رساله المغرب
في رحيل "الماضي البسيط"
في وداع الكاتب إدريس الشرايبي توالت فواجع المشهد الثقافي في المغرب، بعد رحيل الروائي والكاتب إدريس الشرايبي. لينضاف الى لائحة الأسماء التي ودعتنا السنوات الأخيرة. القاصة مليكة مستظرف، الشاعر محمد رزقي، الشاعر محمد الطوبي، المبدع محمد زفزاف، الكاتب محمد شكري، الروائي والشاعر محمد خير الدين. هؤلاء الذين وقعوا شهادة الغياب، شكلوا مسارات وتجارب ثقافية وإنسانية في المشهد الثقافي المغربي على امتداد العربي والكوني .. بل ساهموا في تخطيط هذا الأفق الخصب. وبغياب هذه الأسماء وغيرها يكون الأدب المغربي قد فقد إحدى أهم حلقات توهجه، أسماء خططت بعضها تجربة أدبية وساهمت في تشكل الأدب المغربي الحديث، بعمقه الأمازيغي المكتوب بالفرنسية عند محمد خير الدين، بعمقه الكوني والإنساني عند محمد شكري، بوشائج عربية مغمسة في تربة المغرب المركب عند محمد زفزاف، وبعمق متوسطي، بلغة موليير عند الراحل إدريس الشرايبي أحد مؤسسي الرواية المغربية. في بلادروم بجنوب غرب فرنسا، توقفت دقات قلب الروائي والكاتب المغربي باللغة الفرنسية إدريس الشرايبي إثر أزمة قلبية مفاجئة، نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات المدينة، وكان الراحل قد اعتاد في السنوات الأخيرة إقامة متنقلة بين فرنسا والمغرب بلده الأصلي. وقد اشتهر الكاتب الراحل، الذي ولد يوم 15 يوليو 1926 بمدينة الجديدة، والتي تعتبر أحب المدن إلى قلبه، اعتبارا لتاريخها الخاص، "وقد احتفت به كلية الآداب بوشعيب الدكالي بحضوره هذه السنة". اشتهر الراحل إدريس الشرايبي على الخصوص بروايته المتميزة والرائعة "الماضي البسيط" التي صدرت سنة1954. "Le passé simple"باكورته الروائية الأولى التي أحدثت ضجة لدى صدورها في فترة كان المغرب ما يزال يرزح تحت الإستعمار، وظهر فيها "نقد عنيف، بل جذري للتقاليد ووجوه الثقافة السياسية للمرحلة أغضبت الوطنيين المغاربة". لكنها، لم تكن عمله الأدبي الوحيد، بل إنه خلف وراءه بيبيلوغرافيا أدبية تربو على 15 كتابا منها روايات بوليسية وتاريخية. نذكر منها: الماضي البسيط 1954 Le Passé simple الماعز 1955 Les Boucs من جميع الآفاق 1958 De Tous les horizons النجاح المفتوح 1962 Succession Ouverte سيأتي صديق لرؤيتكم 1967 Un Ami viendra vous voir الحضارة أمي 1972 La Civilisation ma mère ميت في كندا 1975 Mort au Canada تحقيق في بلد 1981 Une Enquête au pays أم الربيع 1982 La Mère du printemps ولادة عند الفجر 1986 Naissance à l'aube المفتش علي 1991 L'Inspecteur Ali رجل الكتاب 1995 L'Homme du livre المفتش علي في جامعة ترينتي 1995 L'Inspecteur Ali à Trinity College المفتش علي والاستخبارات المركزية الأمريكية 1996 L'Inspecteur Ali et la CIA قرأ وشوهد وسمع 1998 Lu, vu, entendu العالم جانبا 2001 Le Monde à côté الرجل الذي أتى من الماضي 2004 L'homme qui venait du passé تابع تعليمه بثانوية اليوطي بالدار البيضاء. التحق في 21 شتنبر 1945 بفرنسا لمتابعة دراسته العليا في الكيمياء حيث حصل على دبلوم مهندس كيميائي سنة 1950. كما تابع دراسات متقطعة في علم النفس المرضي، اشتغل بعدة مهن: مهندس كيميائي، حارسي ليلي، حمال، عامل، مدرس للعربية، منتج بالإذاعة الفرنسية، كما درس الأدب المغاربي بجامعة لافال بكندا سنة 1970. انضم الراحل الى اتحاد كتاب المغرب في 17 ماي 1961. ويتوزع إنتاجه الأدبي بين الرواية والقصة القصيرة. اشتغل إدريس الشرايبي كمنتج بـ "مكتب الراديو والتليفزيون الفرنسي" بباريس، مثلما امتهن الصحافة لبضع سنوات، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف بشكل نهائي. ولقد حصل إدريس الشرايبي على عدد من الجوائز الأدبية، من بينها: ـ جائزة إفريقيا المتوسطية على مجموع أعماله. ـ وجائزة الصداقة الفرنسية - العربية سنة 1981. ـ ثم جائزة "مونديللو" على ترجمته لكتاب "مولد الفجر" في إيطاليا. روايته الأولى "الماضي البسيط" احتفى بها النقاد الفرنسيون بشكل لافت، لكن تجربته مع مجموعة أنفاس/souffles المغربية، مع الشاعر عبداللطيف اللعبي جعلت المثقفين المغاربة يعيدون هذا الروائي الى وضعه الاعتباري الأصلي. وقد ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة الشهداء بالدارالبيضاء، بحضور عائلته وثلة من أصدقائه، ومثقفين وكتاب مغاربة. وقد سبق أن أعلنت السيدة شينة الشرايبي زوجة الكاتب المغربي الكبير ادريس الشرايبي، أنه ستتم مواراة جثمان الراحل الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء قرب والده، موضحة أنه "من المهم جدا أن يدفن في بلده الأصلي" وقد سبق للراحل أن توجه شهر فبراير الماضي إلى المغرب للتحضير لكتابه الجديد. لكن رحل قبل أن يتممه.وإذا كانت روايته "الماضي البسيط" قد جرت عليه لعنة، جعلت من أي مقاربة لإنتاج الروائي إدريس الشرايبي لا تخرج عن تنميط تلك "الرؤية" "الفرنكفونية" المركبة.فإن الأدب المغربي الحديث مدين لإدريس الشرايبي ولغيره من الكتاب الذين رحلوا واختاروا لسانا آخر للتعبير عن رؤاهم، نذكر هنا محمد خير الدين الروائي والشاعر..بالشيء الكثير، نظرا للعمق الكوني والإنساني الذين أسسوا مساراته، من داخل مرجعياتهم الأصيلة. شهادات حوله ـ الكاتب الطاهر بن جلون: "الكاتب إدريس الشرايبي، كاتب ملتزم وشجاع، فتح الطريق أمام العديد من أجيال الكتاب المغاربيين، إنه الأفضل بيننا.. لقد كان أستاذنا.. إنه كاتب كبير.. وروايته "الماضي البسيط" التي صدرت سنة1954 ، هي عمل رائع يعادل من حيث أهميته رواية "الأجنبي" لألبير كامو". ـ الروائى المغربي المقيم بهولندا فؤاد العروي "الإعلان عن وفاة ادريس الشرايبي كان صدمة كبيرة بالنسبة للجميع..لقد عاش حياة جميلة وغنية مع أشخاص يكنون له كل الحب والتقدير". ـ الكاتب والصحفي لحسن العسيبي "هو الذي كان يضيق بالشهرة والجاه، ويسعد بالفهم والتواصل والصدق.. وليس اعتباطا أنه من الآباء المؤسسين للأدب والرواية في بلداننا المغاربية، وأن اللغة الفرنسية كمُلَت به، حين منحها أن تبدع نماذج أدبية، لها توابل وجماليات وخصوصيات سماوات أخرى بعيدة، لم يكن لمبدعي وروائيي فرنسا أن يعيشوها أو يدركوا سحرها الآسر..ادريس الشرايبي، خرجت من تحت جبته مدرسة مغاربية كاملة للإبداع الروائي، تتوازى وتتقاطع مع إبداعية اسمين مغاربيين آخرين، هما الراحل محمد خير الدين من المغرب وكاتب ياسين من الجزائر..". ـ الكاتب حسن نرايس "سيشهد التاريخ الطويل بأن الأديب الراحل سيترك، ولا محالة، بصمات قوية في مجال الإبداع الروائي المغاربي المكتوب بلغة موليير..ادريس الشرايبي كان دوما يربط الأدب بالحياة، وسخر باستمرار قلمه للدفاع عن أدنى الشروط الموضوعية للحياة الإنسانية الكريمة.. قلم يتميز بالشغب الجميل والجرأة بدون مهادنة والكلمة الصافية النقية الصادقة..". alkalimah_maroc@yahoo.com
في وداع الكاتب إدريس الشرايبي
توالت فواجع المشهد الثقافي في المغرب، بعد رحيل الروائي والكاتب إدريس الشرايبي. لينضاف الى لائحة الأسماء التي ودعتنا السنوات الأخيرة. القاصة مليكة مستظرف، الشاعر محمد رزقي، الشاعر محمد الطوبي، المبدع محمد زفزاف، الكاتب محمد شكري، الروائي والشاعر محمد خير الدين. هؤلاء الذين وقعوا شهادة الغياب، شكلوا مسارات وتجارب ثقافية وإنسانية في المشهد الثقافي المغربي على امتداد العربي والكوني .. بل ساهموا في تخطيط هذا الأفق الخصب. وبغياب هذه الأسماء وغيرها يكون الأدب المغربي قد فقد إحدى أهم حلقات توهجه، أسماء خططت بعضها تجربة أدبية وساهمت في تشكل الأدب المغربي الحديث، بعمقه الأمازيغي المكتوب بالفرنسية عند محمد خير الدين، بعمقه الكوني والإنساني عند محمد شكري، بوشائج عربية مغمسة في تربة المغرب المركب عند محمد زفزاف، وبعمق متوسطي، بلغة موليير عند الراحل إدريس الشرايبي أحد مؤسسي الرواية المغربية.
في بلادروم بجنوب غرب فرنسا، توقفت دقات قلب الروائي والكاتب المغربي باللغة الفرنسية إدريس الشرايبي إثر أزمة قلبية مفاجئة، نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات المدينة، وكان الراحل قد اعتاد في السنوات الأخيرة إقامة متنقلة بين فرنسا والمغرب بلده الأصلي. وقد اشتهر الكاتب الراحل، الذي ولد يوم 15 يوليو 1926 بمدينة الجديدة، والتي تعتبر أحب المدن إلى قلبه، اعتبارا لتاريخها الخاص، "وقد احتفت به كلية الآداب بوشعيب الدكالي بحضوره هذه السنة". اشتهر الراحل إدريس الشرايبي على الخصوص بروايته المتميزة والرائعة "الماضي البسيط" التي صدرت سنة1954. "Le passé simple"باكورته الروائية الأولى التي أحدثت ضجة لدى صدورها في فترة كان المغرب ما يزال يرزح تحت الإستعمار، وظهر فيها "نقد عنيف، بل جذري للتقاليد ووجوه الثقافة السياسية للمرحلة أغضبت الوطنيين المغاربة". لكنها، لم تكن عمله الأدبي الوحيد، بل إنه خلف وراءه بيبيلوغرافيا أدبية تربو على 15 كتابا منها روايات بوليسية وتاريخية. نذكر منها:
تابع تعليمه بثانوية اليوطي بالدار البيضاء. التحق في 21 شتنبر 1945 بفرنسا لمتابعة دراسته العليا في الكيمياء حيث حصل على دبلوم مهندس كيميائي سنة 1950. كما تابع دراسات متقطعة في علم النفس المرضي، اشتغل بعدة مهن: مهندس كيميائي، حارسي ليلي، حمال، عامل، مدرس للعربية، منتج بالإذاعة الفرنسية، كما درس الأدب المغاربي بجامعة لافال بكندا سنة 1970. انضم الراحل الى اتحاد كتاب المغرب في 17 ماي 1961. ويتوزع إنتاجه الأدبي بين الرواية والقصة القصيرة. اشتغل إدريس الشرايبي كمنتج بـ "مكتب الراديو والتليفزيون الفرنسي" بباريس، مثلما امتهن الصحافة لبضع سنوات، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف بشكل نهائي. ولقد حصل إدريس الشرايبي على عدد من الجوائز الأدبية، من بينها: ـ جائزة إفريقيا المتوسطية على مجموع أعماله. ـ وجائزة الصداقة الفرنسية - العربية سنة 1981. ـ ثم جائزة "مونديللو" على ترجمته لكتاب "مولد الفجر" في إيطاليا.
روايته الأولى "الماضي البسيط" احتفى بها النقاد الفرنسيون بشكل لافت، لكن تجربته مع مجموعة أنفاس/souffles المغربية، مع الشاعر عبداللطيف اللعبي جعلت المثقفين المغاربة يعيدون هذا الروائي الى وضعه الاعتباري الأصلي. وقد ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة الشهداء بالدارالبيضاء، بحضور عائلته وثلة من أصدقائه، ومثقفين وكتاب مغاربة. وقد سبق أن أعلنت السيدة شينة الشرايبي زوجة الكاتب المغربي الكبير ادريس الشرايبي، أنه ستتم مواراة جثمان الراحل الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء قرب والده، موضحة أنه "من المهم جدا أن يدفن في بلده الأصلي" وقد سبق للراحل أن توجه شهر فبراير الماضي إلى المغرب للتحضير لكتابه الجديد. لكن رحل قبل أن يتممه.وإذا كانت روايته "الماضي البسيط" قد جرت عليه لعنة، جعلت من أي مقاربة لإنتاج الروائي إدريس الشرايبي لا تخرج عن تنميط تلك "الرؤية" "الفرنكفونية" المركبة.فإن الأدب المغربي الحديث مدين لإدريس الشرايبي ولغيره من الكتاب الذين رحلوا واختاروا لسانا آخر للتعبير عن رؤاهم، نذكر هنا محمد خير الدين الروائي والشاعر..بالشيء الكثير، نظرا للعمق الكوني والإنساني الذين أسسوا مساراته، من داخل مرجعياتهم الأصيلة.
شهادات حوله ـ الكاتب الطاهر بن جلون: "الكاتب إدريس الشرايبي، كاتب ملتزم وشجاع، فتح الطريق أمام العديد من أجيال الكتاب المغاربيين، إنه الأفضل بيننا.. لقد كان أستاذنا.. إنه كاتب كبير.. وروايته "الماضي البسيط" التي صدرت سنة1954 ، هي عمل رائع يعادل من حيث أهميته رواية "الأجنبي" لألبير كامو".
ـ الروائى المغربي المقيم بهولندا فؤاد العروي "الإعلان عن وفاة ادريس الشرايبي كان صدمة كبيرة بالنسبة للجميع..لقد عاش حياة جميلة وغنية مع أشخاص يكنون له كل الحب والتقدير".
ـ الكاتب والصحفي لحسن العسيبي "هو الذي كان يضيق بالشهرة والجاه، ويسعد بالفهم والتواصل والصدق.. وليس اعتباطا أنه من الآباء المؤسسين للأدب والرواية في بلداننا المغاربية، وأن اللغة الفرنسية كمُلَت به، حين منحها أن تبدع نماذج أدبية، لها توابل وجماليات وخصوصيات سماوات أخرى بعيدة، لم يكن لمبدعي وروائيي فرنسا أن يعيشوها أو يدركوا سحرها الآسر..ادريس الشرايبي، خرجت من تحت جبته مدرسة مغاربية كاملة للإبداع الروائي، تتوازى وتتقاطع مع إبداعية اسمين مغاربيين آخرين، هما الراحل محمد خير الدين من المغرب وكاتب ياسين من الجزائر..".
ـ الكاتب حسن نرايس "سيشهد التاريخ الطويل بأن الأديب الراحل سيترك، ولا محالة، بصمات قوية في مجال الإبداع الروائي المغاربي المكتوب بلغة موليير..ادريس الشرايبي كان دوما يربط الأدب بالحياة، وسخر باستمرار قلمه للدفاع عن أدنى الشروط الموضوعية للحياة الإنسانية الكريمة.. قلم يتميز بالشغب الجميل والجرأة بدون مهادنة والكلمة الصافية النقية الصادقة..".
alkalimah_maroc@yahoo.com