يتقاسم الدبلوماسي والشاعر الفلسطيني مع صديقه وجع الحياة حتى يصبح الاثنان وجها واحدا وتلوح الكثير من الذكريات التي ترتقي الراهن اليوم ويصبح كل شيء مسجى بالحزن في زمن أضحى الالتباس هويته الخاصة والأمل يختفي وراء أتربة الوجع.

الصديق

عمر صبري كتمتو

 

سَمِحٌ ومن عينيهِ يبتسِمُ الحياءْ

في وجهِهِ

تَجِدُ البراءةُ رَسْمَها

وتَلوحُ منه الكبرياءْ

 

كانتِ الأيامُ أقْصرَ

عندما كان فَتِيّا

والليالي

لم تكُنْ تَكفيهِ عِشْقاً

وهُياماً وحُبورا

لاتَرى لِلدَّمْعِ مأْقىً في ملامِحِهِ

ولا مجرىً يسيرا

 

أوغَلَتْ فيهِ السُنونُ 

وأرهقتْ قلباً

شديد البأسِ

مِعْطاءً غَيورا

 

الذكرياتُ تَظَلُّ تحمِلُهُ برِفْقٍ

كي يعودَ إلى كُهوفِ العِشْقِ

مُذْ كان صغيرا

كم تَسْتَبيحُ سخاءَهُ في الوجْدِ ـ ظُلماً ـ

ثُمّ تَتْرُكُهُ وحيداً

في عُبابِ البحْرِ

مَكْلوماً أسيرا

ألَمْ تَقُلِ الحبيبةُ أنّها هَجَرَتْهُ

واعْتَزَلَ الغَرامُ حَياتَها 

فالحُزْنُ أصبحَ مُنتدى العشٌاقِ

والهَجْرُ مريرا

 

هكذا كان صديقي

كيفَ تَنْسى الذكرَياتُ حُضورَرَهُ

طِفلاً نمى في معبدِ العُشّاقِ

تحْمِلُهُ الطيورُ على جناحِ الحبِّ

مُخْتالاً فخورا

وهْوَ يبحَثُ عن عشيقَتِهِ التي لمّا تزلْ

حُلماً بعيداٍ يشتهيها الياسمينُ

ولا يراها

وهو لن يهوى سِواها

ويقولُ لي :

تمضي بِنا الدنيا

ويعْبَثُ في مصائِرِنا الزمنْ

ما بيْنَ حُبٍّ صار ذكرى

وسَراباً، ووسنْ

ورَماداً لا تَراهُ الريحُ 

إلّا في عُيونِ العاشِقينْ

 

هكذا الدنيا ستبقى

تسْتَبيحُ دُموعنا قَسْراً

فتَقسوا إنْ ضَحِكْنا

في الخفاءِ

وإنْ بَكينا في العَلَنْ

وإذا اتّخذْنا من دُموعِ الشَمْعِ نوراً

نسْتضيءُ به الطريقَ

ونرْتجي منهُ الأملْ

ألقتْ علينا ظِلَّها

وتوعّدَتْنا ياصديقي

وهيَ تحْمِل في أياديها الكَفَنْ

فأخَذْتَهُ وتَرَكْتَني لأَسيرَ وحدي

ثُمَّ يسقُطَ من كُهولَتِيَ الزمن

 

أوسلو