أبعد من أم ومن امرأة، أقرب الى وطن مكلوم وتربة أرض تحترق، يشكل الشاعر الكردي المرموق، المقيم في ألمانيا، صورة كينونة تعيش وحدتها الخاصة، ترنو نحو أفق التحرر البعيد ولا ترى غير سديم العدم، وفي مسيرة اللاجدوى واللاأمل يكتب الشاعر سيرة ضوء امرأة تنعتق من سراب كي تفتح طريق الأمل من جديد.

إمرأة من نور

حسين حبش

 

إمرأة من نور
تمشي وحيدة في شارع طويل،
مزدحم بالحيرة والتلاشي!
نظراتها ترنو للأفق البعيد
يداها تهبان للسماء

فسحة زرقاء

وأجنحة بيضاء
تفكيرها يشوش

وجهة نظر الغيوم
فمها الصغير يوشوش في آذان الأشجار
ما يشبه السحر!
وأنفاسها الدافئة

تزيح كثافة الضباب.
تمشي وحيدة دون وجهة محددة
حقيبتها تتدلى من كتفها
قميصها يخفق بالذكريات

التي علقت في السراب.
تنورتها تأوي الغزلان والفراشات
وتثير غيرة الزيزان والعصافير.
تمشي، الرصيف يصادق قدميها
أوراق الخريف الصفراء

تصادق أحزانها
المقهى يصادق وحدتها
وفنجان القهوة الذي طال انتظاره
يصادق رشفة شفتيها.
وحيدة تمشي في نقائها
الراين ينظر إليها بعينين دامعتين
ويرافق خطواتها كصديق حميم.
السنجاب يقفز حولها
كطفل يشاكس خيبات أمه
والسماء الداكنة تحاول أن تمطر عليها
وتغسل تجاعيد الحزن عن وجهها
والريح،

الريح تلاعب شعرها
وتطير عنه أصباغ السنوات الكئيبة.
ربما قست عليها الحياة
ربما أرادت أن تمتحن رقة قلبها
وتضع روحها على محك الغياب

واللاجدوى.
ربما أرادت أن تتخلى عن واجباتها تجاهها
وتضع القيود على حريتها.
لكنني واثق من قوة الأمل في عينيها
واثق من البهاء

الذي يشع من رجاحة عقلها
واثق من قوة ذكائها

وجدارة خيالها
وواثق بأنها كطائر الفينيق

تحترق

وتحترق
لكنها تبعث من الرماد

أكثر أشراقا ونورا
وتهب دوما حياة مختلفة لحياتها.

 

ألمانيا