يخصنا الشاعر المغربي بنص شعري جديد، بتكثيف شديد يصيغ رؤاه الخاصة للعالم وباحتراس بليغ يشكل لهذا العالم بعضا من مفارقاته حين تغادرنا سريرة الأمل وتتركنا أمام بوابة الخذلان، لذلك يحرص الشاعر أن يصنع يوم ميلاد خاص للصدفة لأنها لم تأت حتى هي "في مثل هذا اليوم"، لأنها كالقصيدة أشبه بالحادثة.

في مثْلِ هذا الْيومِ

فتح الله بوعزة

لم تأتِ الغزالةُ إلى النّهرِ

في مثْلِ هذا الْيومِ

ولم تصْحبِ الْفراشاتِ

إلى أعالي الْجِبالِ

كما كانتْ تفعلُ

لأمرٍ ما

خبّأتْ رائحةَ الْبرتقالِ

وأصْواتَ الْعصافيرِ

في ممرّاتِ الْهواءِ

بينَ رؤوسِ الأشْجارِ

 وناقلاتِ الْجنْدِ

إلى بقايا شتاءٍ

في سَماءِ الْجيرانِ

 

لم أحملْ ـ أنا أيضا ـ ساقيَّ

إلى حارسِ الْبحْر

في مثلِ هذا الْيومِ

ولم أنفضِ الغبارَ عنْ رئتيَّ

كما كنتُ أفْعلُ

نكايةً في الرّاقصِ الأنيقِ

والْحديقةِ التي تكْبرُ خلفَهُ

كلّما ارتفعتْ أوْجاعهُ عنِ الأرْضِ

لأمْرٍ ما

أوْصَيْتُ الْممرّضَ

 بالدّمْعةِ الأخِيرةِ

في جيْبِ المسافرِ

 

لا حرّاسَ للأرضِ

في مثْل هذا اليوْمِ

أيها المائلُ وحيداً

خلفَ شُجيرْاتِ الْحنّاءِ

حكَّ جلْدَها

بنقْرةِ دفٍّ

بصرْخةِ نايٍ

أوْ بباطنِ كفّكَ

كأيّ مصارعٍ خبيرٍ

بمَساربِ الشّهقةِ

ولا تَقْربِ الموتى

إنّهمْ يحْفظونَ توازنَ الْهواءِ

بين أوهامِ المشّائينَ

ورؤوسِ الأشْجارِ

واحْتملْني

لأمْرٍ ما

الدّمعةُ الأخيرةُ

في جيْبِ المسافرِ

انْعطفتْ

جِهةَ النّهرِ

في مثْلِ هذا اليومِ!

 

شاعر من المغرب