هنا شاعر كردي مقيم في ألمانيا، يقيم بين ضفاف الشعر الرحبة ويحمل عفرين في روحه وقلبه يحمل قصيدته ويتأبط وطنه المنسي في ترحاله وبين جغرافيات العالم لا شيء قادر على إيقاف زحف وجع الوطن خصوصا لدى شاعر حرص دوما أن يحتفي بالحياة كما هنا في قصيدته والتي وسم بها أحد دواوينه الشعرية، ولينتصر من خلالها بأنشودة الحياة.

أعلى من الشهوة وألذ من خاصرة غزال

حسين حبش

 

أن تجاوريني لهذا المنام الطويل، الطويل...
لهذا الرقاد الفاحش على صراط الشهوة والأنين
أن تنيريني بحدي سيفيك اللامعين
والممتلئين برائحة الأبنوس
وبزوغ اللهب من خطوط الاستواء
المضمخة بالعبير.
أيتها المقطوعة الأوصال من الألفة،
أيتها المتوحشة كلبوة شرسة المنام والأنفاس.
تعالي ندَّخر قليلاً من الصبر ونغلق نداء السهول
حتى نبدِّل الوسائل بالوسائل،
وننفصل عند حدِّ السرير عاريين بعنف
ونبيلين على عرش الشوق والاقتراب.

أن تقيديني من هالتك
وتقولي لي:
كم بودي أن أغتالك أيها الولد الجميل
وأن أشوي لحمك على موقد قلبي،
ثم أنهشك كطير جارح.
أن أسرقك من السماء والأرض وأطعنك لذتي،
نتجاوز بها كل حدود،
ثم أضعك على القبة ملكاً في صهيل الشفاه.

أن تتركيني في الفضاء معلَّقاً بين هدبيك،
توحين لي بالنقائض والزمن الذي يجري
كالنهر على عقارب الساعة..
يرمي إليَّ حظوظ الآخرين،
ويترك ثيابك الجليلة مهملة
على عنق البرونز.
ينشدُّ منتصف بطنك كطاغية
وينفرج الورد بهالته الحمراء.

أن تأخذيني بجسدك البضِّ الذي يفوح
بالخناجر وإيماءات الجوع
الذي يرمي إليَّ بالحيرة والحصار.
أن أتعلم لغة الجرأة وأرددُّ في السِّر
الذي يطغى على كلِّ وضوحٍ
ما أجمل النسيان في الهاوية الملآنة بالرمَّان،
ما أشهى خرير الشَّعر على الكتفين الصلبين
كالغرانيت.

أن ترسليني مصحوباً بالبنفسج إلى الخطيئة،
أتبعك وتتبعينني، أنبع منك وتنبعين مني
رجلاً وامرأة ينغرزان في عَظَمَة التيه
ويركضان في حقول الفراغ.
أجيئك وتجيئينني، يزنبقنا الحلم
ويهذي العطر من دوني للرخام المنسفح
على الأرض بكل لغات الماء.

أن تتغلغلي في الشرِّ وتغيري نبرة الخطوات
أن تطاردي الدُّوار وتفتحي الأقفاص
أن تطَّيري الخوف، أن تكسري البلاط
وتشرحي للدَّرج رنين قدميك
أن تسرعي الصعود إلى النسائم العليا
وتتباهي بالشذرات.
أن تهبيني لكلك، لبلل عينيك
أن تروِّضي الصواعق
وتجمعي لها أرواحها الضالة
أن تزينيها وتختاري لها الأسماء العجيبة
ثم تتركينها في قاع الطمأنينة،
ترتِّب لكِ فوضى الأكواخ.

أن تخلقي كوكباً للقبة التي انبثقت
في الاشتهاء كمنارة.
أن أرسم على ذلك الكوكب شامة
أن نمارس الاندلاع برشاقة،
أن أنزل إلى الرجفة
وأتذوق طعم الرعشة تحت أرجوحة الذبح
أن أهجر الوحدة
وأسكن الذروة قرب الشامة هناك.

أن نقتل الرتابة
ونزرع قامة العشق الرهيفة في كل زمان،
في كل مكان وأوان.
أن ننتشل موتنا بقضمة حبٍّ ونبيذ.
أن تعلميني الصعود إلى الشمس
من متاهات العتمة في منتصف الليل
وتفرمي لي قلبك الطازج كالفجر
وتقولي: هاك مجدي
أن تغمري الملكوت بالزعفران
وأن تولمي المنضدة بالورد وهفوات الربيع.
أن تنشغلي بما يؤجج الرغبة
أن تحققي الملذات
أن تكوني أعلى من الشهوة

وألذُّ من خاصرة غزال.
أن.. أن..
نؤجج معاً أنشودة الحياة.