لم يكن من قبيل الصدفة أن تنعقد الدورة السادسة1 للمؤتمر الدولي لأدب الرحلة نحو إفريقيا، أوروبا، آسيا ، والأمريكتين، ببلاد " ابن بطوطة"، بلاد المغرب التي غادرها ، في تلك الصبيحة، فتى يافعا- في العشرين- نحو البيت الحرام،وعاد – بعد ثلاثة عقود- رجلا مكتمل التجربة،بعد أن رأى ما رأى، وكتب ما كتب، وسابق الطير، وركب اليم، وانتعل الرمل، وتدثر بمعاطف الجبال، واستوى فوق الشجر، ونقش الحجر بسيرة البشر ، في الحضر والمدر.
وانعقاد هذا اللقاء ، طوال أ ربعة أيام، بأرض "ابن بطوطة" قيمة مضافة لهذاالبلد الذي أعاد الاعتبار لهذا المتن- متن الرحلة- برؤيات جديدة، بحكم- فضلا عن الدرس الرحلي المتنامي يوما بعد يوم- تمبز أهله برصيد غني من النصوص الرحلية متوزعة بين الخزائن العامة والخاصة ،والتي ما زالت تحتاج إلى الكثير، كشفا وتحقيقا ودراسة ونشرا.
شارك في أعمال هذا المؤتمر ما يقرب من مائتي باحث(184باحثا تقريبا)، جاؤوا من ثلاثين دولة غطت القارات الخمس، وهم يحملون عشقهم للرحلة والإرتحال بحثا وتجربة واستكشافا لتجليات الاختلاف في الزمان والمكان والإنسان.
والأطراف المنظمة لهذا اللقاء المميز هي على الشكل التالي:
&جامعة بن طفيل( القنيطرة)
&جامعة هامبولت 2 كاليفورنيا. الولايات المتحدة الأمريكية)
&عهد الدراسات الإسبانية والبرتغالية( جامعة محمد الخامس/ اكدال. الرباط)
&عهد الدراسات الإفريقية( جامعة محمد الخامس.السويسي. الرباط).
نضيف إلى ذلك بعض مختبرات اللغة والإبداع بالجامعة المغربية، ومعهدي " ثيربانتيس" بالرباط، و" غوميس" بالبرتغال.
وتوزعت جلسات المؤتمر، طوال هذه الأيام، بين مدينتي القنيطرة والرباط على الشكل التالي:
&- جامعة ابن طفيل(21_22 نونبر2011) التي احتضنت المرحلة الأولى من المؤتمر، بمؤسساتها الموازية( كلية الآداب/ مدرسةالتسيير والتدبير..)
&-معهد الدراسات الإفريقية( جامعة محمد الخامس/ السويسي. الرباط) ومعهد الدراسات الاسبانية والبرتغالية( جامعة محمد الخامس/ أكدال. الرباط)
وتخلل هذا اللقاء المميز أنشطة نوعية سايرت أهداف المؤتمر( معرض للمطبوعات والكتب المتمحورة حول الرحلة/ معرض للرسم مستوحى عالمي إفريقيا وآسيا خاصة الهند/ إبداعات رحلية..)
بنية المؤتمر
استند المؤتمر إلى هندسة علمية قامت علىخمس محاضرات محورية، وازتها جلسات عديدة بلغت 32 جلسة توزعت بين الفضاءات المشار إليها أعلاه.
المحاضرات:أ- الأستاذ عبد الهادي التازي: عالمية ابن بطوطة(جامعة ابن طفيل). وتناول فيها المحاضر الأهمية المتزايدة ل" ابن بطوطة" في الدرس العلمي الإنساني( 300أطروحة أمريكية حول تجربته/ ترجمته لإلى حمسين لغة ، وآخرها اللغة الصينية..) وهذا يدل على- حسب تصوري- علىمعاصرة " ابن بطوطة" المتجددة بحكم طرحه لقضايا عديدة نابعة من قيم الإيمان بالإختلاف والتعدد وتبادل الخبرة الإنسانية بين الشعوب .
ب- محاضرة الأستاذ عبدالجليل لحجمري – مستفيدا من بعض أطروحات " إدوارد سعيد" عن الاستشراق، أوهامه- حول" تمثل الإسلام في محكيات السفر بالمغرب عند
Gabriel charmes/ pierre loti/andre chevrillon
.وبالرغم من تعدد مستويات الرؤية – رومانسية أحيانا وحاقدة أحياناى أخرى-عند كل رحالة من الرحالين المشارإليهم أعلاه، فإن منظورهم للإسلام، وتحت
تأثير عوامل عديدة، رسخت اساليب التعامل مع العالم الاسلامي، عبر الأحكام القبلية، نذكر منها:
رواسب الحروب الصليبية/ العلاقة مع الدولة العثمانية/ حركة القراصنة وتبادل الأسرى/ حركة الاستعمار) النمطية المستمرة إلى الآن ، بالرغم من تغير الأوضاع داخل أوروبا ذاتها. فالمسلمون ، فضلا عن مجالهم الجغرافي والرمزي، في العالم ، يوجدون أيضا في عمق أوروبا، وهناك من يحمل جنسيتها محتفطا بإسلامه. ومن ثم لم يعد الصراع مطروحا بين ا لأناوالآخر ، بل أصبح بين الأنا والأنا
ج_- محاضرة الأستاذ Ivan almeida حول الرحلة والحنين والضيافة.
د- محاضرة الأستاذة Carolina depetris حول الرحلة والكتابة.
ه- محاضرة الأستاذ Gladys ilarreguiحول الرحالة الألماني المحتفى به( ألكسندر فون همبولت) ورحلته إلى المكسيك أثناء القرن19.
أما بالنسبة للجلسات، فيمكن تصنيفها في محورين:3
1- المحور النظري الذي طرحت فيه مداخلات عديدة حول "نظرية الرحلة"، مفهوما وخطابا، وجنسا أدبيا. فالرحلة جنس إ شكالي ومشكالي"- نسبة إلى آلة المشكال4- في الوقت ذاته. إشكالي من حيث استعصاؤه على التصنيف من جهة، والضبط المفهومي من جهة ثانية. و"مشكالي" من حيث كونه لايستقر على حال بحكم تحولاته- كما هو شأن أجسام المشكال غير المستقرة- داخل الأجناس والأنواع والخطابات الأدبية وغير الأدبية.وبحكم صعوبة هذا المحور لم تتجاوز نسبة المداخلات 5./. 4،89)تقريبا، على الشكل التالي:
&- الرحلة مفهوما وجنسا أدبياز
&-الأدب الرحلي والدرس المقارن.
&الرحلة عبر روابات "أمين معلوف".
& الرحلة واللغة. /
&-الرحلة والهجرة والنفي.
&- خصائص بعض الأنماط الرحلية.
&الخيال في رحلة ابن بطوطة.
& الترجمان في الرحلة السفارية.
&المحكي الذاتي في أنماط رحلية محددة.
2- وفي المحور الثاني ، انصبت المداخلات على قضايا عديدة اتسع لها بناء الر حلة المرن،من مواقع " ثيماطيقية" وجمالية وأنثروبولوجية وتاريخية وجغرافية ولسانية .وشكلت نسبة هذه المداخلات 91./. من مجموع المداخلات التي قدمت طوال هذه الأيام. وأهم القضايا المطروحة، في هذا السياق، على الشكل التالي:
&- الرحلة إلى المغرب.
&- ال حلة إلى إفريقياز
&- الرحلة إلى أوروبا. &الرحلة إلى الأمريكتين.
&-الرحلة وتمثل الآخر.
&-الرحلة والدين.
&-الرحلة وفن السفر.
&- لرحلة والديبلوماسية.
&-الرحلة والعلوم.
&- تجربة الرحالة الألمان.
& الرحلة والهوية الثقافية.
الرحلة وفن السفر.
وتخللت هذين المحورين ، جلسات مميزة انصبت على مقاربة الرحالين( ابن بطوطة/ وأ. فون همبولت) من زوايا مختلفة، وبلغات متعددة، عبر رحلتيهما لمناطق عديدة من العالم.
هوامش:
1- المؤتمر السادس/ ألكسندر فون همبولت وابن بطوطة.أدب الرحلة نحو إفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. من 21 إلى24نونبر2011.المغرب_إفريقياز القنيطرة:12- نونبر2011./ الرباط:23- 24 نونبر2011.
2- ألكسندر فون همبولت: موسوعي ألماني. من مواليد "برلين" ( ق18م19)/ جيولوجي/جغرافي/ مؤرخ/رجل
سياسة/ عالم طبيعي.من أهم رحلاته سفره إلى المكسيك مقدما للقارئ الأوروبي عالما حضاريا مميزا( حضارة الأنكا مثلا)
3-يقتضي هذا الزخم من المداخلات والتدخلات والتعليقات إصدارا متكاملا لأعمال الندوة. وهذا ما سيتم إنجازه- كما أخبر المشرفون على المؤتمر- مستقبلا.
النمط المشكالي، حسب تودوروف، هوالذي لم يصنف بعد، بحكم طبيعته الأجناسية
التي لم تستقر بعد في خصائص ثابتة. والمشكال يخضع لنفس القانون الذي يرصد تفا علات مكوناته المعدنية غير المستقرة، في انتظار الوصول إلى الثابت، وإلغاء المتغير.
4- انظر:
Oswald ducrot –tzvetan todorovM dictionnaire encyclopedique des sciences dulangage/seuil .1972/