احتضنتني فتحة الزقاق
في مدينتي الحزينة،
تجاوزتُ بابين ، وثلاثة،
وأرخيتُ زمامي أمام الباب السادس.
هي في انتظاري
رميتُ كلّ شوقي عليها ،
توارت لكنّ نبضات قلبها
تهادت وراء الباب.
طالت غيبتُها ،
واستطال مكثي،
ثمّ ... عنّ القمرُ،
ما أنورَها يختزنُ كلّ أسرار الكون :
- أتسكن قربنا ؟ تساءلتْ
- اتنتظرين عودي كلّ أمسية ؟
تهزّ رأسها ..نعم
- اتعرفينني ؟
تهزّ رأسها : نعم .
- كيف ؟
- لا أعرف .
- اتنتظرين آخرين من المارة ؟
رفعت يدها بعصبية :
- لا..
ثمّ اختفى القمرُ.
تمرّ اسابيعُ ولم تظهر.
لكني اكتشفتُ
أنها ترقبني من وراء النافذة العلوية.
توسلتُ اليها أن تنزل فسحبت الستارة
وانطفأ الأملُ الأنور.
تجيءُ أيام قابلة نتخاطبُ ونتحاور.
وغبّ أنهيتُ الجامعة.
كانت اختفت.
تزوّجت وانجبت،
ولم أرها كرّة أخرى .
غادرني الزقاقُ،
فتسربلتُ بمدينة بعيدة،
كانت حلماً مستحيلاً من أحلامي.
هي الآن في مُنتهى المجهول،
وأنا أعيش غربتي،
في أقاصي القطب الشمالي.
و( أرى الحزن لا يجدي على من فقدته،
ولو كان في حزني مزيد لزدته) *
* عماد الدين الاصبهاني