كلما تساقطت أولى خيوط الشمس الخجولة على جبين صباح وليد، تبدأ هي كعادتها تتأرجح بخيوط شبقها البراقة بعد انقضاء ساعات معتمة بكماء، برفق يحركها النسيم ذهابا وجيئة وكيفما يشاء، بعناية تتحسس مؤخرتها المكتنزة شوقاً ولهفة لأي عاشقٍ جاء مقتفيا أثر عطرها الجنسي الذي يصعب مقاومته، مهيأة إياها لأول وافد سيحظى بمداعبتها ويأنس بمفاتن أنوثتها حال وصوله. ولأنها لا تتقن رسم ابتسامة على وجهها المتجهم بدقة متناهية، كثيراً ما أشيع أنها أُجهضت عنوة من رحم حزن عميق، ولكثرة إفراطها في معاشرة الذكور دون ملل، بات هيكلها الأدكن لا يقوى على التخلص من إدمان العهر ومعاقرة الفجور، براعتها بإخفاء معالم كل جريمة حب اقترفتها لم يحد من مناداتها بسفاحة اللذة وقاهرة الأحلام، ولأنها تريد الاحتفاظ بذكريات لحماقاتها مع من منحتهم وطأها ذات رذيلة، أعدت لكل واحد منهم في أحشائها ضريحاً يناسب قوة فحولته وسذاجته، لكنها لم تدرك بعد كم أسرفت بتشييد قبور متنوعة في جوف بطنها التي تكاد أن تنفجر حتى باتت كمقبرة قديمة لرفات عشاق راحلين بخطوات سريعة تدور حول قبرين آخرين جديدين، أحدهما طمرته بعد أن دست فيه جثة عشيق الليلة الفائتة والآخر حفر بحبكة دفان توارث مهنته باحتراف بانتظار من يقوده جنون نزوته للنوم فيه، بلعابها الذي تفوح منه روائح رغبات شتى، تغسل ما علق بيديها من بقايا أجسادهم التي تقلبت بين أحضانها، بإغراء تسير كبنت ليل أمام حانة للعزاب، قامت بإبراز مؤخرتها الكبيرة متسلقة خيوط الموت، معلنة عن استقبالها لأي عريس جديد. متمتعة بمكر ودهاء شاسعين، وكأنها شمطاء عجوز أفنت عمرها بإعداد المكائد لاصطياد المغفلين بالرغم من سنوات نموها التي لم تكتمل بعد، فهي مازالت عنكبوتاً صغيرة سوداء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاص عراقي من مواليد سوق الشيوخ، الناصرية، صدرت له: عن مطبعة الرفاه مجموعة قصصية (ما كان وراء السديم) 2012. وله قصص مخطوطة، منها: (صفدر). (رماد جدي). (وشم السماء) و(أبناء الفاتح) رواية مخطوطة.