ثمة اشخاص لا يتركون اكثر من تواقيعهم في الروح

سليمان جوني

كما لو أن لوحة الواقع لا تكتمل الا برحيل من يتحرك داخلها ، هكذا قرر الاشرار بالإنابة عنا جميعاً ، ان يخرج الفنان ياسين عطية من اللوحة ولأنه الطفل الذي لا يكبر فقد استجاب بطيبته لهم ، وكمن يجمع كيس بطاطا مفتوح في وسط الشارع هكذا سارع هذا الطفل الكبير لان يجمع اجزاء جسده التي تشظت على ارصفة بغداد بفعل قوة الانفجار ، وكأن بغداد التي احبها وتعلق بها ترفض ان تمنحه حق الاقامة ، جاء من منفى واقام في منفى وعاد الى منفى ومات في منفى . ثمة اشخاص لا يتركون اكثر من تواقيعهم في الروح ، وياسين عطية ترك تواقيعه على كل من مر به ، وكما هي عادته لا يمكن الا تخيله وهو ينحني على الارض ويجمع ما يتساقط منه ، ذكرياته التي يخبئها في الخزانة ـ خزانة الألم ـ ضحكاته المعلقة مثل بقع في وجوه الاصدقاء واحلامه التي لم تكتمل .. ثم يرحل .. يرحل بهدوء ولكن من مكان بعيد بإمكاننا ان نسمع وقع اقدامه على الارضية الصلبة فالحقيبة ثقيلة مثل وجع الاسنان والطريق لا ينتهي ..

رحل الفنان ياسين عطية وترك الحزن في جيوبنا ثقيلاً مثل الحصى .

رحل الفنان ياسين عطية حتى من دون ان يلوح لأصدقائه من اعلى سنة في العالم .

رحل الفنان ياسين عطية وهو يفرط بالضحك على ما يحصل ، فالعالم ليس اكثر من نكتة وقحة.

من محبيك ..

من اصدقائك

من الفنانين

من المشتغلين في حقول الثقافة

نقول لك وداعاً ايها الانسان والفنان الجميل ياسين عطية