العصفورة الزغيرة

الراوية: وحّدوا اللّه
الحضور: لا إله إلا اللّه

كانت هون هون هالعصفورة. قامت بحشت(1) حنّت ايديها. بحشت، بحشت، حنّت إجريها. اطّلَعت لربّها، كحّلها عينيها. قامت بحشت، بحشت، لاقت ثوب هالحرير(2). قامت قالت: "شوي بدّي أساوي؟ واللّه غيرأفصّله شَنتة."(3) أخذته وراحت عند هالخياطة.
قالتلها: "خذي خيّطيلي هاظ، إلي شنتة وإلك شنتة."
اجت بعدين. قالتلها: "هاتي تشوف مين أحسن، اللّي إلي، والاّ اللّي إلك."
اجت أخذتهن تتطْلّع عليهن، حطتهن بمنقودها(4) وفرّ! فرّت وراحت. أخذتهن حطتهن على ظهر السجرة(5) وعاودت رجعت ثاني يوم بحشت، بحشت مطرح ما بحشت بالأول، لاقت هالمناديل. قالت: "يي ما اشلبهن!(6) واللّه غير أروح احطهن عند البنت اللّي بتعمل مكول(7) منشان تخيّط عليهن." راحت، قالتلها: "اعملي إلي منديل، وإلك منديل." قالتها: "طيب".
بعدين، رجعت قالتلها: "هات تنشوف مين اشلب، منديلي والاّ منديلك." ظحكت عليها. حطتهن بمنقودها وفرّ! فرّت وراحت.
قامت يا حبيبتي راحت بحشت أُخرى مرّة، لاقت شوية هالقطن. قالت: "يي ما اشلبهن! واللّه لاعملهن فرشة." راحت عند الزلمة اللّي بشدّ فراش قالتله: "اعملّي اياهنّ هظول،(8) إلي فرشة، وإلك فرشة أجارك يا عمي." قام أخذهن وقعد عمل إله فرشة وإلها فرشة. اجت قالتله: "هات أشوف إن كنّك(9) عملت فرشتي مثل فرشتك. بلكي(10) عملت فرشتك أكبر يعني."
قالّها: "خذي شوفي." اجت أخذتهن، حطتهن بمنقودها، وفرّ! فرّت وراحت. طوَت كل فرشة هيك علي بتّتين(11) صاروا أربع بتّات، شكل مرتبة العروس، ولبست ثوبين الحرير فوق بعظهن وقمّطت المنديل على راسها. شوا صارت شكل العروس. إيديها محنّيات وإجريها، ومكحّلة ولابسة هذولا الأواعي(12) وقاعدة عالمصمدة!(13)
قعدت. قام ييجي(14) يا حبيبتي ابن هالسلطان، داير يغوي. وهي قاعدة وتقول: لبست جديدي، يلاللّي           واليوم عيدي، يلاللاّ
قام قال: "إه! شو هاي اللّي بتحكي هيك!" صار ينصت عليها والاّ هي العصفورة بتحكي. قام اطّلع عليها، طخ! قوّسها. صارت تقول:
قواس شاطر، يلاللّي            قواس شاطر، يلاللاَ
قام اجا معطها(15). صارت تقول:
معّاط شاطر، يلاللّي             معّاط شاطر، يلاللاّ
اجا طبخها. صارت تقول:
طبّاخ شاطر، يلاللّي            طبّاخ شاطر، يلاللاّ
اجا اكلها. لاكها، نعّمها، وصرطها(16) ونزلت على بطنه. شوي قام شخّها. قامت صارت تقول: "هو هو! شفت صرم(17) ابن السلطان، وهي حمرا حمرا، مثل الجمرة."
وهاي حكايتي حكيتها، وعليكو رميتها.(18)


(1) بحشت: حفرت
(2) ثوب هالحرير: قطعة قماش من الحرير
(3) شنتة: فستان
(4) منقودها: منقارها
(5) السجرة: الشجرة
(6) ما اشلبهن: ما أجملهن أو ما أحلاهن
(7) مكول: نسيج محبوك بصنارة عقفاء
(8) هظول: هذه أو هؤلاء
(9) كنّك: إذا كنت
(10) بلكي: لربما
(11) بتّتين: ومفردها بتّة: طيّة واحدة
(12) الأواعي: الملابس
(13) المصمدة: المكان الذي تصمد فيه العروس ليلة الزفّة بعد أن تغادر دار أبيها إلى دار العريس، وهو عبارة عن مكان مرتفع يتكون من طبقات عدّة من الفُرُش. وتُحاط العروس ليلة الزفّة بالنساء المستضافة اللواتي يغنين ويرقصن ويزغردن حولها. ويتم هذا في غياب العريس الذي يلتحق بعروسه فيما بعد عند المساء، إذ يجلس العروسان معاً، ويُقال يصمدان وسط الجمع المبتهج.
(14) ييجي: يأتي
(15) معطها: نتف ريشها
(16) صرطها: بلعها
(17) صرم: مؤخرة
(18) قد تكون حكاية "العصفورة الزغيرة" من أول الحكايات التي تروي للأطفال في فلسطين. وفعلاً، كما هو واضح من النص، فإنّ الحكاية المدوّنة هنا رويت لأولاد أحد جامعي الروايات. وعلى الرغم من أن التطرّق إلى الموضوعات التي تمس الجنس شبه محرم في اللقاءات الاجتماعية، فإن الثقافة الشعبية الفلسطينية أكثر تقبلاً للإثارة المباشرة لموضوعات تتعلق بالوظائف الجسدية الأخرى، إذ تستمد منها الكثير من الروح المرحة التي تتسم بها الحكايات، تاركة موضوع الجنس للرمز، كما نرى في استخدام الطائر كرمز في عدة حكايات من هذه المجموعة. وفي هذا المضمار تختلف هذه الحكاية عن الحكايات التي سبقتها وتلك التي تليها، فبينما يرمز الطائر إلى الذكورة في الحكايات رقم 9 و10 و12 (في الكتاب)، فهو يرمز هنا إلى الأنوثة وقوتها غير القابلة للفناء. كما نلاحظ أن اللغة ترسخ هذه الفكرة باستخدام صيغة المؤنث للعصفورة. وللطيور دور مهم في الأنواع الأخرى من التراث الشعبي الفلسطيني، كالأغاني الشعبية والأمثال.