(1)
في المقْهى
لا أحد يَعْصِرُ غَيْماً
أوْ يُطْعمُ شهْقَتَهُ
لِطُيورِ الصَّباحِ
و لا أحد
يستجيرُ بهِ المارَّةُ
فيُظِلُّ العِطْرَ الذي تَضَعِينَ
على كَتفِ الورْدةِ!
(2)
في المقْهى
لا أحد يرفعُ نايَهُ
كيْ يَمرَّ الرُّواةُ
إلى موتِهِمْ في هدوءٍ
لا أحد يتألَّمُ
لا أحد يفرحُ
أو يربِّي صَنَوْبرةً لِحَبيبتِهِ!
(3)
في المقْهى
تنمو أعشابٌ بيضاءُ
على قامَتِي
كلما اعْتذَرَتْ شُرْفَةٌ
عن لَفْتةِ عَاشِقٍ
وَ لذلكَ يسْقُطُ منِّي
بُخارٌ كَثيفٌ
بِطَعْمِ الدَّمِ!
(4)
في المقْهى
أُعيدُ السَّهْوَ إلى الْعابرينَ
لكي يُدْرِكُوا أنَّ الأرضَ
تَقُومُ على أرْبعٍ:
حافةٌ
و دمٌ سائبٌ
و بَقايا لهاثٍ
و امْرأةٌ ذاتُ زَرْعٍ كثيفٍ
بعْثرهُ حَكيٌ طارئٌ!
(5)
في المقْهى
أُقَشِّرُ ظِلِّي
أقشِّرُ جَمْرَ النَّهَارِ الذي
كانَ ـ فيما مَضَى ـ حَجَراً
جَرَحَتْهُ الصَّبايا بِسَوْسَنِهِنَّ
أقشِّرُ ما يقْلقُ الغائبينَ
لعلَّ سنابلَهُمْ تطرحُ
دمعاً في يدي!