تكشف القاصة المصرية وجها أخر لطقس التبرك بالأولياء. وكيف بدلت الرحلة إلى مسجد الحسين من حياة ووعي الشخصية التي كانت تتلهف للإنجاب. إن الكاتبة بقدر ما تستغرق في تفاصيل هذا الطقس فإنها تظهر إمكانية القدرة على عدم الاستسلام إليه.

«مدد!... مدد يا سيدنا!»

عزة كامل

أيقظتها أمها في الصباح الباكر، نهضت من فراشها، تجر أثقالا تتشبث بقدميها، ألقت نظرة بائسة على زوجها الراقد في سبات عميق، تمنت بأن يأمرها بعدم الذهاب، نظرت في المرآة، مدت كفا مرتعشة ناحية وجهها الذي ذهب عنه حيويته، فالخوف يطفو فوق قلبها.

أدارت مقبض الباب، تصلبت قبضتها، ارتجف جسدها، تنفست بصعوبة، تنهدت، انفرج الباب، وجدت أمها و خالها أمامها.

قالت أمها بصوت هامس وديع:

صباح الخير يا عزيزة... أعمليلك همة شوية.... إتأخرنا.

قالت لنفسها ما الذي يعكر صفوي؟ ما الذي يضايقني؟.

إنني ذاهبة لكي أحصل على بركة " الأولياء " بركة سيدنا الحسين من أجل أن يرزقني الله بذرية صالحة، سنين مرت و لم أرزق بعيل، زوجي يلعننى كل يوم و يلعن اليوم الذي تزوجني فيه.

الأم يخامرها شعور بالفرح والنشوة  يرسم على محياها الصفاء، فقد انتهى موسم الحصاد الذي أتاح لها جمع بعض النقود لكي تأخذ ابنتها و تسافر إلى القاهرة لحضور مولد سيدنا الحسين، و الانضمام لحلقات الذكر و الذهاب لأحد المشايخ للتبرك به، وإحلال بركته على ابنتها، يكتب لها حجاباً يساعدها على إنجاب الذكور، لعل زوجها يصرف نظر عن طلاقها.

آلاف الرؤوس، آلاف الأجساد تتكدس بجوار بعضها البعض، يهزون الأرض بأقدامهم، تلتصق الخدود والأكتاف و الأفخاذ، تتصادم الأرداف، تتقارب الأنفاس، صرخات و أهات وعويل، غابة من أجساد الرجال والعيال و النساء، كتل بشرية هائجة، حشد سائر يتجمع في دوائر صغيرة وكبيرة كأنه دودة خرافية تتلوى على أرض لا نهاية لها.

الشوارع المحيطة بالجامع مزينة بالأعلام والفوانيس، البازرات المجاورة مزدانة بالأنوار المتلألئة، أعداد لا تحصى من الأكشاك الصغيرة وعربات السجق، العصافير، أقراص الطعمية، وبائعو العرقسوس، التمر هندي والخروب، غزل البنات، المهلبية، البليلة، ألعاب سحرية، سحرة، مهرجون، قارئ السيرة، الرجال الذين يتزينون و يرتدون ملابس النساء و يضعون الأصباغ و أحمر الشفاه، عروض التسلية، آكلو النار، مسارح الخيام الكبيرة، أكشاك الرقص الحافلة بالمطربين و الراقصات، غرز البوظة، ألعاب القمار، صفوف الخيام الخاصة بالطرق الصوفية التي تعلوها اللافتات المكتوب عليها أسماء شيوخهم و شعاراتهم و اسم الطريقة، يقطعها مساحات مكشوفة للعب العصا و ألعاب الفروسية.

هالها ما رأت، أصابها الذعر، خافت، تشبثت بأيدى أمها، توسلت إليها أن تبعدها عن هذا الزحام الهمجي، نظرت إلى خالها بعيون يملؤها التضرع:

و النبي يا خال إبعد بنا من هنا.

تطلع إليها بحنان و حب:

سنذهب إلى حضور الزفة الآن، ثم بعد ذلك نحضر حلقة الذكر، ربنا يكرمك يا بنت أختي، و يوسع صدرك بمحبة النبي و سيدنا الحسين.

أبصروا جموعا تجرى من كل ركن و زاوية و درب تصيح، سوف يبدأ الموكب " الزفة " الآن.

من بعيد ظهرت المشاعل و المجامر الحديدية تتصدر الموكب، ثم بدأت تدريجيا تظهر بيارق و رايات الطرق الصوفية المتعددة الألوان، فها هو اللون الأخضر، للشاذلية، و البرهامية، و الأحمر القاني للطرق الأحمدية، يتخللها بيارق و رايات الرافعية السوداء و القادرية البيضاء، انتشر الدراويش بسيوفهم الخشبية و عمامهم و قبعاتهم و طراطيرهم الزاهية الألوان متقدمين الموكب، بجوارهم المجاذيب و الساعون في حب الله.

يقطع موكب الزفة من حين لآخر الموسيقيون الجوالون و أصحاب الألعاب البهلوانية، وضاربو الطبول و الدفوف.

ذهلت هي من هذا المنظر الخلاب، كأن أبطال و شخصيات خرجت من لدن الذاكرة من حكايات جدتها العجوز، بدأ الموكب من المدينة القديمة، ثم شرع التحرك تجاه المسجد مخترقا الموسكي، عندما وصل إلى مسجد سيدنا الحسين التحم بالحشد الضخم الموجود في الساحة الكبيرة أمامه. لقد بدأ المولد الآن.

توجهوا إلى احدى الخيام الكبيرة، على جوانبها نصبت بوابير الجاز وحلل الطبيخ تشرف عليها نسوة عافيات و صواني الشاي و الجنزبيل و القرفة تلمع فى أيادى بعضهن، في الوسط فرشت الحصر، مئات الذاكرين الذين يرتدون الجلاليب، يحملون مسابح من الخرز ذات حجم كبير، خليط من اللحى البيضاء و السوداء، الشعور الحليقة و المرسلة، في وسط الذاكرين شيخ الدراويش يجلس و يبتسم في صفاء و رضا، جلبابه ناصع البياض و مسبحته من الكهرمان.

دخل خالها إلى حلقة الذكر قال لهما:

يمكنكما أن تشكلا حلقة ذكر مع النساء الأخريات.

قالت لأمها: أنا خائفة.. تدوسني الرجلين و أضيع في الزحمة.

طمأنتها أمها و أخذتها في حضنها.

أصدر الشيخ صوت همهمة عالية، فوصلت خلال الميكرفون إلى آذان الحشد الغفير، انتبهوا له، افتتح الذكر بقراءة الفاتحة، ثم بدأ الذاكرون ينشدون " اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين، و صل على سيدنا محمد في الآخرين، و صل على سيدنا محمد في كل وقت و حين.... ".

سرت في جسمها قشعريرة من الرهبة و الخشوع، أخذت تردد معهم و أكملوا:

" رضي الله تبارك و تعالى عن سادتنا أبى بكر و عمر و عثمان و على، و عن جميع أصفياء الله الآخرين.... يا واسع المغفرة يا أرحم الراحمين... الله آمين "

بدأت حلقة الذكر تسخن، بدأ الذاكرون يرددون و هم جلوس " لا إله إلا الله " و رؤوسهم وأجسادهم محنية... إلى أن نهضوا و أخذوا يرددون نفس العبارات بنغم أعمق أجش يتخلله الصياح " مدد.... مدد " اشتدت حركاتهم، أصبحت ملتهبة محمومة.

 يديرون رؤوسهم يمينا و يسارا رافعين أصواتهم، أخذ صياحهم يعلو و كلامهم يزداد سرعة، يحنون رؤوسهم و أجسادهم بعنف، وجدت نفسها تشكل حركة ذكر بمفردها، تمايل جسدها، يريد أن يطرد قوة جبارة بداخلها.... إلى أن أصابها الدوار و الإعياء فسقطت على الأرض، بعدها شعرت بصفاء و سكينة لم تشعر بهما من قبل.

دارت الأكواب المملوءة بالشاي على الجميع، بعد أن انتهت من شرب الشاي و بعد أن جف عرق وجهها و جسدها، همت بالخروج من الخيمة إلا أنها أبصرت خالها يقف مع أحد الشيوخ الذي بدا أن له هيبة بين الحضور، كان يهمس في أذنه، أدركت بأنه يخبره بحالتها، امتقع وجهها و تسارعت دقات قلبها... أفاقت على يد أمها ترتب على كتفها و قالت لها:

ربنا يعمل اللي فيه النصيب.

توجه خالها إليها و قال لها بفرح:

أبشرى هذا الشيخ معروف، رجل صالح و قد طمأنني و قال أنه سوف يقوم بعمل حجاب لك و سنذهب غدا إليه في مقره.

أحست بغصة في حلقها، جفل قلبها و لم تتفوه بأي كلمة أو تصدر منها حركة.

في اليوم التالي ذهبوا إلى مقر الشيخ معروف، أدخلوها إليه، فالشيخ يريد فقط صاحب العلة، الحجرة إضاءتها خابية، يوجد بها نافذة لكن لا ينفذ منها أى شعاع ضوء فهي مدهونة باللون الأسود، جدران الحجرة مطلية باللون الأحمر، يوجد في وسط الغرفة عدة وسائد ملونة من الصوف يجلس عليها الشيخ و أمامه مجمرة يتصاعد منها دخان البخور الذي يعبق به المكان كله، تنحنح الشيخ و قال لها:

السلام عليكم... اجلسي يا ابنتي.

نظرت إليه و قلبها يرتجف، لاحظت أن وجهه خال من التجاعيد و عينه بها بريق لم يطمئنها.

أخذ يتلو بعض الأدعية، و كتب لها حجاب و قال لها: عندما ترجعين لزوجك، بلى هذه الورقة في كوب من الماء و اسقيه منه.

أخذت الحجاب بحرص...  شكرته و قبل أن تنصرف، أمسك بيدها التي كانت تقبض بها على الحجاب و قال لها بصوت مرتعش: في المساء اذهبي إلى خيمة الذكر التي قابلت خالك فيها بالأمس، سأعرفك بامرأة ستعينك على علتك.

عندما خرجت كان هناك أمها و خالها متلهفين أن يعرفا ماذا دار بينها و بين الشيخ معروف، حكت لهما ما حدث بالضبط.

و وافقوا على أن يذهبوا إلى الخيمة في المساء.

الزحام شديد خارج و داخل الخيمة، الأقدام تهرس كل ما يقابلها و يقع تحتها، تخترق جسدها عيون الدراويش الشرهة الذين اصطفوا على جوانب الخيمة بمقارعهم ينشدون و يسبحون و يصيحون من حين لآخر " أذكر الله يا عبد، وحد الله و ماتنمش ".

طفقت تصرخ... فينك يا أمه... فينك يا خالي.... انهمرت دموعها بلا حساب، انتبهت على يد تجرجرها خارج الخيمة بسرعة و بعنف.

كتم أنفاسها، لاذ بها إلى قبو مظلم، جحظت عيناها، ضمها إليه بقوة، عصر نهديها، حاولت المقاومة، أطبق بيده أكثر على فمها، أمالها و من خلفها رفع فستانها إلى ظهرها، أتاها و هي مائلة، عندما أناخ بلذته أصدر خوارا عنيفا رج جسدها، عندما قضى وطره منها رماها على الأرض وهي نصف عارية تئن بصوت ثقيل كعصفور ذبيح و قد دب الوهن في مفاصلها.

قال لها: اذهبي الآن لا تقصى على أحد ما حدث، لا تتفوهي بكلمة، بذرتي في أحشائك، حافظي عليها.

استطاعت أن ترى وجهه الآن... أنه هو الشيخ الذي ذهبت إليه بالأمس و كان يبدو أن وجهه يشع سماحة، إنه الآن فظ، قاس، بشع، نذل، مغتصب، تمنت لو تستطيع أن تبصق في وجهه.

تركها و مشى، حاولت أن تنهض، تريد أن تعثر على حجر لتجرى وراءه تهشم رأسه، استندت بإحدى يديها على حائط القبو و باليد الأخرى على الأرض المتربة، أحست بأن الأرض تميد من تحت قدميها، فرائحة السائل الذي تسيل من بين فخذيها حادة و كريهة، تقيأت عدة مرات، بعد أن أفرغت ما في جوفها استراحت، أدركت ما حدث لها، أحست بالخزي و العار يجللها، لم تدر كم من الوقت مر عليها و هي على هذه الحال.

انتبهت لخطوات تقصد القبو، قفزت من مكانها مستنفرة، وجدت أمها و خالها أمامها، تجلى التساؤل في أعينهما المتطلعة، صرخا بها: ماذا تفعلين هنا؟. هل حدث لك مكروه؟.

امتقع وجهها و بدا كأن الموت قد اقتاتها.

تلعثمت، قالت و زفير ملتهب يلدغ صدرها: لقد ضللت الطريق و لم أعثر على أحد منكما، قادتني قدمي إلى هذا القبو لأستريح.

ارتمت في حضن أمها، أخذت تنتحب بحرقة، انثال العرق غزيرا من جسدها حتى تبللت ملابسها، قرأت أمها صورة الكرسي في أذنها و استعاذت من الشيطان الرجيم.

مشيا بها يغمغمان في دجى الليل، ترامى لهم نباح كلاب من أطراف الصمت المحيط بهم.

مضت الأيام، أصبحت هذه الحادثة أثرا لجرح عميق كاد أن يندمل، بعد أن أنجبت ابنها الذي لم يشبه أباه في شيء،لكنها فشلت في إبعاد تلك الحادثة عن خاطرها، طنين الذاكرة الموجع يأبى مفارقة رأسها و عينيها، إلا أنه مازال عندما تأتيها الذكرى تتذكر تلك الرائحة ويتموج بدنها بارتعاشة خوف لا تزول عنها إلا بعد أن يقرأوا في أذنها القرآن، و أحيانا تصيبها إغماءة طويلة يتخللها هذيان عن الحجاب و البخور و الشيوخ، و قد شاع عنها في القرية أن هناك جناً راكبها.

كانت تداهمها كوابيس لا تدعها تهنأ بغمضة عين، تحلم بذئب يهاجمها، ينهش صدرها، كلما حاول أحد أن يقتله، يهتاج و يغرز أنيابه في نهديها، يمزقها قطع صغيرة و يتلذذ بمضغها، كلما ارتفعت استغاثتها، أسرع الذئب في نهش  جسدها إلى أن يصل إلى عينها، عندئذ تصرخ و تولول، و تهذى، تتسارع أنفاسها، يتصبب العرق من جسدها، يأتي زوجها إليها، يصفعها على وجهها لتفيق، تزدحم غرفتها بأهل البيت الذين يثرثرون و يتغامزون:

ركبها أسياد الجن .... اضربها و اخرجهم منها ... طلقها و تخلص منها.

 في أحيان كثيرة يتطوع أحد من أهل البيت بإحضار خيزرانة و يقوم بلسع جسدها عدة مرات، و مع كل لسعة تهوى على جسدها، تنمو في نفسها رغبة حادة في أن تبصق على وجوههم جميعا، تبصق على وجه زوجها الذي لم يقدر على وضع البذرة في بطنها، كانت تحتدم بالغل و الغيظ، تمنت لو ترجع إلى المدينة مرة أخرى لتقتله، تبقر بطنه، تمضغ أحشاءه، آه لو تستطيع أن تثأر لكل النسوة اللاتي انتهك أجسادهن و أصابهن بالهذيان و اللوثة و التناغى بالأحزان سرا.

في ليلة ممطرة، ارتدت ملابس زوجها و لثمت وجهها بشاله و كوفيته، خرجت و في قلبها تسرى رجفة خوف، الأرض تصلصل من جريان الماء في مناكبها، كان سيرها يعبر منعطفات ملتوية مخترقا الحقول التى غرقت بماء المطر، صوت الرعد يفرقع عاليا، و وجه السماء ينقشع عن برق متوهج، لفع وجهها الهواء البارد المحمل برذاذ المطر و رائحة الطين، اختبأت في عشة مهجورة على الطريق، حتى انبلج نور الفجر  الذي انتشرت خيوطه في المكان، عندما أصبحت على الطريق خارج البلدة، انطلقت مسرعة إلى موقف العربات، حيث استقلت إحداها، جلست بجسدها الناحل بين الأجساد الغارقة في عرقها و المنكبة على أحزانها، و رائحة التعب تفوح من ثنايا أصواتهم، كانت الشمس قد وصلت الى كبد السماء عندما انطلقت بها العربة.

عندما اقتربت من المكان خلعت ملابس زوجها، و خبأتها في مكان تستطيع الرجوع إليه مرة أخرى، صففت شعرها و وضعت بعض الأصباغ، عندما أذن لها بالدخول، وقفت أمامه صامته و حاولت قدر الإمكان ضبط تأججها فيما كان الشيخ يتمادى في جلب البركة، و ترديد الأدعية و وضع البخور في المجمرة لتستعر نارها. قالت له:

ألا تذكرني يا شيخ؟.

زم قسمات وجهه و اعتراه الشك:

سامحيني... هل شرفتينى بالزيارة من قبل.

أجابت: تقريبا.

فرت عروقه من وجهه:

ماذا تعنين؟.

اقتربت منه خطوة... خطوتين و عندما لامست كتفه، أخرجت من فتحة صدرها خنجرا صغيرا، فاجأته و غرزته في قلبه.  

بعد أن أطمأنت أن روحه فارقت جسده، فتحت الباب، خرجت بخطى واثقة، قالت للخادم:

الشيخ يريد أن يستريح لبعض الوقت، لا تدخل عليه، و لا تدخل أحداً إليه.

أوسعت من خطواتها مبتعدة، عندما اقتربت من المكان الذي خبأت فيه الملابس، التفتت إلى الخلف، سرى في جسدها خدر طافح، طفرت على محياها ابتسامة سريعة، و خالج عينيها بريق به صبوة مجلجلة تمتمت:

هذه ما هي إلا الخطوة الأولى.... ارتدت ملابس الرجال و قادتها قدماها إلى مقام سيدنا الحسين الذي خيل لها أن هناك رائحة مسك تنبعث منه طغت على الرائحة التي كانت تأتيها قبل مقتل الشيخ، تلك الرائحة المسافرة التي ما تفتأ تذكرها بالتعاسة التي عذبتها أياماً و أياماً، الآن لم تعد لها وجود، خرجت إلى حلقات الذكر، انخرطت في رقصة التدويم... الله، الله، الله ! يا دايم.. هو الدايم... إعياء و دوار و تدويم، أحست أنها تصل إلى روح الأشياء... تمتزج بقلب الحياة و شمس الحقيقة، و تغوص في الكشف و التجلى.

 في إحدى الزوايا لمحت شيخاً يقوم بتقديم حجاب لامرأة شابة، اقتربت من المرأة، دارت حولها، شدتها، أبعدتها عنه، قالت لها: لا تثقي في المشايخ، ثقي في الله و في نفسك.

 أطلقوا عليها " الرجل المخنث "، في كل عام في احتفالات مولد " سيدنا الحسين " كانوا يرونها تتقدم الزفة، ترتدي ثياباً رثة مغزولة باليد، حاملة بإحدى يديها البيرق و باليد الأخرى سيفاً خشبياً، بصوت مبحوح تصرخ " يا على، يا حسن، يا حسين.. الله سامع، الله باصر....، الله عالم... يا على، يا حسن، يا حسين......

و في الليلة الختامية للمولد... كانت تطوف حول المسجد تتطوح يمينا و يسارا، يتجمع المجاذيب حولها، يهتفون و يتلوون بأجسادهم... سرعان ما ينضم إليهم العامة من رجال كبار و شباب و صبية يرددون.... الله !.. الله!.... الله..... مدد...