يكشف الناقد العراقي المرموق من خلال تحليله لرواية «القنافذ في يوم ساخن» تفاعل الوعي الفردي مع الوعي الجمعي فيها، وهيمنة سرد السيرة الذاتية رغم وعي النص بأهمية تعدد الأصوات، ونجاح الرواية فنيا وجماليا في التعبير عن محنة الذات المثقفة في مرحلة تاريخية حافلة بالاضطراب والقلق واليأس.

جدل الثقافة والتجربة في السيرة الذاتية

«القنافذ في يوم ساخن» إنموذجاً

باقر جاسم محمد

 

1. الرواية بوصفها تجربة ذاتية كيانية
يحتل السرد الأدبي، ممثلاً في الرواية، موقعاً متميزاً في نطاق الفعاليات الأدبية والفنية والجمالية المعبرة عن طبيعة التجربة الوجودية للإنسان في أبعادها النفسية/ الذاتية والموضوعية/ الاجتماعية والثقافية والميتافيزيقية. وفضلاً عن ذلك فإن الرواية تحوز على مزية إضافية هي القدرة على استثمار فنون قولية أخرى مثل: الشعر والحكاية الشعبية والسيرة الذاتية والمقالة والتاريخ وسواها. وقد تستفيد الرواية من الوثيقة التاريخية فتدمجها في كيانها الفني المتميز، لتغدو كل هذه الفنون مؤشرات تكشف عن ذلك الأفق الواسع من الإشارات وضروب الفاعلية الفكرية والجمالية التي ينطوي عليها النص الروائي. ولذلك فإن الحديث في الرواية ينبغي أن ينفتح على كل مكوناتها البنيوية والفنية والفكرية التي تقوم عليها بغية الوصول إلى فهم عميق لتضافر عمل الآليات والمكونات المفضي إلى إنتاج الأثر الكلي للنص الروائي في مصاف التلقي. وهذا يعني أن البحث في لغة الرواية وفي تقنياتها السردية وفي مكوناتها الزمكانية وفي الشخصيات والأحداث الدائرة فيها إنما يتكامل في النقد الأدبي الذي يروم أمرين متلازمين: أن يقدم رؤيا تأويلية كاشفة لعالم الرواية، وأن يحافظ على هويته فيبقى في دائرة نقد الأدب ولا ينسى وظيفته الأساسية فيتحول إلى بحث أو دراسة ثقافية أو فكرية تتعامل مع الرواية بعيداً عن وظيفتها الأدبية الجمالية وتحولها إلى محض نص لساني يحتوي على دليل أو أدلة لإثبات قضية ما ليست ذات علاقة بالأدب. ولهذه المسألة تجلياتها المتعددة التي يقع كثير منها خارج الرواية. وينبغي هنا أن نشير إلى أن التعامل مع الرواية بوصفها تعبيراً أدبياً عن تجربة كيانية لا يعني التركيز فقط على الخوض في القضايا النفسية والاجتماعية والفكرية السياسية، وإنما يعني أننا حين نتحدث عن هذه القضايا وسواها إنما نفعل ذلك دون إغفال حقيقة أننا إنما ننطلق من نص أدبي هو الرواية، وأن يجري النظر إلى وظيفة الرواية السيرية بوصفها جنساً أدبياً راسخاً يهدف إلى تقديم رؤيا تتسم بالحيوية والثراء الدلالي والتأمل الجمالي للتجربة الوجودية الإنسانية في أبعادها الذاتية والاجتماعية والتاريخية، وأن ينعكس ذلك في صلب مهمات عملية النقد.

ولا بد من القول أن رواية فلاح رحيم "القنافذ في يوم ساخن"[1] هي من الروايات التي تنطوي على رؤيا فنية وفكرية تجسد مثل هذا المفهوم. فالرواية تتضمن عدة مستويات فنية وفكرية تستدعي الدراسة النقدية لما تطرحه من أسئلة وما تقدمه من رؤى واستبصارات بعضها ظاهر ومكشوف وبعضها كامن وضمني. وتتميز هذه الرواية بتعدد وثراء الشخصيات الأساسية، تلك الشخصيات التي تمنح الرواية حيويتها بما تقدمه من حركة فاعلة تتبلور من خلال المواقف اليومية الدرامية التي تسهم فيها، وكذلك تتميز بسعة المنظور الزمكاني، وهو منظور يجسد مدى التعقيد الذي يكتنف التجربة البشرية. وقد تميزت أيضاً بالتقنية السردية المحكمة التي حافظت بدقة على أسلوب السرد الذاتي للبطل الراوي وإن كان لهذا الأسلوب في السرد آثاره على الأداء الكلامي في النص، فكانت السمة اللسانية المونولوجية واضحة فيه. أما من الناحية الفكرية فقد أثارت الرواية حزمة من القضايا المهمة مثل قضية ثنائية الوطن/الاغتراب كما عاشها الراوي البطل سليم كاظم (وهو الاسم القناع للكاتب نفسه)، وتفاعلها مع قضية ثنائية الانتماء الحزبي والالتزام الفكري الحر كما تمثلت في قضية عودة شهاب زيدان، وهو الاسم الروائي الراحل كامل شياع، ومن ثم استشهاده، وقضية الحب وتأرجحها بين حاجات الجسد وأشواق النفس كما تجسدت في العلاقة الحسية بين سليم وساندرا من جهة والانجذاب النفسي والعاطفي بينه وبتول العراقية من جهة أخرى، وقضية الأنا والآخر التي اتخذت صوراً شتى مثل علاقات سليم مع أهله في العراق، ومع زملائه في مكان العمل في مدينة (صُوْر) العمانية، و منهم أريكا التي تموت بحادث مروع بعد ليلة حافلة بالمجون، والدكتور زكي خليل والدكتور الطاهر رئيس قسم اللغة الإنجليزية، ومع صديقه فرحان، ومع طليقته التي لم يذكر اسمها، وقضية عملية المثاقفة بين شخصيات من حضارات وثقافات مختلفة جوهرياً التي كانت تحدث نتيجة الاحتكاك والتدافع والتشابك بين تلك الشخصيات في ذلك المصهر الثقافي الحضاري في كلية الآداب في (صُوْر)، ثم تأتي قضية مغزى التجربة الوجودية الكيانية؛ وهي القضية الإطارية أو الكلية التي يمكن استقراؤها من سيرورة العمل الروائي برمته، فضلاً عن بعض التأملات التي تناولت الرؤيا الخاصة للراوي البطل لمفهوم السرد وعلاقته بطبيعة التجربة الوجودية التي نجد إشارات متباعدة إليها في بعض فصول الرواية. وهذه القضية الأخيرة قد جعلت سمة الميتاسرد مهيمنة على رواية "القنافذ في يوم ساخن".

2. في العنوان:

يشخص العنوان في العمل الأدبي بوصفه دالة مركزية تتفاعل عضوياً مع أحداث الرواية ومع ما يمكن أن توحي به من دلالات فكرية تسهم في تشكيل الرؤيا الكلية السائدة فيها. وليس بعيداً عنا قول القاص محمود عبد الوهاب أن العنوان ثريا النص وأنه عتبته الأولى التي تفضي إلى عالم النص الواسع والنابض بالحياة. ويقول بسام قطوس "العنوان سمة العمل الفني أو الأدبي الأولى من حيث هو يضم النص الواسع في حالتي اختزال و كمون كبيرتين و يختزن فيه بنيته أو دلالته أو كلتيهما في أن ..."[2] ثم يضيف في موضع آخر قائلاً إن العنوان "أول شيفرة رمزية يلتقي بها القارئ فهو أول ما يشد انتباهه و ما يجب التركيز عليه و فحصه وتحليله بوصفه نصا ً أوليا ً يشير أو يخبر أو يوحي بما سيأتي ..." ولكننا نرى أن العنوان يدخل مع متن النص في لعبة فنية أكبر هي تبادل التأثير والتأثر. فنجد أن هناك حمولات دلالية تنبثق من العنوان نفسه فتشع على متن الرواية برمته فتضيئه، ولكنها في الوقت نفسه تستضيء بهذا المتن في تفاعل عضوي خلاق تنهض عملية القراءة النقدية بالكشف عنه. لذلك فإن من الحكمة دراسة علاقة عنوان الرواية بمتنها لأنه جزء أساسي من فلسفة بناء النص نفسه. فالعنوان، وهو عنصر لفظي، الذي قد يتشكل من دالٍ واحد أو مركباً من دوال عدة أو عبارة يمثل العلامة الأولى بعد اسم المؤلف يتلقاها القارئ فتسهم بصورة فعالة في بلورة رؤية ما، أو موقف ما، ومن ثم سيلعب هذا الموقف دوراً مهماً في توجيه القراءة اللاحقة لمتن الرواية.

يكتسب عنوان رواية فلاح رحيم (القنافذ في يوم ساخن) أهمية استثنائية لأنه يفصح عن تجليات نصية بنيوية ودلالية تسوغ بشكل واضح ما سبق قوله عن مفهوم العلاقة بين العنوان و المتن الروائي. إذ فضلاً عن كون كلمة "القنافذ" هي أول ما يواجهنا في العنوان، وفي العربية هي مبتدأ يتطلب خبراً، أما العبارة الزمانية المكونة من حرف الجر ’في‘ و كلمة ’يوم‘ الدالة على زمان قد يدل على النهار والليل معاً أو قد تنصرف دلالته إلى النهار فقط، ثم الصفة ’ساخن‘ فقد سدت مسد الخبر. وهكذا فإن العنوان برمته قد صيغ لغرض وحيد وهو إخبارنا بحال القنافذ في يوم ساخن. فما تجليات هذه الدلالة الأولية للعنوان في متن الرواية؟

إن القنفذ، واسمه بالإنجليزية hedgehog، من الحيوانات البرية التي تنشط ليلاً في الغالب. وهو من الحيوانات المُستأنَسة في بعض الثقافات، كما هو الحال في أوربا واستراليا، إلا أنه من المهم الإشارة إلى أنه حيوان لا يحظى بالقبول في الثقافة السائدة في البلاد العربية والإسلامية، وسيكون من المهم فهم الاستعارة التي ينطوي عليها العنوان على وفق البعد الثقافي للشخصيات التي يرد ذكر القنفذ على لسانها أو من خلال تداعياتها الذهنية الداخلية التي تمثل صيغة مهمة من صيغ تيار الوعي في الرواية الحديثة.

ونلاحظ هنا أن المؤلف قد دون عنصراً ميتاسردياً أسماه (عن القنافذ) قبل فصول الرواية التي بلغ عددها 63 فصلاً. ويتألف هذا العنصر من أربع فقرات مأخوذة من مضان مختلفة هي: "مباهج الفكر ومناهج العبر" لجمال الدين محمد بن إبراهيم المروي الأنصاري، وهو من كتب التراث، ومن كتب اللغة، ومن الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهور، ومن كاتبة الأطفال بياتريس بوتر. ولسوف يقتصر كلامنا على المقطع المأخوذ من شوبنهور لأهميته الخاصة إذ نقرأ فيه: "تقاربت مجموعة من القنافذ في يوم شتائي بارد سعياً إلى الدفء، لكنها وجدت نفسها وهي يخزُ بعضُها بعضاً بأشواكها. مضطرة إلى التفرق. وإذ اشتد البرد عليها تقاربت مرة أخرى فحدث الشيء نفسه. أخيراً، وبعد تعاقب التقارب والتفرق، اكتشفت القنافذ أن أفضل حال لها أن تبقي بينها مسافة قصيرة. وهو ما يحدث للبشر ..." (ص. 8) ومع أن هذه الإشارة تمثل مدخلاً لا يفتقر إلى الوضوح في فهم المغزى العام للرواية إلا أنه ينبغي الانتباه هنا إلى مغزى المفارقة الخفية التي تنشأ بين العنوان وهذا النص القصير. ذلك أن العنوان يتحدث عن القنافذ في يوم ساخن بينما يتحدث نص شوبنهور عن محاولات القنافذ في التقارب والتفرق التي كانت تحصل في الشتاء، أي في أيام البرد. فإذا كانت صورة حركة القنافذ وهي تتقارب ثم تتباعد قد انتهت بأن أقلعت القنافذ عن محاولة التقارب ورضيت بمسافة معينة، فإن نص شوبنهور يصرح بأن ذلك هو حال حركة البشر المناظرة. ولكننا يمكن أن نضيف أن هذا التماثل جزئي ومحدود لأن الفائدة المرجوة من محاولات التقارب مع الآخرين من بني البشر قد انتفت لأن الرواية لا تتحدث عن القنافذ في يوم بارد وإنما في يوم ساخن. وهذا يعنى أن المسافة القليلة التي رضيت بها القنافذ ستتحول إلى مسافة شاسعة في حال البشر.

وسيكون من مهمات النقد الأدبي أن يستقصي ثقافة البداية التي تحملها الشخصية المحورية الراوية للنص قبل معاناة التجربة، وتحديد مدى التغييرات التي طرأت على هذه الثقافة بعد التجربة من خلال تحديد أثر هذه التجربة على الأبعاد النفسية والثقافية والمعرفية للشخصيات من جهة، وأثر كل ذلك على الأداء اللساني للشخصيات من جهة أخرى، ثم ربط كل ذلك بالرؤيا التي ينهض بها العمل الروائي. و لكي ينهض النقد الأدبي بهذه المهمة ذات الأبعاد المتشعبة، لا بد له أن يستثمر نتائج الدرس السردي الحديث في مجالات تفاعل البُنى اللسانية والسردية والدلالية والثقافية للوصول إلى صوغ التأويل النهائي للعمل الأدبي.

كما أوضحنا فإن رواية :القنافذ في يوم ساخن" تتميز في كونها تمزج السيرة الذاتية بفن الرواية. وبداية يمكن تعريف السيرة الذاتية على أنها "حكي استرجاعي نثري يقوم به شخص واقعي و ذلك عندما [كذا] يركز على حياته الفردية وعلى تاريخ شخصيته بصفة خاصة."1 أما الرواية فإنها فن سردي نثري يستثمر بنيات تكوينية بعضها يعود لفنون كلامية موغلة القدم مثل الملحمة والحكاية الشعبية، وبعضها الآخر مستقى من فنون أدبية أخرى مثل السيرة الذاتية. وبذلك يمكن الاستنتاج أن رواية السيرة الذاتية تقدم جديلة مضفورة بإحكام تتكون من معطيات التجربة الذاتية من أحداث وشخصيات على وفق ما تنهض باستعادته الذاكرة من جهة، و من استثمار الطاقة الخيالية في الامتداد إلى أحداث وشخصيات يبتكرها الكاتب لمنح رواية سمة إبداعية تتجاوز سقف التجربة الذاتية من جهة ثانية.

وإذا كانت الرواية، كما يقول عبد الملك مرتاض "تتخذ ... لنفسها ألف وجه، وترتدي في هيأتها ألف رداء، و تتشكل، أمام القارئ، تحت ألف شكل؛ ..."[3] فإنها، في رواية السيرة الذاتية، تستثمر عناصر تكوينية من أجناس أدبية وفنية أخرى؛ وستكون السيرة الذاتية الأساسية التي تدخل في صلب تكوينها. وإذا كانت تجربة بعض الكتاب تتخذ لنفسها صيغة المزج المحكم بين عناصر قليلة من التجربة الذاتية وعناصر البناء الروائي الأخرى، فإن من المهم الإشارة إلى أن أغلب الروايات تتضمن بعض العناصر من السيرة الذاتية، وفي الوقت نفسه، فإن أغلب أعمال السيرة الذاتية تتضمن بعض العناصر القليلة المستمدة من مخيلة الكاتب. لذلك فإن المعيار في تحديد رواية السيرة الذاتية ثنائي في طبيعته، فهو ينقسم إلى معيار كمي هو مقدار عناصر التجربة الذاتية المطروحة، وهل هذا المقدار هو المهمين والمتفوق على مقدار عمل المخيلة. و هنا نشير إلى أن راوية السيرة الذاتية قد لا تعتمد على سيرة المؤلف الحياتية برمتها، ومنذ الطفولة و حتى لحظة إنجاز الرواية،[4] و لكنها قد تختار مقطعاً من حياة الكاتب لأسباب فنية وفكرية ورؤيوية فتتخذ منه مادة مهيمنة للسرد. أما المعيار الفني فإنه يتمثل في أن من الشروط الأساسية لرواية السيرة الذاتية أن يكون في الرواية تطابق كامل بين المؤلف والراوي والشخصية، و هو مما يقتضي العودة إلى السياقات الخارجية غير النصية من جهة، وما ينعكس على الأداء الكلامي للنص الروائي الذي يميل إلى هيمنة الرؤية الذاتية للبطل الراوي من جهة أخرى. وهذا هو الملمح الفني الجوهري لرواية السيرة الذاتية. واعتماداً على هذا العرض الموجز للخصائص الفنية البنيوية لرواية السيرة الذاتية، يمكننا القول إن رواية "القنافذ في يوم ساخن" هي رواية سيرة ذاتية بامتياز.

كأن الناقد الروسي ميخائيل باختين كان يتحدث عن رواية (القنافذ في يوم ساخن) حين يؤكد أن "... حبك الأحداث التاريخية الاجتماعية العامة مع الجانب الشخصي للحياة و حتى مع ما يتسم بأعمق الخصوصية فيها، مع أسرار مخادع النوم الخاصة؛ إن مزج ما هو تافه و ثانوي، و الدسائس الشخصية مع الدسائس السياسية و المالية، و الاختراق المتداخل للدولة مع أسرار المخادع، و للنتائج التاريخية مع النتائج المألوفة والسيرية. هنا، يجري تركيز وتكثيف المعالم الجغرافية المرئية للزمان التاريخي و كذلك أيضاً الزمان السيري والمألوف؛ وفي الوقت نفسه يجري ضمها إلى بعضها في ضفيرة في شكل هو من حيث الإمكان، الأشد إحكاما ً وبراعة، منصهر ومندمج في معالم المرحلة المركزية المتكاملة. فالمرحلة لم تعد مرئية جغرافيا ً [أو فضاء ً مكانيا ً] فقط، و إنما مرئية سردياً [أو زمانيا ً]."

قد يثير هذه التشابه بين تنظير باختين هذا والتمثلات الفنية والفكرية والسيرية الماثلة في رواية فلاح رحيم سؤالاً حول احتمال كون هذا النص الباختيني قد شكل حجر الأساس في وعي الكاتب. وأياً كان الجواب فإن ذلك من حق الكاتب الذي هضمت معدته المعرفية خرافاً كثيرة.[5] وحين نعود إلى التشابك الوثيق بين العنوان والمتن، وفي نهاية الفصل الأول من الرواية، يرد ذكر القنافذ تلميحاً حين يعثر البطل على جواب لتساؤله: "إذا كان هدوء البيت والطمأنينة يدجنان الوطن، فما الذي يدجن المنفى؟ لم أجد إجابة حينئذٍ، لكن حديثي المطول الأول مع فرحان في مسقط قادني إلى الإجابة التي شكلت مسار تجربتي في منفاي الجديد. أتذكر الآن جيداً أني في موقفي ذاك وراء زجاج الشرفة في ليلتي الأولى في مسقط، توصلت إلى أن المنفى تأجيل مطول نتكور فيه على أنفسنا في عزلة و انتظار." (ص. 16) فمن الواضح أن الكلام عن التكور على النفس إنما هو إشارة ضمنية إلى حركة القنفذ حين يستشعر الخطر. أما ذكر القنفذ تصريحاً فيرد لأول مرة على لسان ساندرا، وهي إحدى شخصيات الرواية الأساسية، حين تتحدث إلى سليم كاظم، بطل الرواية والراوي الوحيد لها، عن الليلة الماضية (حسب زمان الواقعة السردية) حين جاءت فيها إلى شقته وطرقت الباب، فتصامم عن الاستجابة للطرق نتيجة سخطه عليها، فيركبها العناد فتأخذ هي برمي الحجارة على شباك الشقة. تقول ساندرا:

"أطرف ما في الأمر أني لاحظت وأنا أرجمك بالحجارة من على السطح رجلاً هندياً كهلاً وقوراً يقف جامداً أسفل البناية يرفع نحوي نظرةً مندهشة حائرة. كدت أهتف به أن يلتحق بي في جهودي لإخراج القنفذ من مكمنه." (282)

و هنا نلاحظ أن ساندرا، تلك الخمسينية الاسترالية التي تعمل مع البطل الراوي في الكلية و تقيم علاقة جنسية متكررة معه، هي من أطلق عليه اسم القنفذ. وهي بذلك تنظر إلى القنفذ النظرة المستأنسة، لذلك فهي تريد إخراجه من مكمنه لتلعب معه لعبة الجسد وتقضي وقتاً طيباً يشبع غرائزها ويخفف من شعورها بالفراغ. وهنا نسأل: هل كانت جملتها هي التي اقترحت على المؤلف عنوان الرواية؟ ليس مهماً أن نعثر على جواب ما لهذا السؤال، ولكنه يظل احتمالاً قائماً يسهم في توكيد قولنا إن العنوان والمتن يشتركان في علاقة عضوية تفاعلية. وفضلاً عن ذلك نلحظ أن كلام ساندرا قد تضمن حديثاً عن "رمي الشباك بالحجارة" الذي وصفه الراوي في الفصل السابق، وقد تحولت هذه العبارة إلى "أرجمك بالحجارة". و هذا تحوير ذو دلالة مهمة لأنه يستبدل فعل الرمي بفعل الرجم، و يستبدل المفعول به، وهو كلمة الشباك، بالضمير المتصل الدال على المخاطب. ولما كان معلوماً، من مجريات متن الرواية نفسه، أن الحديث بين البطل وساندرا كان دائماً يدور باللغة الإنجليزية، وأن ما نقله البطل إنما هو ترجمة لكلامها فإن لترجمته كلامها على هذا النحو دلالاتٍ مهمةً. فالترجمة تنطوي بالضرورة، من بين أبعاد أخرى، على أبعاد لسانية وثقافية وتأويلية؛ فهل يمكن القول إن اختيار الراوي لعبارة (الرجم بالحجارة) بدلاً من (الرمي بالحجارة) يشير إلى إحساس الراوي البطل غير الواعي بالخطيئة؟ و هل يكشف هذا الإبدال عن إشارة خفية إلى عقوبة الرجم بالحجارة في بعض الثقافات الدينية، وهي عقوبة خصت بها المرأة في حالة الزنا، ولكن في هذه الرواية حل فيها الرجل مكان المرأة؟ وسنجد دليلاً نصياً على منطقيه هذين السؤالين حين نقرأ، في موضع آخر من المتن كلاماً على لسان البطل حين يبلغ وضجيعته قمة الشهوة، فيقول فيه:

"حين انتفض جسدي وتأوهت ساندرا ارتمينا كالصريعين بصمت وفراغ . كانت الثواني التي أعقبت ذلك مباشرة احتفاءً بما تحقق من تخفف أثم من الهم، وسرعان ما أسلمتنا إلى غفوة قصيرة اختارها الجسد بمنطقه الخاص فكانت أقرب إلى الكفِّ التلقائي المباغت. مر وقت لا استطيع تحديده ثم صحوت على صوت ساندرا الهامس قربي. كانت تقول:

  • سأبيت معك الليلة.

لم أقل شيئاً. كنت بحاجة إلى تصفية الاختلاط الغريب داخلي، و قد أذهلني أن أجد عقلي ينتصب وحيدا ً مرة أخرى، معزولا ً في اعتباراته الخاصة كأنما لا جسد له. ارتوت الرغبة و انسحبت و خلفت وراءها فراغا ً قاحلا ً. لم يبق من الجسد الهامد ما يذكر به إلا حرقة في القرح كثفت إحساسي بالمرض و الانحلال و الخطيئة. لم أتوقع أن تنقلب حالتي من رغبة مشبوبة في ساندرا إلى رغبة باردة عنها. قلت دون أن أفتح عيني:

  • سنهيئ للبقاء القادم. أما اليوم فإن صاحب البناية سيأتي مع عامل لقياس الزجاج." (ص 466)

إن القراءة المتبصرة لهذا النص تكشف عن أن ما يطفو على سطح الكلام قد يخفي دلالات أعمق، فمثلاً، ظاهرياً يصرح الراوي البطل بأن عملية الاتصال الحسي بساندرا قد أورثته إحساساً بالإثم والانحلال والخطيئة لأنه ينظر إلى الممارسة الحسية على أنها "تخفف آثم من الهم". و لكن أحداث الرواية وسلوك الراوي البطل وتأملاته الفكرية المتنوعة المبثوثة في شتى أرجاء المتن الروائي لم تكشف لنا عن نوازع دينية راسخة أو قناعات أخلاقية متزمتة فيما يخص العلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج تسوغ وصف الراوي لعلاقته بساندرا بالإثم والانحلال والخطيئة. ومن هنا يمكن تفسير هذا الكلام على أنه يشير ضمنياً إلى وجود النسق الثقافي المضمر الخاص بمفهوم الخطيئة على وفق التصور الديني، ذلك المفهوم الذي يتجاوز وعي الشخصية لأنه ينبع من طبقات اللاوعي الجمعي الكامنة في كل منا.

كذلك يرينا تحليل هذا النص القصير أن ما يختص بالإخبار عن تيار الوعي عند الراوي، وهو ما جعلناه بخط مائل تمييزاً له عما سبقه وما وليه من كلام، كان ذا طبيعة حوارية مع ضجيعته ساندرا مما يوجب على الشخصية الانتباه إلى العالم الخارجي وإلى المرأة التي يحاورها. ونلاحظ هنا ما وصفناه بالاختصاص بتيار الوعي قد ورد بين عبارتين خبريتين للراوي، الأولى قوله: "لم أقل شيئا ً." والثانية قوله: "قلت دون أن أفتح عيني." وتؤدي كل واحدة من هاتين العبارتين مهمة مختلفة في النص. فالعبارة الأولى "لم أقل شيئا ً." تضع نهاية للكلام عن صلة الراوي مع العالم الخارجي ومع الشخصية التي يدور معها الحوار، ساندرا، وهي عبارة توطئ في الوقت نفسه لبث الكلام المنقول من تيار وعي الراوي؛ أما العبارة الثانية "قلت دون أن أفتح عيني." فهي تنهي الكلام الدال على تيار الوعي وتستأنف الصلة المشار إليها مع العالم الخارجي و مع ساندرا.

وسيذكر القنفذ مفرداً ثانية في تعبير كنائي عن استمكان العنوان من الذات التي تتولى السرد؛ إذ بعد أن يضرب إعصار مدمر مدينة صور الساحلية، وبعد أن تتفاقم أزمة الراوي البطل الذاتية والاجتماعية، يوجز أثرهما عليه بالقول: "لم أكن مستعداً لقبول تدخل لا إنساني يفاقم محنتي." وهي إشارة من الراوي لتأثير الإعصار المدمر عليه، ثم يضيف: "يكفيني ما فعل الإنسان بي. ...... مرَّ وقت بدا طويلاً وأنا في وقفتي المتأهبة تلك لا أجد ما أفعله سوى الانسحاب والتوغل في زاويتي المستهدفة من كل جانب. و داخلني تعب من الوقوف، وربما الكثير مما عداه، فاندفعت إلى الصالة ألتقط أحد كراسي الطعام المتناثرة و عدت لأتكوم عليه في الزاوية. بقيت متكوماً على نفسي ، لا دفاع عندي سوى التكور والعزلة، و حين سحبت قدميَّ من على الأرض وجمعت ساقي على الكرسي برقت أمامي صورة قنفذ منكمش خلف أشواكه النافرة يتقاذفه الصبية بأقدامهم فوق الرصيف ولا يملك ألا أن يقبل كل شيء... كل شيء مهما بدا بشعاً و خالياً من المنطق. كانت صورة قذفتها الريح من طفولتي البعيدة وأتذكر جيداً أنني شهدت حفلة الصبية في تعذيبه لكنَّي امتنعت حينئذٍ عن المشاركة. اكتفيت برصد كرة الأشواك تتناقلها الأقدام و قد تلاشى كل أثر للحياة منها حتى داخلني شكٌّ في أن ثمة حياة تحت أشواكها المتأهبة في دفاع يائس." (ص.430-431) في هذا النص، يقدم لنا الراوي صورة متحركة بين حاضر السرد والسرد المستعاد للقنفذ المنكمش على نفسه بوصفها استعارة دالة عليه شخصياً. و يترتب على هذه الاستعارة القول إن الراوي قد تبنى هنا، صراحة، وصف ساندرا له بالقنفذ، ولكن بمعنى مغاير تماماً لمقصد ساندرا من كلامها. فقد كانت ساندرا تريد إخراج القنفذ من مكمنه لتلعب وتتواصل معه حسياً فتواصل لعبة الحياة، أما الآن فإن حديث البطل الراوي عن صورة القنفذ المنكمش على نفسه يقدم لنا صورة تعبر عن الخوف من الآخرين ومما ينطوون عليه من الكراهية والحقد ومحاولة لعزل الذات عن التواصل مع الآخر! فهي تمثيل رمزي لتجربته في الحياة على أنها تنطوي على الخطر مما يوجب عليه الانكماش كما القنفذ. وتأتي صورة القنفذ و الصبية الذين يعبثون به المستعادة من ذاكرة الراوي لتعمق دلالة الخوف من عدوانية الآخرين والجزع من عدم المقدرة على الدفاع عن النفس لصد عدوانهم لتمنح المتن بعداً زمنياً بندولياً متطاولاً يربط تجربة الخوف من الآخرين إلى زمن الطفولة البعيد.

ويستمر حضور القنفذ في نهاية الرواية حيث يرد ذكره مرة أخرى حين يتحدث الراوي عن الأثر العميق الذي تركه استشهاد شهاب، أو (كامل شياع)، في البطل، فيقول: "بموته أنتقل إلى النقطة القصية التي وفرت لي مرصداً جديداً لا يشبه في شيء كل المراصد التي أتاحها الوطن والمنفى حتى الآن. وهو مرصد يبث في كل ما يحيط به دلالات تتجاوز الخواء والهامشية والتفاهة إلى انتظام غريب وقدسية باهرة. وكما يحدث عندما تقع معجزة أو تمسُّ خليطَ الانحلال والفساد والمرض يدٌّ مقدسة فتشحنه بنقاء سري محير، دهمني إحساس غامض أن كل ما حدث منذ أن حللت في صور يشكل على نحو ما لوحة لها إطار يمنع عنها العشوائية والتصادفية ويعلو على مزقها المضطربة في رأسي. عدت إلى البداية وإلى موعدي الذي تأجل مع شهاب، وتطلعت إلى أفق صور الممتد في غور البحر والظلام وخيمة الهواء المثقلة بالحر والرطوبة. كان يوماً ساخناً خانقاً، وكانت القنافذ تتحصَّن في زواياها المتباعدة على وجه الأرض. أمعنت النظر لا أرى إلا الفوضى التي حولها شهاب بعصا استشهاده إلى أمثولة سرية تدعوني إلى حل مغاليقها، وصعدت النظر الغريب إلى جمهرة من النجوم الأزلية فوق اضطراب ظلام البحر." (ص. 492)

و يقودنا تحليل الدلالة الصريحة في هذا النص الختامي القصير إلى ملاحظة أنه جاء بصيغة تأمل للتجربة ذي صيغة مجازية، وأنه يتناقض مع دلالة التجربة المستفادة من متن الرواية برمته. و مما يؤكد زعمنا هذا أن القنفذ قد ذكر هنا بصيغة الجمع، وأنه جاء ليصف كل البشر في زوايا الأرض المتباعدة، وهو مما يعني تعويم دلالة التجربة الذاتية للبطل على كل البشر في كل زمان ومكان. وقد نقرأ هذا النص الختامي على أنه يشير ضمنياً إلى عملية انسلاخ نفسي يقوم بها الراوي عمن يصفهم بالقنافذ، وذلك بفعل الكلام المجازي عن أثر استشهاد شهاب عليه. فهو مدعو لحل الأمثولة السرية للوجود؛ وتلك مهمة جسيمة تضفي على حياة البطل مغزى بعد أن كانت تعاني من الخواء. ولكننا نرى أن مهمته لن تنجح لأن جهده هذا قد جاء ضمن أطار من المشهد الطبيعي الذي يمثل نقطة زمكانية حاسمة في النص يقترن بصورة النجوم الأزلية في الأعلى، كناية عن الثبات في عالم المثل من جهة، وعن الاضطراب والظلام في عالم البحر في الأسفل، كناية عن عالم البشر أو القنافذ المتحصنة في زواياها من جهة أخرى. وربما تمثل ثنائية النجوم الأزلية والبحر المظلم المضطرب التي تعبر عنها آخر كلمات المشهد الختامي للرواية تعبيراً مجازياً كنائياً عن ثنائية الروح أو العقل من جهة والجسد من جهة أخرى. ولعل هذه الصورة تمثيل رمزي لرسوخ أزمة البطل الشخصية وشمولها. أما بالنسبة لكلام البطل عن مغزى استشهاد شهاب وأثره في فهم البطل لما يدور حوله فإن متن الرواية جميعه يرجح أن هذا الكلام نوع من العزاء النفسي لفاجعة فقد هذه الشخصية التي مثلت معادلاً إيجابياً مهماً لشخصية البطل، وفي الوقت نفسه هي صورة أخرى لها، لكنها شخصية فضلت خيار التضحية الذي تجنبه البطل لأسباب ليست راجحة على وفق منطق الرواية نفسه.

3. الأداء اللساني في الرواية:
يمثل الأداء اللساني، على نحو دقيق، الدالة الأكثر أهمية للكشف عن تفاعل وعينا الفردي والوعي الجمعي، وهما صيغتان مختلفان ومتداخلتان في آن واحد. وإذ يتجسد الأداء اللساني عبر الكلام الفردي، فإن من المفترض فيه أن يتطابق على نحو كامل مع ملفوظات الشخصيات المتكلمة لأنه يعبر عن بصمة ذاتية شديدة الحساسية تعبر عن الأبعاد النفسية والثقافية والمعرفية لكل شخصية سواء كان ذلك في الحياة أم في السرد الأدبي. لذلك فإن الروايات التي تتشكل فنياً على وفق البناء المعبر عن تعدد الأصوات، يجب أن يراعي الكاتب فيها متطلبات هذا الموقف من اللغة في النص الروائي، وأن يقدم للقارئ فسيفساء كلامية كاشفة لتجليات تلك الأبعاد النفسية والثقافية والمعرفية المتباينة بين شخصية وأخرى. ولكن الأمر يبدو شديد التعقيد حين تنبني الرواية على تقنية الرواية ذات السرد الموضوعي الخارجي أو السرد الذاتي الداخلي. ففي النوع السرد الخارجي يتخذ الكاتب من الراوي الخارجي العليم منطلقاً في بناء المادة الكلامية للنص الروائي، لذلك لا بد أن يكون الأداء الكلامي السائد في عملية السرد حصراً معبراً إلى حدٍ كبير عن وجهة النظر المهيمنة التي هي وجهة نظر الراوي العليم. أما في السرد الذاتي أو الداخلي، فإن الراوي لا يكون عليماً لأنه شخصية محكومة بحدود وعيها الذاتي، ومعرفتها بما يقع من أحداث لا تكون إلا من خلال ما هي شاهدة عليها أو ما تسمعه مما يرويه الآخرون لها أو تقرأ عنه في مدونة ما. وهذه الشخصية في المعتاد تكون مشاركة بفاعلية في أحداث الرواية. وهنا ينبغي أن يتطابق السرد الذاتي مع ملفوظات الراوي أو البطل الأساسي للعمل الروائي. ومن هنا فإن الكيفية اللسانية التي يعتمدها الراوي في سرد الأحداث والآراء التي تدلي بها الشخصيات الأخرى في العمل الروائي تتأثر على نحو واضح بموقفه من سير الأحداث ومن الشخصيات المشاركة فيها، فيخضع الأداء اللساني للشخصيات الأخرى لتأثير الطريقة التي يورد فيها ذلك الكلام. وتعد هذه القضية مسألة مهمة لأنها تؤدي، عملياً، إلى نقطة اختلاف لسانية صريحة بين تقنية السرد الموضوعي الخارجي وتقنية السرد الذاتي الداخلي وإن كان مرغوباً، في الحالتين، أن تتمكن الشخصيات كافة من التعبير عما تريد بكلامها المخصوص الكاشف عن قدراتها اللسانية وعن ثقافتها ومواقفها. ولكننا نلاحظ أن الشخصيات في رواية (القنافذ في يوم ساخن) لم تعطَ الفرصة الكافية للتعبير عما تريد بحرية كاملة بسبب من تقنية السرد الذاتية التي أعطت لخطاب الشخصية المحورية الراوية للأحداث منزلة لسانية مهيمنة على خطابات الشخصيات الأخرى. وفي الختام، أقول إن هذه الرواية قد انطوت على كل ما يمكنها من إنجاز وظائفها الفنية والجمالية والفكرية كافة بفعالية ونجاح يضعانها في منزلة الروايات الكبرى المعبرة عن محنة الذات المثقفة في مرحلة تاريخية حافلة بالاضطراب والقلق واليأس.

الهوامش و الملاحظات:

 

[1] صدرت رواية فلاح رحيم (القنافذ في يوم ساخن) عن دار الكتاب الجديد المتحدة في بيروت في العام 2012.

[2] بسام قطوس،) سيمياء العنوان) إربد- الأردن، ط1. 2002. ص 39 و53.

[3] عبد الملك مرتاض، "في نظرية الرواية: بحث في تقنيات السرد" سلسلة عالم المعرفة، 1998. ص 24.

[4] تربطني علاقة شخصية نبيلة بالصديق الأستاذ فلاح رحيم منذ أن كنا طالبين، أنا في الدراسة الإعدادية وهو في الدراسة المتوسطة. وأعرف عن حياته الشخصية والإبداعية الشيء الكثير. بيد أنني لم أشأ أن أستثمر هذه المعرفة في هذه المدونة النقدية لأنها مما يمكن أن يغني عنه نص الرواية نفسها.

[5] تورد عبارة "ما الأسد إلا مجموعة من الخراف المهضومة" للإشارة إلى وجود التناص مع نصوص أخرى، وأن لا وجود لنص من دون تناص. ولكن قصدنا من إيراد جزء منها لم يكن للإشارة وجود تناص إنما إلى تفاعل والثقافة والمعرفة والتجربة في صوغ النص الروائي.