كفى من حوادث السير الثقافية

المصطفى الصوفي

هل سيتجاوز اتحاد كتاب المغرب محنته الأخيرة، هل سيحاول اتحاد كتاب المغرب بتركيبته الجديدة إعادة وهيج الثقافة إلى البلاد، هل سيستطيع الفريق الجديد للمكتب الجديد أن يتجاوز أزمته الخانقة التي تخبط فيها منذ سنوات، هل سيتمكن اتحاد كتاب في المغرب أن يتجاوز خلافاته، بعيدا عن لغة الوعد والوعيد والقفازات، ويعلن عهدا جديدا تتصالح فيه الذات مع الأخر، ويتصالح فيه الإبداع مع الجمهور والمتلقي، هل سيستطيع الفريق الجديد بقيادة عبد الرحيم العلام أن يمنح للاتحاد جرعة الحياة بعد الكثير من حوادث السير الثقافية والإبداعية التي ارتكبت خلال السنوات الأخيرة، وخلفت العديد من الضحايا والخسائر، هل سيستطيع اتحاد كتاب المغرب بعد مؤتمره الأخير، أن يغير صورة حالة الثقافة المسكينة، وصورة الاتحاد بكل تفاصيله وأن لا يبقى حكرا على بعض الأسماء والوجوه التي تدعي لنفسها الثقافة والإبداع، وتصر على ترسيخ سواد الإقصاء التام والصارخ للجيل الجديد من المبدعين الشباب....؟؟؟

أسئلة كثيرة ومتعددة تواجه الفريق الجديد للاتحاد، في مرحلته الصعبة، وبالتالي على هؤلاء المنقذين الجديد أن يكونوا أقوياء الشكيمة، حتى يصعدوا الجبل بما فيه من منعرجات ومنزلقات، وكثير تضاريس صعبة..دون أن نردد في الأخير تمخض الجبل وولد فأرا.

الكل وضع أسلحته جانبا الآن، في انتظار ما سيقدم عليه الفريق الجديد من هذا الاتحاد، من عمل جاد ومسؤول، وقرارات، وبرامج، واستراتيجيات من شأنها أن تمنح للاتحاد صورة أخرى، ليس كتلك الصورة التي ألفها المتتبعون للحقل الثقافي والإبداعي ببلادنا.

إن العديد من المتتبعين لا يريدون أن يبقى اتحاد كتاب المغرب لكل من هب ودب، ولذوي الإعاقات الثقافية المستعصية، ولذوي القربى والأهل الأصحاب والأصدقاء، يأكلون خيراته، يشربون شاي استراحته، ويسافرون ويتمتعون، ويمثلون ثقافة البلاد دون حسيب أو رقيب، ودون أن تكون هناك اختيارات موضوعية لا تفرق لا  بين الصالح والطالح....إن الكثيرين من الغيورين على الاتحاد مهما كانت صراحتهم جارحة ومحرجة، إلا أنهم يريدون لهذه الجمعية ذات النفع العام أن تكون في صالح الثقافة والإبداع المغربي الجيد من طنجة إلى الكويرة، بدل أن تتحول إلى نادي للأصدقاء، ولأشخاص ووجوه معروفة تفهم في الشعر والرواية والسينما والمسرح والقصة وما إلى ذلك، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين من المثقفين الشرفاء ينفضون أيديهم عن هذا الإطار الثقافي، ويخرجون من الباب الخلفي بسلام.

العديد من المثقفين والمبدعين المغاربة الذين وصموا تجاربهم بالتميز، كالراحلين محمد شكري ومحمد زفزاف وغيرهما، لم يحتاجوا إلى  مثل هذه الجمعيات لكي يتألقوا، كانت موهبتهم تسبقهم إلى ذلك، وبالتالي على اتحاد كتاب المغرب أن يأخد العبرة من العديد من المبعدين ومن الاتحادات العربية والدولية، التي جعلت من الثقافة بكل ديمقراطية تاج حضارتها وسلوكها.

لا بد من التذكير في الأخير بأن الاتحاد الآن، في حاجة إلى هيكلة جذرية للعديد من قواعده وبرامجه وأنشطته، وطرق تواصله مع الأخر، وهو الأمر الذي يستدعي جهودا مضنية والكثير من الدعم المعنوي والمادي، وبالتالي على المسؤولين وكل الغيورين على الثقافة،نسيان ما مضى، وأن يمدوا لهذه الجمعية يد العون دون تركها تغرق، وتتخبط في مشاكلها وحدها، فالتغيير والنجاح يهم الجميع وفي مصلحة الجميع، ومن ثمة على الجميع كل واحد من موقعه أن  يساهم في إنجاح هذه التجربة، حفاظا على ماء وجه ثقافتنا المغربية الشاحبة التي تحتاج إلى أكثر من تشريح وحبة أسبرين كي تتعافى وتعود إلى سيرتها الأولى.