قصة كتابة قصيدة للشاعر الروسي الكبير
عاش في القرن الرابع الميلادي القديس السّرياني المعروف في تاريخ المسيحية في المشرق أفرام السّرياني. كان القديس أفرام شاعرا وقديسا ومبشرا نشيطا لتعاليم الدين المسيحي في المشرق وفي أوروبا.ألف القديس أفرام السّرياني في الشعر وفي النصوص الدينية، ووصل نتاجه الديني إلى اليونان ومن هناك إلى بلاد الروس والبلغار وغيرهم من الشعوب السلافية. عرف الناس في روسيا القديس أفرام السّرياني تحت إسم إفريم سيرين. نحن نعلم أن الأسماء كما أسماء المواقع من ضيع ومدن عندما تغادر لغتها الأم أو محيطها الجغرافي يحصل فيها تبدل وتغيير.
من النصوص الدينية التي تعود إلى القديس أفرام السّرياني (صلاة التوبة) التي تعاد وتقرأ أثناء الصوم الكبير، قبيل عيد الفصح المجيد. في عام 1836 تأثر الشاعر الروسي الكبير الكساندر بوشكين خلال تردده إلى الكنيسة الروسية وحضوره القداس، وخاصة بعد وفاة والدته ، تأثر بهذا النص وكتب قصيدته الشهيرة تحت عنوان : "الآباء النسّاك ، والنساء الطاهرات" وقد حاول الشاعر الروسي في قصيدته هذه محاكاة نص القديس أفرام السرياني في (صلاة التوبة). سوف نعرض للقارئ العربي نص هذه الصلاة كما ورد في الأدبيات المشرقية ، ثم نقوم بترجمة نص قصيدة بوشكين التي تحاكي نص (صلاة التوبة)، هذا النص الذي ورثته الأمم عن الشاعر والقديس أفرام السّرياني. نص (صلاة التوبة) للقديس أفرام السّرياني بقلم المعلم الانطاكي الشماس إسبيرو جبور.
"أيها الرّب وسيّدَ حياتي، أعتقني من روح البطالة ، والفضول ، وحب الرئاسة ، والكلام البطال . أنعم عليّ أنا عبد كَ الخاطئ بروح الفقه، واتضاع الفكر ، والصبر والمحبة.
نعم ملكي وإلهي، هب لي أن أعرف ذنوبي وعيوبي ، وأن لا أدين إخوتي ، فإنك مباركٌ إلى أبد الآبدين آمين." .اقتبسَ من السّراج الأرثوذكسي. (1)َ
إليكم نص القصيدة :
الآباءُ النّسّاك.، والنساء الطاهرات
الآباءُ النّسّاك، والنّساء الطاهرات
لأجل العلو بهذا الفؤاد إلى عالم الغيب
لأجل متانة هذا القلب خلالَ عواصف الدنيا
قاموا بتد وين نصوص صلواتٍ عدة
واحدة منها وجد تها قد أثرت بي كثيرا
وهي التي يرددها القديسُ
في الأيام الحزينة، خلال الصّوم الكبير
إذ تمنح الخاطئ قوّة فريدة وتشدّه:
أيها الرّبّ . يا سيّدَ حياتي،
أبعِدْ عني روحَ التكاسلِ والخمول،
وحبَّ القيادة، هذا الثعبان الخفيّ
ولا تمنحْ روحي القدرة على قول الكلام البطال
ساعدني يا ربي كي أرى ذ نوبي وخطايا نفسي
ولا تسمَحْ لي أن أدينَ أخي بكلامي.
هب لي أيها الرّبّ روح الطاعة، والصبر، والمَحَبّة
وأعطني جمالَ الحكمة، وعُدْ بفؤادي إلى الحياةِ الحَقة.(2)
*************
هوامش ومصادر:
- www.alsiraj.org/ blog/archives/3042
- А. С. Пушкин. Сочинения в трех томах.
Том первый. Москва. 1954.
إسماعيل مكارم، من مواليد سورية لعام 1948، – أستاذ اللغة العربية والحضارة العربية في جامعة كوبان الحكومية في روسيا الإتحادية. أنهى دراسته الجامعية في روسيا عام 1977 حيث حصل حينها على شهادة ماجستير باللغة الروسية وآدابها، وفي عام 1984 دافع عن أطروحة الدكتوراه بالأدب المقارن ، منذ نهاية عام 1985 حتى بداية 1988 عمل في التدريس الجامعي في دمشق وبنفس عام 1988 عاد إلى روسيا ، ومنذ عام 1989 حتى يومنا هذا يعمل في التدريس الجامعي.
صدر له كتاب منهجي عن الحضارة العربية في القرون الوسطى، وكتاب تعليم اللغة العربية للناطقين بالروسية ولي عدة بحوث في الترجمة والأدب، حصل عام 2019 على جائزة عالمية في الترجمة من قبل إتحاد كتاب روسيا بفضل ترجماته لأشعار بوشكين ويسينين وشعراء روس معاصرين.
نشرت له عدة ترجمات في سورية والأردن ولبنان والعراق وروسيا ، وفي عام 2023 مجموعة نصوص تحت عنوان (حكايات وأناشيد وأشعار ) للناشئين.
الشاعر بوشكين تأثر بالأدب الشعبي الروسي وكذلك بالثقافتين العربية والغربية.