يقاوم الشاعر السوداني قسوة اللحظة بامتياز، بل ويستدعي نفس الشاعر وهي تحفر عميقا في أخدود سفر عميق في ثنايا الذات والتي لا تمل من المسير، حتى وهي في حالات الانهزام ودرجات اليأس والملل، تكابر وتواصل قدرها في المسير وتتجاوز حالات الخيبة وخذلان من ينتظرون سقوطها وانكسارها القادم.

مدججٌ بالمللِ داخلَ حَلبةِ ثيران

حاتم الأنصاري

تعالَينَ

يا بائعاتِ الخيال!

سنركض، كل مساءٍ، مَعًا

سَنركضُ حتى نُمَزّقَ خطّ النهايةِ

لا شيءَ يُشبهُ سَاقَيْ "حسِيبةَ"

حين تذوبانِ في الريحِ

والرّوحِ

والطُرقاتِ الطّوَالْ

تعال

أَجَلْ..

أَنتَ يا دَرْبَ من لا يجيد الذهابَ إلى الحبِّ منهزمًا..

أو كسيرا

تعالْ!

هناكَ

على قِمّةِ الليلِ

مَوعدُنا..

هل تَرَى

ما أَرَى؟

قُبْلَةٌ مُهْمَله..

تَتَدَحْرَجُ تحت عمودِ الإنارةِ

صَهْ!

قد جَرَى..

ما جَرَى:

عبَّتِ الشَفتان

دماءَ الظلال!

تعالي..

تعالي سريعًا

يا شهوةَ الانتقام!

لقد شَارفَ الصمتُ

والصامتونَ

على الاحتلام

وَلكنّ شيخَ القبيلةِ

رأسَ القبيلةِ

طفلٌ أليف..

يلوذُ

بثديينِ:

قيلَ.. وقال!

تَعالوا..

تعالوا جميعًا!

تعالوا إلى لُغَةٍ نِصْفِ عاريةٍ

تَتَمَشّى

عَلى شَاطِئِ الجوعِ

دُونَ رفيقٍ

يُؤَوّلُ سُـــرَّتـهَــا

للرّمَال ..

فأمّا السفينةُ:

قد غَرِقت قبل أكثر من ألفِ عام

وأمّا الغلام

فما زال يَنْمو

كالسنديانةِ

بين حُقُول البطاطِسِ

أَمّا الجدارُ

فلن يسقطَ اليومَ..

يا بائعاتِ الخيالْ!