في سلسلة ملفات (الكلمة) التي يعدها محررها ومراسلها في المغرب، يقدم لنا عبدالحق ميفراني هنا ملفا واحدة من أكثر قضايا الواقع الثقافي إلحاحا، ألا وهي سؤال المثقف بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة.

سؤال المثقف: بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة (ملف العدد)

عبدالحق ميفراني

تفتح مجلة الكلمة، من خلال ملف سؤال المثقف راهن الأنتلجنسيا العربية اليوم. في ظل واقع مأزوم يعرف تجذرا متناميا لتراجع فاعلية المثقف في صنع "القرار". وانتهاك متواصل للحريات وتبعية القرار السياسي، وسيادة لأشكال التطرف السياسي والديني مما يجعل من أي حوار حقيقي وفاعل يرتهن بهذه المعادلة. وتزداد الحاجة الدائمة للمثقف، كلما خطت هذه الأمة أزمة جديدة من أزماتها الحادة. وانهيارا جديدا ومتواصلا لمشاريعها، واحباطاتها المتكررة. ويتجدد سؤال المثقف ووظيفته، بتجدد آليات والحاجات إليه. لذلك الملف يساءل هذا الدور ووظيفته.

السؤال عن الوظائف، هو ما صيغت بخصوصه أطروحات كثيرة تصوغ موقف المثقفين اتجاه ذواتهم أولا واتجاه العالم. فهل تحول دور المثقف الى لاجدواه؟ كما يشير الانطباع العام خصوصا بعد تراجع مقولات الالتزام وخفوت ثقل الايديولوجيا وصار المثقف ميالا نحو زوايا "التأمل الذاتي".

إن إعادة طرح السؤال عن المثقف:الهوية، الدور، والوظائف. هو محاولة تمثل أسئلة الراهن، عبر الأفكار والأطروحات والتي لن تجيب إلا عن الحاجة الدائمة الى المثقف. خصوصا وأن المشهد الثقافي العربي المنشود لا يستقيم عوده إلا بفتح مسارات التفكير والأسئلة، في تلاقح الرؤى وتقاطعات الاجتهادات الفكرية والنظرية.

تحضر في الملف رؤى أجيال مختلفة، وهذه إرادة واعية أخرى رغبنا من خلالها أن يجد كل جيل "حقه" المشروع في التعبير عن موضوع بشكل يقدم في النهاية خلاصات جزئية في محور يحتاج منا دائما الى التفكير. وقد وجهنا من خلال هذا المحور بعض الأسئلة للاستئناس، صغناها كالتالي:

كيف ترون حضور المثقف اليوم، برأسماله الرمزي وبصفته فاعلا اجتماعيا، في ظل سيادة فكرة عدمية الحضور، والتشكيك الصريح لطبيعة وظيفته التاريخية؟

هل اعترت هذه الوظيفة اليوم مفاهيم جديدة تخول لنا، إعادة تعريف المثقف وفق وظائف مضافة لدوره الطليعي؟

وإذا كانت السلطة لا تتسع للتنوع، كيف تقيم سلطة المثقف ذرائعها في تشكيل تصورات الضدية وإنتاج فكر يسع التعدد وتحيين مشاريعها الممكنة. خصوصا بعد تخلي المثقف عن حلمه النهضوي؟

هل لا زالت الأنتلجنسيا العربية مؤهلة بحكم التزامها الفكري والسياسي، لخلق شروط التغيير؟

وفي ظل أسئلة الهوية والنحن... كيف يمكننا صياغة مشروعنا النقدي في ظل وعي تام بطبيعة دور المثقف اليوم، وتمحيص فكري جذري يعي ميكانيزمات ثقافة السلطة في إنتاج وتقعيد لفكر الهيمنة؟