تفتح الكلمة، كعادتها في كل عدد، الباب لصوت جديد وهنا شاعر يستبق المستقبل بإرادة وعزيمة لا تكل فاتحا شرفات أحلامه وهي تعبر الخطى بتؤدة ورغبة في جعل القصيدة جسرا لحيوات قادمة تاركا ذاته الحالمة المشرعة بضفاف الحلم.

حـالِـــمًــا ما بَـقيتُ

محمد المهدي

 

هو ذاك استباقي حَشْرَجَة الروح،

حين تنهال الأسمــاء ذات مَـولـدٍ،

تَضرَّعَ بـعـطـرِ الخلودِ،

وبمـــاء الشّمس تَوضّـــأ ..

هو ذاك اشتياقي لاجتِياز الـشّـوق ،

عَبر أوْرِدَة الطّيْـر الُمهاجرة ،

ذات مساءات بـاردة .

وحين تُمسك بي العِـــلاّتُ ،

تُوغِـلُ الظّنون في فَضْـحِ الحنين،

و تَعْريةَ الجَلَـد الدّفين .

هي الأنـواء تُبللُ الأفْـق العَطِـشَ..

تُظَلّلُــها الغَيماتُ الرّائحـاتُ

على مَـهَـــل ،

فتُورِقُ الرؤيـا مَنبِـتاً للحنين..

يَحضُـن شَجَن العاشقين ،

ويَطمُرُه في سَراديبِ الوداع ،

يُصلّي مِن عَلى شُرفته عند كل وَصْـل..

و ينحتُ على جدار الغروب،

شَمسا ضَـلَّتْ عَـرينهــا،

و آوت إلى مُنْحنَــى الكـون،

لَعلّ دروب السَّحَــرِ تُنير مَوطئَ العُيون،

وتَدْحُو شَظايا الأنين

عن جُفون السّاهِرين ..

فَيَعْدُ الخَطْــوُ المُسَجَّـرُ بالشّوق

صَوبَ امتلاكِ الأفق،

واصطياد طَـرائدَ الّلحَظـات،

وبَهْجَـــةَـ الأنــــواء.

وأنحو أنا إلى مُبتدأ الكون،

واستِـهــلال الخَليقَة ..

لأتجلى فـَرَحـا طُفوليـا ،

لم تُخالطْه خُرافات الأهواء،

أو تُدَنّسْهُ اقتـرافــــاتُ الأنبـاء ..

هو ذاك اعتلائي

سَحابَـةَ الوَجــدِ ،

حالمــا ما بَقيتُ ،

صَونا لرُؤيا الخُلود ،

و حارسـا للغروب

كي لا يعــود !!

 

بوعرفة