يعود الشاعر المصري المرموق الى لحظة تاريخية فارقة أسست لأفق مغاير في مصر كما فتحت أمام النص الإبداعي إمكانات جديدة، هنا إنصات لنبض اللحظة، لعرس الأمل الذي فتحته..وأيضا دم الشهداء الذين كانوا وسيظلون عرسانها.

قصائد الثورة

فرانسوا باسيلي

سمعت دم الشهيد يقول
تنامى البكاء إلى مسمعي

منكِ في قبري

وتنامى الخرير

ورأسي على حجر

أذراعكِ من حجر أم حرير ؟

راح يرفع رأسي ويحملني للسرير

وينثرني للجبال الحبيبة

فتمر الخيول التي عبرت فوق جسمي

لأسوار طيبة

وناي بكى فوق ضفة نهري

سمعت نحيبه

فقلت : لماذا البكاء ؟

ألم تعرفي أن موتي فصل يمرُّ

وأن جباه الغزاة تخرُّ

إذا ما تهاوت قباب الممالك

واحتدم الأمر

وأني أجيء  إليك

معي الدهر والنهر والزهر

ولي نجمة تتصاعد

لي قمر

ومركبة العرس فوق السحابة

تنتظر

وتحط عليها الشموس

وأنت العروس

أنت الجميلة

يا مصر .

 

 

زهرة لوتس تقوم من نومها
دعيني

أدخل التاريخ من أضيق بابْ

وعلى أسوارك العليا أخرّ مضرجا

من وطئة اللمسات من أناملك

المشعة بالعذاب

أو على عتبات هيكلك المدمى بالذبائح

والمدائح

آتيك أحمل ناي قلب مثخن

بالمحن الكبرى وآيات الغياب

فعلى أي ذراع أرتمي

مستسمحا ؟

وبأي كف أمسح الجمر الذي في وجنتيك

وأزيل عن قدميك أشواك الهضاب ؟

وعلى أي سحاب

أبصر الوحي الذي

أوحى لقلبك  بالتراتيل

وأقرأ سر بعثك في أي كتاب ؟!

وعلى أي ضفاف أستريح

وليس هذا النهر نهري

ولا أرض المنافي هذه أرضي

ولا المدن الغريبة والقباب

 

دعيني

أعبر البحر الذي بيني وبينك

واليباب

هل أبدأ التاريخ من حيث انقضى؟

وأعيد ما عبرته أزمنة

وواراه التراب ؟

أيعود يوما ما مضى ؟!

سأمر من أضيق باب

للمخدع السري حيث رقدت دهرا

في حرير للأساطير العذاب

وأركع لامسا ثوب المحبة والرغاب

فتقوم زهرة لوتس من نومها

في راحتيك

وتطل شمس من ربى نهديك

ويسيل نيل

حاملا طفلا جميلا كالشهاب

فأقول:

يا مصر هذا وعدك الآتي

وسر الموت والبعث

انهضي

للفجر من أوسع باب

 

 

يظهر الثائر فجأة
من دعاك هكذا

أن تدفع الأبواب داخلاً

تقتحم البهو مطالبا

بوردة الخبز

وذهب الأسطورة ؟

مهرّولا فى ساحة القصر

فاتحا أبوابه المحظورة

أشعث الشعر تلوح فجأة

عشرين مرّة على المرايا

بالقاعة المسحورة

داخلا وخارجا من كل صورة

مجرجرا أثمال حلمك الضائع للأبدْ

وسيفك الخشبيّ

خاشعا

تركع لاثما يد الأميرة

فترتعدْ

إذ تذوب شعلةُ القبلة فى الجسدْ

وتنظر الجنون فى عينيكَ

والملاحم المثيرة

فتذرع الأميرة القاعة فى اضطراب

وحسد

تقول: من هذا الذى أتى

من غير دعوةٍ

لايشبه أحداً

ولايشبهه أحدْ ؟

أصابني بسهم نازف بالوجد

هل هو أمير مارقٌ ؟

أم هو غريب عاشق ؟

هل له إله ؟ والد ؟

أو عنده ولدْ ؟

أشاعرٌ مجنون؟

أم فارس أصيب فى معارك بلا عددْ ؟

أم أنه نبيٌّ صارخ بالحق

معلنا عهدا جديداً

ماحيا تمائم الشرائع المكسورة ؟

أم أنه الحلم الذي

يطلع كالنافورة

من جسد البلاد

ماحيا كل حكمة قديمة

وكل حيرة

أم أنها الصحوة الكبرى على يديهِ

والثورة الأخيرة !

***

من دعاكَ أن تقتحم البلاد هكذا؟

تهيّج الحقول والقرى

وتبعث الموتى من الرقاد ؟

من دعاكَ

تشعل الأسوار

تخطف الأنوار

تكشف الأسرار والسريرة ؟

تقلق المضطجعين

الرافلين فى دثار الراحة الوثيرة

ولا تقول غير الشعر؟

والشعر نارك الهوجاء

روحك الكسيرة !

***

فجأة

وبدون إذن

يظهر الغريب

طالعا من جسد الأسطورة

من رحم الوطن

ناطقا بالشعر

داخلا للقصر

فاتحا أبوابه المحظورة

طالبا يد الأميرة.

 

شاعر من مصر {مقيم في أمريكا}