يخصنا الشاعر المغربي بنص شعري جديد، وهذه المرة في مديح مراكش المدينة الملهمة للشعراء هناك حيث يرقد المعتمد بن عباد وحيدا في أغمات، لذلك تتحول القصيدة في النهاية الى نقطة تواشج، بين كينونة الشاعر والمكان في حلول صوفي خاص..

غَيْمةُ ابْنِ عَبَّادٍ

فتح الله بوعزة

 

لَنْ أَسيرَ إلى جَانِبِيْ

أَبعدَ مِمّا سِرتُ

أَتْعَبَنِي هَذا الْمَدْعُوُّ أَنَا!

 

بأصابعَ بَاليةٍ

يَحْرُثُ الْوَطْءَ الْوَاصِلَ 

" جيليز" بِغَيمِ "ابنِ عَبَّادٍ"

و بَقايا الضَّفائِرِ

والأولادِ المنْدفِعينَ إلى نخْلِهِمْ

مُنهكينَ 

كأنَّ "إسيلَ" أشارَ إليهمْ

حتى إذا اقتربوا و تعالتْ أصواتُهمْ

أهملَ عُشبَهُمْ بالجوارِ

و يمَّمَ رغوتَهُمْ شطرَ الحافةِ!

 

لكأنَّ  "إسيلَ" إلهٌ قديمٌ

 هلاميُّ الخطوِ

موصولٌ بِبَقايا عواءٍ كثيفٍ

يأكلُ أطيبَ ما فِي النسوةِ من غضبٍ:

شفتانِ بطعمِ الأسْطورةِ

و جدائلُ مغموسةٌ في الرُّعافِ

و نهدٌ بريٌّ فرِحٌ بعصافيرهِ

و لهاثِ عصافيرهِ

بين الطِّينِ والإسْفلتِ

هنالكَ، حيثُ تضيقُ الأرضُ

 بغيمِ "ابنِ عَبَّادٍ"

وخُطى الأولادِ المندفعينَ إلى نخلهمْ

فَرِحينَ

بغاراتٍ تُرفعُ فيها

 شارةُ النَّصْرِ بالمقلوبِ

و لا مطرٌ هذا العامَ...

مراكشُ توقظُ صيفَها

وَ ثغاءَ الموْتى

توقِظُ لغْوَ الخيولِ

 و ما في اليدِ منْ لهاثٍ

و لا مطرٌ نودعُهُ أحداقَ الموْتى

أو نصحَبُه في الطريقِ

إلى نجمةٍ زرقاءَ

تليقُ بأوتادِ "زينبَ"

إذ تفتحُ للنسيانِ بابا

 و تحْبُو إلى أثرٍ باقٍ

من "إسيل" على جبْهتي!

 

لَنْ أَسيرَ إلى جَانِبِيْ

أَبعدَ مِمّا سِرتُ

أَتْعَبَنِي هَذا الْمَدْعُوُّ أَنَا!