في مقاله في هذا العدد ينعي محرر (الكلمة) صديق رحلة البدايات والتكوين في ويستعيد فيها جانبا مهما من رحلته مع المعرفة والتكوين، وبعض جوانب مسيرته المهنية والإبداعية وتنشر (الكلمة) هنا ملفا يضم بعض ما كتب عنه عقب رحيله، بصورة تضيء جوانب من حياته ومسيرته.

رحيل صلاح عيسى .. الكاتب الذي اعترض

الكلمة

في مقاله في هذا العدد ينعي محرر (الكلمة) صديق رحلة البدايات والتكوين في ويستعيد فيها جانبا مهما من رحلته مع المعرفة والتكوين، وبعض جوانب مسيرته المهنية والإبداعية وتنشر (الكلمة) هنا ملفا يضم بعض ما كتب عنه عقب رحيله، بصورة تضيء جوانب من حياته ومسيرته.

والواقع أن عنوان الملف ينطوي على أكثر من دلالة، فهو عنوان يلخص مسيرة هذا الكاتب الكبير، ولكنه في الوقت نفسه يكشف لنا عن الثمن الفادح الذي يدفعه الكاتب الذي يعترض في واقع عربي يهيمن عليه الإذعان على أكثر من مستوى. وكيف يترك الاعتراض معالمه في تباريح هذا الجريح الذي لم يتورع الكثيرين ممن كتبوا عنه عقب رحيله عن نكأ جراحه، التي لملمها ورحل. ويبدأ الملف بآخر مقالين نشرهما صلاح عيسى قبل رحيله، حيث يكشف المقال قبل الأخير عن مواصلة صلاح بمنطقة العقلاني الرصين الاعتراض على تلك الموجة التي انطلقت في مصر أولا على يدي يوسف زيدان، وفي العالم العربي من ورائه، بدعم صهيوني رهيب، لم يتستر كما كان الحال في الماضي، لتشويه التاريخ، بدءا من تشويه بطل تحرير القدس صلاح الدين، ونعته بأبشع النعوت، وصولا إلى تشويه علم أول ثورة وطنية في العصر الحديث وهو أحمد عرابي والثورة العرابية، وعن جهل مطبق، لتكريس خطاب التردي والتبعية. وهو هنا يتناول نوعا مغايرا من التشويه. يخلط الأوراق دون أن يقدم أي دليل تاريخي على ما يدّعيه، حتى لو كان التشويه هنا يسير في مسار عكسي لما يقوم به يوسف زيدان وأمثاله. أما المقال الأخير والذي ينهيه بإحالته المهمة على المقولة الشكسبيرية الشهيرة «ثمة شيء عفن في دولة الدنمارك» فإنه يرتد فيه إلى بداياته الأولى التي كشف فيها عن العفن الذي أدى إلى نكسة 1967. وإلى جانب هذين المقالين الأخيرين اخترنا مقالا ثالثا يكشف عن جانب مهم في فكره وأسلوبه، بعنوان «الجماعة لم يضعوا»، والجماعة المقصودة هنا هي جماعة الإخوان المسلمين التي اتخذ من منطق العقل والمصلحة الوطنية معا موقفا مضادا لها طوال حياته المهنية. لكن التعبير الشائع الجماعة وضعوا، والذي يحيل إلى الزوجة التي انجبت في الخطاب المصري الشعبي، هو البعد التهكمي المهم في هذا المقال، والكاشف عن قدرة هذا الكاتب الموهوب على الوصول إلى قلوب قرائه. فالجماعة لم تنجب، لأن الفكر الذي بلورها وتحكم في مسيرتها فكر عاقر لا أمل منه في أي مستقبل أو اجتهاد حقيقي. أما بقية الملف فإنه يضم عينة من المقالات التي كتبت عنه سواء تلك التي أشادت بدوره وأهميته، أو تلك التي انتقدته عن حق أو غير حق.