الأَدَبُ الكَنَدِيُّ فِي اللُّغَةِ الفِرِنسِيَّةِ: اللُّغَةُ الفِرِنسِيَّةُ فِي كَنَدَا
كان جاك كارتييه Jacques Cartier أول من اكتشف وادي نهر سانت لورانس؛ أثناء رحلته الثانية إلى أمريكا الشمالية في عام 1535م، الذي تم احتلاله من قبل الفرنسيين، في القرنين السابع والثامن عشر الميلاديين. ولقد تم تأسيس أول مُستَوطَنَة فرنسية في عام 1605م في بُورت رُويَال، قريبا مما يُعرَفُ اليومَ بـــ (أنابوليس الملكية)، التابعة لــ مقاطعة نوفاسكوشيا. وفي أواخر عام 1713م، تنازلت فرنسا عن معظم ممتلكاتها لصالح بريطانيا العُظمَى، المعروفة بـــــ (أكيديا)، ولكنها أبقت سيطرتها على فرنسا الجديدة. ومع استمرار الصراع الإقليمي؛ زادت خيبة أمل البريطانيين وإحباطاتهم، بسبب تردد أهل أكيديا، الذين يُشَارُ إليهم أيضا بـــــ (الفِرِنسِيِّين المُحَايدِين)؛ لإعلان ولائهم للحكم البريطاني. وما بين عامي: 1755 و1762م، تم تهجير ما يقارب عشرة آلاف أكيدي بالقوة. ومع سقوط مدينة كيبك، في منتصف عام 1759م؛ سيطر الإنكليزيون على فرنسا الجديدة. وعندما أكدت معاهدة باريس، سيطرة بريطانيا (رسميا) على فرنسا الجديدة، عام 1763م؛ تحدث أكثر من ستين ألف مواطن، من السكان الكاثوليكيين الرومانيين، لغةً عبارة عن خليط من اللهجات الفرنسية المتعددة؛ رغم أن اللغة الفرنسية، لم تكن ذات طابع عالمي مُوَّثَّق [موحدة، أو نهائية] في فرنسا نفسها.
توقفت الهجرة فعليا من فرنسا؛ عقب عام 1763م. ولكن عدد السكان الناطقين بالفرنسية، استمر في الزيادة. واليوم، يعيش حوالي خمس أسداس الفرانكوفويين في كندا في مقاطعة كيبك، ويشكل الباقون أقلية لغوية بين المجتمعات الناطقة بالإنكليزية في المقاطعات الأخرى. وفي حالات عدة، يؤسسون مجتمعات صغيرة نابضة بالحياة، وتتسم بالنشاط الثقافي المتدفق. ويظهر ذلك (في جلاء) في المقاطعات البحرية؛ وبخاصة برنزويك، التي تعد ثنائية اللغة رسميا، وكذا في أونتاريو الشمالية، وإلى حد قليل في المقاطعات الغربية. وبما أن قومية كيبك شَجَّعَت سكان المقاطعة، على تَبَنِّي واقتباس مصطلح أهالي كيبك (Québécois)؛ ليصفوا أنفسهم به منذ عام 1960م؛ فلقد تزايد تطبيق مصطلح الكنديين الفرنسيين مع الأقليات الفرانكوفونية خارج كِيبِك (ومع ذلك؛ فإنه في أيامنا الراهنة، يستخدم عديد من الكنديين "خارج كيبك" مصطلح الكنديين الفرنسيين؛ إشارة إلى كل الكنديين الناطقين بالفرنسية). ومع أن الأدب الكندي الفرنسي يعد (غالبا) منفصلا عن أدب كيبك، فإن هذا المقال يعرض الإثنين معا.
الحُكمُ الفِرِنسِيُّ (1535 - 1763)
في خلال قرنين من الحكم الفرنسي، لم تُطبَع ورقة باللغة الفرنسية في فرنسا الجديدة؛ نظرا لعدم وجود مطبعة في المستعمرة، حتى بعد قيام السيطرة البريطانية. إن الأدب الاستعماري المتميز، والمكتوب في اللغة الفرنسية، وعن دولة فرنسا الجديدة، قد تم نشره في فرنسا للجمهور الأوروبي؛ واشتمل على تسجيلات خاصة بـــ: الاكتشافات، والاستشكافات، والتقارير الرسمية، والمراسلات، وقَصَص المسافرين، وحوليات البعثات والمجتمعات الدينية، وتاريخ المستعمرة. إن اعتماد إنتاج أول مسرحي، مكتوب في فرنسا الجديدة، يرجع إلى مَارك لِيسكَاربُوت (1570 - 1641) Marc Lescarbot، والذي عُرِضَت مسرحيته المِهرَجَانِيَّة (مَسرَح نِبتُون فِي فَرَنسَا الجَدِيدَة) في رويال بورت، في عام 1606م؛ وعند عودته إلى فرنسا، نشر (تاريخ فرنسا الجديدة، وعروس الشعر في فرنسا الجديدة/ عام 1609م)، وتشتمل الأخيرة على شعره ومسرحه. وتعد (العلاقات اليسوعية/ عام 1632 – 73م) من أعظم حوليات البعثات التبشيرية؛ إذ إنها تقدم لمحة مُضِيئَة، عن حيوات البعثات التبشيرية، وعلاقاتها بالسكان الأصليين. ونالت (أيضا) كتابات القديسة ماري ديلا إنكارنيشان (1599 - 1672م) Marie de l’Incarnation اهتماما خاصا، وهي أول رئيسة لدير راهبات فرنسا الجديدة [لنشر الكاثوليكية/ المترجم]. وامتلكت المستعمرة أدبا شفهيا غزيرا، يتكون من: الأغاني الفولوكلورية، والحكايات الشعبية، والأساطير. ولقد وَجَّهَ جَهدًا أَكَادِيمِيًّا مميزا؛ لاكتشاف ودراسة ميراث التقاليد الشعبية، والأعمال الأدبية الثرية، التي ظلت على قيد الحياة، منذ فترة الغزو الفرنسي.
عَقِبَ الغَزوِ البِرِيطَانِيِّ (1763 - 1830)
بعد الدمار الذي خلفته حروب السنوات السبع، كانت الحياة الفكرية لا تُصَدَّق؛ فإنه في أثناء أول سبعين سنة من الحكم البريطاني، كانت الصحافة مهمة جدا للأغلبية الناطقة بالفرنسية. لقد قدمت (مجلة كيبك) ثنائية اللغة، ولاحقا، الجرائد باللغة الفرنسية (الكَنَدِيُّونَ/ عام 1806م، ومِينِيرفَا/ عام 1826م "وهو إله الحكمة والفنون والحرب عند الرومان، أو امرأة ذات حكمة عظيمة/ المترجم): البيئة الوحيدة لوسائل الإعلام، ووسائل التواصل مع أوروبا والولايات المتحدة، ومنابر مناقشة القضايا السياسية للبلد. ولقد ظهرت الآثار الأولى والمبعثرة للأدب، ومنها: (النوادر، والقصائد، والمقالات، والمواعظ الدينية) في صفحاتها، وكذلك أشعار وأغاني المهاجرين الفرنسيين: جوزيف قيسنال (1746 - 1809م)Joseph Quesnel، وجوزيف ميرميه (1855 - 1895م) Joseph Marmette؛ ويعد قيسنال أول كاتب فريد في كندا الفرنسية، ألف نصوصا درامية للممثلين الهواة؛ فإن مسرحيته الكوميدية (كولاس وكولينيت)، قد ظهرت على خشبة المسرح (أول مرة) عام 1790م، وازدهرت من جديد، بوصفها مسرحية إذاعية، في عام 1968م.
بِدَايَاتُ الأَدَبِ (1830 - 1860)
بدأ نشر الأدب الكندي باللغة الفرنسية في عام 1830م؛ وظهرت أول مجموعة شعرية لــ ميشيل بيبود (1782 - 1857م) Michel Bibaud، في عام 1830م. وكانت عبارة عن: رسائل إنجيلية، ومقطوعات هجائية، وأغانٍ، وإِبِيجرَام (وهي قصائد قصيرة، تختتم بفكرة ساخرة، كما هو الحال في أشعار: أحمد مطر، وعز الدين إسماعيل/ المترجم)، وبعض القطع الشعرية الأخرى. ولقد نُشِرَت أول رواية لـــ فِيلِيب إِيجنَاك - فَرانسُوَا أُوبِيرت دِي جَاسِبي (تأثير كتاب) في عام 1837م. وفي الدراما، نشر بيير بتيتكلير (1813 - 60) Pierre Petitclair مسرحيته الكوميدية (جريفون أو انتقام وصيفة/ عام 1837م)، ويعد أول كاتب من أصل كندي فرنسي [وهو أول كاتب يستخدم اللغة الريفية لأهالي كيبك على خشبة المسرح المترجم]. ولقد أصدر أنطوان جيرين-لاجوي (1824-82)Antoine Gerin-Lajoie (لاتور الشاب/ عام 1844م)، وهي أول مسرحية تَراجِيدِيَّة كَنَدِيَّة عميقة المحتوى. عَكَسَ هذا التطور الأدبي (بصورة جزئية) التنظيم التدريجي للتعليم الابتدائي والثانوي، والوَفرَة المُتَزَايِدَة للمجلات والكتب الفرنسية؛ حتى قبل استئناف العلاقات التجارية مع فرنسا في عام 1855م. والأكثر أهمية؛ يكمن في الشعور القوي بالهوية القومية، والتي ظهرت بوضوح في الحكومة صَاحِبَة الثِّقَة، التي سَبَقَت وتَبِعَت حَالاَت التَّمَرُّدِ المَشئُومَة، ضد الحكم البريطاني، بين عامي: (1837 - 1838م). وجَسَّدَ كِتَاب فرانسوا .زافير جارنو (1809-66) Francois-Xavier Garneau (تاريخ كندا؛ من وقت اكتشافها حتى عام الوحدة 1840 - 1841م) روحا جديدة للقومية: [ظهر هذا الكتاب في ثلاث مجلدات/ المترجم].
الحَرَكَةُ الأَدَبِيَّةُ فِي عَامَ 1860م
بموجب قانون الاتحاد (عام 1840م)؛ انتقل البرلمان الجَوَّال لــ كندا العليا والسفلى إلى مدينة كِيبِك في عام 1859م، برفقة الموظفين الحكوميين. وكانت العاصمة (أيضا) مقرا لجامعة لافال حديثة النشأة (عام 1882م). وتعد موقعا فريدا للمجموعات الأدبية الأولى لكندا الفرنسية، وأحيانا يشار إليها بالمدرسة الوطنية لكيبك، أو الحركة الأدبية لكيبك. فكانوا (في كثير من الأحيان) يجتمعون في مكتبة الشاعر أوكتاف كريمازي (1827 - 79)Octave Crémazie، وشَارَكَ أَعضَاؤُهَا الإثنا عشر، تقاليدهم الكاثوليكية الرُّومَانِيَّة القوية، والمتشددة، والوطنية [يُطلَقُ عَلَيهِ مُؤَسِّسُ الشِّعرِ الكندي الفرنسي، ويتميز شعره بالوطنية، ولعب دورا مهما في تطور الثقافة في كيبك/ المترجم]؛ بشأن إحياء كندا الفِرِنسِيَّة. لقد عَزَّزَ مُحَدِّثُهُم رِيمُوند كَاسجرِين (1831 - 1904م) Henri-Raymond Casgrain الرؤية المسيحية، للبعثة الروحانية للكنديين الفرنسيين في شمال أمريكا. والآن، تحولت فرنسا -بعد النزعة الثورية- إلى الإلحاد والمادية: [كاسجرين، هو راهب، وكاتب، وناشر، وأستاذ تاريخ/ المترجم]. ولقد نال القليل جدا، من الكتاب الرُّومَانسِيِّين الفرنسيين، الإعجاب والتقليد. وتُمَثِّلُ الأعمال الآتية، الهوس بالحنين إلى الماضي، والارتباط بالمواعظ الدينية، وهي كالآتي: فيليب جاسبي (الكنديون القدامى/ عام 1863م) وهي رومانس تاريخية، تعالج فترة الغزو البريطاني، ورواية جيرين لاجوي الاستعمارية (جين ريفرد/ 1862-4)، ومجموعات شعرية متعددة لـــ بامفايل ليمايPamphile Lemay (قطرات من الماء/ عام 1904م)، و(أسطورة قبيلة/ عام 1887م) للشاعر لويس أونور - فريشت (Louis-Honoré Fréchette). ولقد تمردت كثير من الأعمال الأصيلة على الصور التقليدية، كما هو الحال في (القصائد الأولى/ عام 1878م) لـــ إيودور إيفاتورل (Eudore Evanturel). ولقد نَشَرَت أول امرأة كندية، وهي: لورا كونان (1845 - 1924م) Laure Conan [واسمها المستعار هو: ماري - لويس فيليست أنجرز Marie-Louise-Félicité Angers. ولقد نشرت أحد عشر كتابا، ترتكز "في مجملها" على: الدين، والتركيبة الأسرية في كيبك. ماتت بسبب السرطان/ المترجم] رواية (أنجليين دي مونتبران/ عام 1881 - 1882م) Angéline de Montbrun، وهي رواية نفسية رفيعة المستوى.
مَدرَسَةُ مُونتِريَال (1895 - 1935م)
مع نهاية القرن العشرين؛ أصبحت مونتريال العاصمة التجارية الأهم للمقاطعة، وتم تأسيس الحركة الأدبية الآتية هناك؛ بفضل جين تشاربونو (1875-1960) Jean Charbonneau، ولُوفِني دي مونتاني Louvigny de Montigny في عام 1895م، وذلك بالتنسيق مع مدرسة مُونتِريَال الأدبية. واستمرت الجمعية في الوجود، وإن كان متقطعا، لأربعين عاما. ونَشَرَ أعضاؤها (على نحو متسع) وإن كان أغلبه شعرا. ونَظَّمُوا أربع جلسات عامة كبيرة بين عامي (1898 - 1899م)؛ وأصدروا مجلدين يضمان أعمالهم، ما بين عامي: (1900، و 1925م). وكانت عقيدتهم الأدبية انتقائية، مع أنهم قد تأثروا (في الأغلب) بالحركات البرناسية والرمزية في فرنسا وبلجيكا. ولقد ضمت مدرسة مونتريال أول شاعر كندي فرنسي، يمكن مقارنته بمعاصريه الفرنسيين. لقد ألف الشاعر الفراكوفوني الفذُّ إيميلي نيليجان (1879 - 1941م) Émile Nelligan كل شعره أثناء مراهقته (1896 - 1899م)، قبل أن يصاب بالجنون. ونُشِرَت سونيتاته المعقدة في عام 1903م؛ بواسطة الناقد لويس دانتن (1865 - 1945م) Louis Dantin [الاسم المستعار لـــ يوجين سيرز، وهو شاعر وروائي ومُحَرِّرٌ وناشر لكل أعمال نيليجان/ المترجم]؛ وهناك شاعر آخر جدير بالذكر، مرتبط بمدرسة مونتريال، وهو المُقَعِّد والمُنَظِّر أولبرت لوزو Albert Lozeau (الروح المنعزلة/ عام 1907م).
في أثناء العقد الأول من القرن العشرين، ظهرت مجموعتان أدبيتان أساسيتان: مدرسة علم الجمال، والإقليمية. درس أصحاب المدرسة الأولى في باريس، وفُتِنُوا بالثقافة والأدب الفرنسي المعاصر، ومنهم: رينيه شوبن (René Chopin)، ومارسيل دوجاس (Marcel Dugas)، وبول مورين (Paul Morin)، وروبيرت دي روكبيرن (Robert de Roquebrune). وأسسوا مجلة فنية، عاشت لفترة قصيرة (الحرية/ عام 1918م)، ولكنهم ظلوا أقلية صغيرة جدا؛ وغالبا ما تم نقدهم بوصفهم هواة [جهلاءً]. ولقد ظلت مجموعة الإقليميين مجموعة مسيطرة لأكثر من ثلاثين عاما، ومنهم: جونزالف ديسولنيير (Gonzalve Desaulniers)، وألبريت فيرلاند (Albert Ferland)، وتشارل جيل (Charles Gill)، والراحل ألفريد ديس روشار (Alfred Des Rochers)، وكلود - هنري جرينيون (Claude-Henri Grignon)، وبلانش لمونتاجيو (Blanche Lamontagne-Beauregard)؛ وذلك لتفضيلهم للموضوعات واللهجات المحلية. ولقد عبروا عن ذلك في مجلتهم المعنونة بـــــــ (الأرض/ عام 1909م). ولقد شجعها الناقد [والراهب] كاميل روي (1870 - 1943م) Camille Roy. وهو الذي أَنجَزَ القومية الكندية الفرنسية، ثم تم نشرها بواسطة [الزعيم السياسي، والناشر] هنري بوراسا (1868 - 1952م) Henri Bourassa) و[الكاهن، والمؤرخ، والقومي من كيبك] ليونيل - أدلوف (1878 - 1967م) Lionel-Adolphe Groulx. وإن ما يدعو للمفارقة (حقا)؛ أن القوميين قدموا موضوعات ريفية وزراعية، بينما أصبح مجتمع كيبك مدنيا وصناعيا؟! وتقع أحداث رواية الكاتب الفرنسي لويس هيرمان (1880 - 1913م) Louis Hémon (ماريا تشابديليم/ عام 1914م) في منطقة (لاك سانت - جين) الريفية، التابعة لـــــ كيبك. لذا؛ فلقد استقبلها أهل كيبك بِتَحَفُّظ (وعلى مَضَض) في البداية، ولكنها سرعان ما أصبحت من الكلاسيكيات، التي تتناغم مع الإيدولوجية الزراعية. ومع ذلك، فإنَّ الكتاب الكبيكيين، من أمثال: رودولف جيرار Rodolphe Girard (ماري كالوميه/ عام 1904م)، وألبريت لابرج Albert Laberge (خبز مر/ عام 1918م) الذين صَوَّرَا الحياة الريفية بواقعية مفرطة؛ قد تعرضوا للتقريع والتهميش. ولقد تعرض جين - أوبيرت (Jean-Aubert Loranger) للتهميش والتجاهل، وهو الشاعر الوحيد، الذي استبق النزعات المستقبلية، في ديوانه العميق (الشعور العام/ عام 1920م) .
الحَربُ العَالَمِيَّةُ الثَّانِيَةُ وَمَا بَعدَ الحَربِ (1935 - 60)
مع منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، أصبح أدب كيبك الإقليمي عتيقا وخارج سياق الزمن؛ بسبب الكساد الاقتصادي الكندي، والتطور الاقتصادي والاجتماعي لكيبك، وأخيرا: الأحداث السياسية الأوروبية. تهاجم روايات جين - تشارلز هارفي Jean-Charles Harvey (نصف متحضر/ عام 1934م، وَوَبَر الإبل للعَلَمِ، وحماقة الخوف) الإيدولوجية البرجوازية، التي أُدِينَت من قبل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية؛ وهذا بدوره كان سببا في طرد هارفي من وظيفته في جريدة (الشمس). وبعد ثلاث سنوات؛ تأسف [الكاهن، والأكاديمي، والشاعر، والروائي، وكاتب الفُولكُولُور، وعميد كلية الآداب، في الأعوام من: 1950-57/ المترجم] فِيلِيكس - أَنطَوان سَافَارد (1896 - 1982م) Félix-Antoine Savard (سَيد النَّهرِ)، على سيطرة (الأنجلو أمريكان) على المصادر الطبيعية لكيبك؛ مستخدما لغة شاعرية. وفي عام 1938م، يتتبع رينجويت Ringuet (فيليبي بانيتون) تدهور الاقتصاد الزراعي لكيبك في (ثلاثون فدانا). وبعد توقف سنوات الحرب (1939 - 1945م)، أصبحت الرواية الكندية الفرنسية حَضَرِيَّة على نحو متزايد. فإنه بعد انتقالها إلى كيبك، وبعد إقامتها في أوروبا؛ رسمت جبريال روي (1909 - 83) Gabrielle Roy الفرانكو - مانيتوبيان، صورة مُقَنَّعة للطبقة العاملة في مونتريال، وذلك في رواية (المزمار القصديري/ عام 1945م)، وكانت سببا في حصولها على جائزة فيمينا (Prix Fémina): [جائزة أدبية فرنسية، أسسها 22 كاتبا، عام 1904، والهيئة التحكيمية نسائية خالصة، وهي خاصة بالأعمال التي تصدر بالفرنسية، سواء أكانت شعرا أم نثرا، وتمنح للرجال والنساء/ المترجم]؛ وكتبت أيضا رواية سير ذاتية، تدور أحداثها في مانيتوبا الريفية. وأنتج روجر ليميلين (1919-93) Roger Lemelin (Les Plouffe / عام 1948م)، وهي تسجل تاريخ عائلة واحدة، وتدور أحداثها في المناطق الأكثر فقرا في مدينة كيبك، وأصبحت مسلسلا إذاعيا مشهورا. لم ينجذب أغلب الروائيين إلى الواقعية الاجتماعية، التي جَسَّدَهَا روي في (السعادة المستعملة)؛ ومع ذلك يجد بعض النقاد أن (روبيرت تشاربونو (Robert Charbonneau)، وأندريه جِيرُوكس (1916-77) André Giroux، وروبيرت إيلي (Robert Élie)، قد كتبوا روايات استبطانية، تستخدم ضمير المتكلم. وقد تأثروا بـــــ: جورج بيرنانوس (1888 - 1948م) Georges Bernanos، وفرانسوا موريياك (1885 - 1970م) François Mauriac، والروائيين الكاثوليكيين الرومانيين الآخرين في فرنسا. واستمر الآخرون من أمثال: جيرمين جورفريمون (Germaine Guèvremont) في (الغريب/ عام 1945-7م) في دراسة المجتمع الزراعي؛ ولكن بطريقة أكثر موضوعية: [حصل موريياك على جائزة نوبل في الآداب، عام 1952م. كاتب متعدد المواهب؛ إذ إنه كتب الشعر، والمسرحية، والرواية، والنقد، وصحافي، وعضو في الأكاديمية الفرنسية. ولقد حصد جوائز محلية عدة، وهو كاثوليكي متشدد/ المترجم]. وجد يوفيه ثيريولت (1915-83) Yves Thériault، وهو أحد أكثر الروائيين تعددا في المواهب، وجد موضوعات جديدة بين السكان الأصليين لكيبك في: (آجاجوك Agaguk/ عام 1958م، وآشيني Ashini / عام 1960م).
في الشعر، قَدَّم هيكتور دي سانت - دينس جارناو (1912-43)Hector de Saint-Denys Garneau، في قصائده الميتافيزيقية غير المُقَفَّاة (ومضات وألعاب في الفضاء/ عام 1937م)، حقبة جديدة [شاعر كندي فرنسي ورسام، يعد فارس النهضة الأدبية في كيبك، عام 1950، كما أنه يعد أول شاعر حقيقي، يمثل الشعر الكيبكي الحديث/ المترجم]. ولقد سيطر أربعة شعراء على الساحة، بين عامي: (1940، و 1950م)، ومنهم: جارنو (Garneau)، وألين جراندبوا (Alain Grandbois)، وآن هيربرت (Anne Hébert)، ورينا لسنير (Rina Lasnier). ومع أنهم قد وَظَّفُوا (كلا على حدة) صورا وأساليب متميزة؛ فلقد عبروا (جميعا) عن إحساسهم بـــ: العزلة، والاغتراب، والإحباط، أو اليأس. وهؤلاء الشعراء؛ وبخاصة جراندبوا، قد أثروا في الكتاب الشباب (ويعد ذلك سابقة، لم تحدث قَبلا في المِضمَار المَذكُور). إذ إن شعراء من كيبك (وليسوا من فرنسا) قد أصبحوا نماذج وقدوة للأجيال القادمة (يطلق عليهم شعراء هيكساجون Hexagone). وتعد هِيكسَاجُون مجموعة أدبية ودار نشر، تأسست في أوائل عام 1953م، وأصبحت تُشَكِّلَ قوة أساسية في شعر كيبك. ولقد نشرت أعدادا كبيرة من مجلدات الشعر (جيدة الطبع)، وطرحت بالأسواق مجلات أدبية، مثل: (الحرية/ عام 1959م)، ونَظَّمَت مؤتمرات محلية ودولية سنويا. وكان من جملة أعضائها المميزين: جاستون ميرو (1928-96م) Gaston Miron، وجالك برولت (1933م) Jacques Brault [شاعر، ومترجم، وأكاديمي/ المترجم]، وجيليز هينولت (Gilles Hénault)، وفيرناند أوليت (Fernand Ouellette)، وجين - جاي بيلون (Jean-Guy Pilon)، وميشيل فان شيندل (Michel Van Schendel) شعراءً يُنَظِّرُون، ويؤلفون، ويكتبون مقالات تفسيرية؛ إضافة إلى قصائد عميقة ومصقولة.
وفي الوقت نفسه، لبس المسرح رداءً حديثا؛ إذ أبدعت شركة مونتريال ذوقا جديدا للتمثيل المهني، الخاص بالمسرحيات الفرنسية المعاصرة. وبدأ كاتبان مسرحيان: جريشن جيليناس (1909-99م) Gratien Gélinas، ومارسيل دوبيه (1930-2016م) Marcel Dubé في الكتابة باللغة العامية، عن المشاكل المَعِيشَة، في مجتمع تسيطر عليه الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وحكومة قومية متحدة بطريركية. وانبثقت المسارح الدائمة والشركات المهنية، ونال أفرادها دعما من دوامهم الجزئي، مع (راديو - كندا)، أو جمعية الأفلام القومية الكندية.
وفي عام 1948م، تبرأ الفنان بول - إيملي بوردو (1905-60م) Paul-Émile Borduas، وهو أحد الفنانين المعروفين بـــ (المتمردين التفكيكيين)، من ماضي كيبك الديني، في بيانه الثوري (رفض تام/ عام 1948م). ونقل الشاعر والمسرحي كلود جاوفرو (1925-71) Claude Gauvreau، أحد الموقعين على البيان، مباديء المجموعة إلى نَص مكتوب، بينما بدأ الشاعر والنحات رولاند جيورا (Roland Giguère) في كتابة الشعر، الذي استلهمه بفضل السريالية والقومية الكيبيكية. وعلى الجبهة السياسية، أسس بيير إليوت ترودو (Pierre Elliott Trudeau) وآخرون (المدينة الحرة/ عام 1950م)، وهي مجلة متخصصة في النقد الاجتماعي والسياسي؛ والثورة الناعمة لم تكن بعيدة جدا.
الثَّورَةُ الهَادِئَةُ/ النَّاعِمَةُ
في أثناء عام 1960م، تعرض مجتمع كيبك إلى أعظم ثورة في تاريخه، لذا؛ شَرَعَت حكومة ليبرالية جديدة في تحديث المقاطعة، وإعادة ترميم النظام التعليمي، وإنشاء وزارة قوية للشؤون الثقافية، ودُشِنت حملات للمطالبة باستقلال كيبك، من قبل المنظمات الانفصالية، التي تحالفت في كيبك الحزبية (تأسست في عام 1968م)، والتي أصبحت الحكومة الإقليمية، في عام 1976م. لذا؛ أصبح للمفكرين أصوات، وتضاعف الإنتاج الأدبي أكثر من ثلاث مرات، في أثناء هذا العقد، وأسست مجموعة من الكتاب: (أندريه بروتشو، وبول تشامبرلاند، وأندريه ميجور) مجلة (التحيز أو سلب السلطة/ عام 1963-68م)، ودار نشر بنفس الاسم؛ بغية طباعة مطالبهم ونشر أهدافهم، من أجل كيبك العلمانية والاجتماعية والمستقلة.
قام كتاب (بارتي بيريه بتسيس الجوال)*20؛ لأجل التعبير عن اغترابهم، كما هو الحال في المجموعة القصصية للكاتب ميجور (أفعال شخص تافه/ عام 1965م)، ورواية جاك رينود (مدينة مفلسة/ عام 1964م). وفي عام 1968م، فَجَّر الكاتب المسرحي الشاب (ميشيل ترمبلاي) المسرح الكيبيكي بـــ (أخوات الزوج)، والتي تمت القراءة الأولى لها، في مركز الكتاب الدراميين، الذي تم تأسيسه؛ ليعطي مسرحيي كيبك، فرصة لتبادل الآراء والأفكار. إنَّ المسرح الجديد في كيبك، والذي يدين بالفضل لــ ترمبلاي، يتميز بالاتجاهات التجريبية، التي تشتمل على: الارتجال، والإبداع الجماعي، واستخدام لغة البروليتاريا: (ترمبلاي، وجين - كلود جيرمان، وجين باربو)، والمحاكاة الساخرة: (روبيرت جورك: هاملت، وأمير كيبك/ عام 1968م)، وأخيرا، مشاركة الجمهور (فرانسوا لورانجر: اللعبة المزدوجة/ عام 1969م).
في الشعر، تم إعادة اكتشاف مقاطعة كيبك (المشار إليها بـــ le pays) في بول - ماري لبوينتيه (انتقاء القصائد: أشجار/ عام 1960م)، وجاتين لبوينتيه (قصيدة غنائية للقديس لورانس/ عام 1963م). تبنت القومية لغة ثورية في تشامبرلاند (Terre Québec/ عام 1964م)، وانتصر التمرد الفردي في مجلات الطليعة ( La Barre du jour / عام 1965م، Les Herbes rouges / عام 1968م). إن هوس حرية التعبير، قد ظهر بوضوح في إصدرات مثل: جيجور Giguère (عصر الكلام/ عام 1965م)، ويوفيز بريفونتين Yves Préfontaine (دولة خرساء/ عام 1967م). وربما تعد مجموعة ميرون (Miron) الشعرية، هي الأكثر تأثيرا (الجمرة والأرض: قصائد مختارة/ عام 1970م)، وهي سجل شاعري للبحث عن هوية كندا. تدين قصيدة مِيشِيل لاَلُوند Michèle Lalonde (تحدث مثل البيض) الاستغلال الاقتصادي لــــ (الأنجلو - أمريكي) الراسخ في الملاحظات الساخرة والعنصرية في هذا الديوان، والتي ترمي (بعنف زائد) أهالي كيبك، الذين اختاروا ألا يتكلموا الإنكليزية [ألقيت القصيدة المذكورة أول مرة، في عرض عام 1968م، والمرة الثانية في (ليلة الشعر) في أحداث مونتريال الثقافية، عام 1970م، ونُشِرَت في عام 1974م مع (كتاب الأغاني المغنيين)، من أمثال: جيليه فيجنيول (Gilles Vigneault)] وأصبحت القصيدة سائغة في لسان الناس. إن صهر عناصر من الموسيقى الشعبية الكيبيكية التقليدية، مع قصائد غنائية مشحونة سياسيا؛ قد أكسب الأغنية الكيبيكية أهمية جديدة في هذا الوقت؛ نظرا لدورها المهم في دعم الحماس السياسي والكبرياء الوطني. وأدمجت موسيقى فيجنيول كثيرا من عناصر موسيقى كيبك الفولوكلورية، ولكنها تأثرت (في الوقت نفسه) بالموسيقى الفرنسية المعاصرة.
أصبح الشعر في فترة السبعينيات أقل انخراطا في السياسة وأكثر تجريبية: إن اهتمامات الثقافة المناهضة للأمريكيين، ظهرت بوضوح في أعمال: لوسيان فرانكور (Lucien Francoeur)، وراؤول دوجوي (Raoul Duguay). التزاما بفكرة وجود انسجام جوهري بين الموسيقى والشعر. ولقد أسس دوجوي مجموعة إنفوني (Infonie)، وخَصَّصَ لنفسه تمثيل وأداء شعره (لذلك تستمر دورة الدم/ عام 1967م). تَبَنَّى شعر بيير مورينسي (Pierre Morency) رؤية شمولية للحياة، التي وجدت تعبيرها في الاحتفال بمظاهر الطبيعة (وقت الطيور/ عام 1975م، عندما نكون/ عام 1988م). إن شعر ميشيل (Michel Beaulieu) ذو حميمية ورغبة متأصلة في الحياة اليومية. وبما أن الشعر المنشور، قد أصبح أكثر مفهوما لفئة قليلة جدا؛ فلقد اتجه السواد الأعظم إلى كتابة الأغاني، مثل: روبيرت تشارلبو (Robert Charlebois)، الذي تأثرت أغانيه بموسيقى الروك الأمريكية، والتي بحثت عن الهوية الكندية؛ بقدر ما كانت تستهدف موسيقى فيجنيول.
منذ عام 1970م، لعبت النسوية دورا فعالا في الأدب الكندي الفرنسي. فإنه على خلاف نظرائهم (الأنجلو - فونيين)، الذين اعتبروا النقد الاجتماعي للنسويين الأمريكيين مصدر إلهامهم، فإن النسويين الفرانكوفونيين[1]، قد اتجهوا (بصورة رئيسية) إلى النظرية النقدية للنقاد الفرنسيين. إن عَمَلَي نيكول بروسارد Nicole Brossard (هؤلاء أمهاتنا أو الفصل المتفسخ/ عام 1977م، ونظرية الصورة/ عام 1982م) قد لعبا دورا مهما، في عالم الاستكشافات النظرية (في نظريات الرواية). ومع نشر رواية (الصحراء البنفسجية/ عام 1987م)؛ أصبحت رواياتها النسوية، أكثر انفتاحا على الجمهور العام. فلقد تم تعرية ظاهرة الجِينَدر (الراسخة في التقاليد الدلالية والنحوية للغة؛ إضافة إلى تقاليد الشكل الأدبي) في أعمال عدة. ومن أمثلة روايات الفئة المذكورة: مادلين جاجنون Madeleine Gagnon (الومضة/ عام 1979م)، وفرانس ثيوريتFrance Théoret (صوت أوديل/ عام 1978م)، ويولاند فيلمير Yolande Villemaire (الحياة في الابتذال/ عام 1980م). وفي رواياتها الطوباوية، استخدمت لوكي بيرسيانك Louky Bersianik (اسمها المستعار: لوسيل دوراند Lucile Durand) تقاليد الفانتازيا؛ لتستعيد بدائل للبنية الاجتماعية الحالية، والخطاب اللفظي. وفي (صورة ثلاثية سحاقية/ عام 1980م)، وهي عبارة عن خليط من: الشعر، والمقالات، والكتابة الدرامية، تتخيل جوفيت مارشيسولتJovette Marchessault مجتمعا نسائيا، خاليا من الهَيمَنَة الذكورية. وكان ظهور المسرح النسائي، جزءً مهما في تاريخ هذه الحركة المثيرة للجدل. وقد قام بهذا الدور مجموعات معينة، مثل: المسرح التجريبي للنساء، والمسرحيات الخلافية المميزة، مثل: دينايس بوتشر Denise Boucher (الجِنِّيَّاتُ ظَامِئَةٌ/ عام 1978م)، ومارشيسولت Marchessault (ملحمة الدجاجات المبتلات/ عام 1981م). ولقد استمرت كاتبة المسرح والرواية ماري لابيرج (Marie Laberge) في تقاليد المسرح النسائي؛ إذ تُلقِي مسرحيتها التاريخية (قبل الحرب/ عام 1981م) الضوء على حقوق النساء في عام 1930م، ويَستَكشِفُ عملها (الليل/ عام 1996م) قضايا التعسفات الزوجية، واضطرابات تناول الطعام، وزنى المحارم.
الثُّورَةُ النَّاعِمَةُ لِلأَقَلِّيَّاتِ الكَنَدِيَّةِ الفِرِنسِيَّةِ
بدأت الأقليات الفرانكوفونية، متأثرة (جزئيا) بثورة كيبك الناعمة، في ممارسة فيضان من الإنتاج الأدبي في عام 1970م. وساعدت السياسة الفيدرالية عام 1969م هذا الفيضان؛ إذ إنها جعلت اللغة الإنكليزية والفرنسية، اللغتين الرسميتين في كندا، وهذا بدوره، شجع تطوير دور النشر، مثل: مطبعات آكيديا في مونكتون، وإن. بي، وبرايز دي بارول، وأونت... وهلم جرا. لعبت الروائية والمسرحية أنطوان ميليت Antonine Maillet (من برانزويك) دورا مهما في نشوء وتطور الأدب الأكادي الحديث؛ فلقد ابتكرت وعيا وإحساسا بأكاديا وتاريخها، كما هو الحال في مسرحيتها الخالدة (الخادمة/ عام 1971م)، وروايتها (العودة إلى أرض الوطن/ عام 1979م)، وتتناول الرواية الملحمية الأخيرة، تاريخ الأكاديين بعد ترحيل عام 1755م. وتنقح روايتها (اعترافات جين دي فاليوي/ عام 1992م) تاريخ القرن العشرين لمقاطعة نيو برانزويك الفرانكوفونية؛ عبر السيرة الذاتية الخيالية، لراهبة تعمل في مجال التدريس. حاول الجيل الجديد نبذ الأشكال الأكثر فولوكلورية في كتابات ميليت، ومنهم: الشاعر والمسرحي هيرمينيجايلد شياسون Herménégilde Chiasson (أن تموت في سكودوك/ عام 1974م، واعترافات/ عام 1998م)، والروائي ما بعد الحداثي فرانس ديجول (France Daigle). وإثبات تفوق الأدب الأكادي في الشعر الغنائي، وهو ما قدمه كتاب من أمثال: ريموند ليبلين (Raymond Leblanc)، وديان ليجر (Dyane Léger)، وسيرج بارتريس ثيبودو (Serge Patrice Thibodeau). خضعت ثقافة (أونتاريو - الفرانكوفونية) لحملات تجديد وتنشيط هائلة عام 1970م؛ وبخاصة في أونتاريو الشمالية، تزامنا مع تطور المسرح الإقليمي في فرنسا. وحقق أندريه بايمن (André Paiement) أحد مؤسسي مسرح أنتاريو الجديد في البدايات الأولى للسبعينيات، نجاحا شعبيا مع نشر مسرحيته الكوميدية (Lavalléville / عام 1975م). ومع استمرار التقاليد المسرحية في الثمانينيات والتسعينيات، حصد جين مارك دالبي Jean Marc Dalpé (الكلب/ عام 1987م)، وميشيل أوليت Michel Ouellette (مدينة فرنسية/ عام 1994م) جائزة الحاكم العام لكندا، للدراما المنشورة باللغة الفرنسية. لقد اكتشف الشاعر بارتريس ديسبيان (Patrice Desbiens)، اغتراب الأقليات الفرانكوفونية، في مجموعته الشعرية ثنائية اللغة (الإنسان الخفي/ عام 1981م). وغلبت النزعة (الهزلية - الساخرة) في رواية دانيال بوليكوين Daniel Poliquin (السناجب السوداء/ عام 1994م)، ومقاله الجدلي (باسم الآب: مقال عن قومية كيبك/ عام 2000م). وتشتمل قائمة كتاب كندا الغربية: الروائي مارجريت إي. بريمو Marguerite A. Primeau (الوردة البرية/ عام 1984م)، والمحرر والروائي والشاعر جي. آر. ليفيل J.R. Léveillé (يالها من عاطفة بسيطة/ عام 1997م)، والشاعر بول سافو Paul Savoie (على درب نجار/ عام 1984م). وفي عام 1993م، أحدثت نانسي هوستون (Nancy Huston)، المولودة في ألبيرتا، والتي قضت معظم فترات البلوغ في فرنسا، نشاطا جديرا بالذكر؛ بعدما فازت روايتها (أغنية بسيطة)، بجائزة (الحاكم العام)، للرواية المنشورة باللغة الفرنسية؛ إذ إنها أثارت عديدا من التساؤلات، حول تعريف الأدب الكندي الفرنسي [لقد ظهرت أولا في اللغة الإنكليزية، ثم أعيد ابتكارها مرة ثانية في اللغة الفرنسية].
الاتِّجَاهَاتُ المُعَاصِرَةُ
أصبحت الرواية، النوع الأدبي السائد في أدب كندا الفرنسي، منذ الجزء الأخير من القرن العشرين. وفي عام 1960م، عكست الروايات، الاضطرابات العنيفة، التي أحدثتها ثورة كيبك الهادئة، في: موضوعاتها المتطرفة، والجنسية، وفي تراكيبها غير التقليدية، المشتقة من الرواية الفرنسية الجديدة [العقد السابق]. وبدأت رواية كيبك الجديدة، بتجربة جاك جودبوت Jacques Godbout (L’Aquarium / عام 1962م)، ووصلت ذروتها مع روايات هوبيرت أكوين (Hubert Aquin) المعقدة والرائعة، والتي تلت (الحلقة القادمة/ عام 1965م). تقدم رواية ماري - كلير بليس Marie-Claire Blais (موسم في حياة إيمانويل/ عام 1965م)، والفائزة بجائزة (Prix Médicis)، استنكارا قاسيا للحياة الريفية في كيبك. ولقد نالت روايتها (ليالي مهرجانية/ عام 1995م) اهتماما نقديا لا نظير له. وتصف رواية جودبوت (مرحبا جالرنو/ عام 1967م) كيف (تَأَمرَكَت) كيبك. بعد ست وعشرين سنة، ظهرت تكملة لهذه الرواية، بعنوان: (جالرنو الذهبي/ عام 1993م). تتسم أعمال جيرارد بيسيت (Gérard Bessette) بالتجديد، إذ إنه انتقل من الواقعية الساخرة في (بائع الكتب/ عام 1960م)، إلى تيار الوعي في (الحضانة/ عام 1965م)، إلى السرد الرمزي في (شبيه بالإنسان/ عام 1977م)، إلى روايات اليوميات في (أقوال عمر مارن/ عام 1985م). ولقد حققت الشاعرة آن هيربرت (Anne Hébert) نجاحا مبهرا؛ مع نشر روايتها (كامورسكا/ عام 1970م Kamouraska )، وفازت بجائزة (Prix Fémina) على روايتها: (في ظلال الرياح/ عام 1982م)، وبجائزة (الحاكم العام)؛ على روايتها (عبء الأحلام/ عام 1992م) مع أن الأخيرة، تعد أقل نجاحا من (الجنة الأولى/ عام 1988م). صدم لويس فورسيه (Louise Maheux-Forcier) القراء؛ عند نشره رواية (آمادو/ عام 1963م Amadou )، وهي رواية شعرية عن الحب السحاقي. ولقد قَدَّمَ ريجين دوتشارم (Réjean Ducharme) في رواية (من حفر حفرة لأخيه وقع فيها/ عام 1966م) وروايات أخرى، مفهوم تحرر الشباب من الوهم في الزمن النووي. هناك عديد من الروائيين المحبوبين في القرن العشرين، مثل: جاك فيرون (Jacques Ferron) الذي سَخِرَ من المؤسسات في كيبك؛ وبخاصة في (المفتدي المفلس/ عام 1969م)، وروك كاريير (Roch Carrier) الذي انتقد (بشدة) ثنائية الثقافة*21، في (إلى المحطة، سيدي/ عام 1968م)، وفيكتور ليفي (Victor-Lévy Beaulieu) في ملحمته عن أسرة بوتشيمين (Beauchemin). وتعد روايات جاك بولين (Jacques Poulin)، التي تدور أحداثها في مدينة قديمة من أعمال كيبك، رؤيا كوميدية للحياة، ومنها (ثلاثية جيمي/ عام 1967-69-70م). ومع أن أحداث روايته (Volkswagen Blues/ عام 1984م) تدور في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها تناقش قضية الهوية في كيبك. إن نجاح رواية يوفي بوتشيمين Yves Beauchemin (قِط الزُّقَاق/ عام 1981م)، ورواية أرليت كوستيور التاريخية (إيملي/ ثلاثة مجلدات/ عام 1985-2003م) Arlette Cousture، أقول إن العملين المذكورين، قد اقترحا الإياب إلى تفضيل الحبكة التقليدية.
إن النغمة السياسية للرواية، قد اختفت بدرجة كبيرة مع نهاية القرن العشرين. وعلى عكس الخصام الحقيقي لروايات الستينيات، شهدت رواية جاك جودبوت Jacques Godbout (قصة أمريكية/ عام 1986م) على إحباطات عديد من المفكرين الكيبيكين؛ بعد هزيمتهم في استفتاء عام 1980م للانفصال. إن فشل محاولات التفاوض، بغية الوصول إلى حل بين كيبك وكندا، بعد أن كانت كيبك المقاطعة الوحيدة التي لم تصدق على الدستور الكندي عام 1982م، إضافة إلى الهزيمة المحدودة في الاستفتاء الثاني (عام 1998م) للحكم الذاتي؛ كل ما سبق، تسبب في كثير من الآثار السلبية. ولقد تم استطلاع العلاقة بين: الهوية الفردية، والقومية؛ من خلال سخرية روايات (ما بعد الحداثة). كما هو الحال في: مادلين أوليت ميشيلساكا Madeleine Ouellette-Michalska (منزل تريستلر/ عام 1984م)، والروائي الأكيدي فرانس ديجول (تسجيل نبؤة ميلاد/ عام 1953م). وتجمع هاتان الروايتان بين: الخيال، والترجمة الذاتية، والنقد الميتا - تاريخي. تميل الرواية المعاصرة إلى تفضيل الشخصي؛ لذا فإن سيطرة: روايات السيرة الذاتية الخيالية، والترجمات الذاتية، والمفكرات، وروايات تبادل الخطابات، ومنها: مادلين مونيت Madeleine Monette (اشتباه مزدوج/ عام 1980م)، وآن داندوراند Anne Dandurand (الطقطقة/ عام 1990م)، وجاك برولت Jacques Brault (ساعة الموت/ عام 1984م). إن إعادة ابتكار رواية مونتسكيو Montesquieu (خطابات فارسية/ عام 1721م)؛ مَكَّنَ ليز في (خطابات من الآخر/ عام 1984م) أن تُوَّظِّفَ سارد فارسي، ليعلق بسذاجة وأمانة على مجتمع كيبك. تدور أحداث روايات ميشيل تريمبلاي (Michel Tremblay) الأولى، مثل: (جارتنا السيدة البدينة حامل/ عام 1978م) في مجتمعات الطبقات العاملة المجاورة، في أثناء فترة شبابه. ومع نشر روايته: (ليلة ما سيأتي مولاي/ عام 1995م)، يعطي تريمبلاي وصفا نزيها، لبلوغ أحد المثليين سن الرشد. بدأ لويس هاملين Louis Hamelin (داء الكلب/ عام 1989م)، وكريستيان ميسترول Christian Mistral (مغوية الرجال/ عام 1988م) أواخر الثمانينيات، في توجيه الاهتمام الأدبي، ناحية الاهتمامات الاجتماعية لعصره؛ ويطلق على هؤلاء الكتاب [كتاب الجيل x].
هناك تطور آخر في الرواية، يتعلق بالتفوق المتزايد للقصة القصيرة والنوفيلا؛ وبخاصة مع تأسيس المجلة الأدبية (XYZ)، ودار النشر التي تحمل الاسم نفسه في عام 1980م. إن القصة القصيرة، ملائمة للعديد من الموضوعات الأدبية:
- الخيال العلمي والفانتازيا، كما هو الحال في أعمال: جاياتين برولوت (Gaétan Brulotte) العبثية الكئيبة (الصوت السري/ عام 1982م)، وجين-بيير أبريل Jean-Pierre April (الصدمات الباروكية/ عام 1991م)، وإيستر روتشون Esther Rochon (مصيدة الذاكرة/ عام 1991م).
- الموضوعات الغريبة، مثل: كلير دييه Claire Dé (الرغبة بوصفها أزمة طبيعية/ عام 1989م)، وآن داندوراند Anne Dandurand (فرحة مميتة/ عام 1988م).
- الواقعية غريبة الأطوار، للكاتب مونيك برولكس Monique Proulx (فجر مونتريال/ عام 1996م).
يتميز الشعر المعاصر بالعودة إلى الغنائية، كما هو الحال في: فرانسوا تشارون François Charron (العالم بوصفة عقبة/ عام 1988م)، وتطوف موضوعاته من: السياسة، إلى الجنسانية، إلى الروحانيات. ويظهر التأكيد على (الذاتي/ الفردي) بوضوح في الديوان، المنشور بعد وفاة ماري أوجوايMarie Uguay (لوحات ذاتية/ عام 1982م) [أصيبت بالسرطان في سن مبكرة/ المترجم]. ظلت السريالية ذات تأثير ملحوظ في الشعر الكيبكي؛ وبخاصة في تعبير (الشبق الجنسي)، كما هو الحال في شعر روجر ديس روتشس Roger Des Roches (القلب الكامل: شعر ونثر/ عام 1974-1982م). يلعب الشبق الجنسي المثلي، وتأثير الإيدز، دورا مهما في شعر أندريه روي André Roy (سرعة الكثافة/ عام 1987م). لقد حاول بعض الشعراء، دمج الشعر بالسرد، كما هو الحال مع دينايز ديسوتيل Denise Desautels (عابر السبيل والطائر/ عام 1980م). نشرت إلياس تيرركوت (Elise Turcotte) مجموعتها الشعرية (الكون هنا/ عام 1989م)؛ قبل أن تنشر روايتها الشعرية (صوت الأشياء الحية/ عام 1991م). وعلى نحو مماثل؛ أسست لويزا دوبيره (Louise Dupré) سمعتها باعتبارها شاعرة، قبل كتابة روايتها التي استقبلها الجمهور بحفاوة كبرى (نصب تذكارية/ عام 1996م). ولقد تفوقت سوزانا يعقوب (Suzanne Jacob) في الشعر؛ عند نشرها (نصيب النار/ عام 1997م)، وفي الرواية (لورا لور/ عام 1983م). ومع أن الشعر لم يعد له نفس التأثير، كما كان الحال سابقا؛ بوصفه أداة للتعبير عن الهوية الجماعية. فإن الأحداث تشهد على حيويته ونشاطه، ومنها: المهرجان الدولي السنوي للشعر في تروا - ريفييرا في كيبك، عام 1985م.
شهد النصف الثاني من القرن العشرين، نموا مؤثرا في المسرح الكيبكي والكتابة الدرامية، مع تمثيل عشرات المسرحيات الأصلية كل عام. ويستكشف ميشيل ترمبلاي في (العالم الحقيقي/ عام 1987م) العلاقة الغامضة بين الحياة وتمثيلها في الأدب. إن نصه الأوبرالي (نيليجان/ عام 1990م) يعد مخالفا لأعماله السابقة؛ إذ إنه يدرس كيبك من خلال صوتها الأكثر تراجيدية. إنه صوت الشاعر إيملي نيليجان، أوحى إلى جين - بيير، أحد مؤسسي المسرح التجريبي الجديد، مناسبة معينة في مسرح كيبك، مع (حياة ووفاة ملك ضعيف/ عام 1981م)، وهي مجموعة من ست مسرحيات، استمر عرضها في عام 1982م، أكثر من عشر ساعات، وتعاملت مع الجمهور بنظرة أكثر بارودية، إلى أعمال شكسبير، وكتاب غربيين آخرين.
منذ عام 1990م، بدأ جيل من كتاب المسرح الشباب، الاهتمام الجاد، بإلقاء الضوء على موضوعات: التهميش، والجنسانية، والعنف في المجتمع. ومنهم: نورماند شوريت Normand Chaurette (مسرح بروفينستون الصغير، يوليو عام 1919م، وكان عندي 19 عاما/ عام 1981م)، ورينيه دانيال دوبوا René-Daniel Dubois (في البيت مع كلود/ عام 1986م)، وميشيل مارك بوتشارد Michel Marc Bouchard (إحياء الدراما الرومانتيكية/ عام 1987م). ويعد روبيرت ليبيج (Robert Lepage) أحد الأعضاء البارزين لهذا الجيل، في كتابة المسرح والسيناريو. ولقد تأثرت مسرحياته بالتكنولوجيا الحديثة، وكذلك تأثرت بشكسبير والمسرح الياباني. ومن جُملَة عروضه: (صحن الكنيسة المشوه/ عام 1988م، وإليسنور/ عام 1995م، وسبعة جداول لنهر أوتا/ عام 1995م)، واشترك إيرك بيرنيير (Eric Bernier) في المسرحية الأخيرة.
الثَّقَافَةُ الكُوزمُوبُولِيتَانِيَّةُ لِـــ كَنَدَا وَكِيبِك الفِرِنسِيَّةِ
كما يوضح مثال ليباج؛ فإن الثقافة المعاصرة في كندا الفرنسية تعكس مفهوم الكوزموبوليتانية. ولقد أضاف الكتاب المهاجرون، أصواتهم إلى أصوات الكتاب الذين ولدوا في كندا. لقد بَاغَتَ الشاعر (الإيطالي - الكيبكي)، والمسرحي ماركو ميكون (Marco Micone)، العالم الأدبي في كيبك؛ حين استجاب إلى ميشيل لالوند Michèle Lalonde، في (تحدث مثل البيض)، بقصيدته: (أتحدث ماذا؟!) [ولقد نشرت لأول مرة، في عام 1989م/ المترجم]. مناديا بمجتمع كيبكي أكثر شمولية، ومقترحا أن المهاجرين قد حلوا محل أهل كيبك، مثل الطبقة المستغلة الجديدة. ومن الكتاب المهاجرين الآخرين، الذين تركوا بصماتهم: من العراق الروائي وكاتب المقال نعيم قطان Naïm Kattan (وداعا بابل/ عام 1975م)، ومن تونس هيدي بوراوانيHédi Bouraoui (هكذا تحدث برج سي. إن/ عام 1999م)، ومن الصين الروائي ينج تشن Ying Chen (نكران الجميل/ عام 1995م)، ومن هايتي الروائي داني لافيرر Dany Laferrière (كيف تحب زنجيا/ عام 1985م)، ومن البرازيل الروائي سيرجيو كوكيس Sergio Kokis (بيت المرح/ عام 1994م)، ومن مصر الشاعرة آن - ماري ألونزو Anne-Marie Alonzo (يقود فرقة موسيقى البلوز/ عام 1985م)، ومن لبنان المسرحي والروائي أبله فارهود Abla Farhoud (السعادة لها أذيال سرية/ عام 1998م)، ومن فرنسا الروائي والمنظر ريجين روبين Régine Robin (التائه/ عام 1993م). بدأت كتابات السكان الأصليين في الظهور؛ مع أنه لم يحقق أي كاتب من السكان الأوائل شهرة، كما حققت رواية الكاتب ذي الأصل الكري (Cree) برنارد أسينيوي Bernard Assiniwi (ملحمة بيوثك/ عام 1996م)، وهي رواية تؤرخ مأساة الهنود، من قبيلة بيوثك في مقاطعة نيوفودلاند. بدأ كتاب كيبك وكندا الفرنسية، في دراسة آثار التنوع الثقافي، وكان خير مثال على ذلك، الروائي المونتريالي فرانسين نويلFrancine Noël (كلنا اكتشفنا أمريكا/ عام 1990م). إن الأدب الكندي المعاصر، المنشور باللغة الفرنسية، يعكس تَغَايُرِيَّةً في كل من أشكاله الأدبية، وتمثيلاته لمجتمع متنوع عرقيا.
Reference:
Kathleen Kellett-Betsos, Kathy Mezei and etal. “Canadian literature.” Encyclopædia Britannia. Encyclopædia Britannica, inc, 2019. Retrieved from https://www.britannica.com/art/Canadian-literature
ترجمة: د. أشرف إبراهيم زيدان (جامعة بور سعيد/ كلية الآداب/ مصر)
[1] استخدام المذكر السالم؛ لشمول الجنسين في مفاهيم النسوية.