هذه نصوص تنصت لراهنها وتلتقط تفاصيل اليومي وبهاجس قصيدة النثر، قصائد لا تتكلف في رؤاها، ولا تستدعي مجازات اللغة بقدر ما تنسج من تقنية الحكي خيطا ناظما، لقصيدة تقربنا من شجون الذات تحاول لملمة التفاصيل المركبة أمامها، وتفتح لنا أفقا جديدا على قصيدة ضاجة بآمال شاعر شاب.

قصائد

عبدالواحد مفتاح

في الساعات الوديعة

 

في الساعات الوديعة

غالبا ما لا يتدلى حزن العالم من نافدتي

وأتمدد في المكان إلى هاوية الحب

وما يصيبني من حياة

عيناي إلى السحب العابرة

وقلبي إلى ما يتموج فيه


في استراحة العشق حد التعب

ويداي دونما وردة

 

في الساعات الوديعة

أتدثر بالصدق

وأحمي نفسي من الشعر والخطابة

أواه

هاهي كروم العزلة تورق

في مهب الغياب

وتحملني المدينة إلى حاناتها الصغيرة

حيت أجلس إلى كنتوار اللغة

هناك

 أسامر كأس مخذول

ونادلة

تحتضن المساء بين تفاحتين على صدرها 

وتأتت فتنة هذا المساء

بأحمر شفاه وكعب عال

ومؤخرة تصنع اللذة

ولا تراود الليل عن نفسه

 

لك الفيء أيتها الساعات الوديعة

أيتها المؤخرة

 

لك نسمات الفجر الوردي

وهو يطل على كأس ممتلئ نبيذه بالتيه

وشخص يصير أقل وداعة

وهو يخرج للنهار

ممتطيا الخيبة مجددا

يرمي جثته بين الناس إلى البيت

بلا خطيئة

ولا دراهم

فقط رعشة انتشاء

بالساعات الوديعة

 

 

مئذنة المسجد حزينة

تتطلع

الى السماء العارية

 

 

يساورني

يساورني

أن اكتب شعرا بلا حزن

عل الآخرين يقولوا

ها.. شعر مختلف

ولن أكتب عن ليلى أو سعاد حتى

فقط عبد الواحد

منتشيا يحتفل بنزهة وهمه مع قهوة الصباح

يجلس إلى طاولة بغطاء أبيض لا ورد عليها

صحف الصباح  راديو

ونسيم يعلن انطلاق هذا النهار

لست حزينا وأضحك دونما فرح

لسبب ما

فقط لا أكتب عن الحزن

وأمارس البساطة

في تعاليها على الكلمات

وأفرح باللاشيء

حين تغتصب نشوته صباحي

أرنو الى السماء

تعبت من طول  ليل الحزن في أناي

فارفع أغنيتي

دندنة 

ترعش في ثغر هذا الصباح

حين تبيح القصيدة عارية

أمام مرآة العالم

فتستنير أيامي

وكلامي

يرسل صورة فوتوغرافية

عن شخص

عابت

أو غامض

لا تمحي قصيدته لهيب

أيامنا بماء النشيد

وهي تتشبث بأمل فقير

يتسع فينا ويفرح

حين ترتجل القصيدة

الندى

والياسمين

 

 

صعلوك

صعلوك
صفة تراودني

تسيرني أميرا لكل هذا الهباء

يمتطي حصانا

ويخربش بسيفه في الهواء

فينزف

قلق

يرفع البساطة أعلي من صور الحكمة

ويدخل مدن الروم والسومريين الجدد

ويوجع ليل النائمين بالسؤال

 

يتدلى الهجو من كلماتهم

في همسات صغيرة

 

هاهو إنه صعلوك

يفتح بابا للريح

وأخر لتاجرات الليل

يصطفي فاكهة الكلام

ويفضح عري السماء

حين تنقشع السحب عن ساقيها

وشيئا فشيئا عما تبقى

بلا احتشام

صعلوك صفة في كلامهم

تصنع لك حياة خارج النص

والكلمات المبتدلة

ويصيرونك شهيد ليلك الجنوني

في حفلات العزاء المستهلكة

غير أني أحمل صفتي

ومالا يقدس من ليلي حين يزأر بي

استعد للفجر ومسرح النهار

 

حبلت بك وتعبت من صفتك

جد جهة للكلام أو النساء

اخترع جغرافيا تطوحك بلا شرق

وافرح بماء الأغاني في حروف اسمك

 

صعلوك

قالت إحدى الليليات :

أتسامرني كأس اللذة في وردة هذا الليل

قلت:

بي وجع المدينة حين يقسو عليك ليلها

وبي..
قالت :

اغنم فتاة تتزين بليلها

ودع حلمك يسامر نبيذه

قلت: أ للحلم نبيذ


قالت:

ورعشة حين يشطح به الجسد

دعك من صفتك

وعش لوقتك لحبك

عش للأبد

 

 

إعلان

ها أنا ذا

أعطي الأشياء

ما اكتشف من سرها

هذا فيئي

أمسح الحزن عن جبين العلم

بماء الفردوس حين تورق القصيدة

وأعلن العداء

لبراءة الأكاذيب

حين يألفها الوقت

عاريا كما العشق

أجد اسمي مرفوعا

على أبواب المعابد والكنائس

حين قال أن الأقنعة

لا تصنع أن تكون زيا رسميا

فغدا محروما من نسائه

وسيجوا المدينة من نشيده

و أحكموا وتاق العصر عليه

من فَيئه تبزغ زهرة التقنية

فتبتعد عن قرب

وتصير كشفا

كما الكشف الصوفي

تصير شطحا وتقربا لآلهة الوقت

فابزغي يا وردة التقنية

ودعي اسمي معلقا

ينبئ عن شرق الأنبياء

عن ماض يمسك حاضر قوم

من خصيتيه

ويقول له

لا تذهب..

 

شاعر من المغرب