابقة للمحكمة الدستورية الألمانية وحالياً رئيسة معهد جوتة: «علينا إبعاد مفهوم الثقافة القائدة عن التداول لارتباط معناه بالتعالي القومي الذي يقف في سبيل أي نقاش غير متحيز. وكذلك أفضل نوايا مستخدميه لا يستطيعون تحريره من الاتهام بتعارضه وإقصائه للثقافات الأخرى(12) ».

يقول الكاتب والناشر نافيد كرماني Navid Kermani: «الجميع سواسية أمام القانون ولكن ليس كذلك في حالة الثقافة القائدة.(13)» ويقول الرئيس الألماني الراحل يوهانز راو(14) (Johannes Rau): «الاندماج هو التجديد للقيم المشتركة التي تربط الجميع. الذي يريد أن يبقى على الدوام في ألمانيا لا يحتاج أن يتنكر لأصله، ولكن يجب أن يكون على استعداد أن يشارك في تشكيل المجتمع المفتوح متخذاً الدستور نموذجاً لذلك ـ وكذلك من أجل تطوير شعور الـ "نحن" (wir Gefühl) الذي يؤدي إلى ربط وتوثيق الأواصر بين الأغلبية والأقلية». ويقول ماكس فرش (Max Frisch) الكاتب السويسري الجنسية الألماني لغة: «لقد طلبنا عمالاً وأتوا إلينا بشراً.» (Es wurden Arbeiter gerufen doch es kamen Menschen). ويقول أودو دي فابيو (Udo di Fabio) القاضي بالمحكمة الدستورية الألمانية (Bundesverfassungsgericht) في كتابة ثقافة الحرية(15) : «إن الثقافة المنفتحة للحرية سوف تدوم فقط عندما تتجاوز كبريائها وتكسب بدل ذلك وعيها الذاتي. إن تباكي الثقافة السياسية الرائدة على التعدد الثقافي ما هو في الواقع إلا احتقار وإهمال له، في داخل الدول الدستورية المنفتحة، يجب علينا أن نتعلم كيفية التعامل مع الثقافات المختلفة وتحدياتها، ليس بمعنى أن نجد كل ما هو آخر أيضاً جيداً.يجب علينا أن نتعلم ممارسة التسامح القويم الذي يضع الحدود الموضوعية بين التمسك بمؤسساتنا، وبين الآخرين، وأخذ أنفسنا بجدية. من يحترم (يصون) نفسه يرى أيضاً وجهه في كينونة الآخر».

ويقول الباحث الأكاديمي ومدير المعهد الألماني لحقوق الإنسان في برلين هاينر بيلافيلد (Heiner Bielefeldt) في مقاله عن المسلمين في دولة القانون العلمانية ما يلي(16): «لقد حان الوقت لوضع معلم، رغم المصاعب التي لا يمكن إنكارها والأسئلة العديدة التي تنتظر الإجابة ليس هناك أي بديل مبدئي لمنح المسلمين فرصة المشاركة في تشكيل هذا المجتمع على أساس المساواة في الحرية. أن الذي يرى خطراً في ذلك على نظام القانون العلماني لم يفهم بعد معنى علمانية دولة القانون».

في مقال حديث بعنوان "اختبار أوروبا"(17) للفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني المعاصر والمعروف عالمياً يورغن هابرماس (Jürgen Habermas) نقتطف منه بعض الفقرات (ليست متتالية) والتي تتعلق بموضوعنا هذا:

ـ «إن أطفال وأحفاد المهاجرين الأوائل الذين هم جزءاً منا منذ زمن طويل، وبما أنهم في الواقع ليسو كذلك، فإنهم يشكلون تحدياً للمجتمع المدني وليس لوزير الداخلية، إن الأمر يتعلق بالذين ينتمون إلى ثقافات وجماعات دينية مغايرة من أجل احترام اختلافهم المعرفي وفي الوقت عينه أن يشملهم تضامن دولة المواطنة».

ـ «إن الاندماج الناجح هو قضية تعلم مشتركة من الجانبين، فالمسلمون بيننا يجدون أنفسهم من أجل تحقيق الاندماج تحت ضغط الوقت وضغط التكيف البالغين. فالدولة الليبرالية تطالب من جميع الجماعات الدينية بدون استثناء الاعتراف بحقيقة التعددية الدينية وبسلطة العلوم المؤسسة على المعرفة العلمانية وبالأسس الكونية للقانون الحديث، وكما أنها تؤمن الحقوق الأساسية وأيضاً داخل الأسرة وتعاقب العنف وحتى القائم على ضرورة ما يمليه الضمير وحيال مواطنيها أنفسهم أيضاً».

ـ «إلا أن تغير الوعي الذي يُسمح بترسيخ هذه المعايير يقتضي انفتاح يعكس في الوقت عينه تأمل ذاتي لأساليب حياتنا، إن الذي يزعم أن هذا يعني ("استسلام الغرب") إنما يدعو للفتنة ويقع في شراك ضجيج صقور الليبرالية الأحمق. إن ("الفاشية الإسلامية") هي وهم لعدو غير ملموس، مثل وهم الحرب ضد الإرهاب بأنها ("حرب")».

ـ «إن التوتر الثقافي المتزايد منذ عام 2001 بين المسيحية والإسلام قاد في الفترة الأخيرة إلى اضطراب وتنافس على أعلى المستويات بين المذاهب الدينية. فالجدل يدور حول المصالحة بين العلم والإيمان. فالبابا بنديكتوس السادس عشر يُرجع عقلانية الإيمان إلى هلْينة المسيحية. (بالألمانيةHellenisierung  أي تأثير الفلسفة اليونانية على الإيمان الكاثوليكي)» أما الأسقف فولفغانك هوبر* (Wolfgang Huber) رئيس مجلس الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا (EKD) فيُرجعه إلى اللقاء الذي تم بعد الإصلاح البروتستانتي (الإنجيلي) مع فكر كانط (Kant) وكيركجارد (Kierkegaard) بعد تجاوزه للميتافيزيقا (الماورائيات) وكلاهما يظهران أثناء جدلهما الحماسي المباهة والتفاخر بالعقلانية أكثر مما ينبغي.

ـ «يجب على الدولة الليبرالية الإصرار في كل الأحوال على أن جميع المجاهرين بالعقيدة الدينية أن يقبلوا تصالح الإيمان مع العقل، ويجب أن لا تكون هذه خاصية (صفة) استثنائية وتدعي ارتباطها باتجاه تراث ديني غربي محدد».

في مقال صحفي طويل بعنوان "حوار مع الإسلام"(18) للأسقف فرانز كامبهاوس** يختتمه بقوله: «إن الحوار بين المسيحيين والمسلمين يقف الآن في بدايته وهو يتطلب صبراً وثقة، نفساً طويلاً وقلباً مفتوحاً. وفي سبيل السلام وأيضاً من أجل العقيدة لا يوجد بديل له، مما يعني ببساطة إن مصيرنا محكوم بالحوار. إننا مسؤولين أولاً وخاصة أمام أنفسنا جمعياً وأمام عقيدتنا بالرغم من كل التجارب المحزنة أن نتحدث مع بعضنا. وهذا ما يفرضه علينا الإله ـ الإله الذي يذكره المسيحيون والمسلمون جمعياً بأنه العادل والرحيم».

وقبل الانتهاء من المقال، وبعد أن تحدثنا عن الجانب الألماني، لا بد من الإشارة، ولو باختصار شديد، إلى أن هناك جوانب أخرى مهمة يفترض أن ينتبه إليها المهاجرون القاطنون في ألمانيا، إذ أن عملية الاندماج والتفاعل مع المجتمع الألماني ليس شارعاً باتجاه واحد، بل هي باتجاهين وبالتالي علي السكان الألمان من أصول أجنبية، ومنهم العرب، أن يتخذوا قرارهم الضروري في الاندماج بالمجتمع الألماني دون أن يفقدوا الهوية الخاصة بهم. ومن هنا نجد مناسباً تقديم الواقع التالي بهذا الصدد.

يواجه المهاجرون مشكلة كبيرة في تحقيق الاندماج الفعلي، وليس الانصهار، في المجتمع الألماني، وبشكل خاص العرب والمسلمون. فهم يواجهون مجتمعاً جديداً بثقافة ولغة وتقاليد وعادات وديانة وطقوس أخرى غير تلك التي عاشوا في ظلها وتعاملوا معها في مجتمعاتهم، خاصة وأن الغالبية العظمى من العرب هم من المسلمين، كما أن نسبة عالية منهم جاءوا من الريف ومن أوساط اجتماعية شعبية تسعى للحصول على عمل. كما يواجهون مجتمعاً له قيمه الخاصة وسياساته التي تختلف عن سياسات بلدانهم، إضافة على مساحة واسعة من الحرية والحياة الديمقراطية بالمقارنة مع ما كانوا وما زالت شعوبهم تعيش في ظلها. ثم يصطدم المهاجرون بمواقف سياسية إزاء قضايا بلدانهم، وخاصة في المسألة الفلسطينية وإزاء إسرائيل يشعرون أن هناك كيلاً بمكيالين لا تنسجم مع المبادئ والقيم الكونية والعامة التي يبشرون بها، خاصة وأن غالبية المهاجرين من ذوي الاهتمام بالسياسة وشؤون بلدانهم. إن كل هذه المسائل تلعب دورها في الموقف من القانون الأساسي المعمول به في ألمانيا ومدى قدرة الكثير من المهاجرين من العرب والمسلمين الإقرار به والتفاعل والتعامل معه. ولا شك في أن الأجيال الجديدة تمتلك قدرة أكبر على الاندماج، حين امتلاك ناصية اللغة الألمانية، رغم المصاعب التي تحيط بالشباب في هذه الفترة الحرجة من حياة الشرق الأوسط وبروز ظاهرة الأصولية والعنف في الدول العربية والإسلامية، ومنها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فالإحصائيات المتوفرة تشير بأن الذكور من الشباب التركي واللبناني والمغربي هم أكبر وأكثر مجموعة من الشباب يصعب اندماجها اجتماعياً مقارنة مع مجموعات المهاجرين الآخرى.

وهنا تقع مسؤولية الآباء في توجيه أبنائهم ومعرفة وضعهم التعليمي وبذل الجهود لتعليمهم وتأهيلهم والاهتمام بمشاكلهم النفسية ومنع تسربهم من المدرسة وإزالة أو التخفيف من صعوبة التفاهم بين الآباء والأبناء والأحفاد الذين ولدوا في هذا المجتمع وأصبحوا مواطنين فيه ولن يعودوا إلى أوطان آبائهم، فألمانيا أصبحت وطنهم الأم. كما أن نجاح عملية الاندماج يتطلب المشاركة في منظمات المجتمع ومؤسساته، بدلاً من التقوقع داخل المنظمات العربية الإسلامية فقط. فهذه المشاركة تدفع الألمان إلى تفهم الظروف والمعاناة وخصوصية المشاكل التي يعاني منها المغترب. والمشكلة التي لا بد من التطرق إليها هي أن نسبة عالية من الآباء والأمهات الذين جاءوا إلى ألمانيا لم يتعلموا اللغة الألمانية بصورة مناسبة ولم يندمجوا في المجتمع الألماني، وبالتالي فهم عاجزون عن تقديم التربية الاندماجية الضرورية لأبنائهم، وكثيراً ما يلجأ البعض إلى إرسال البنات والأبناء إلى بلدانهم الأصلية ليتعلموا اللغة والتقاليد والعادات ليعودا إلى ألمانيا ثانية مما تخلق لديهم الصراع مجدداً بين حضارتين أو ثقافتين.

لم يفلح العرب في برلين مثلاً في تشكيل جالية عربية قادرة في التأثير الإيجابي على المهاجرين من جهة ومعالجة المشكلات التي تواجههم من جهة أخرى. فقد فشلت كل المساعي في هذا الاتجاه، إذ كانت تصطدم بالطموحات الشخصية التي لا تمتلك الكفاءة ولا المقدرة وإنما الصوت العالي فقط، وكذلك لا تزال الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية واللبنانية-اللبنانية من أهم العوائق التي تقف أمام تكوين الجالية- كما أن التيارين الليبرالي واليساري يسجلان غياباً شبه كامل بالمقارنة مع نشاط المنظمات الإسلامية فهي أكثر تنظيماً وانضباطاً واهتماماً بأعضائها. إن تعدد المنابر والتنظيمات مألوف ومنشود في ظل التعددية والديمقراطية، إلا أن هذا التوجه يفترض فيه أن لا يعطل المحاولات المخلصة لتكوين جالية عربية فاعلة وفعالة في آن واحد، إذ أن الهدف من ذلك هو تكوين سقف لكل التنظيمات التي تنبذ العنف قولاً وفعلاً وتحترم الدستور الألماني، وهذا لا يعني ذوبانها ونفي خصوصيتها، فالمحك هو روح التضامن والمنافسة الشريفة وهذا يساعد على إثراء النتائج والتنسيق الفعال لتحقيق الأهداف المشتركة والتأثير اجتماعياً وسياسياً وثقافياً داخل مجتمع الأغلبية، وقطع الطريق أمام تلك الجماعات في الإدارة الألمانية التي تتخذ ذريعة مرغوبة لتعليق مشاكل العرب والمسلمين إلى أجل غير مسمى بحجة أنهم لا يعرفون من الذي يمثل العرب وسط هذه التيارات المختلفة من جهة، والتعكز على كون كثرة من العرب والمسلمين لا يريدون الاندماج في المجتمع الألماني ولا يحترمون الدستور الألماني من جهة ثانية.

إن ظاهرة فوز ثلاثة ألمان (إثنان منهم من الرجال من أصل عربي وامرأة من أصل كردي من سوريا) في دخول البرلمان عن ولاية برلين يمثلون ثلاثة أحزاب ألمانية مختلفة في الانتخابات الأخيرة، تعتبر حدثاً هاماً وضرورياً لإيصال صوت العرب داخل البرلمان، وعليهم أولاً القيام بزيارات للمدارس والمنظمات العربية وجمع المعلومات والمصاعب والمشاكل التي تعترض قضية الاندماج ومناقشتها أولاً داخل أحزابهم بهدوء ومنطق ومعلومات دقيقة مدعمة إحصائياً. هذا هو الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى نتائج ملموسة بدلاً من التصريحات الفارغة والدخول في معترك السياسة دون دراية بمخاطرها ومساربها كما فعل أحد النواب الألمان - من أصل عربي - في إحدى ولايات ألمانيا، الذي كان همه في المقام الأول الدخول إلى معترك السياسة الخارجية والتصريحات الرنانة وعدم الانضباط الحزبي ففقد عضويته الحزبية ولم ينجح في الانتخابات التالية وبذلك فقدنا صوتاً كان يمكن بقدر من العقلانية أن يساعد في إظهار قضايا ومشاكل الاغتراب بصورة واعية ومناسبة. وفي نفس الوقت نرفض وندين تصعيد الحملة ضده من قبل وسائل الإعلام الألمانية اليمينية الموالية لإسرائيل.

إن تحول المهاجر العربي أو المسلم إلى مواطن ألماني يحمل الجنسية الألمانية تضع على  عاتقه بالضرورة تبعات كثيرة لا بد له من احترامها وبشكل خاص تعلم اللغة الألمانية وإجادتها واحترام الدستور الألماني وقوانين البلاد والتفاعل مع المجتمع والمشاركة في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحماية البيئة واحترام عادات وتقاليد وأعراف الشعب الذي يعيش فيه، أي أن يمارس حقوقه وواجباته كمواطن كاملة غير منقوصة، وسواء أكان رجلاً أم امرأة. وهذا لا يعني بأي حال الانصهار، بل من حقه ممارسة ما يراه مناسباً دون أن يتعارض ذلك مع الآخر أو الإخلال بالقوانين المعمول بها في البلاد.

وأخيراً علينا أن لا نترك للإعلام الغربي ولا لنفاق بعض السياسيين أن يختزلوا أزمة الاندماج في قضية غطاء الرأس (Kopftuch) أو في الإرهاب الذي تمارسه حفنة صغيرة وندينه بقوة(19). فأزمة الاندماج ليست - قضية أمنية- ولا تحل بالدعوة المضحكة بأن تقدم خطب المساجد باللغة الألمانية. إن ازدواجية المعايير أدت إلى أزمة الاندماج والتي أدت بدورها إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية التي يعاني منها المهاجرون، إضافة إلى دور المشكلات التي يجلبها المهاجرون معهم من بلدانهم، وهي ليست قليلة بطبيعة الحال، ودور التباين في الثقافات والمستوى التعليمي والثقافي في هذا الصدد. 

برلين ديسمبر 2007

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مراجع مختارة
Ausgew?hlte Literatur 

(1) ـ Birgit Rommelspacher, Anerkennung und Ausgrenzung Deutschland als multikulturelle Gesellschaft: campus (2002)
Ralph Ghadban, Der Multikulturalismus als Ideologie der Desintegration.
Erschienen in: Conturen 3-4 / 2005 Wien
(2) ـ Marieluise Beck, Integrationspolitik als Gesellschaftspolitik in der Einwanderungsgesellschaft
Memorandum der Beauftragten der Bundesregierung für Migration; Flüchtlinge und Integration. Oktober 2005
(3) ـ Esther Schapira, Muhabbet wei?, was er sagt, in Frankfurter Allgemeine Zeitung(FAZ) vom 29.11.2007, S. 35
(4) ـ Fadia Foda. Monika Kadur (Berlin), pal?stinensische Flüchtlinge in Deutschland Die Situation pal?stinensischer Flüchtlingsfrauen Workshop des Refugee Studies Centre Universit?t Oxford Mai 2000
(5) ـ Eberhard Seidel, Die schwierige Balance zwischen Islamkritik und Islamphobie(S.261-279) in Wilhelm Heitmeyer(Hg.) Deutsche Zust?nde Folge 2 Suhrkamp
(6) ـ Friedrich Wilhelm Graf, Die Wiederkehr der G?tter, Religion in der modernen Kultur, bpb (2004)
(7) ـ Jürgen Leibold, Steffen Kühnel, Wilhelm Heitmeyer, Parallelgesellschaften? Abschottung von Muslimen durch generalisierte Islamkritik? Beilage zur Wochenzeitung Das Parlament 1-2/2006 2.Januar 2006
(8) ـ Die Zeit, No 51, 14.12.2006
جاء في دراسة حديثة لمعهد بيلافيلد الذي أشرنا إليه سابقاً بأن العداء للأجانب في ألمانيا بلغ 48.5% ووصل إلى 60.2% في الولايات الجديدة (ألمانيا الديمقراطية سابقاً). الصحيفة الأسبوعية دي سايت.
(9) ـ Dr. Isam Hadad:
د. عصام حداد، ملاحظات على مسألة الاندماج في ألمانيا، ورقة قدمت ضمن أوراق أخرى في ندوة "يوم المغترب العربي" شارك فيها أيضاً كاتب هذه السطور بدعوة من بعثة جامعة الدول العربية / ألمانيا برلين بتاريخ 22 نوفمبر 2007.
(10) ـ Ayaan Hirsi Ali: Interview- Die schleichende Scharia. FAZ.NET- Feuilleton 4. Oktober 2006
(11) ـ Ralph Giordano, Nicht die Moschee, der Islam ist das Problem, in Frankfurter Allgemeine Sonntagszeitung(FAS)vom 12.08.2007, S. 13
(12) ـ Jutta Limbach, Leitkultur oder interkultureller Dialog, in Verfassung, Patriotismus, Leitkultur(Norbert Lammert Hrsg) bpb 2006 S. 165
(13) ـ Navid Kermani, w.o. S. 88
(14) ـ Thomas Meyer, Identit?tspolitik, Vom Missbrauch kultureller Unterschiede(S.196/-197) Suhrkamp (2002)
(15) ـ Udo di Fabio, Die Kultur der Freiheit S. 278-279) , C.H. Beck (2005)
(16) ـ Heiner Bielefeldt, Muslime im s?kularen Rechtsstaat, vom Recht der Muslime zur Mitgestaltung der Gesellschaft(S.20). Die Ausl?nderbeauftragte des Landes Bremen (Der interkulturelle Dialog) (1999)
(17) ـ Jürgen Habermas, Die Bew?hrung Europas (S.1453-1456) in Bl?tter für deutsche und internationale Politik 12/ 2006
(18) ـ Franz Kamphaus: Ein Dialog mit dem Islam, Frankfurter Allgemeine Zeitung, Freitag, 2. Februar 2007, Nr. 28
(19) ـ Bericht der Beauftragten der Bundesregierung für Migration, Flüchtlinge und Integration über die Lage der Ausl?nderinnen und Ausl?nder in Deutschland, August 2005; S. 229
      Migration und Integration- Erfahrungen nutzen, Neues wagen: Jahresgutachten 2004 des Sachverst?ndigenrates für Zuwanderung und Integration
الجمعيات والمنظمات الإسلامية العديدة تمثل 15% فقط من مسلمي ألمانيا، وحسب تقارير أمنية ألمانية، 1% فقط من المسلمين الموجودين في ألمانيا ينتمون إلى منظمات إسلاموية. ويقدر عدد الذين يمكن اعتبارهم إرهابيين أو يساعدون الحركات الإرهابية بحوالي 200 شخص فقط.
* أود الإشارة إلى المخطوطة التي صدرت في نوفمبر عام 2006 من مجلس الكنائس الإنجيلية في ألمانيا مع مقدمة للأسقف فولفغانك هوبر بعنوان: الوضوح والجيرة الخيرة: المسيحيون والمسلمون في ألمانيا.
لا مجال هنا للتعليق بالتفصيل عن المخطوطة (تحتوي على 125 صفحة) التي تقدم الإسلام بصورة مهينة ولا تتعرض ولا تتخذ موقفاً من وجهات النظر المعادي للإسلام المنتشرة وسط الشعب الألماني وتبرز الكنيسة الإنجيلية الألمانية على حساب الإسلام والمسلمين.
Klarheit und gute Nachbarschaft: Christen und Muslime in Deutschland: Eine Handreichung des Rates der EKD (November 2006)
** فرانس كامبهاوس أسقف مدينة Limburg بألمانيا، كاثوليكي معروف بآرائه الصريحة والراديكالية حتى داخل الكنيسة. وهو الذي رفض بعناد أكثر من جميع الأساقفة الألمان توجيه الفاتيكان للمنظمات الكنسية الألمانية بعدم استخراج شهادة بعد تقديم المشورة تسمح للمرأة بأجراء عملية الإجهاض وهو شرط ضروري حسب القانون الألماني لإجراء العملية بدون عقاب، ويبقى القرار النهائي بعد ذلك في يد المرأة لوحدها. وكذلك هاجم السياسيين المسيحيين الذين وصفوا طالبي اللجوء بالمتطفلين الذين يعيشون عالة على الآخرين. عقب عودته من رحلة إلى أفريقيا قبل عشرين عاماً جاء بقناعة بأن المشكلة هناك لن تكون الماركسية وإنما الإسلام.
نود أن نشير إلى بعض الدراسات الهامة التي صدرت باللغة العربية وتتعرض لنفس الموضوع:
الجاليات العربية والإسلامية في الخارج (ملف)
مجلة المستقبل العربي 12/2005؛ العدد 322، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان.
المسلمون في أوروبا: أزمات الاندماج في بيئة مغايرة
التقرير الإستراتيجي العربي 2004-2005 القاهرة 2005؛ ص 141-152. 

طبيب اختصاص بألمانيا يهتم بالثقافة ومقرر منظمة حقوق الإنسان في الدول العربية (أومراس) في برلين/ألمانيا.