في غزة: يدٌ تكتب عن الحياةِ للحياة
هناك ضجيج خراتيت تجرُّ رائحة الموت، توزعها على الأرصفة وعلى ما حطت أنيابه ومخالبه، وما جاء به على مدّ بحرٍ طالما ترّجى موجةً تحمل زنبقة ومسك فنيقية تعطرت لـ ( مارنا) ولاذ بها خفاّش الليل حين تجهم عبق أريج شقائق النعمان فعمت بصيرته وأطلق جرحاً لصيب كبد طفلة تحلم بنّوة تحمل عشاء يأتي بعد حين جوع وصراخ أمعاء تتلوى بالحرية المؤجلة، ولعل الصديقة الشاعرة والإعلامية أسماء شاكر كبقية الأصدقاء هناك في غزة أو في رفح كناصر عطا لله ونصر شعث ومحمود ماضي ومنال خميس وخالد جمعه ورجب أبو سرّية وغريب عسقلاني ويسري وكمال، وغيرهم غيرهم من الأصدقاء الذين بتنا نحاول أن نصل إلى سماع أصواتهم ولكن تكنولوجيا العصر تفيدك أنهم خارج التغطية، أسماء شاكر هناك في كل مكان أو في أي مكان اسمه القطاع ، هذا الاسم الذي قام العالم كله ولم يقعد... وساسة ما حرّك بهم هذا الصراخ أكثر من شجب وحوقلة وضرب الكف بالكف، هذا العالم قام مرتبكاً لفظائع آلة البطش التي حلّت بجبروتها وعنجهيتها لتنال من طفل يبحث عن قطعة خبز مبللة بما تبقى من ماء تطاير خزانه بفعل جنون سهام الجحيم التي تمرُق كل لحظة وتخترق جدار الخجل العربي وتمنحه المزيد من الخجل المُعرِّق والمحرِّق لأقنعة يتمطى تحتها بقايا جباه رأت مشاوير النكبة والنكسة وانتفاضيتين على أرض أم البدايات والحكايات ـ فلسطين ـ ترى عصابات فلت عقال بطشهم ليستعرضوا عضلاتهم على مدينة إن رميت حجراً من أولها تلقفها عصفور في آخرها. أسماء كغيرها تكتب خبراً وتكتب قصيدة وتكتب حكاية وتلتقط صورة من حياتها، الحياة الجزء من حيوات بقية من يسكنون الحصار والخناق والاختناق. صدفة جمعتنا عبر الهاتف ليدور السؤال العابر والتقليدي عن الحياة التي يشاهدها الصامت والصارخ وفرسان الفضائيات والمتأسف والمتأفف والمستنكر والشاجب والواعد والمحذِّر والرافض والجالس في فنادق (سفن ستارز) ويبرق التحايا للشهداء وللشهداء المؤجلين ولأطفال (الفاخورة) وللردْْم ولتلك الطفلة التي بكت على دميتها وساءلت مجلس الأمن عن وأد رفيقات حَجْلتها. وجدُتها، وجدتُ أسماء كما هي متفائلة بالحرية وبالوعود وبانتظار أن تنهي جامعاتها هذا الصيف ووجدتها تحكي عن صوت (بابور) الكاز الذي بقي بعد نفاذ الغاز الذي يصل إلى كل العالم ويعبر غزة ولكن لا نصيب لها منه، لا نصيب لها إلا من أن تكون محطة للتجريب، تجريب تكنولوجيا الدمار وقتل الأطفال وتحريق الدمى أو دفنها مع الأشلاء، كلمات قليلة ومعانٍ كثيرة كان الهواء يحملها ويعبر فلسطين كل فلسطين، ويغرف من النهر دمعة ومن البحر ملحه ليطهر جرحاً هناك... قلت وقالت وانتظرتُ أن تكتب؛ فكتبت، وكان هذا النص من تحت القصف والحصار والجراح. يد تشير كبوصلة إلى الحياة، يد تضرب لتنز الأرض دمها، يد تمسح غبار أبرهة وأخرى ترفع يدها إلى السماء، يد تكتب هوامش الحياة عن الحياة. شاعر وكاتب فلسطيني
هناك ضجيج خراتيت تجرُّ رائحة الموت، توزعها على الأرصفة وعلى ما حطت أنيابه ومخالبه، وما جاء به على مدّ بحرٍ طالما ترّجى موجةً تحمل زنبقة ومسك فنيقية تعطرت لـ ( مارنا) ولاذ بها خفاّش الليل حين تجهم عبق أريج شقائق النعمان فعمت بصيرته وأطلق جرحاً لصيب كبد طفلة تحلم بنّوة تحمل عشاء يأتي بعد حين جوع وصراخ أمعاء تتلوى بالحرية المؤجلة، ولعل الصديقة الشاعرة والإعلامية أسماء شاكر كبقية الأصدقاء هناك في غزة أو في رفح كناصر عطا لله ونصر شعث ومحمود ماضي ومنال خميس وخالد جمعه ورجب أبو سرّية وغريب عسقلاني ويسري وكمال، وغيرهم غيرهم من الأصدقاء الذين بتنا نحاول أن نصل إلى سماع أصواتهم ولكن تكنولوجيا العصر تفيدك أنهم خارج التغطية، أسماء شاكر هناك في كل مكان أو في أي مكان اسمه القطاع ، هذا الاسم الذي قام العالم كله ولم يقعد... وساسة ما حرّك بهم هذا الصراخ أكثر من شجب وحوقلة وضرب الكف بالكف، هذا العالم قام مرتبكاً لفظائع آلة البطش التي حلّت بجبروتها وعنجهيتها لتنال من طفل يبحث عن قطعة خبز مبللة بما تبقى من ماء تطاير خزانه بفعل جنون سهام الجحيم التي تمرُق كل لحظة وتخترق جدار الخجل العربي وتمنحه المزيد من الخجل المُعرِّق والمحرِّق لأقنعة يتمطى تحتها بقايا جباه رأت مشاوير النكبة والنكسة وانتفاضيتين على أرض أم البدايات والحكايات ـ فلسطين ـ ترى عصابات فلت عقال بطشهم ليستعرضوا عضلاتهم على مدينة إن رميت حجراً من أولها تلقفها عصفور في آخرها. أسماء كغيرها تكتب خبراً وتكتب قصيدة وتكتب حكاية وتلتقط صورة من حياتها، الحياة الجزء من حيوات بقية من يسكنون الحصار والخناق والاختناق.
صدفة جمعتنا عبر الهاتف ليدور السؤال العابر والتقليدي عن الحياة التي يشاهدها الصامت والصارخ وفرسان الفضائيات والمتأسف والمتأفف والمستنكر والشاجب والواعد والمحذِّر والرافض والجالس في فنادق (سفن ستارز) ويبرق التحايا للشهداء وللشهداء المؤجلين ولأطفال (الفاخورة) وللردْْم ولتلك الطفلة التي بكت على دميتها وساءلت مجلس الأمن عن وأد رفيقات حَجْلتها.
وجدُتها، وجدتُ أسماء كما هي متفائلة بالحرية وبالوعود وبانتظار أن تنهي جامعاتها هذا الصيف ووجدتها تحكي عن صوت (بابور) الكاز الذي بقي بعد نفاذ الغاز الذي يصل إلى كل العالم ويعبر غزة ولكن لا نصيب لها منه، لا نصيب لها إلا من أن تكون محطة للتجريب، تجريب تكنولوجيا الدمار وقتل الأطفال وتحريق الدمى أو دفنها مع الأشلاء، كلمات قليلة ومعانٍ كثيرة كان الهواء يحملها ويعبر فلسطين كل فلسطين، ويغرف من النهر دمعة ومن البحر ملحه ليطهر جرحاً هناك... قلت وقالت وانتظرتُ أن تكتب؛ فكتبت، وكان هذا النص من تحت القصف والحصار والجراح. يد تشير كبوصلة إلى الحياة، يد تضرب لتنز الأرض دمها، يد تمسح غبار أبرهة وأخرى ترفع يدها إلى السماء، يد تكتب هوامش الحياة عن الحياة.
شاعر وكاتب فلسطيني