تصوغ القاصة التونسية حكايتها المكثفة متخذة من الرجل والمرأة والحرب محور النص، فالحرب كفعلٍ تدمر كل شيء وتجعل البشر من شتى المستويات الاجتماعية يواجهون محنة التشرد والهروب خوفا على الكينونة. وما أن تشد الحرب رحالها حتى يرجع الأبيض أبيض والأسود أسود.

أبيض أسود

زيـنـب هـداجّـي

هي بنت من البادية، و هو فتى سليل جاه وسلطان، سمراء هي ، نحيلــة ذات شعر بني مجعد. أما هو فأشقر، العينان خضراوان طحلبيتان والشعر ذهبيٌ... اثنان التقيا في مكان واحد، في خيمة واحدة.

قد يتساءل المرء، ما الجامع بينهما؟. لا شيء غير الخوف...أجل هي الحرب... فقد كان هذان الاثنان يسيران في طريقين مختلفين،  لم يظن الواحد منهما أنه سيلقى الآخر يوما... ولكنّه الزّمن كما البحر يفاجئنا دائما. إنها الحرب تحط رحالـها على أرضهما. الطائرات تدمّر كل شيء لا تفرق بين موسر ومعسر، غني أو فقير ... بين قصر أو كوخ ...أو بين أشقر و سمراء... فالتقت ''أشجان'' بـ''سعيد'' في هذه المدرسة التي صارت بقدرة قادر مخيـماً يأوي اللاجئيـن. فداوت جروحـه حتى برأت وغطاها بمعـــطفه الفرو. تسامرا الليالي تلو الليالي. و ذات ليلة مقمرة اقترحت "أشجان" على "سعيد" أن تروي له حكاية، أطاعها فراحت تقصّ: « يحكى أنّ فتاة ثريّة وقعت في غرام شاب فقير معدم لا يملك من متاع الدنيا سوى معول يعمل به في الحقول. عشقته فذاع أمرهما في الأرض وفي أعلى السّماوات. و لكن بعد مرور عقد من الزّمن نسيت كل شيء».

أثنى "سعيد" على "أشجان" و دعاها بالقصّاصة البارعة. ثمّ وعدها أن يقص لها هو حكاية ولكنه لم يفعل. فهما لم يتصادقا إلاّ سنة واحدة حتى رحلت الحرب، مضى كلٍ في مسار وتواعدا أن يلتقيا في الحرب القادمة.