أبو اللبابيد

الراوية: وحدوا الله
الحضور: لا إله إلا الله

كان هون هالملك، هالملك مالِشّ غير هالبنت. يوم يوم مرته حطت راسها وماتت. دار يدوّر يدوّر بدّه يتجوز. بِدِيْ يحكي بهاي، يحكي بهاي، ما يعجبش(1). ما حليش بعينه، قال، ولا اجا عباله إلا بدّه يتجوز بنته. صار يفوت عالبيت، تقوله: "يابا" يقولها: "تقوليش يابا. قولي يا ابن عمي."
"يا يابا! يا ابن الحلال، أنا بنتك!"
قالها: "لأ. مافِشّ نتيجة. خلص."
يوم، ودّا ورا القاظي(2). قاله: "يا قاظي، شجرة ربّيتها، أطعمتها وأسقيتها، بتحلّ إلي والاّ لغيري؟" قاله: "بتحلّ إلك". القاظي سحب حاله وروح، وهظاك راح جابلها هالسيغة(3)، وجابلها بدلة، وبدّه يوخذها.
لبست هالذهبات، ولبست هالبدلة، وتطقّمت(4). اجا أبوها المغرب. لمّن شافت البنت إنه أبوها بدّه اياها من كل ولا بدّ، راحت عند متاع اللبّاد. قالتله: "خذ مصاري قدّيش بدّك، وقيسني واعملّي ثوب لبّاد يغطيني كلي لاجْرَيّ(5) وإيديّ، بس يبيّنوا خشومي وثمّي وعيوني. وبكره بدّي ايّاه يكون خالص." قالها: "طيّب."
راحت هاي جابت ثوب هاللبّاد وحطّته بهالخشة اللي بحدّ باب هالدار وسكّرت عليه. ولبست هالذهبات وتطقمت، وقعدت بهالسهلة. اجا أبوها المغرب.
قالتله: "يابا". قالها: "تقوليش يابا. قولي يا ابن عمي."
قالتله: "طيّب يا ابن عمي. استنّا تأطلع لبرّه شوي عبيت الخارج"(6)- حيشا السامعين. قالها: "إسا بتنهزمي."(7)
قالتله: "لأ. أربط الحبل بإيدي وكل نتفة(8) بتهزّ الحبل بتعرف إني موجودة."
تطلّعت، في حجر كبير بقاع هالدار، ربطت الحبل بالحجر وربطت أساورها بالحبل وراحت عالخشة لبست ثوب هاللبّاد وقالت: "يا من قصدوك!" طلعت بهالليل ومشيت. هو صار كل نتفة يهز هالحبل يسمع الأساور تخش يقول: "بعدها هون". صارت الدنيا نصّ الليل، قال: "والله غير أقوم افقِدها."(9) لاقى هالحبل مربوط بالحجر، والأساور فيه.
هاظا(10) عدّد على هالحصان، وتخفّى وركب وطلع يدوّر(11) عليها. هاذيك(12) طلعت. ما لحق إلا هي طالعة من المدينة وبرّا. لحق هاظا، صار يدور. لحقها. شافته، عرفته لبدت بعرق هالشجرة. هو ماعرفهاش، فكرها زلمة(13).
قاله: "ما شفتش هالبنت مرت من هون، وصفها من وصفها؟"
قالتله: "يا عمي، الله يخلّيك، خلّيني بحالي. أنا مش قادر أشوف قدّامي."
دشّرها(14). وهو مشي بدرب، وهي خلّته تَراح(15)، ومشيت بدرب ثانية. ظلت هون تنام وهون تقوم تأجت(16) على مدينة ثانية. اجت على هالمدينة، من جوعها اجت تحت قصر دار الملك. اجت عبدة دار الملك كتّت هالسدر(17) ، اجت هاذيكا(18) مدت على توالي (19) هالأكل وتوكل. شافتها العبدة، رجعت.
"ياستّي تع شوفي، في عجيبة تحت الدار عمّال بوكل من توالي السفرة."
قالتلها: "روحي نادي عليه، خليه ييجي لهون."
قالتله: "تعال لعند ستّي، بدهن يشوفوك". اجا، طلع عالقصر.
"شو مالك إنت يا عمي؟ إنت إنس والا جن؟"
قالهن: "والله يا عمي أنا إنس، خيار الإنس. بس الله خلقـني هيكا.(20)
قالوله: "شو بطلع بيدك تشتغل؟ شو بتعرف تساوي؟"
قالهن: "والله ما بعرف أشتغل إشي. بقدر بهالمطبخ أقشر راس بصل، أناول غرظ(21)، هيك شي."
حطّوه يشتغل بهالمطبخ، وصاروا: "وين راح أبو اللبابيد؟ وين اجا أبو اللبابيد؟ شو! كيّفوا عليه(22). وقعد عند هالعشي بهالمطبخ.
يوم من هالأيام، صار عرس بهالمدينة. انعزموا دار الملك. المغرب، بدهن يروحوا يتفرجوا.
"يا أبو اللبابيد، تروح معنا تتفرج عالعرس؟"
قالهن: "لأ. أنا الله يساعدني، لا بشوف عرس ولا إشي. إنتو بدكو تروحوا، الله يسهل عليكو. أنا بقدرش أروح."
هاذولا(23) راحوا دار الملك، وراحوا العبيد. ما ظلّش غير أبو اللبابيد بهالدار. خلّتهن توصلوا عالعرس، راحت شلحت ثوب هاللبّاد ولبست هالبدلة اللي جابتها معاها وراحت عالعرس. يرقصوا بالدور. يمّ(24) تناولت هالمحارم ورقصت، رقصت تنْها(25) شبعت وطلعت. ما حدا عرفها لا منين اجت ولا وين راحت. رجعت، لبست ثوب هاللباد، وكعبشت(26) بجنب هالقصر ونامت. روّحوا هالعبيد من العرس، صاروا يرفسوه.
"الله لا يقيمك! نايم هونا؟ لو اجيت شفت هالبنت اللي اجت رقصت وما حدا عرفها وين راحت؟"
أول يوم هيك. ثاني يوم هيك.
روّحت مرة الملك لابنها قالتله: "يا يمّا لو تصيرلنا هالبنت أطلبلك اياها، هاللي بتيجي عالعرس، ما حدا يعرف ولا وين بتروح ولا وين بتيجي."
قالها: "يما لبسيني أواعي بنت وخذيني معاك، وإن حدا سألك قولي هاي بنت أختى جايه لعنا ظيفة(27) وجبتها معاي تتفرج". قالتله: "طيّب".
لبّسته، وأخذته معاهن.
خلّتهن تَوِصْلوا، وشلحت ثوب هاللبّاد ولحقت. فاتت عالعرس، رقصت تشبعت وطلعت. لا حدا عرفها منين راحت ولا اجت. رجعت لبست ثوب هاللبّاد، ونامت.
ثاني يوم ابن الملك قالهن: "إنتو روحوا عالعرس." وهو راح لبد باب دار العرس ورا الباب. اجت هاي نزلت على هالعرس رقصت وبعدين سحبت حالها وطلعت. يمّ هي طلعت من الباب، وهو مشي وراها. ظل وراها من ورا لورا تنْها وصلت دارهن.
وصلت على قصرهن، فاتت لبست ثوب هاللبّاد، وكعبشت بجنب هالقصر ونامت.
قال: "أخ! إسا(28) هي ساكنه بداري وعامله حالها عجيبة." ماحكاش.
قام الصبح قال للسراري اللّي بطلّعوله الأكل، قالّهن: "اليوم ما حداش منكو يطلّعلي الأكل. اليوم بدّي أبو اللبابيد يطلّعلي الغدا وأتغدى أنا وايّاه."
"يا سيدي، منشان الله! بغدرش(29). حالتي بتقرّف. كيف بدّك توكل معاي؟"
قاله: "إنت بدّك تطلّعلي الغدا، وأتغدى أنا وايّاك."
عملوا هالغدا. سقّوله هالسدر، حمّلوه لأبو اللبابيد. طلعت تتعكوز لحد نصّ الدرج، عملت حالها إجرها فكزت(30)، دبت هالسدر كليّاته.
"دخلك يا سيدي! مش قلتلك بغدرش أحمل."
قالّه: "بدّك تظل تجرّب وتدبّ سدوره تنّك تصل لهون إنت بحالك."
ثاني سدر طلعت تَوِصْلت لقرص هالدرج، فكزت إجرها، طُب!، والاّ هي داببته.
ثالث سدر ظلّت تتعكوز من هون لهون تنْها وصلت. حطّتله هالسدر. سكر هالباب.
قالّه: "تعال أقعد أتغدى أنا وايّاك."
"يا سيدي اطّلّع كيف حالتي، بتقرف مني."
قالّه: "لأ. أقعد، بدّي أتغدى أنا وايّاك."
قعد يتغدّى هو وايّاه. قام بن الملك طال هالسكينة وقال لثوب هاللبّاد هيك.
قالّه: "إشلح ثوب هاللبّاد. إسّا إحنا إلنا قدّيش ندوّر مين هلّي بتيجي عالعرس وإنت عندي هون بالقصر." شلّحها ثوب هاللباد. نادى عإمّه.
جابوا القاظي، عقدوا العقد. نادى المنادي: "أربعين يوم ما حدا يوكل ولا حدا يشرب إلا من دار الملك."
عملوله هالفرح، وجوزوه إيّاها.
وهاي حكايتي حكيتها، وعليكو رميتها.(31)


(1) ما يعجبش: لم يعجبه
(2) القاظي: القاضي
(3) السيغة: الحلي الذهبية التي يهديها العريس لعروسه
(4) تطقّمت: لبست الطقم أو البدلة
(5) لاجْرَيّ: حتى أخمص قدمي
(6) بيت الخارج: الحمام
(7) بتنهزمي: تهربين
(8) نتفة: لحظة (أو "شوي")
(9) افقدها: أتفقدّها
(10) هاظا: هذا
(11) يدوّر: يبحث
(12) هاذيك: تلك
(13) زلمة: رجل
(14) دشّرها: تركها
(15) تَراح: إلى أن ذهب
(16) تأجت: جاءت
(17) السدر: طبق من المعدن يقدم عليه طعام
(18) هاذيكا: تلك
(19) توالي: بقايا
(20) هيكا: هكذا
(21) غرظ: غرض أو شيء
(22) كيّفوا عليه: فرحوا به
(23) هاذولا: هؤلاء
(24) يمّ: إذ بها
(25) تنْها: إلى أن
(26) كعبشت: انطوت على نفسها
(27) ظيفة: ضيفة
(28) إسا: الآن
(29) بغدرش: لا أقدر
(30) فكزت: التوت
(31) حكاية "أبو اللبابيد" في التراث الشعبي الفلسطيني هي المعادل لحكاية "سندريلا" في التراث الشعبي العالمي