هذه بعض من كلمات التي تفوه بها الشاب محمد بوعزيري (تصبحون على وطن أجمل) اطلقها هذا الشاب التونسى بملئ عقيرته بعد ان اذله القهر والركض وراء لقمة العيش ولم يشفع له تحصيله العلمي ان يجد عملا يتماشى ومؤهله فامتهن بيع الخضروات والفواكه في الارصفة ليبقى وعائلته على قيد الحياة في وطن لايقدم لابنائه الا الذل والمهانة بفعل عصابات الحكم الكتاتوري والمستبد التي تمتص دماء الكادحين وعموم المواطنين وتجعل الاوطان مزارع للحاشية والمقربين والجلاوزة .
بوعزيزي البائع المتجول الذي عاف حياة الدنيا ليكون وقود لثورة الشعب التونسى البطل فأشعل نفسه احتجاجا على مصادرة عربته و اهانة كرامتة الانسانية من قبل احد عناصر الشرطة الذي لايقل حاله بؤسا وعوذا منه ولكنه يقوم بواجبه ظنا منه انه يخدم القانون والوطن الذي تسلب فيه الحقوق الانسانية ولكنه في حقيقة الامر كان يحرس الفساد و الدكتاتورية التي تطعم الغلابا الهراوات والحصرم, انهى حياته بطريقة تراجيدية وترك خلفه أم ثكلى واخوات كان يعيلهن ليعطي شعب تونس والشعوب المقهورة عبر ودروس وتوق لحياة افضل, ان يدفع الشعور بالظلم امرء بانهاء حياته هي مأساة حقيقية لان النفس غالية على المرء وعلى الانسانية وهي مكرمة لايجوز المساس بها أواهانتهاحتى ولو بوجه حق فهي (محل نظر) وصونها غاية لكل الانظمة والقيم الفكرية والانسانية.
عبرة لمن يعتبر
انتفاضة تونس الخضراء فعل شعبي حقيقي يعبر عن تطلعات هذا الشعب الابي الذي عان على مر خمسين عاما الذل والقمع وشظف العيش في حين ان القطط السمان من الحاكميين والتملقين والفاسدين يعيشون حياة مترفة بمقدرات هذا البلد وعرق المواطنين و الكادحين الذين يكابدون طول حياتهم من اجل البقاءفي ظل ظروف اقل مافيها انها لايستحقها انسان صحيح ان تونس تتقدم الدول العربية والاسلامية اذ حفظت بعض الحقوق للمرأة والتي رايناها في الانتفاضة تتقدم الصفوف وعلى اكتاف الرجال, وتتمتع تونس بشراكة مع الاتحاد الاوروبي لمايتماشي بعض انظمتها مع الاعراف الدولية ولكن ذلك لم يشفع لدكتاتورها الاستمرار في صلفه .هرب الدكتاتور وزوجته وحراسه مصطحبا معه اموال الشعب هذا هو حال كل الطواغيت فقد هرب من قبل شاوسسكو وسلخ وشاه ايران وعبود و نميري ومنقستو وموبوتو... حالهم كحال الخارجين عن القانون يلوذون بأنفسهم بعد ان يكونوا قد خلفوا ورائهم الدمار وأوطان تعيش الفوضى والفقر والتخلف والجوع وسجون تعج بضحاياهم من شرفاء الوطن الذين لم يتمكن الدكتاتوريون القضاء عليهم جسديا.
الحالة التونسية عبرة لكل الطغاة و للدكتاتور افورقي والمعارضة الارترية التي من ضعفها وعجزها السياسي تعول علي الغير في احداث التغيير, لبعدها من الشعب الارتري ماعدا من بعض المطبليين من الملة والعشيرة وبعض من تدغدغ عواطفهم بالمشاعر الطائفية فهي منزوية الخطاب والفعل لانها امتهنت الكسل السياسي الذي ولده العجز في استشراق نهضة شعبية تحررية ليس ذلك فحسب انها تكرر نفسها لانها ليست من هذا الزمن بل هي في الاغلب من مخلفات الكفاح المسلح الذي يقسم الافكار الى (من مع العدو ومن مع الثوار) ولاتر من فعل مجدي الا للسلاح فلاتجد لهم مناصر في المصنع والحقل والحي او بين الباعة المتجولين الذين يطعمون هراوات العسكر ليعودوا بلقمة لاطفالهم او لقيمات يقمن صلبهم, صحيح ان الحالة الارترية لاتشابه الوضع التونسي ولكن الفعل الشعبي فعل تراكمي فماذا قدمت المعارضة الارترية في هذا التراكم؟ الذي بامكان ان يشعله عود ثقاب اذا وصل للذروة كما فعل طارق وهو الاسم الحقيقي لبوعزيزةكما ان الحرب العالمية اشعلتها رصاصة, ان احتقار الفعل الشعبي وارادة الجماهير هو من فعل الطغاة والدكتاتوريين والعصابات وكل تغيير تأتي به مليشات مسنودة من الخارج لامحالة فهو فعل لايمثل ارادة الشعب كفعل الدكتاتورية نفسها, كم من مليشات تقاتل الحكومات في شمال افريقيا بما فيها تشاد وهي مسنودة من الجوار ومن خارج الحدود ولكن لم تجلب التغيير وروح بائع متجول فردي احدث تحول جذري واسقط دكتاتورية عندما توفرت له الارادة الشعبية والنضال السلمي الذي قادته المعارضة التونسية من داخل وطنها لمدي طويل وهي شئ لاينوجد للمعارضة الارترية ولكنه ليس مستحيل اذا عملت من اجله ولكنها ترى نفسها وصية على الجماهير كالدكتاتورو تحتقرالشعب بل تكيد لبعض فئاته, لذا ستظل تقدم الخدمات لدول الجوار كفزاعات امنية ثم ينتهي مفعولها كما فعلت بها الانقاذ سابقا , عليكم بمخاطبة عموم الشعب والتعبير عن تطلعاته لانه صاحب المصلحة في التغيير وبارادته تحكمون وبرغباته تسيرون وعندها يمكن لبائع (بلس) اي فاكهة الصبار ان يكون وقود ثورة ضد الطغيان. اما الدكتاتور افورقي فاليعتبر من بن علي الذي رفض اسياده ان يستقبلوه لانه فاقد ( لكل شئ) ومنبوذ من شعبه وهم حريصون على مصالحهم, الدكتاتور بن علي لم يرد عنه حراسة ومخبريه واجهزة امنه والمصفقين له وحلفاءه الدوليين الذين خدمهم طليلة عمره قضب الشعب التونسي لان قضب الشعب لاراد له فانه كالقدر لا محال فهو واقع فعلى افورقي تسليم السلطة للشعب الارتري وتحرير السجناء واطلاق الحريات والدعوة للمصالحة الوطنية والتحصن بالشعب باعادة اللاجئين والمشردين واعلان الحريات و الديمقراطية وسيلة سياسيةلادارة البلد وعندها سيجد قبرا يضمه داخل وطنه بدل ان يستجديه في ملجئه.
للجيوش في العالم الثالث دور مهم اذا هي اصبحت حامية للوطن وملبية تطلعات الشعب كما فعل الجش السوداني ابان انتفاضتين 64,85 وما قام به الجيش التونسى بانحيازه لابناء شعبه الذين واجهوا الرصاص الدركي بصدورهم العارية هو فعل وطني لايقل عن دورهم في التصدي للعدوان الخارجي وحماية البلاد وهي او تجربة للجيش التونسي يخوضها وينجح فالتحية لهولكل جندي يكون حارسا للبلاد من الاستبداد والعدوان ولا اعتقد ان الجيش الارتري لم يستفد من هذه التجربة خاصة وان له تجربة فاشلة في التسعينات ولكن له ان يعيد الكرة لينجي البلاد والعباد من الانهيار الاكبر اما هؤلاء الذين يقولون ان الجيش هم خنازير افورقي فهو رأي غير صائب اما الشباب الارتري الذي كان له شرف تحرير الارض بالتضحيات الجسام فان عليه مسؤولية كبير بتغيير الواقع المر الذي يعيشه الانسان الارتري فلا يجدي الخلاص الفري الذي يهرب به البعض من مواجهة المسؤولية الوطنية, انه لمصلحة استمرار الدكتاتورية في صلفها وجبروتها ومن يبيعونكم في سوق النخاسة هم ضباط الدكتاتورية و مهربيهم المحترفين الرشايدة الذين خدموا الطاغية منذ نعومة اظافره فلايجب ان لا تنطلي عليكم الخدعة ,فالخلاص في خلاص شعبكم من الدكتاتورية وكم منكم مات في الصحراء او البحار واعرفكم انكم لاتهابون الموت ولكن تفتقدون للتنظيم... التحية للشعب التونسي وشبابه والخلاص لكل الشعوب المقهورة في الانعتاق.
كاتب ارتيري