ترجمة: لحسن الكيري
مِنْ أَجْلِ سَيِّدَةٍ سَوْدَاءَ
عَاشِقٌ أَسْوَدُ مَفْجُوعٌ
يُسْدِلُ دُمُوعًا سَوْدَاءَ
مِنْ صَدْرِهِ الأَسْوَدِ.
***
كَلَّمَهَا ذَاتَ مَسَاءٍ أَسْوَدَ
أَشَدَّ سَوَادًا، إِذْ مِنْ عَاطِفَتِهِ السَّوْدَاءِ
يَأْتِيهِ الحِدَادُ الأَسْوَدُ.
***
كَانَ يَحْمِلُ قِيثَارَةً سَوْدَاءَ،
سُودٌ أَوْتَارُهَا،
وَ سُودٌ كَذلِكَ مَفَاتِيحُهَا،
إِذْ أَسْوَدُ اللَّوْنِ مَنْ يَلْوِيهَا.
***
" فَليُسَوِّدِ اللهُ مِيلاَدِي،
إِذَا لَمْ يُبْقِنِي حُبُّكِ الأَسْوَدُ،
الأَشَدَّ سَوَادَا
كَاللَّوْنِ الأَسْوَدِ عَلى الجَانِبِ الآخَرِ.
***
أَطْلُبُ مِنْكِ مَعْرُوفًا أَسْوَدَ،
إِنْ كُنْتِ لِلْمَعْرُوفَاتِ السَّوْدَاءِ بَائِعَةً،
و إِنْ كاَنَ بِالمَعرُوفَاتِ السَّوْدَاءِ
يُجَازَى رَجُلٌ أَسْوَدُ وُجُوبًا."
***
وَ إِذَا بِالسَّيِّدةِ السَّوْدَاءِ تَنتَفِضُ قَلِقَةً،
من الرَّجُلِ الأُسَيْوِدِ،
بحُجَجِه السَّوْدَاءِ،
فَتُحْزِنَ ذَاكَ العَاشِقَ الوَلْهَانَ الأَسْوَدَ:
***
"يا لَغَرَابَةِ السَّاعَةِ السَّوداءِ التِي
يَتَقَدَّمُ فِيهَا إليَّ هذا الأَسْوَدُ،
فَلِلْعُشُّاقِ السُّودِ خُلِقَتْ
الإِهَانَاتُ السَّوْداءُ."
***
وَ عِنْدَهَا لَمْ يَشَأِ الرَّجُلُ الأَسْوَدُ
أن يَسْوَدَّ زِيَادَةً على سَوَادِهِ، إِذْ اكْتَفَى بِنَزْعِ
قُبَّعَتِهِ السَّوداءِ و ذَهَبَ فِي حَالِ سَبِيلِهِ.
شاعر وكاتب مسرحي إسباني، ولد في قرطبة في 11 يوليوز عام .1561 ينتمي غونغورا إلى العصر الذهبي الإسباني، واشتهر كرائد في التيار الأدبي الذي عرف فيما بعد بـ التقعرية أو الكلوترانيسمو أو الغونغوريسمو. تم الاحتذاء بأعماله في القرن السادس والسابع عشر حتى القرون اللاحقة في أوروبا وأمريكا اللاتينية. ولكون أعماله تنتمي إلى الكلاسيكية اللاتينية، أصبحت موضعا للتفسير والتأويل ومثار اهتمام الباحثين في العصر ذاته. توفي في قرطبة في 23 مايو عام .1627
*سيرته الذاتية:
ولد لويس دي غونغورا وترعرع في الشارع القديم من لاس باباس في منزل عمه فرانثيسكو غونغورا الذي كان مسؤولا في الكتدرائية عن توزيع الصدقات على أبناء الشعب، وكانت الكاتدرائية تقع في المبنى رقم 10 في الشارع نفسه، رغم بعض الشكوك المستمرة حول هذه المعلومات. وكان غونغورا نجلاً لدون فرانثيسكو دي أرغوتيه، وهو قاض مختص في قضايا البضائع المصادرة في المكتب المقدس في قرطبة، ووالدته هي السيدة النبيلة ليونور غونغورا.
درس في جامعة سلامنكا حيث جذب الانتباه إليه في ذلك الوقت بسبب اهتمامه بالشعر، بدأ دراسته الدينية عام 1575 في كاتدرائية قرطبة، وقد وبّخه الأسقف باسيو لقلة حضوره لجوقة المرتلين ولثرثرته في الكلام معه، كذلك لحضوره الملاهي المدنسة ولتأليفه أبياتاً هجائية. ومنذ عام 1589 شارك غونغورا بالسفر للمشاركة في لجان متعددة لمجمع الرهبان في نافارا، ليون (سالامانكا)، أندلسية، قشتالة، مدريد، غرناطة، خاين، قونكة، وطليطلة. ألّف حينئذ العديد من السونيتات وقصائد الرومانس، وقصائد ليترييا هجائية وغنائية، وبحث عنه موسيقيون مثل: دييغو غوميث وغابرييل دياث وكلاوديو دي سابلونارا لتلحين قصائده.
خلال إقامته في البلاط الملكي في بلد الوليد وقع خلاف بينه وبين كيبيدو الذي اتهمّه بتقليد شعره الساخر تحت اسم مستعار. في عام 1609 عاد إلى قرطبة حيث كثّف جهوده في نظم الشعر البرّوكي. ونظم بين عامي 1610 و1611 قصيدة حول استرداد مدينة العرائشOda a la toma de Larache ، وفي عام 1613 ألّف بوليفيموس Polifemo، وهي قصيدة بمقاطع شعرية ثُمانيّة المقاطع، توظّف الميثولوجيا لتعيد صياغة بعض مؤلفات أوفيديوس ناسو، وهو موضوع كان قد تطرق إليه كاتب معاصر له وهو لويس كاريو إي سوتو ماريو في قصيدته "أسطورة أثيس وغالاتيةFábula de Acis y Galatea". وفي العام نفسه روّج لقصيدته الطموحة في البلاط الملكي والمعنونة "الخلوات"Soledades ، وقد أثارت هذه القصيدة جدلاً كبيراً بسبب ظلاميتها وتأثيرها السلبي، وحشدت كثيراً من مريديها الذين سُمّوا بالشعراء التقعريين من أمثال: سلفادور خاسينتو بوبو دي ميدينا، الراهب أورتنسيو فيليكس بارابيثينو، فرانثيسكو دي تريو إي فيغيروا، غابرييل بوكانغيل، الكونت دي بياميذيانا، الراهبة خوانا إينيس دي لا كروث، بيدرو سوتو دي روخاس، ميغيل كولودريرو دي فيلالوبوس، أناستاسيو بانطاليون دي ريبيرا...، بالإضافة إلى حشد أعداء لها من الشعراء اللوذعانيين مثل فرانثيسكو دي كيبيدو، أو من الشعراء الكلاسيكيين، مثل: لوبي دي بيغا ولوبيرثيو ليوناردو دي أرخينسولا وبارتولومي ليوناردو دي أرخينسولا. ومع ذلك، انضم بعضهم مع مرور الوقت إلى جيش مناصريه مثل خوان دي خاوريغي.
هذا وقد احتلت شخصية غونغورا مكانة مرموقة لدرجة أن عيّنه فيليب الثالث ملك إسبانيا كاهن الكنيسة الملكي عام1617. عاش في البلاط الملكي حتى عام 1626، ولكنه قضى على سمعته وهو يحاول تثبيت منصبه أو دعم أفراد عائلته بوظائف فيها. وفي العام التالي فقد ذاكرته ومضى إلى قرطبة، حيث توفي هناك إثر سكتة دماغية وهو في قمة فقره.
رسمه دييغو فيلاثكيث بجبهة واسعة، ووصفه فرانثيسكو دي كيبيدو كشخص بشوش واجتماعي وثرثار ومحب للترفه، مثل الانخراط في التسلية بأوراق اللعب ومصارعة الثيران، لدرجة أنه نقده لقلة اهتمامه بالشؤون الكنسيّة.
وبالرغم من أنه كان في وقت من الأوقات سيد الهجاء إلّا أنه قد فشل في الوصول إلى مهارة كيبيدو التعبيرية، أو مؤلفات خوان دي تاسيس إي بيرالتا، كونت دي بياميذيانا الثاني، والذي كان صديقا مقرباً له ومن أفضل تلاميذه في الشعر.
اعتاد القرّاء على فترتين في قصائد غونغورا، تمتاز الفترة الأولى وهي الفترة التقليدية باستخدام البحور الشعرية القصيرة والمواضيع الخفيفة، فقد استخدم غونغورا المقطع الشعري العشري، وقصائد الرومانس، واللتريات وغيرها... وقد استمرت هذه الفترة حتى عام 1610، تغيّر بعدها غونغورا بشكل كبير ليصبح شاعراً تقعرياً من خلال استخدام الاستعارات الصعبة والتلميحات الأسطورية والألفاظ المثقفة جداً وأسلوب التقديم والتأخير لخدمة الوزن الشعري وغيرها... ووضح داماسو ألونسو أن هذه الصعوبات كانت موجودة في الفترة الأولى فقط، أما الفترة الثانية فهي عبارة عن تكثيف لهذه الأساليب ليصل إلى أقصى تعبيراته الجمالية في أشعاره.
*أعماله:
على الرغم من أن غونغورا لم ينشر أعماله (له محاولة فاشلة في النشر عام 1623) لكنها انتقلت من يد إلى يد في نسخ مخطوطات جُمعت في مجموعات شعرية أو قصائد رومانس أو مقتطفات نشرت بإذنه أو بدونها. أكثر مخطوطة نشرت بإذنه هي مخطوطة تشاكون، نسبة لناسخها أنطونيو تشاكون، سيد منطقة بولفورانكا ونُسخت للكونت دوق دي أوليفايس. تحتوي المخطوطة على توضيحات كتبها غونغورا بنفسه والتسلسل الزمني لتأليف كل قصيدة. في العام نفسه من وفاته نشر خوان لوبيث بيكوينا "أبيات من هوميرو الإسبانية" وكان لها أهمية خاصة في تثبيت مضمون النص الغونغوراني؛ صادرتها محاكم التفتيش إلى أن أطلق سراحها غونثالو دي وثيس عام 1633 .وقد حظيت أعمال جونجورا، مثل بعض من سبقه من الكتاب من أمثال خوان دي مينا وغارثيلاسو دي لا بيغا- حظيت بشروحات وعقّب عليها كتّاب من أمثال: دياث دي ريباس، بليسر، سالثيدو كورونيل، سالاثار ماردونس، بيدرو دي فالنسيا وآخرون.
يغلب على أعماله الأولى ملامح الحركة اللوذعانية الباروكية، غير أن غونغورا لم يكن راضياً عن نفسه فـكان يقول: "الضريبة الأكبر لأعمالي هي أنا". وقرر المحاولة - حسب كلماته - "فعل شيئاً لن يكون لكثير من الناس" لتكثيف البلاغة و الاقتداء بالشعر اللاتيني الكلاسيكيّ بإدخال العديد من الألفاظ النقيلة وبناء الجملة استناداً على التقديم والتأخير والتماثل، وكان يهتم جداً بموسيقى الأبيات الشعرية التي بدت كأنها موسيقى حقيقية. كان غونغورا ناظم لوحات موسيقيّة حقيقيا، وقد تأثر بفلسفة أبيقور فملأ أبياته الشعرية بتفاصيل حسّية من صوت ولون وملمس. وعلاوةً على ذلك أظهر داماسو ألونسو استعماله للمواربة والتعريض، فبدت قصائده الأخيرة القصيرة والطويلة تماريناً تختبر العقول المستيقظة والعلمية وكنوع من الألغاز أو كشعارات فكرية تشعر المرء بالسعادة وهو يفك رموزها. هذه هي الجمالية الباروكية التي سُميّت تكريماً له ب"الغونغورية" أو "الكولتيرانيسمو"، وهي كلمة صيغت في الأصل للتحقير من كلمتي مثقف ولوثرية لأن المعارضين اعتبروه شعرا تقعرياً أشبه ما يكون بهرطقة شعرية.
ميّزت الأعمال النقدية منذ عصر مارثيلينو مينينديث أي بيلايو عهدين أو نهجين في مؤلف غونغورا "أمير النور"، التي كتبها في مراحله الشعرية الأولى، حين كان يكتب قصائد رومانس وليتريات بسيطة حتى عصر الحركة الكلاسيكية الحديثة بعدها كتب" أمير الظلام "ابتداءً من عام 1610، والتي تضم منظومة شعرية حول استرداد لاراتشيه، وهي من القصائد الظلامية غير المفهومة. وحتى عصر الحركة الرومانسية، كان هذا الجزء من عمله مُنتقداً بقساوة وأخضعها إغناثيو دي لوثان للرقابة، إلى أن جاء داماسو ألونسو وأظهر التعقيد والغموض الموجود بالفعل حتى في أول مراحله، ونتيجة للتطوّر الطبيعي وصل إلى الجرأة المتطرفة التي انتُقِد بها. وفي قصائد الرومانس كما في "أسطورة بيرامو و تيسبي"، وفي بعض "اللتريات" يظهر تلاعب في الكلمات والمفاهيم وتلميحات وتراكيب لاتينية، تجدها جميعاً مقنّعة بالإيجاز في أبياته الشعرية وفي موسيقيّته وإيقاعه وفي استخدامه لأساليب ومواضيع تقليدية.
قصائده:
عادةً يتم تجميع شعره في مجموعتين: قصائد رئيسية وأخرى ثانوية، تنتمي لمرحلتين شعريتين متعاقبتين. فقد ألّف غونغورا في شبابه العديد من قصائد الرومانس استلهمها من الأدب مثل قصيدة الرومانس أنخيليكا وميدورو، أو من قصص الأسرى، أو من مواضيع القراصنة، أو من حياته الشخصيّة بحيث بعضها يحمل طابع السيرة الذاتية التي تروي ذكريات طفولته، وألّف أيضاً العديد من القصائد الغنائية والهجائية وقصائد الرومانس الساخرة. ويغلب على أسلوبها التلاعبات اللوذعانيّة والتشبيهات البديعية والجناس والغلو والتلاعب الباروكي بالألفاظ، مثال عليها قصيدة الرومانس الطويلة "أسطورة دي بيرامو وتيسبي" عام 1618، وهي قصيدة معقدة جداً كلّفت مؤلفها جهداً كبيراً، وحاول خلالها تطوير المحاكاة الساخرة . معظم ليتريات غونغورا، كانت على شاكلة ما قدمه كيبيدو، تسخر من السيدات المتطلبات وتهاجم حبّ الثروة. وتجدر الإشارة إلى أعماله الشعرية الهجائية التي تنتقد بعض الكتّاب خصوصاً كيبيدو ولوبي دي بيغا.
إلى جانب هذه القصائد، لم يتخلّ غونغورا طوال حياته عن كتابة السونيتات في جلّ المواضيع مثل: العشق، الهجاء، الأخلاق، الفلسفة، الدّين، الظّروف، الجدل، المديح والجنائز. استعرض فيها الشاعر قدراته اللفظيّة الأصيلة و المستقلّة. وكشف الشاعر القرطبيّ عن العديد من إمكاناته التّعبيريّة التي كان يستخدمها في صياغة أعماله التي كانت مقدمة لأعمال مستقبليّة، من أشهرها: التّائه والعليل والمغترب، التي قدّمت لقصيدة الخلوة. ومن الأمثلة على الموضوعات الشهيرة لديه تبرز مواضيع شاعت في عصره مثل (اغتنام اليوم وغيرها...). ومع ذلك كتب غونغورا أعمالاً ذات طابع مأساويّ عن ويلات الشيخوخة والفقر، وكانت هذه الأعمال هي آخر ما كتبه.
تسببت قصائده الرئيسية بإحداث ثورة أدبية تقعريّة، وغموض كبير في الأبيات الشعريّة، مثل: أسطورة "بوليفيموس وغالاتيه" عام 1612، وقصيدة "الخلوة" غير المكتملة وغير المفهومة (نُظمت الأولى قبل شهر أيار عام 1613)، وتروي الأولى من خلال الوزن الشعري ثُمانيّ المقاطع مشهد أسطوري حول تحوُّلات ببليوس أوفيديوس ناسو وعشق السيكلوب بوليفيموس للحورية غالاتيه التي ترفضه، وفي نهاية القصة يتحول أثيس، عاشق غالاتيه، إلى نهر. يُلاحظ في هذه الأعمال وجود الأسلوب التقعريّ المعقد والصعب المليء بالتشابيه والتبديلات والكناية عن المجاز أو الاستعارات النقيّة، والتقديم والتّأخير والتّورية والتقلُّبات اللّاتينيّة وألفاظ النقل، والتعريض والمواربة، حيث لجأ إلى التعريض والتلميح وليس إلى ذكر الأشياء بأسمائها ثم كان يأخذ بالتوسّع في تعابيره.
قصيدة الخلوات:
قصيدة الخلوات "Las Soledades" هي قصيدة نُظمت على وزن السِلفا (بمقاطع شعريّة إحدى عشريّة أو سُباعيّة)، مقسّمة إلى أربعة أجزاء، وتتبع بفنتازيا كل مرحلة من مراحل الحياة، وتحمل المسميات التالية "خلوة الحقول"، "خلوة السياف"، "خلوة الغابات"، و"خلوة البرية". ونظمها غونغورا كهدية لدوق دي بيخار. ولم ينهِ الخلوة الأخيرة التي أُضيف إليها 43 بيتاً لاحقاً. المقطع الشعري المستخدم فيها لم يكن جديداً ولكنه طُبّق للمرة الأولى في قصيدة طويلة جداً. ونظمها الشاعر بشكل مقسّم إلى فقرات شعرية، ليعطي مزيداً من الحرية للشاعر وبهذه الطريقة اقترب أكثر فأكثر من الشعر الحر وقدّم تطوراً في اللغة الشعرية وصلت تأثيراته لاحقاً إلى شعراء البرناسية والرمزية الفرنسية في القرن التاسع عشر.
مضمون "الخلوة الأولى" غير متفق عليه رغم أنها مستوحاة من أحد مشاهد الأوديسة، وهو مشهد ناوسيكا (شاب يغرق ويصل إلى الساحل ويستضيفه رعاة الماعز). غير أن هذا المضمون هو حجة لوصف الجنون الحقيقي، فقد أشار داماسو ألونسو أن القصيدة غنائية أكثر منها روائية، على الرغم من الدراسات الأخيرة التي بيّنت أهميتها السردية. عرض غونغورا الطبيعة المثالية في قصيدته، حيث كل شيء مقدّم بصورة مثالية رائعة، وحيث يمكن أن يكون المرء سعيداً، ليظهر الأسلوب الماديّ و الأبيقوري للشاعر حيث يحاول إشباع الرغبات المادية وليس فقط الروحانية.
تسببت قصيدة الخلوة بحدوث فضيحة كبيرة لغونغورا؛ بسبب جرأته الجمالية وتعبيره الثقافي المُتقن. وهاجم القصيدة كل من فرانثيسكو دي كيبيدو ولوبي دي بيغا والكونت ساليناس وخوان دي ياوريغوي (الذي ألّف ضدها قصيدة تدعى "الترياق" Antídoto "النموذج" الشعري ضد قصيدة الخلوة لغونغورا، ولكن انتهى به المطاف إلى اعتناق أسلوب أدبي مشابه)، ونقدها كثير من عباقرة الأدب الآخرين. في الوقت نفسه كان لديه العديد من الأنصار والمدافعين، مثل: فرانثيسكو فرنانديث دي كوردوبا، الأباتي روت، الكونت دي بياميذيانا، غابرييل بوكانغيل، ميغيل كولودريرو دي فيلالوبوس، ومن شعراء ما وراء الأطلسي، خوان دي اسبينوسا ميدرانو، هيرناندو دومينغيث كامارغو والراهبة خوانا إينيس دي لا كروث. وقد أغنت هذه القصيدة الشعر القشتالي المُغنّى بمصطلحات جديدة وأدوات تعبيريّة قوية.
استحقت قصائد غونغورا التكريم بالتعقيب عليها بعد فترة وجيزة من وفاته. وكان من أهم المعقبين عليها خوسيه غارثيا دي سالسيدو كورونيل وهو مؤلف نسخة قدّم من خلالها شروحات في ثلاث مجلدات خلال الأعوام (1629- 1648) وخوسيه بليسر أسو الذي ألّف "الدروس الجليلة لأعمال ضون لويس دي غونغورا وأرغوتيه" عام 1630، وأيضاً كرستوبال دي سالبار ماردونيس، مؤلف كتاب "التوضيح والدّفاع عن الأسطورة دي بيرامو وتسبي" (مدريد، 1636). (نقلا عن ويكيبيديا بتصرف).
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية - الدار البيضاء –
المغرب.