ذاكرة الكلمة الشعرية لهذا الشهر نخصصها للشاعرة اليزابيث بيشوب، رائدة الشعر الأميركي المعاصر، (1911-1979) لقّبها النقاد بشاعرة "العين"، ورغم قلة إصداراتها "الشمال والجنوب"، "ربيع بارد"، "أسئلة الترحال"، و"جغرافيا 3"، "مجلد الأعمال الكاملة 1927-1979"، فقد اعتبرت علامة فارقة في الشعر الأمريكي، عينت مستشارة لقسم الشعر في مكتبة الكونغرس الأميركي، وحازت مجموعتها الثانية "ربيع بارد" جائزة بوليتزر.

فن وحيد

إِلِيزَابِيثْ بِيشُوبْ

ترجمة: آمال نوار

 

فن وحيد

ليس الخسران فنا صعب الإتقان
أشياء كثيرة لتبدو مفطورة لأجله
وفقدانها إذن ليس بكارثة

 

اخسر شيئا كلّ يوم ولا تأبه,
أباب هو ضاعت مفاتيحه
أم ساعة من الوقت أهدرت عبثا
سيّان
ليس الخسران فنا صعب الإتقان

ولتروّض النّفس على مزيد من الخسارة
وبأسرع ممّا كان
لأماكن وأسماء ولوجهة كنت
تحسبها المآل
شيء من هذا لن يوقع كارثة.

لقد أضعت ساعة أمي, وتخيّل!
أنّ بيتي الأخير أو ما قبل الأخير
من بين بيوتي الثلاثة الحميمة
هو الآخر ولّى
ليس الخسران فنا صعب الإتقان.

لقد أضعت مدينتين بهيتين, وما هو أجسم:
بضع ممالك حزتها, ونهرين وقارة
لكم أتوق إليها, ولكن ما ثمة من كارثة.

وحتى في خسرانك أنت (الصوت المداعب,
أسلوب أعشقه) ما كان يجدر بي الكذب
لجلي أن الخسران فن
ليس عصي الإتقان
وان يبدو شبيها (دوّنها!)
شبيها بكارثة.

***

 

تمرين بسيط

"إلى توماس ادواردز وانينغ"

 

فكّر في العاصفة التي تجوب السماء هائجة
ككلب يرود مطرحا لرقاده
أصغ إليها مزمجرة.

فكّر كيف تبدو الآن جمام شجر القرام
وهي مستلقية خارجا في الظلام
مستكينة للبرق.

وفصائل الشعر الخشن,
حيث قد يقوى مالك الحزين أحيانا
على حلّ العقد في شعر رأسه
ونفض ريشه
بينما خاطرة مريبة تراوده
اذ الماء من حوله يلتمع.

فكّر في الكورنيش وأشجار النخيل الغضّة
كيف بصفوفها المتماسكة بغتة تتبدّى
كحفنة من هياكل حسك رخوة.

انها تمطر هناك,
ولكأن الكورنيش بعشب أرصفته المتصدّعة
قد روّح عن نفسه بأن تندّى
والبحر بأن تجدّد.

الآن, ها هي العاصفة تتراجع تباعا
في مشاهد معارك صغيرة,
خافتة الإضاءة
وكل منها في "جزء آخر من الحقل".

فكّر في أحد ما راقد في قاع قارب
موثق إلى أحد جذور شجر القرام
أو إلى ركام جسر
فكّر فيه آمنا
وبالكاد مكدّرا.