المركب الشعري: متى كان غير الشعر؟

سعيد بوخليط

 [إلى روح عبد الرحمان بدوي]

 

منذ ما ينيف عن ثلاث سنوات تقريبا، يواصل الشاعر والقاص إبراهيم قازو صحبة كل من نور الدين بن خديجة وعبد العاطي الخازن، البحث عن أفق مفهومي وتجريبي ممكنيين لمشروع شعري لا يبتغي لنفسه  قطعا أن يكون مجرد قيمة مضافة، بل على العكس يتوخى أصحاب مجلة "المركب الشعري"، أن يظل الشعر دؤوبا على نفسه، آخذا بمصيره يتحسس في كل آن تلك الميلوديا التي تلف الوجود بغثة  وتطويه احتمالا ثم يتمرأى  حصان العبث رحيلا بدون كبوة حتى آخر قصة لانهياراتنا.

لم يكن الشعر قط مساومة، لأنه قد يغدو نزيفا للغة. كما أن حكايات الشاعر مع زمان الوجود، وامبراطوريات الخواء ليست بخافية. جاء بعض من كلمة "المركب الشعري" في عددها الأول  على المنوال التالي :

((بعيدا عن مرافئ تحرسها الديناصورات ،

قريبــــا من سماء الروح نبحـر ,

بورطتنــــا البهيـــة شعــرا.

نبحر بالحب، بالاختلاف..

بالنقاء نبحر، بعرينا الأنيق.  .

نبحر بالبهاء، بقلقنا الغسقي.  .

بيتمنا، بشغبنا الجميل نبحر.  .

بآلامنا، بالأساسي فينا.  .

بكل ما هو عميق في الإنسان نبحر في عالم يبدو أنه يسير إلى حتفه في عربة تجرها الكوابيس. لكن وحده الشعر بإشراقاته ونكهته اللانهائية يمكن أن يمنحنا القوة لمقاومة الفظاعات )) (ع.1.دجنبر 2003).

وقد وصلت هذه الكراريس الشعرية، بنفس مظلة عذرية الشعر إلى عددها الثامن. من خلال مجهود نضالي  يستشعر جهرا أو همسا استحالة الاستمرار وفق الشروط ذاتها، للدفاع بكل بساطة عن فعل شعري وإبداعي وفي إلى اللغة قدر امتداد الأثير، وليس شيئا آخر. متوهم إذن بل أفاق من يريد للشعر مراسيم.

في موقع آخر، من نفس العدد يضيف أصحاب "المركب الشعري":  ((نحن بالفعل، نريدها سؤالا متجددا في خضم منجز الحداثة الشعرية العربية)). وفي باب أصوات، أو ضيف العدد، يتم بشكل ذكي استثمار  إشارة للشاعر الميكسيكي أو كتافيوباث. تقول  بأن:  ((الشعر لا يمكن أن ينفصل عن الحرية. فهناك تقليد قديم في هذا المجال، بدءا بالشعراء اليونانيين اللاتينيين. وعليكم أن تفكروا في كل الحروب التي ساندها الشعراء على مدى قرون. وفي العالم الذي يرسم نفسه،  أظن أن تفكيرنا يجب أن يقوم على التوفيق بين الحرية والإيخاء)).

يظهر ببيانات كتلك النفس الإبداعي الذي يتوخاه أصحاب المركب الشعري، إنه الشعر في سيرورته الحقيقية. محض التفاف حول الإنسان، وقد تجرد من براثين الإيديولوجيا ومكر اجتماعية اللغة  ثم دسائس الحاجة وخاصة شماتة البيولوجيا الموجهة التي تخلق منا كتلة لحمية بدون أبعاد.

ماذا تبقى إذن ؟ أطهر إنسان على وجه البسيطة ! بالتأكيد لا، فالإنسان هو أولا أخيرا قضية خطأ ولولا ذلك لما كان هناك شيء إسمه:  التاريخ. ولكن أتحرى هنا، الإنسان الوجودي الذي يقف على عتبة المصير بحرية ومسؤولية. بالشكل الذي تمثله أدبيات الفلسفلة الوجودية مع أعتى رموزها الفكرية.

وفي علاقة مع الآخر، فإن هذا الفهم يحيلنا إلى حرية الذات المطلقة ووعيها بذلك وهي تتعالى على كل التقنيات والنمذجات.

لاشك، أن أية تجربة فكرية بديلة تلامس مرتكزاتها من خلال تصويب أوجه النقد إلى القائم، لأنه لا يتسع للآفاق الجديدة التي تبتغيها التجربة. يولد هذا القائم  ذاته على تراكمات، تنهض على منطق  المنسجم والممتلئ. قدر كل مسار فكري أبينا أم كرهنا، أن يغدو في الأخير مؤسسة وما يستتبع  ذلك من أوصاف:  الدوغما، والمطلق والواحدية...

بين ثنايا ذلك، يصوب أصحاب "المركب الشعري" نبالهم على تلك الشعرية المحنطة، والشاعرية الزائفة الواهية حتما، والتي لن تجد حيزا لرناتها إلا مثل  من يدعي بأنه أوجد لصخرة سيزيف  مرتكزا. يقولون: ((لأننا ممسوسين بالشعر، لا نشعل غير القصائد ونسافر بوهجها جهة  كائنات  تشبهنا.  .أو لا تشبهنا. الشعر لغتنا الممكنة، إنه التعبير الأكيد عن العالم في وفرته وتنوعه.. فلنتواصل  بما هو ممكن لنتواصل بالشعر)) (ع.2 مارس 2004).

عشق لازماني للشعر، في تجاوز  لكل أنواع الزواج المختلط والذي لن ينتهي إلا بمكيدة.

الشعر أرقى لغة يمكن لإنسان التدرج ليها. لغة، لا نتعلمها بالذوبان في مجموعة البشرية، كما يحصل مع اللغات الأخرى. ولكنه بالأساس يتأتى من معادلة قد لانتمثلها جيدا، ونحن نداعبها بين أطراف لساننا. أقصد هنا، حلول الإنسان الدائم في ذاته، حيث ينصت لحريته الذاتية بإحساس متجرد من كل قيمة زائدة أو جرعة ممغنطة بورطتنا في الوجود.

استشهد أصحاب "المركب الشعري" بالفيلسوف غاستون باشلار، فهو مثقف إنساني كبير،  يجسد  عندهم باختيارهم له لحظة معرفية، نادرة تعكس  هذا الوفاء المطلق للانهائية النفس الشعري. لقد آمن باشلار بأن الشعر كيمياء للذات العمودية وهي تتعالى على زمان العالم، انطلاقا من سبره العميق والحالم لنصوص شعرية سواء كانت لشيخ في الشعرية مثل بودلير أو رامبو، أو شاب عل وشك مصاحبة الشعر. انتشى باشلار بنصوص هؤلاء وأولئك كلما حتم الموقف تعضيدا وإرساء. كان يحب الشعراء كثيرا، ويدمن القصيدة يوميا بينه وبين الشعراء:  ((علاقة مستمرة، تيار مستمر. لكن كم يعطي أكثر مما يأخذ ! لقد كان حقا موصولا بالقصيدة والشعراء.  ..يحبهما مثل أجمل شجرة في غابتهما. إذا كان باشلار يدين كثيرا للشعراء ـ ويسره أن يردد كثيرا ذلك، سواء في كتبه أو رسائله ـ فإن الشعراء سيكونون دائما مدينين له، لأنه يلزمهم بأن يعيدوا قراءة ما كتبوه، وبأن يفهموا جيدا صورهم والتي يضعها تحت إضاءة جديدة)) (ع.2 مارس 2004).

وظف أصحاب "المركب الشعري" بشكل متواتر مرادفات، تحيل  باستمرار على الممكن اللانهائي. أشاروا باستمرار إلى البحر والأمواج والمجازفة...، بمعنى كل ما يؤسس للاـ استقرار. لأن في غير ذلك  تعفن وموت وانقراض. يريدون من الشعر، أن يظل حالما، سبيله في ذلك التخلص من كل الولاءات. والبحث باستمرار عن المنابع المنفلتة للحياة المتجددة المتدفقة باستمرار تلك التي تحترقنا بقوة في كل آن حتى تدوي ذاتها سؤالا يقولون:  ((هذا المركب ليس للنجاة، وهذه القصائد ليست للخلاص ورحلتنا ليس طلبا لطهرانية ما أو بحثا عن إكسير الخلود. أبدا لم نهرب من خطيئة. أبدا لسنا منقذي زهاد ومريدي خط مستقيم)) (ع.5-2005).

تأكيد مستمر على أنهم لا يريدون من عملهم هذا إلا الشعر. تتغنى القصيدة بالأمواج والبحر ممتطية العواصف. القصيدة هي اللانهائي، والأمواج تضع بين أضلعها ذلك المجازف  الوجودي. البحر صمت العالم، الحقيقة تتمرأى ذاتها. البحر يلبس العالم حينما يتعرى ويتجرد هذا الأخير من أقنعته.

هذا التعريف، وعلى الرغم من تقريريته ومباشرته أيضا. فإنه  يشير بين طيات تأويلاته، إلى أن العالم سينتهي حتما شعرا. لأنه أينما وليت وجهك فثمة البحر.

يتأسس الشعر على زمان عمودي، يأخذ إيقاعا جانحا عن الزمان اليومي. كما أن القصيدة، تستلهم صمت الشاعر واللغة والآخر. صمت يسكن دواخلنا، نحس دونه باليتم. يتأتى بالتأكيد انخراطنا في العالم باللغة، لكننا بالصمت نجعل  هذا العالم غير العالم، حيث يكون لنا حقا.

يعبر أصحاب "المركب الشعري" عن هذه الدلالة بترجمة بعض الإشارات التي أوردها حوار مع الشاعر الأرجنتيني "روبيرتو خواروث":  ((إن الشرط الأول للشاعر الحقيقي يرتكز على إعطاء كلمات للصمت الداخلي. ليس فقط صمت الشاعر، ولكن أيضا صمت الآخرين، أظن أنه لا يوجد شعر بدون استلهام دائم للصمت. لهذا غالبا ما أعود إلى فكرة الصمت، أريد بطريقة ما، أن أجسمه في الشعر. في وقت مبكر من حياتي، كان لدي  إحساس  أن لدى الإنسان ميلا لا مفر منه نحو الانهيار، الإنسان عليه أن ينهار. ويجب تقبل هذه الفكرة التي لا تطاق تقريبا، فكرة الفشل، في عالم منذور لعبادة النجاح. لكن بتساوق مع الانهيار، يوجد لدى الإنسان اندفاع نحو الأعلى. الفكر، اللغة، الحب، كل إبداع يساهم في هذا الاندفاع. هناك إذن حركة مضاعفة للانهيار والارتفاع لدى الإنسان، إنه نوع مفارق من قانون الجاذبية ؟ فبين حركتين  يوجد "بعد عمودي". إن الشعر الذي يهمني يمتلك الجرأة والعري الكافيين لبلوغ هذا المكان الذي تحدث به الحركة العمودية المضاعفة للانهيار والارتفاع)) (ع.6. شتنبر 2005).

يظهر لنا بوضوح، طبيعة جسد القصيدة الذي يتوخاه أصحاب "المركب الشعري":  دينامية جدا، مباغثة، لحظية، لازمانية... لأنها تدهش وتراقص اللانهائي. كذلك لا يملك الشاعر من هذا العالم  إلا التواءات  قصيدته، التي تنفي ذاتها في عزلة  دائمة، وتخلق في كل آن مسافات بينها وبين الزمان البيولوجي.

دفاع مستميت عن البعد الحداثي الإبداعي للصورة ومعها القصيدة. لا يتم تهيء الصور قبليا، فهي ترتبط بالآن واللحظة. كما أن الوجع أو الالتهاب الشعري، هو نفسه زمان تعليق القصيدة على أفق البياض. وحده هذا الأخير،  يخترق  هذه القصيدة زمانيا وفيزيائيا، يرصدها أمام قارئ معين. بينما تستشرف هذه القصيدة، التعددية المفترضة للقارئ.

جاءت إحدى همسات "المركب الشعري" في شكل تساؤلات إنكارية:  ((ولا أحد يطرق باب القصيدة حتى تتوهج يده بالبرق. هل هو الخوف من الانزلاق إلى هوة العدم ؟.  . أم  هو الرهبة من الانقداف  بعيدا عن مدار الجاذبية؟ القصيدة وهل نعرف القصيدة حقا ؟ ! ربما نكتفي بوصف مفاتنها... أو بالافتتان بتشوهاتها المثيرة.. لكن من يتجرأ على مضاجعتها أمام الملأ.  .. حيث نستطيع  يمكن أن نكسر الباب لا أن نطرقه فقط)) (ع.7. دجنبر 2005).

القصيدة رهبة، والشاعر ساحر بهذه العجائبية التي تخلق تصالحا مع  القصيدة. لذا، فإن اللغة الجانحة الصادقة التي تتلمس  الوجد بعنفوان، لا يمكنها إلا أن تجعلنا كائنات منتشية. لا تقوم للسعادة قائمة إلا بقدر انكساراتنا، والشعر  وحده كفيل بذلك.

نخاف من الشعر، لأن رنين الذات حكاية أخرى أولى، ثانية.  .. وأبدية. موتنا البيولوجي، نثر أي اضمحلال وتلاشي للاـ شيء. داخل مغارات اليومي النثنة نغدو جثت بلا خريطة للتاريخ.

قدر الشاعر أن يكون حرا، وجيولوجية القصيدة أن تظل مفتتنة بعرائها. غير ذاك أو تلك نتحول إلى ديناصورات مخمورة، أو قردة لفت بكسائها شرايين ذاكرتنا. تقول  الشاعرة اليوغوسلافية قيسنا بارون:  ((العبودية الاختيارية، ذلك ما يمكن أن يكون عنوانا لتفكيري في إنسان القرن العشرين. يقال لي:  "كنت مجبرا" كما لو أننا كنا مجبرين. ولأنني لم أرد أبدا أن أكون أمة، فلقد عشت من لاشيء، بعت ثيابي القديمة، مظلاتي القديمة في سوق البراغيث حتى أعيش، لكن لم أبع أبدا حريتي. في سوق البراغيث ! فقيرة جدا، فقيرة جدا، لكنني حرة. قدري كان هو أن أبقى في العبودية، في بلدي الأصلي. بقيت  فيه  لأني كنت أمة الشعر واللغة. ولا أستطيع أن أتصور نفسي شاعرة. وأنا أغادر بلدي)). (المركب الشعري، ع.8. مارس 2006).

موضوعات:  حرية الشعر/دينامية القصيدة/ الاختيار/ المسؤولية/دهشة الصمت/ رحيل في اللغة/ زمان الشعر ولحظة الشاعر الدائمة البدء.... شكلت إذن، إيقاعا إستتيقيا لأصحاب "المركب الشعري" وهم ينصبون الأفخاخ تلوا الأخرى للشعر/الديداكتيك، القصيدة/ فضلات اللغة، في دعوة لكي يمتطي  الشاعر  الريح. إنه بساط  متنقل يركب  ذاته وجسده ونوازعه. لوعة اللغة أو شعائر لمواسم الرحيل.

دأب أصحاب "المركب الشعري" على جغرافية البحر. وظفوا  باستمرار  تعابير مثل :  المجداف، الشراع، البوصلة، الإبحار:  ((نحن نحتاج فقط مجادف وأشرعة.  .  ونحتاج أكثر سواعدا للمغامرة.  . غامروا معنا.. جازفوا.  . الشعر مجازفة في بحر عالم مضطرب.  . وليـس منبرا في قاعات الإسمنت)) (ع.1. 2003). ((لا يهم. هذه المركب ليست للغرقى ولا للناجين. ليست لهواة جمع الأوسمة والنياشين. لا.  .. وليست. إنها فقط لإبحار القصيدة)) (ع.6. 2006). ((هذا المركب لايرجو يابسة. هذا المركب  هو البحر بعينه. هذا المركب هو القصيدة بموجها. هذا الموج، هي الدهشة التي نعدكم بها. فاستعدوا للغرق معنا. إننا نبشركم باللعنة !!.  .. هل قررتم الإبحار معنا ؟ إذن كونوا شياطين جزر حارقة)) (ع.5. مارس 2005). ((حالة الطقس سيئة.  . ومع ذلك نواصل  الإبحار.  لانيأس.  .. فالشعر أملنا الوحيد.  .. فهو المجداف والشراع.  .. وهو بوصلتنـا النادرة)) (ع.8. مارس 2005).

فالبحر يزخر بكل معاني:  المجازفة، القوة، اللانهائي، اللاثبات، الجمال، الحميمية، التعدد، الانفتاح، اللحظي، الإبداع، الكشف، المصير، الموت، الحياة، الرحيل، اللاعودة، الولادة، البوح، العراء، التطهير، المطلق، الخفاء، السكينة، الحلم، المجهول، المتانة، التجبر، الليونة، الأفق، الارتياب، الحقيقة، السخاء، سوء الطوية، الإيحاء، الهوس، الاستمرار، العزيمة، الكبرياء، الصدق، الوفاء.... لكن تأملوا معي ملامح قصيدة  شعرية بهذه الوصفة !! أي الشعر /البحر.

إنه حقا الشعر/ الوجود، القصيدة/ الإنسان. تلك التي نولد في كل نفس بين أثدائها. يقول إبراهيم قازو:  ((إننا في حاجة دائمة للخروج من ذواتنا في اتجاه الآخر، بالشعر أظن ذلك  ممكنا. لهذا فنحن في "المركب الشعري" نراهن حاليا على نصوص طرية، والإبحار  بها جهة الآخر الذي يشبهنا. قد نربك طمأنينته الوهمية، أو نتلاقى معه في أن الشعر لا يحتاج إلى مظلة ولا إلى طريق نعبره بالوصايا)). ويضيف زميله في التجربة، محمد  نور الدين بن خديجة:  ((أظن أن المدارس الشعرية استنفدت. فنحن جيل يؤسس لتجربته عبر جزر متناثرة تنحت من ذاتها وتأكل من لحمها. وإن كانت تشرب من نفس كأس الهزيمة الذي تجرعه، أباؤنا الحداثيون. أرى أن الشعر يجمعنا كيفما عزف.  .. وعلى أية آلة عزف. فالشعر هو ما يبقى. وما يبقى يؤسسه الشعراء ؟.  .. الشعراء، فعلا )).

من جهة أخرى، جاء البناء الهيكلي  لكل أعداد "المركب الشعري" وفق الأقسام التالية: 

·                                                                    افتتاحية، أو كلمة فريق المركب:  وقد تميزت في الغالب بالإيجاز والقصر على مستوى الصياغة. لكنها قوية، بخصوص التأطير النظري للأطروحة التي يتوخى الدفاع عنها. والتيمة التي تسعى  هذه التجربة تقويمها  عبر أقصى تجليات الحداثة:  انفتاح للقصيدة، تفعيل  للصورة وارتداد لذلك الموقف الذي يروم بك أن تكون شاعرا.  ...

·                                                                    أصوات:  مساحات خصصت لوجهات نظر شعراء ومفكرين، خبروا حد النخاع ترانيم ما نحن بصدده. ولأنهم عارفون حقا، لم يسقطوا ثقلهم الرمزي والمعرفي على اللغة. بل جاءت بسيطة لكنها مدوية. أو كما قال أحدهم، وأحببت دائما قضمها:  بسيط وعميق مثل  شارلي شابلن.

·                                                                    أشرعة:  تضمن هذا القسم، نصوصا شعرية لأسماء محلية ووطنية وكذا بعض المراسلات العربية، وتوزعت بين النثر والشعر.

·                                                                    بوصلة:  أطل من خلالها القارئ عبر مجلة "المركب الشعري" على ترجمات لنصوص شعرية تنتمي لمجموعة من الثقافات الإنسانية:  الأوروبية والإفريقية والآسيوية.

تصارع التجربة ذاتها إذن. نريد لأنفسنا أن تظل بحرا بلا بوصلة هذه المرة، حتى لا نغدو رحلة مجانية لأشباح. لذلك متى كان الشعر سكينة !!.

 

كاتب ومترجم من المغرب