ساعدت كثيرا، المواقع الأدبية علي الشبكة العنكبوتية – بما أتاحته من سهولة النشر في انتشار ما سمي بـ ال ( ق ق ج ) ، واحتار الكثيرون فيما إن كانت هذه النوعية من الكتابة تندرج تحت لواء القصة القصيرة من عدمه ، وثار الكثير من الجدل النظري ، والتخبط التطبيقي عند التعرض لمثل هذه المحاولات ، كان آخرها كتاب جديد ظهر للكاتبة الشابة "منة الله سامي " تحت عنوان " حمراء مستديرة "[1] . حيث خضعت لندوة مناقشتها بنادي القصة ، وتعرض فيها بالحديث ثلاثة آراء . رفض الرأي الأول أن يطلق اسم قصة علي الكتاب ، وآثر استخدام " كتاب " . واستورد رأي آخر قالب نقدي مستورد لما يتصوره اشتراطات القصة القصيرة جدا ، وراح يصب ما احتواه الكتاب في هذا القالب ، ربما ليؤكد عالمية هذه الكتابة ، أو عالمية الكتاب محتوي المناقشة . أما الرأي الثالث فتناول هذه الكتابة بشكل يؤكد أهم المآخذ علي ما يسمي بالقصة القصيرة جدا .
فإذا ما تناولنا هذه الآراء بالتحليل والتفنيد ، نكون قد وضعنا هذه ال ( ق ق ج ) تحت المجهر ، وأخذنا أهبة الاستعداد للدخول علي " الحمراء المستديرة " التي فجرت تلك الإشكالية .
فالرأي الرافض لل ( ق ق ج ) معه كل الحق ، حيث يختفي من هذا النموذج العديد من عناصر القص ، التي يأتي في مقدمتها المتعة والإشباع ، الذين هما عماد الإبداع بكافة وسائله . وإذا إدعي مؤيدوها بأن كل شئ يتطور ويتحور في الحياة ، فإننا نرد عليه بأنني عندما أريد اللإلتحاق بإحدي المؤسسات ، فإنني أتقدم إليها بشروطها لا بشروطي ، وعندما ألتحق بها يمكنني بعد ذلك أن أطور فيها ، لا أن ألغيها كلية . فإذا كانت ال ( ق ق ج ) قد تخلت عن أهم اشتراطات اللإلتحاق ، فإنها بالطبع سيرفض قبولها .
أما المحاولة الثانية في تناول الحمراء المستدير ، وهو تصنيع القالب النقدي بخامات مستوردة . فالرد عليه ينبع من الحقيقة المعروفة بأن الإبداع هو الذي يحدد مقومات الحكم عليه ، وليس العكس ، وأن العمل الإبداعي – خاصة عند المبدعين الذين قطعوا أشواطا في العملية الإبداعية يضيفون عليه ما ليس بالضرورة في النظريات القائمة ، ويصبح علي النقد أن يستخلص الأضافات ، أو الجديد الذي يثري النوع الأدبي الممارس . فضلا عن أن في استخدام هذا الإسلوب في النقد ، خاصة مع المبدعين الجدد ، قد يضللهم أكثر مما يفيدهم ، حيث لا يلتفت إلي المخرجات من النص ذاته ، وإنما تضاف عليه ، بمعني أن استخراج جماليات النص تكون – في هذه الحالة – مقحمة عليه ، لا نابعة منه ، وهو ما قد يضلل الكاتب الجديد .
فإذا ما انتقلنا إلي الصوت الثالث في الندوة المشار إليها ، وهو الذي يؤكد أحد أهم المآخذ علي ما سمي بال ( ق ق ج ) ، وهو أنها تعتمد ( كسل ) المبدع ، ومحاولة إلقاء العملية الإبداعية برمتها علي القارئ . وهو ما يمكن تشبيهه برأس موضوع الإنشاء الذي كان يمليه مدرس اللغة العربية علينا في الفصل ، ويطلب من التلاميذ الكتابة حول هذا الموضوع ، فاقتصر أو اختزلت القصة القصيرة ( جدا ) إلي السطر الواحد أو الجملة الواحدة ، وتركت للقارئ استخراج الدلالات والسير وراء التأويلات التي يمكن استنباطها من هذه الكلمات القلائل . وعلي كل قارئ أن ينسج قصة حول هذه العبارة من عندياته هو ، ووفق رؤاه وتصوراته هو ، الأمر الذي يفقد الكاتب أو المبدع في هذه الحالة أن يكون صاحب قضية ، أو صاحب رسالة ، أو رؤية محددة .
فإذا ما تأملنا نموذجا لأحد كتاب هذا النوع لأحد كتاب أمريكا اللاتينية وهو " أوغستو مونتيروسو " والتي نصها { وحين استيقظ كان الديناصور لايزال نائما بجانبه } وانتهت القصة المفترضة . وعلي القارئ اللجوء لمخزون تجاربه .
وقد راح الصوت الثالث – في الندوة – في استقراء ما بين السطور وما فوقها وما تحتها ليخلق من بضعة سطور ، ما يملأ حجم رواية . فإذا كان قد فعل هذا ، ففي كم من الوقت توصل لهذه المعاني وهذه الرؤي ، وهو الناقد ، وكم سيستغرق القارئ العادي ، وإلي ما سيصل ؟ ثم ...... ألا يتذرع مؤيدي هذا النوع من الكتابة بأنها تساير العصر الذي يمكن وصفه بعصر ( الساندويتش ) فأرد عليه . وهل طبيعة العصر تسمح لي أن أتناول الساندويتش في دقيقة أو حتي ثلاث دقائق ، وأمضغه – حتي أستطيع هضمه – في نصف ساعة أو حتي الساعة ؟
وحيث ألا شئ ينشأ من العدم ، وحيث أصبح من المألوف " الكتابة عبر النوعية " أو تداخل الأنواع الأدبية ، فأصبح كل نوع أدبي يستفيد من غيره من الأنواع ، وحيث لا يقع السرد فيما وقع فيه الشعر فأنشأ ما سمي بـ " قصيدة النثر " وهو ما أشبهه بـ " الجنس الثالث " حيث يجمع بين " القصيدة "( المؤنثة ) كنوع أدبي ، وبين " النثر" ( المذكر ) كنوع أدبي، أو أنواع أدبية أخري. فلماذا لا نعلنها بوضوح بأن نوعا أدبيا نثريا يولد من رحم الأنواع النثرية القائمة ، والتي تقود إليه " منة الله سامي " – ربما دون أن تقصد – من خلال كتابتها في " حمراء مستديرة " ؟
ولننظر كيف :
كتبت" منة الله " تحت عنوان الكتاب الرئيسي" حمراء مستيدرة "عنوان يقال أنه فرعي، " ومضات قصصية " .
فإذا كنا قد اعتدنا أن يحدد لنا الكاتب والناشر علي غلاف العمل ، النوع الأدبي الذي يدعونا لقراءة عمله علي أساسه مثل " رواية " أو مجموعة قصصية " أو قصص أو شعر .. إلخ ..
فإن النوع الأدبي هنا قد تحدد ب " ومضات قصصية " أي أن الكاتبة لم تدع بأنها كتبت قصة قصيرة ، أو ق ق ج ، أو متتالية قصصية أو ما إلي ذلك . أي أنها تكتب ومضات بنكهة القصة، أي لمحات سردية. فإن كانت هذه اللمحات أو الومضات تحمل شكل ما شاع تحت مسمي ( ق ق ج )، وفي ذات الوقت تحمل نبض القص أو السرد، فلماذا لا تكون هذه بداية لنوع أدبي حديث علي النقاد البحث في خصائصه المميزة، علي أن تستخرج من مثل هذه النماذج وتصبح دستورا يحدد ملامح هذا النوع الجديد، والذي أستطيع أن أستخرج بعضه من خلال " حمراء مستديرة " .
1 – قصر المساحة الكتابية
وإن كانت المساحة الكتابية لا تعد شرطا جوهريا في تحديد النوع الأدبي، فقد رأينا العديد من القصص القصيرة يصل عدد صفحاتها إلي أكثر من عشرين صفحة (عند بهاء طاهر وسعيد الكفراوي وفي المجموعات الأخيرة للمخزنجي). كما رأينا عددا من الرويات قد لا يزيد عدد صفحاتها عن الستين أو السبعين صفحة. وفي كلا الحالين كان هناك الحفاظ علي النوع الأدبي.
إلا أن ما نعنيه بقصر المساحة الكتابية هنا، ألا تتجاوز القصة القصيرة الصفحة الواحدة، وهو ما قامت عليه المحاولات الساعية لخلق نوع نثري جديد، وهو ما نجده في مجموعتنا "حمراء مستيرة هو الصفة الغالبة . وهو أيضا ما يناسب التسمية المقترحة " ومضات قصصية " .
2 – الحركة في السكون
وأؤكد علي استخدام حرف الجر(في) وليس(من) فالأخير هو الذي يسير الفعل في القصة العادية المعروفة. أما الأول (في) فيؤكد الثبات الظاهري ، والحركة الباطنية .
وإن كانت مجموعة " حمراء مستديرة " تضم عددا من النماذج، إلا أني أتخير منها " " اللون القرمزي " و قد جاء استخدام هذا اللون كعنوان للومضة ، موفقا إلي حد كبير ، حيث اللون القرمزي هو درجة من درجات ( البنفسج ) وهو لون التفتح والحب. وهو ما انعكس علي الساردة المتوحدة أمام مرآتها، والمتعطشة لممارسة الحب. غير أن الطرف الثاني – حيث تقوم هذه العلاقة في الحالة السوية علي طرفين – غير موجود. غير أن الرغبة تصور لها وجود رائحته، ورغم أن الآخرين يرون في هذه الرائحة ما ينفر، إلا أنها هي تراها قوة جذب، ومنبه للرغبة. وتبحث عن هذا الآخر، فتجسد رائحته المتوهمة ، وجوده ، بل وطغيانه، فتبدأ في الممارسة بنفسها، ولنفسها. إلا أن هذا الآخر، والذي يمكن أن يكون هو الآخر فعليا ، أو أن هذا الآخر هو الرقيب (الوالد أو المجتمع أو الضمير، بل وربما الخوف) يظهر من الغيب ليصفعها، وليكبت حركتها ورغبتها. فتتبدي طبيعة الأنثي، أو طبيعة الرغبة، أو قوتها وسطوتها، فتنحني علي قدميه لتقبلهما.
وسر اختيار هذا النموذج تحديدا ، هو حيوية الفعل وقوته، فضلا عن رمزيته. ورغم هذه القوة، وهذه الحيوية، فإن فعلا حقيقيا لم يقع. وإنما تم الفعل بكليته في الجوانية. فقد أكون جالسا بجوار آخر، وفي لحظة يدور بداخلي رغبة في قتل آخر، وأرسم سيناريو لعملية القتل، وأتمها، وأتنبه فجأة علي مجاوري يحدثني. وربما أتواصل معه، وكأن فيلما كاملا تم بداخلي.
وهذا العنصر هو ما يمكن أن ننقذ به ال ( ق ق ج ) من السقوط في حبائل الحمكة، أو الطرفة، أو اللغز. ويدخلها في حيز القص.
3 – التشكيل النفسي
تميزت مجموعة الومضات " الرومانسية " كما سماها د جمال التلاوي في الدراسة الافتتاحية – رغم تفضيلي لمواجهة قارئها بمفردها، دون الاستناد علي دعائم خارجية – ، أقول تميزت هذه المجموعة من الومضات عن غيرها، بالقدرة علي التعبير عن الذات، الفردية، والإنسانية ، فجاءت غنية بالمشاعر والأحاسيس، وفتحت أفقا واسعا للتخيل والتصور عن طريق تشكيل اللحظة النفسية، والتي تتفق مع (الومضة).
فإذا ما تأملنا الومضة تحت عنوان " حبيبتي " نجد الكاتبة استطاعت رسم لوحة تشكيلية للمرأة في لحظة وحدة واشتياق، كيف تكون مستلقية، وكأنها الأرض العطشي في انتظار الري. ثم تتخدر مشاعرها وأحاسيسها، لتخيلها أنها تسمع كلمة " حبيبتي " مِن مَن تود سماعها منه.
ومثل هذه الومضة، تمنح رائحة القص الذي هو المادة الخام التي عليها تنبني القصة القصيرة، كما تمنح المتعة القرائية المفتقدة فيما يسمي ب ( ق ق ج ) حيث تعطي الإشباع النفسي والجمالي في ذات الآن – فضلا عن توافر العنصرين السابقين -.
4 – الشعرية
من أهم ما تم تداوله بين الأنواع الأدبية، ما استعاره النثر من الشعر، فازداد به غناء وعمقا، هو الشعرية. حيث أصبح من الممتع استخدام تلك الخاصية في الكثير من الأعمال السردية.
وإذا ما تأملنا ومضة " عين " في مجموعة " منة الله " . نتبين أنها في ظاهرها تبدو منتمية إلي ال ( ق ق ج ) ، في التباعد بين مفرداتها، الأمر الذي قد يشتت العابر ولا يجد علاقة حتمية بين تلك المفردات. إلا أننا بعرضها علي مجهر الشعرية، نجد ومضة برائحة القص ترمي لما هو أبعد من السطح، ونكتشف أننا أمام تجربة إنسانية بدرجة عطيمة، أعطتنا " منة الله " مفتاحها باستخدام جملة موحية تفتح نافذة الرؤية علي أوسع مدي. والومضة يصعب عرضها، وحيث أن مساحتها الكتابية لا تستغرق حيزا كبيرا ، فأري أن أقدمها بنصها :
{ أغلق عيني .. تنام أهدابي في سكون .. يصطدم الجسم الغريب بالعربة .. تموجات الطاقة تهز جفني ليتحركا حركات سريعة خفيفة .. تتماشي ونبضات ذلك الجسد .. وعندما تضطجع رموشي في سبات هادئ .. أعلم مدي سرعة تحطم ضلوعه.. تهشم أطرافه .. تناثر أحشائه وعلامات التبقع التي تركتها دماؤه علي وجه السائق .. أباعد بين جفني لأري الشوارع .. حلة السائق وحقيبة يدي تتشح بالبياض .. أصلح زينتي في المرآة وأغمض عيني ثانية عندما أري جسدا أزرق يقترب من العربة}.
استخدمت " منة الله " مجموعة من اللألفاظ والتعبيرات الموحية، والتي تقود إلي ما هو تحت السطح. ففي البداية نجد ( الجسم ) معرفا، أي أنه محدد ومعروف. وفي النهاية يتحول هذا الجسم إلي " جسد ". ثم {عندما تضطجع رموشي} يحيل استخدام لفظ الاضطجاع مباشرة إلي الجسد، وليتحول المشهد به إلي توحد بين العربة، والراكبة، تؤكده الساردة عندما { أباعد بين جفني} لتحيلنا الصورة إلي إمرأة تباعد بين ساقيها . وليدخل المشهد إلي عمق المرأة، ويتحول إلي حالة شبقية، دون جرح للمشاعر أو خدش لحياء. أي أن الكاتبة استطاعت أن تعبر عن مشهد أو رؤية تدخل في عمق التابوهات، إلا أن التعبير جاء (بشعريته) ليتحول إلي لمس خفيف لمشهد عادي يجري في الشارع. ولتتحول الومضة إلي عمل إبداعي، يعبر عن جوهر وروح المرأة، أو الإنسان عامة.
أستطيع أن أقول أن مجموعة ومضات " منة الله سامي " علي الرغم من احتياجها للكثير من مراجعات اللغة والإملاء ، وتدقيق عملية الاختيار لتكون المجموعة متوافقة لتعطي إحساسا أو رؤية كلية فيما بينها ، وإعادة النظر في اختيار العنوان ليعبر عن المجموعة ككل ، لا أن يكون مجرد عنوان إحدي الومضات. إلا أنه يكفيها أنها تفتح بابا لعبور نوع أدبي جديد يمكن أن ينقذ ما يقع فيه أصحاب البدعة المساماة ب "القصة القصيرة جدا" وفي ذات الآن تحافظ علي نبض السرد عامة، والقص خاصة. فضلا عن الإعلان بميلاد مبدعة واعدة سوف تثقلها الخبرة والتجربة.
وفي مجموعتها الرابعة "كِمِت"[2] تثبت منة الله سامي، أنها خرجت من عباءة الذاتية التي تصاحب الكاتب في بداياته، إلي الرؤية الجمعية الأوسع، منذ عنوان المجموعة "كمت" أي مصر الفرعونية، لتحدد لنا منذ البداية أنها مهمومة بمصر، بل بمصر العميقة. وتزيد الأمر إيضاحا بما أتبعت به العنوان الرئيسي بين القوسين (قصص من الأرض السوداء). وكأنها تحاول نحت قصصها من طين الأرض، في بكارتها. إلي جانب محاولتها تطوير شكلها الإبداعي.
فنري في أولي قصص المجموعة "سطوة الكهنة"، وقد خرجت عن فكرة الومضة، مع ثاني قصص المجموعة "كِمت" –التي عادت إليها في باقي قصص المجموعة – حيث ترسم لنا خطان متوازيان، أحدهما قد انغرست به في عمق التاريخ، والآخر تسير به علي سطح الواقع، مريدة بذلك أن تعمق رؤيتها للواقع المعاش، مجذرة إياه، فما نعيشه اليوم، ليس ابن اليوم، لكنه ممتد الجذور.
يسير الخط الأول مع الملكة "نفرتيتي" وقد رأت فيما يري النائم، خطرا داهما يهدد أرض مصر. مشيرة إلي الفرعون اللغز "توت عنخ آمون" الذي يمثل اول جريمة اغتيال، أو خيانة في العصر الفرعوني، حيث اثبتت الدراسات موته المبكر، واكتشاف بعض الكسور في عظم الفخذ والجمجمة، خاصة أن وزيره، تزوج من زوجته بعده، ونصب نفسه فرعونا علي البلاد. وعلي الخط الثاني –الموازي- نجد إحدي السائحات تتجول في منطقة "تل العمارنة" السياحي ملتقطة صورا لتلك "الأطلال"وتتخيل ذلك العالم الفرعوني الذي عاشته الملكة نفرتيتي واخناتون "يتعبدان لإلاههما الواحد". مشيرة إلي بعد الرؤية للإله الواحد، وإلي وجود العبادة الصحيحة، رغم محاولات "الكهنة" الاستيلاء علي السلطة، وتسيد المشهد. الممتد من تلك القرون البعيدة، والمستمرة إلي عصرنا الحالي. في رؤية جد عميقة، وجد متباعدة عن المباشرة. مانحة إيانا متعة التأمل في واقعنا المعاصر.
وفي ثاني قصص المجموعة "كِمِت" والتي منحت المجموعة اسمها. نسير علي نفس الخطين المتوازيين، القديم والحديث. حيث يبدأ المشهد بالآن. أربعة يحضرون روح الفراعنة، التي تأتي غضبا علي ما تم عليها من خيانة {أين تمائمي وتابوتي الذهبي؟ وكيف تآمر عليَّ كبير الكهنة وألقي بي في هذه المقبرة الوضيعة؟! ... الخيانة مكتملة الأركان .. استبدلواجسدي النبيل بآخر لأحد الخدم}. ونتعرف علي أسباب غضب الفراعنة الذين شيدوا حضارة من أحفادهم الذين ضيعوا هذه الحضارة. لقد تغير كل شئ.. بالطبع إلي الأسوأ. حيث تتجه الأصابع في تشويه الصورة والسرقة إلي الكهنة. كهنة العصر القديم، وكهنة العصر الجديد. حيث تصبح الصورة الآن{ما هذا الصخب، وما هذه الأكوام من القمامة؟ وما بال المصريين يرتدون تلالا من أقمشة رديئة تفتقر إلي الذوق؟ ... يطلب منها أن تأخذه إلي بلاده.. بعيدا عن أرض الأعداء المتخلفة.. يخبرها بأنه لا يصدق أن النهر هو نيل كِمِت.. لن يصدق ضياع أعوام من الانتصارات والتقدم..}.لقد أصبح المصريون اليوم أعداء. لأنهم فرطوا في مجد كان منذ قرون. تحولت الحضارة إلي فوضي وغياب للإحساس بالجمال. وتجسد منة الله الصورة في مشهد الختام، فيما يفعله المصريون بأجدادهم العظام{ تحمل الروح جسد رمسيس الثاني المهيب، وترتفع به في السماءوسط عيون ذاهلة وطلقات نارية طائشة}. فإذا كان المصريون في عصرنا قد حاولوا استحضار روح رمسيس الثاني، بعظمة تاريخه وانتصاراته.. غير أنهم أماتوه من جديد، فهرب مرة أخري... إلي السماء.
وفي نفس الإطار تبرز صورة ما حدث من تغير للأسوأ في قصة "ضيق السبل" والتي نحا عنوانها نحو المباشرة غير المطلوبة، وغير الكثيرة في المجموعة. حيث تحصر القصة في باب (الاجتماعي). رغم أنها توحي بما هو أبعد من ذلك. حيث نعثر علي خطين، أيضا، لكنهما هنا، متتابعين، حلا أحدهما محل الآخر. فنتعرف علي ضاربة ودع، تغير الحال بها، بعد ظهور "الشيخ حسان" في إشارة إلي الرموز السلفية التي تسببت في قطع رزقها. لا لمجرد أنها خرافة، وأباطيل، ولكن لأنه ظهر من يمنح البركات. وكأن الناس قد عرفوا الطريق، فلم يعودوا لتلمسه لدي العرافة. فالشيخ "حسان" يؤمنه لهم. في إشارة إلي سطوة الدعوات السلفية، أو الدعوات الإسلامية.
غير أن كثرة عدد القصص والومضات في المجموعة (26 تجربة)، لم يكن لتنصب كلها في الهم العام. حيث أن امتداد المساحة الزمنية للمجموعة يعرض الكاتب لعديد المشاعر، وعديد المواقف التي تحفزه علي الكتابة. فنراها وقد تعرضت لبعض التجارب الإنسانية القريبة من الذات، خاصة الذات الأنثوية. فجاءت قصص "في قلبها بين الضلوع"، "إسعاف يا ناس" والتي جاءت أقرب إلي الحكمة منها إلي المشاعر، أو الرؤية المغايرة. حيث تقتنص الفتاة المريضة من سيقضي معها اللية، محاولة أن تداري ما بها من مرض. غير أن الفريسة هي التي تمرض، ولم يستطع الرجل إكمال ما بدأه.. رغم ما معه من مال. فتخرج لتصرخ طالبة الإسعاف.
و"لم أعد أحتمل" والتي تتناول القصة العادية والتقليدية لإمرأة تنتظر زوجها الذي يخبرها بأنه سيقضي ليلته مع الأخري.
و "استعادة" والتي تستعيد فيها الساردة مشاعر الأنثي التي ذهبت بها السنون، واشتاقت لجلسة الحبيب تستمع منه ما يسكرها، متناسية فعل الزمن علي وجهها ورأسها، لتستفيق علي صوت ابنتها تناديها {ماما}. والتي تنجح فيها منة الله علي إحداث الحركة في السكون. فالسنون تمر، والأحداث تتوالي، بينما الساردة في موقفها أمام المرآة، ساكنة والزمن يمر. فجعلت من اللحظة موجات تتدافع في الأعماق، بينما الخارج ساكن في تأمل.
وقصة "هبة" التي يدفع الفضول رجلا –فيها- للتلصص علي المنتقبة، رغم من معها من البنات الأربع الصغيرات. لتنتهي بهبتها واقفة ورافضة لفعل المتطفل. ولتنتهي القصة دون حدث لافت، أو رؤية مغايرة.
كذلك جاءت نهايات المحاولات القصصية في نهاية الكتاب (وهو ما يقع فيه الكثير من الكتاب والكاتبات، ويبدو أن تعجل الكاتب/ة لإخراج الكتاب يلجأ لاستكماله ببعض التجارب السابقة أو غير الناضجة) فجاءت هذه المحاولات أقرب إلي ال(ق ق ج) أو القصة بدون قصة. وإنما مجموعة من اللوحات مثل"رحلة الصعود"، "في الترام" و "قفزة" التي نري فيها الفتاة وهي تقفز في حمام السباحة بمهارة، ثم ينتهي المشهد بقبلة فرنسية. لتنفصل النتيجة عن المقدمة، دون أن يحمل المشهد رؤية أبعد مثلما رأينا في القصص أو الومضات السابقة.
وفي مشهد "علي الحافة" نراها وقد استغرقتها الذكريات، ثم تري حفل زفاف يعيدها إلي ليلتها الأولي. ودون –أيضا- أن نري رؤيا أبعد من مجرد المشهد الخارجي.
وأيضا في مشهد "اكتشاف و "أخيرا" نتعرف عليها وقد انفصلت عن زوجها (روحيا) رغم اغتصابه لها جسديا.الأمر الذي يدفعها في النهاية لغرس النصل في رقبته. لنصبح أمام ملخص رواية كلاسيكية، خالية من أحاسيس الأنثي التي أجادتها منة الله في "حمراء مستديرة.
السمات العامة
يأتي أولي السمات العامة في المجموعة، ما يتوافق مع الرؤية الجمعية، والانشغال بالهم العام، حيث يسري في العديد من ومضات المجموعة، ما يشكل حالة البلاد علي أجوائها، بما يعتريها من غموض وتخبط يكاد يضيع الهوية.
فتأتي مثلا بداية ومضة "تسلل العناكب" هكذا {تغرق المدينة في الظلام .. يتسلل عنكبوت ضخم ...} فضلا عن رمزية العنكبوت بهلامية خيوطه وتطفله.
وتبدأ ومضة "إلي القمقم"{داخل كهف مظلم شديد الوعورة..}.
وومضة "خوف" {الظلام يملأ الشوارع...}.
حتي العناوين، يأتي الكثير منها حاملا نفس الإحساس فنقرأ "خوف"، "القتامة"، "عاصفة"، "إسعاف يا ناس"، "علي الحافة" و.."قفزة". وكلها عناوين توحي بالغموض والتوتر والخوف وغياب اليقين، الذي يعيشه المصريون في الحالة الراهنة.
فإذا ما نظرنا إلي النصوص نفسها، نجد في ومضة "قتامة" وقد نفث المارد أنفاسه في الهواء، فعم التراب وغطي الأشياء، وأصبح كل ساكن ومتحرك رماديا. أي لا لون واضح. وهو ما يوحي بغياب الرؤية. ثم تقدم الكاتبة مفتاحها للدخول إلي تلك الرؤية {يمضي المغيبون كل في طريقه}. وبمقارنة ذلك المفتاح مع ما جاء ببداية الومضة {ينفث المارد أنفاسه}. والمارد هو ما يخرج من (القمقم) أي الذي كان محبوسا لفترات طويلة. وهو ما يدفعنا للنظر في شأن الجماعات الإسلامية التي خرجت للسطح بعد سنوات العمل تحت الأرض، والتي تدعو للموت أكثر مما تدعو للحياة. وقد انساق وراءها العديد من (المغيبين) الذين انخدعوا في شعاراتهم، وظنوهم يعملون من أجل الدين. غير أن الكاتبة تفتح نافذة للأمل. فتري أن ليس كل الناس مغيبون، فتري {في أحد الشوارع الخلفية لم تكف النباتات عن النمو.. امتدت جذورها ضاربة في أديم الأرض.. فتشبعت بسر الحياة}.
1- تضفير البعد الثقافي والمعرفي في سياق السرد، ليزيده إضاءة، دون أن يشعر القارئ بأن المعلومة دخيلة أو زائدة علي النص.
ففي "الممر الحلزوني" نقرأ{تضع كفها علي موضع القلب.. ولأول مرة تستطيع فهم نظرية شرودنجر.. فهي تشعر بقلبها ممتلئا وفارغا في الوقت ذاته}.
فإذا ما علمنا أن "إرفين شرودنجر" هو من (حل معادلة بنجاح معضلة تآثر جسيمان أساسيان كموميان هما الإلكترون السالب الشحنة والبروتون الموجب الشحنة والذي يكوّن نواة ذرة الهيدروجين)[3]. أي انه من قال بوجود علاقة بين الشئ وضده. وهي هنا (إمتلاء القلب وفراغه في ذات الآن. وقد استعانت بالجو والمصطلاحات العلمية التي يدفع إليها وجود "شرودنجر" في العمل{يلم إعصار بالسيارة فتبدأ جزيئاتها بالتمدد، ثم التفتت ويخرج من بين شفتيها تأوه وهي في طريقها للتحلل}. فحيث برودة الجو الذي معه يقشعر بدن السائق، فإن جزيئاتها تتمدد، في الوقت الذي فيه تبدأ في التحلل. لتضعنا أمام المتضادات (البرد، والتمدد) وبين(التمدد والتحلل) وكأنها تترجم معادلة "شرودنجر" علي الأحاسيس الإنسانبة.
وفي "خوف" نقرأ{ تُمسك بيدها اليمني كتابا عن الثورة الفرنسية تلصقه بصدرها حتي يكادا ينصهران معا}.وقد استدعت الكاتبة الثورة الفرنسية هنا، لتصنع المفارقة بين دعوة تلك الثورة للحرية الإنسانية، وحيث إلتصق الكتاب بصدرها {حتي كادا ينصهران معا} للدلالة علي تشرب أفكار تلك الثورة، وبين حالة الخوف الواصل للرعب، من مجرد رؤية، وربما تصور رؤية شبح رجل في الظلام. وكأنها تعقد مقارنة، أو مواجهة بين النور الذي دعت إليه الثورة هناك، وحالة الظلام والخوف والرعب هنا.
وفي "أناملي علي جلدها الناعم" لم تذكر الكاتبة اصطلاحا أو اسما مثلما فيما سبق، وإنما أوحت بأنها وجدت (حية) وكل أمنيتها أن تلمس جلدها، رغم ما تتعرض له من لدغها وسمها. لتترك القارئ يبحث عن سر ذلك، وأسباب تلك المخاطرة. فإذا ما ذهبنا إلي التعرف علي المعتقد عن الحية، نجد في الوكيبيديا (الموسوعة الحرة):[ كانت العوام تعتقد فيها خاصيات خارقة للطبيعة، وإذا ملكها الإنسان أو لمسها، فإنه يكتسب حكمة وفهما واسعا]. فالساردة هنا، ورغم عدم ذكر الحية صراحة، وإنما تلميحا، تبحث عن المعرفة، وعن العلم، بطريقة إبداعية. خاصة وأن الكاتبة تحدثت عن الحية وتغيير جلدها، صراحة في "جزاء".الأمر الذي يؤكد أن الحية وصفاتها، في خلفية الكاتبة العلمية.
2- الفانتازيا
إذا كانت الخلفية العلمية قد برزت فيما سبق أن قدمناه. وإن لم يغرب عتها الخيال الإبداعي. فإن تجربة خيالية بحتة لعبتها الكاتبة في "عاصفة" حيث تلاعبت بالأزمنة، وبالشخوص. فإثر عاصفة كونية تري الساردة "رشدي أباظة" رغم رحيله من سنوات. وكأن الزمن عاد للوراء، بينما الساردة علي حالها. حيث تعود إلي منزلها، فتري أمها طفلة تلهو علي بسطة السلم. تتوقف الساردة للحديث مع الطفلة "أمها" فتناديها أمها "جدة الساردة" ناهية إياها عن اللعب مع الأغراب. تكتشف الساردة في جيب بنطالها علبة حلوي. تتذوقها... فتشعر بمرارة في حلقها. لتكشف لنا عن رؤية لذلك العالم الراهن، الذي اختلف مذاقه عن ذلك الذي كان من قبل.
وإن كانت الرؤية قد تبدو مكرورة. إلا أن جدة المعالجة، وسعة الخيال، منحتها جدة وطزاجة خاصة بها. وإن كانت "أكوان" تتفق مع "عاصفة" في تداخل الأزمنة، إلا أنها ليست بنفس الإحكام، كما أنها أقرب إلي الوضوح منها في "عاصفة".
وفي "في قلبها بين الضلوع" وإن كانت الكاتبة هنا قد تخلت عن فكرة الومضة، وامتد بها الزمن، إلا أن الفانتازيا التي تري فيها الساردة، أرض حجرتها وقد تحولت إلي ما يشبه الغابة، وقد افترشت أرضيتها الحشائش والخضرة، في الوقت الذي لا يري زوجها كل ذلك، وما اعتبرها معه (مجنونة). كسر حواجز الزمان والمكان، وتركيز الوجهة علي الرؤية التي تسعي إليها الكاتبة، والتي عادت فيها إلي الهم الإنساني، الملتصق بوجوده. حيث نري زوجة وقد استشعرت الغيرة علي زوجها، جراء تغير حدث في سلوكياته، لم تستطع تحديده {تري في عينيه مشاعر شتي .. ضجرا..مللا.. شفقة.. ..... هل ما أراه حقيقيا، هل يجعلني أتوهم أشياء كي يتخلص مني بسهولة؟ هل يواعد جارتنا الأجنبية الشقراء؟...}. وإزاء ذلك الشعور، يجن جنون الساردة. فتسحب سكين الفاكهة وتغرسها في قلبها بين الضلوع. ولتعبر لنا عن خاصية أنثوية. حيث تطعن الأنثي قلبها، إن هو أذلها أمام من تحب، في الوقت الذي لا يبادلها الآخر نفس الحب، أو عندما تشعربخدش كبريائها، عندما يخدشه الآخر.
المشروع القصصي
إذا كانت العناصر التي سبق تحديدها في الحديث عن "حمراء مستديرة" قد أصبح من السمات العامة التي تميز العديد من الكتابات القصصية، المحافظة علي النوع، والساعية في ذات الوقت لمسايرة طبيعة العصر، الأمر الذي يمكن معه القول بأنها قد أصبحت بعض عناصر القصة القصيرة الحالية. إلا أن استمرار حفاظ منة الله عليها، بما يمكن معه القول بالفهم للقصة القصيرة من جانب ، ولروح العصر من جانب آخر. حيث نري تمثيل نفس العناصر في مجموعتها الجديدة.
ففي العنصر الأول " قصر المساحة الكتابية" نلمس تواجده بصورة واضحة في العديد من ومضات المجموعة التي قد لا تتعدي مساحتها الكتابية الصفحة الواحدة، وربما أقل. مثل: "خوف" ،أناملي علي جلدها"، "قتامة"، "جزاء" و "الممر الحلزوني" وغيرها وغيرها.
ثانيا "الحركة في السكون" حيث نجدها في "في قلبها بين الضلوع" و"استعادة" وغيرها. والتي فيها استطاعت الكاتبة أن تمنحنا الإحساس بالحركة، رغم سكون الموقف. ونلاحظ أن هذه الومضات جاء معظمها في تلك التي تتحدث عن هموم المرأة، النابعة من داخلها وعلاقتها بالواقع الخارجي، وهو ما يتشابك مع العنر الثالث وهو "التشكيل النفسي"، أو تجسيد الأعماق النفسية في تصرفات خارجية.
وأيضا العنصر الرابع، والذي حافظت عليه منة الله، وهو "الشعرية" والتي نعني بها استعمالات اللغة واعتمادها الصور البلاغية والبيانية، فقد أدي قصر المساحة الكتابية إلي تبيان قدرة الكاتب/ة علي توليد مثل هذه الصور. وهو ما نستطيع أن نلمسه في: "قلب فقد عينيه" والتي يعتبرها البعض من القصص المغلقة، فهي لا تقدم نفسها مباشرة، وإنما تدعو القارئ للبحث والتخيل. فترسم منذ العنوان صورة تخيلية، فأن تجعل للقلب عينين، وفقدهما. فالصورة هنا ليست نمطية، وعلينا أن نبحث عما ترمي إليه في الرؤية الكلية.
تنفصل الراوية منذ البداية عن نفسها، لتتأمل ماذا حدث بها من تغير{أتفرس في ملامح وجهها.. أمعن النظر} فتبدو كما لو أنها تنظر في وجه أخري. غير أنها تدخلنا في أعماها .. أعماق الساردة ذاتها{تنزف مقلتي وتنسحق وجنتاي في أخاديد ..... تزيد من عمري سنوات} لتوحي لنا بفعل الزمن، حيث تري وجهها غير الذي كانته. يضغط الإحساس عليها{قفصي الصدري وأحشائي، دوي انفجار يُذهب بالأوراق المتراصة أمامي إلي الفضاء} فالضغط علي أعماق الساردة، وحزنها علي الوجه الذي لم يعد هو .. أطاح بأوراق العمر الممتدة علي طول البصر... والبصيرة. {أحاول لملمتها .. أجري هنا وهناك، ركبتاي أصبهما الوهن وقلبي فقد عينيه} فبفعل السنين، أصابها الوهن.. الخارجي (الركبتين) والداخلي (القلب) الذي لم يعد يري، أو لم يعد قادرا علي الحب. ورغم تلك الظلمة التي أحاطت بالنفس، لا تكف الساردة، ولا تكف المرأة عن البحث، عن الأمل والحب، حتي لو كان في اللحظات الفائتة{ لا أكف عن التساؤل والعدو خلف الأوراق والفراشات المضيئة في الظلام الدامس}.
إنها لحظة إنسانية، أنثوية تعبر في غير مباشرة عن شعور اليأس الذي غالبا ما تشعر به المرأة، عندما يخلو قلبها من الحب، او يصيبها إحساس الكبر.
ولأن الكاتبة لا يؤهلها سنها الحديث –نسبيا – لمثل هذا الشعور. فإن قدرتها علي تصويرها، وتغليفها بهذه الشاعرية. ليثبت موهبتها القصصية، ويدعو لانتظار القادم من إبداعها.