هكذا تبدو الصورة اليوم، في هذا السفر الذي يقترحه الشاعر العراقي بين ثنايا دواخل الإنسان، وفي الأثر الذي يحدثه في الحياة، ولأنها نصوص تحاول ملامسة ما يحيط بالذات من التباسات فالأفق السوداوي هو نقطة النهاية حيث لحظة الغياب هي المآل الأبدي.

رائحة البشر

سـوران محـمد

 

أشم ريحة نتنة

تأتي و تصارعني

من کل الاتجاهات

تبدو وكأنها رائحة بشر

كسيقان أشجار مقطعة

يطفو علی السطح

فتجرفه الأمواج

الی أن يستقر علی اليابسة

فتتجمع حوله الحشرات

.

 

هنالك رائحة نتنة

إنها ليست لبارود

بل هي ريحة تنبعث

من أجساد الطرقات ليلا

تحت الأضواء البراقة

وبالنهار تختلط بضجيج المقاهي

فتعكر صمت الذي

يفهم من خلاله

كلمات أغنية أزلية

للحياة

.

 

هنالك أمام أبواب الفيلات

أرتال طويلة من الخنافس

وفي حدائق المدارس

مجاميع من البزاق مسترخية

وأما العقارب

طالع رأسها من حفر القبور

يزحفن نحو الروائح الكريهة

دون أن يری

ظل للانسان

خلف ستائر الشبابيك

.

 

هنالك روائح نتنة

ريحة موتة رمادية

موتة عفنة

ولن يشاهد أحد في المقابر-

قد يدفن،

وأشجار الطرقات التي تروی

بهذا الماء الحنفية الذي

يغسل به

شراشف غرف نوم القصر

فلا تثمر إلا شوكا

.

 

هكذا تهرب النمال بعيدة

الی قمم الجبال

هنالك ينظرن

ويضحكن من سکان

قد أهدوا السلطان يوما ما

أحسن أنواع التبوغ

و أحيان أخری

أجود خنجر دبان

ولكنهم الآن

کزجاجة فارغة

يبحثون عن رٶسهم!

.

 

هنالك يسمع العواء من کل الاتجاهات

عواء الإنسان

دون أن يری أحد

وكأنها مدينة الاشباح

أو منفی

ترفض أستقبال الاحد

.

 

قد يسمع العواء من كل الأماكن

دون أن يتعرف أحد علی أحد

و كأن آثار مسارات الأمس

قد اختفت من الوجود

.

 

كل الوجوه متشابهة

لا يعرف أحد أحدا

و يعلو من کل الاتجاهات

صدی مشابه َ

وهو:

الموت

ثم ينزل فجأة

علی سطوح أرواح قاحلة

يمزق التاريخ و الذاكرة

إربا إربا

فلا فوت..