تشهد صناعة الكتاب في العالم العربي عدة تحدّيات كثيرة تعيق تطوّرها، بدءا من انحسار المقروئية وتراجعها الى أرقام قياسية وصولا إلى اختلالات بنية هذا القطاع لتنضاف التحديات سواء منها الاقتصادية أو السياسية كي تحد من فاعليته في التطور والتقدم انتهاء بالتحدي الجديد والمتمثل في النشر الالكتروني وهيمنة ثقافة الصورة ووسائل الاتصال الحديثة.

صناعة الكتاب في العالم العربي

تشهد صناعة الكتاب في العالم العربي تحدّيات كثيرة تعيق تطوّرها، بدءا من عزوف المواطن عن القراءة ووصولا إلى سيف الرقابة المسلّط على أصحاب هذه الصناعة، ليضاف إلى هذه التحديات، تحدّ جديد يتمثل في النشر الالكتروني وهيمنة ثقافة الصورة ووسائل الاتصال الحديثة التي تلقي بظلالها على طباعة الكتاب العربي ونشره.

وتقدّر قيمة النشر في العالم العربي بحوالي 30 ألف عنوان فقط ولا يزيد عدد كتاب الثقافة العامة من هذه الإصدارات على خمسة آلاف عنوان، فيما تحتل نصيب الأسد من عملية النشر الكتب المدرسية والمطبوعات الحكومية.

وإذا كانت المعايير الدولية تقول إن المكتبة العامة لكي تقوم بدور ثقافي، يفترض أن يكون لكل ستة آلاف نسمة من المقيمين مكتبة عامة، فإن عدد المكتبات العامة في الدول العربية مجتمعة لا يزيد على 4500 مكتبة من كافة الأحجام وربما كان عدد المكتبات العامة ذات الوزن والأهمية في الوطن العربي يدور حول 1000 مكتبة فقط.

واليوم، ازدادت معاناة صنّاع الكتاب العربي، على خلفية المتغيرات التي تشهدها المنطقة نتيجة تداعيات الربيع العربي، التي أدّت إلى انحسار النشر في عدد من البلدان العربية واقتصاره على موضوعات محددة، مثلما أكد مدير المبيعات في دار الشروق للنشر مصطفى الفرماوي، في لقاء له مع «راديو سوا» حول التحديات التي تواجهها صناعة الكتاب العربي.

وعن مصر، قال الفرماوي إن وضع النشر اختلف كثيرا بعد ثورة 25 يناير وأصبح أقل من ذي قبل، مضيفا أن «التركيز أصبح خلال الفترات الماضية على بعض الكتب في مصر أو بعض الموضوعات التي تختص بالثورة أو بالإخوان لكن أقل بكثير» عما سبق.

ونقل التقرير عن الفرماوي أن الانكماش الراهن في النشر أتى على حساب الازدهار الذي شهدته صناعة الكتاب في مصر خلال السنوات السابقة، مشيرا إلى أن «حركة النشر قبل الثورة كانت كبيرة بدليل أنه خلال السنوات الخمس الماضية تم تأسيس دور نشر جديدة يتراوح عددها بين عشرة و20 دار نشر، علاوة على أنه أصبح هناك ثقافة المكتبات».

وأشار الفرماوي إلى أن الانترنت وظهور الكتب على شكل نسخ إلكترونية فضلا عن شبكات التواصل الاجتماعي أفادت الكتاب المطبوع أكثر مما أضرت به، حسب تعبيره. وأردف قائلا إنه «بقدر ما هناك قرصنة لبعض الكتب التي يتم تصويرها ثم تنزل على الإنترنت على شكل كتب PDF دون حقوق، فإن ذلك يؤدي إلى رواج هذه الكتب».

من جهة أخرى أشار مؤسس دار الجمل للنشر خالد المعالي إلى أن أهم المشكلات التي ترزح تحتها طباعة الكتاب العربي ونشره منذ نشأتها هي الناشر العربي نفسه، على حد تعبيره. ويفسّر المعالي ذلك بأن «أغلب الناشرين العرب لا يفكرون بطريقة إيجابية، ليس هناك ناشرا يمكن أن يقدم كتبا أساسية ويغامر بالاصطدام بكل الحواجز الثقافية والاجتماعية والرقابية في العالم العربي».

وحدد مؤسس دار الجمل للنشر عددا من أوجه الخلل في عمل الناشرين العرب منذ عصر النهضة، وقال إن «فترة النهضة اقتصرت على نشر كتب قليلة من التراث العربي، وبقي انتشار الكتب الثقافية العربية على مجموعة مؤلفات الأغاني، تفسير الطبري، تاريخ الطبري إلى آخره». لكنه أضاف أن  «هناك قوس قزح من الكتب العربية التي لم يهتم الناشر العربي بنشرها، وهناك الترجمة من اللغات الأخرى، نحن عادة لا نترجم على الأغلب من اللغة الأولى وإنما نترجم من لغة ثانية أو ثالثة.  أيضا لا توجد لدينا فكرة ترجمة ونشر الأعمال الكاملة لمفكرين عالميين، نحن ننشر ترجمات مجتزأة».

ورغم هذه التحديات يبقى الأمل قائما في تطوير صناعة الكتاب العربي، حيث أكّد رئيس اتحاد الناشرين العرب عاصم شلبي إن صناعة النشر في العالم العربي أصبحت تمتلك فرصا ضخمة للنهوض والتطور في المستقبل القريب استنادا إلى حالة الحراك السياسي والنهوض الاقتصادي السائدة في المنطقة والاستفادة بكثير من السمات المشتركة التي تميز المجتمع العربي نتيجة تشابه الظروف الاجتماعية والثقافية

ألمانيا الأولى عالميا

تقدر قيمة النشر في العالم العربي بحوالي 30 ألف عنوان فقط ولا يزيد عدد كتاب الثقافة العامة من هذه الإصدارات على خمسة آلاف عنوان، فيما تحتل الكتب المدرسية والمطبوعات الحكومية المراتب الأولى في عملية النشر.

وإذا كانت المعايير الدولية تقول إن المكتبة العامة لكي تقوم بدور ثقافي، يفترض أن يكون لكل ستة آلاف نسمة من المقيمين مكتبة عامة فإن عدد المكتبات العامة في الدول العربية مجتمعة لا يزيد على 4500 مكتبة من كافة الأحجام وربما كان عدد المكتبات العامة ذات الوزن والأهمية في الوطن العربي يدور في فلك الـ1000 مكتبة فقط.

وفقا لدراسات التنمية الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي في القاهرة فإنه تم تسجيل صدور كتاب واحد لكل12,000 مواطن عربي بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن إنجليزي، وكتاب لكل 900 مواطن ألماني، أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4 من معدل القراءة في انجلترا على سبيل المثال.

ووفقا للمتابعين فإن صناعة الكتاب في الدول العربية بعاني من عديد المشاكل أهمها ضعف المخصصات المالية الموجهة في الغرض، بل أن بعض المؤشرات تؤكد ترجعها بشكل لافت في ظرف زمني وجيز.

ففي مصر الدولة الأولى عربيا في صناعة الكتب أعلن الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة عن انخفاض معدل صادراتها من الكتاب خلال الفترة الممتدة من يناير وحتى يونيو 2015 إلى 52 مليون جنيه مقارنة بـ73 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام 2014.

لا تتجاوز مداولات سوق الكتاب العربية بيعا وشراء الأربعة ملايين دولار أمريكي سنويا، في حين يصل هذا الرقم في دول الاتحاد الأوربي على سبيل المثال لا الحصر إلى حدود 12 مليار دولار. أي أن القيمة المالية لما يتداوله سكان الاتحاد الأوروبي فقط من كتب توازي ثلاثة آلاف ضعف القيمة المالية لما يتداوله العرب مجتمعين.

وانطلاقا من إحصائيات عربية فإن البلد الأكثر تمتعا بحركية وإنتاج وقراءة في سوق الكتاب هو الجزائر الذي يزور معرضه الدولي للكتاب أكثر من مليون و500 ألف زائر ويشارك فيه ما بين 900 إلى 1000 عارض ويمتد على مساحة عرض تفوق 20 ألف متر مربع وزواره يشترون الكتب.

ولكن تبقى السمة الرئيسة لسوق الكتاب في العالم العربي هي حالة ركود ممتدة رغم بعض محاولات الفاعلين كالناشرين والموزعين والمثقفين لإنعاشها بين حين وآخر. زد على ذلك تدني نسبة المقروئية لدى الفرد العربي وارتفاع عدد الأميين الذين يفوق الـ 65 مليون.

وعلى خلاف هذا الوضع وصل عدد الكتب التي صدرت في تركيا خلال عام 2015، إلى 49 ألف و148 كتابا، في مواضيع مختلفة.

وأظهرت معطيات هيئة الإحصاء التركية أن عدد المؤلفات التي نشرت في تركيا خلال العام الماضي ارتفع بنسبة 11.2 بالمئة مقارنة بعام 2014، ليصل إلى 56 ألف و414 مادة، بينها 49 ألف و148 كتابا.

وبلغ عدد الكتب الإلكترونية التي نشرت العام الماضي 539 كتابا بالإضافة إلى 6 آلاف و389 كتابا إلكترونيا على شبكة الإنترنت، و103 كتاب ناطق، و253 مادة منشورة أخرى.

ونشر القطاع الخاص 92.3 بالمئة من تلك المواد في حين نشرت الهيئات العامة والتعليمية 5.4 بالمئة منها ومنظمات المجتمع المدني 2.3 بالمئة منها.

ومثلت المواد التعليمية 27.6 بالمئة من المواد المنشورة عام 2015، والأدب الروائي 20.1 بالمئة والمواد الثقافية 19.7 بالمئة والمواد المخصصة لليافعين والأطفال 14.6 بالمئة والمواد الأكاديمية 12.1 بالمئة والمواد الدينية بالمئة. ومثلت المواد المنشورة باللغة التركية 89.8 بالمئة من مجمل المواد المنشورة، في حين نُشرت 5.3 بالمئة من المواد باللغة الإنجليزية، و5 بالمئة بلغات أخرى.

ألمانيا أولا

ويقدر عدد الكتب الجديدة التي تصدر في العالم كل سنة نحو 2,200,000 كتاب. وتعد ألمانيا صاحبة أكبر أسواق الكتاب في أوروبا، إذ يبلغ سوق الكتاب فيها 9,52 مليارات يورو، وقدرت في منتصف العام 2013 حصة الكتاب الرقمي من السوق الإجمالية بنحو خمسة بالمئة، وكان هذا ضعف النسبة التي سجلت في العام 2012. واليوم، بات 84 بالمئة من ناشري الكتب الألمان ينشرون الكتب الرقمية أيضا أو يرغبون في نشرها.

وتتطور وفي إسبانيا سوق النشر الإلكتروني إيجابا، على نحو يوحي أن هذا إنما هو رد فعل على الأزمة الاقتصادية في البلاد. ونتيجة لذلك يقول الناشرون الإسبان إن رقم أعمالهم تراجع بنسبة ثمانية بالمئة، لأن القراء الإسبان يشترون الكتاب الإلكتروني بأسعار منخفضة جدا، بدلا من شراء الكتب المطبوعة.

ويوجد في الولايات المتحدة الأميركية نحو 63,000 ناشر كتب.