مريم مكرم.. اغتالتها رصاصة بشرفة منزلها
مريم مكرم نظير، 16 عاما، في الصف الأول الثانوي التجاري، بنت وحيدة وسط ولدين هي أصغرهم.يوم "جمعة الغضب" 28 يناير كانت هناك مظاهرة سلمية أمام قسم الزاوية الحمراء غرب القاهرة، استأذنت مريم والدها أن تصعد فوق سطح المنزل لتشاهد ما يحدث، ووافق. والدها الذي تحدث لإحدى الشبكات المسيحية روى قصة مقتلها: "نزلت أنا مع الناس قدام القسم ومريم طلعت فوق العمارة.. الأول لقيت الشرطة بتضرب نار في الهوا.. لكن بعدين طلعوا فوق سطح القسم وبدأوا يضربوا على الناس الصغير والكبير ما بيفرقوش".
والدتها التي سمعت طلقات الرصاص في كل مكان نادت على ابنتها وقالت لها "انزلي كفاية"، وردت مريم: "سيبني يا ماما حتى نموت شهدا مش مشكلة".فجأة صعد أخوها ليطمئن عليها، ووجدها غارقة في دمائها، اخترقت الرصاصة خدها الأيمن، نقلوها لمستشفى الدمرداش لكن من الساعة الثامنة مساءا وحتى الساعة الثانية صباحا، لم تجد أسرة مريم غرفة للعمليات فارغة لتستقبل ابنتهم.
يقول والدها: "مريم لو كانت عاشت كانت هتفضل عايشة بعاهات.. الحمد لله دي راحت عند ربنا اللي أحن مننا كلنا عليها".
جرجس لمعي.. أسعف زميله فقتلوه
جرجس لمعي موسى، 30 عاما، يعمل سائقا وغير متزوج، هو العائل الوحيد لأسرته، كل جريمته يوم "جمعة الغضب" أنه كان يصور الأحداث أثناء إطلاق ضباط الشرطة الرصاص على المواطنين العزل. أمام قسم الزاوية الحمراء بغرب القاهرة وقع زميل له، حاول جرجس إسعافه ونقله سريعا، لكن بمجرد أن حمله حتى رشقت الرصاصة في رقبته ليتوفى على الفور.
والده قال "هرفع قضية على الداخلية لأخذ حق جرجس وإخواته الشهدا.. أنا عارفهم بالاسم اللي ضربوه وهاخد حقه.. معندهمش قلب ولا ضمير.. مالهمش ولاد هيتعمل فيهم كده.. ووزير الداخلية اللي ماسكهم معندوهش ضمير وأداهم أوامر بضرب الناس بالرصاص الحي".
مايكل وصفي.. من البيت للكنيسة والعكس
مايكل وصفي أبادير، 23 عام، لا يعمل له شقيقان لقي مصرعه يوم الجمعة 28 يناير أمام قسم الزاوية الحمراء الذي قدم 39 من شبابه في هذا اليوم، بين مسلم ومسيحي لا فرق بينها. الكل يشهد لمايكل أنه مطيع ومؤدب، لم يقل مايكل لوالده إنه خارج للمظاهرة، بل سمع إطلاق الرصاص أمام القسم فخرج مسرعا لمشاهدة ما يجري. والده يقول: "لم يكن ينتمي إلى أي حزب أو نشاط سياسي، مايكل كان من البيت للكنيسة ومن الكنيسة للبيت زي ما بيقولوا.. مالوش حتى أصحاب في الشارع". وبمجرد وصول مايكل أمام القسم أصيب بطلق ناري في جانبه الأيمن، ونقله الأهالي لمستشفى الدمرداش، وحاولوا استخراج الرصاصة، لكنه كان قد فارق الحياة، وخرج التقرير الطبي ليفيد بأن مايكل مات نتيجة طلق ناري نتج عنه هبوط في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب.
والد مايكل قال إنه سيستخدم التقرير الطبي لرفع قضية على وزارة الداخلية، وأضاف أن البابا شنودة، بابا البطريركية المرقسية وبابا الإسكندرية، أرسل محامين من طرفه لمتابعة القضية مع أهالي الشهداء المسيحيين. واختتم والد مايكل حديثه قائلا: "حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم هقول إيه غير كده.. أنا بطالب بإعدام من أصدر الأوامر بإطلاق ذخيرة حية في ميدان عام". أبانوب عوض الله نعيم وشهرته جرجس صابر، 18 عاما، له 3 إخوة، الساعة الخامسة مساءا يوم الجمعة أيضا سمع إطلاق نار أمام قسم الزاوية الحمراء، ونزل من منزله ليجد المواطنين على الأرض غارقين في دمائهم. أحضر أبانوب الموتوسيكل الخاص به وبدأ في رفع القتلى من على الأرض، لينقلهم للمستشفي، لكن رصاصة من أحد الضباط المكلفين بحماية الحي أصابته برأسه من الخلف وخرجت من جبهته.
والده يقول:" لم أكن أتوقع أن الداخلية التي تحمينا تضرب أولادها.. لازم يتحاكموا اللي عملوا كده.. مش هاخد فلوس من حد واللي يكفيني هي المحاكمة وفي ميدان عام بأقصى عقوبة".
مصطفى الصاوي..
مصطفى الصاوي، 26 سنة، لعبت الصدفة دورها حين توافق يوم استشهاده في جمعة الغضب 28 يناير مع يوم ميلاده. الشهيد الشاب كان في طريقه مع الثوار لميدان التحرير، عندما أطلق عليه قوات الأمن المركزي نحو 25 رصاصة في صدره ووجه ورقبته على كوبري قصر النيل.
كمال فارس.. نالته رصاصات الغدر
كمال فارس محمد، 25 عاما، متزوج ولديه طفلة صغيرة اسمها ملك (عام ونصف) نالته رصاصات الغدر يوم السبت 29 يناير بعد "جمعة الغضب". لم يذهب كمال إلى ميدان التحرير بؤرة الاعتصام بوسط القاهرة لكنه شارك في مظاهرة بمنطقة المؤسسة بشبرا الخيمة, ليفاجأ والده بصراخ الشباب وهم يحملون ابنه بعد أن أطلق عليه أحد رجال الشرطة الرصاص, وهو على سلم المشاة. تنقل الأب بابنه بين عدة مستشفيات بحثا عن رعاية أفضل للجريح حتى استقر الأمر في مستشفي الدمرداش, وهناك أجرى 3 عمليات ومات بعدها يوم 6 فبراير متأثرا بجراحه.
يقول والده لصحيفة "الأهرام" الرسمية المصرية: "كمال كان يعاني من السكر, الرصاص اخترق جسده الضعيف, وتقرير المستشفى أكد إصابته بطلق ناري بالفخذ الأيمن, مع كسر بعظم الفخذ, مما أدى إلى نزيف حاد وسيولة الدم أدت إلى هبوط حاد بالدورة الدموية, وتوقف لعضلة القلب". من بين دموع الوالد قال: "آخر حاجة كمال قالها لي وهو في المستشفى.. خلي بالك من ملك".. "ابني كان يقرأ القرآن كلما اشتدت آلامه". ورغم دموع الأب المكلوم ووجع قلب الزوجة الشابة التي تيتمت طفلتها وعمرها لم يتجاوز العام والنصف, إلا أنهم يؤكدون أن دم الشهيد لم يذهب هدرا.
هدير سليمان
هدير عادل سليمان، 13 عاما، طالبة بالمرحلة الإعدادية، تسكن في شارع أحمد زكي بحي المعادي بالقاهرة، لديها 3 إخوة هي أكبرهم، استشهدت يوم "جمعة الغضب" 28 يناير وهي تقف في شرفة منزلها؛ حيث اصطادها أحد قناصة قوات أمن قسم شرطة وتأمين المعادي برصاصة اخترقت رقبتها فسال الدم من فمها. من بين دموعها حكت والدة هدير قصة استشهادها، حيث قالت لقناة "العربية" الفضائية: "الرصاصة جت فى رقبة هدير.. كان فى مظاهرة سلمية فيها حوالى ألف شاب وبيهتفوا سلمية سلمية.. هدير خرجت لتشاهدهم ولو كنت عارفة إنها هتموت مكنتش طلعتها البلكونة".
والدها الذي لم يصدق حتى الآن أن كبيرته قد ماتت قال: "ثروت المحلاوي رئيس مباحث المعادي استعان بثلاث سيارات للأمن المركزي وأيضا قوات إدارة تأمين المعادي للسيطرة على المنطقة.. بعد ما المظاهرات خرجت في كل حتة في مصر". وأضاف: "كنت وابنتي في شرفة المنزل، لم نتظاهر أو نهتف ضد أحد ، فقط نشاهد ما يحدث في الشارع، حيث لم تستخدم قوات الأمن أية قنابل مسيلة للدموع أو رصاص مطاطي.. بل بدأت على الفور في إطلاق الرصاص الحي فقتلت رصاصة هدير.
حملها والدها مسرعا في محاولة لإنقاذها، بعد أن أغرقت بدمائها البيت، لكن رجال الشرطة أوقفوه وهددوه بالقتل، قال لهم: "ابنتي تموت بين يدي.. لم تفعل شيئا"، فردوا عليه "مش كانت بتتفرج.. خليها تتفرج". بعد مضي ساعات تمكن والدها من نقلها لمستشفى القوات المسلحة بالمعادي الساعة 9 مساءا وتم إدخالها غرفة العمليات لكن فاضت روحها إلى الله، مازالت أختها الصغرى رقية تسأل "أين هدير". ووالدها يسأل "بأي ذنب قتلت".
كريم أحمد رجب
24 عاما، خريج كلية العلوم جامعة الأزهر، ويعمل في صيانة وإصلاح الحاسب الآلي بقرية الصنافين التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية. كريم استشهد الخميس 3 فبراير بعد "موقعة الجمل" بميدان التحرير والتي اقتحم فيها أنصار الرئيس المخلوع مبارك، الميدان بالجمال والأحصنة واشتبكوا مع المتظاهرين الموجودين بالميدان منذ الثلاثاء 25 يناير.
والده قال إن كريم كان سنده في مساعدة الأسرة التي تتكون من 6 أبناء، ولم يكن كريم منتميا لأي حزب أو فكر غير أنه ملتزم دينيا، وعندما شاهد الثورة طلب منه الانضمام إليها، لكن والده دائما ما كان يرفض، وكريم يلح في طلبه حتى يوم الثلاثاء "المسيرة المليونية" خرج كريم بعد أن قال لوالده إنه مسافر للعمل وقبل يده، ثم ذهب.
محمد شقيقه الأكبر، علم مساء الخميس أن هناك قتلى بالميدان فإتصل بكريم فرد عليه "لا تخف فلا يحق لنا الخوف بعد اليوم"، و أكد أنه في الصفوف الأولي في مواجهة البلطجية ثم أخذ يضحك. كريم صمت مرة واحدة وهو يحدث شقيقه محمد، الذي سمع صوت طلق ناري من مسافة بعيدة جدا و شعرت بأن أخيه سقط على الأرض، وسمع أشخاص يقولون مرة واحدة "لا إله إلا الله" فعلمت أن كريم قد أصابه شيء.
والد كريم أخرج وصية كريم الذي كتبها قبل سفره للقاهرة بيوم واحد، قال فيها: "أوصيكم أن تكثروا من الصدقات علي وأن تتقبلوا خبر استشهادي إن أكرمني الله بها بكل فرحة وأن تجعلوها دعوة للناس للتضحية من هذا الدين العظيم ومن هذا أجل الوطن الغالي وأطلب من الجميع أن يسامحني وإن أخطأت في حقه عمدا أو غير عمد، كما أطلب من والدي ووالدتي أن يدعوا لي أن يتقبلني الله من الشهداء وأن يسامحونني أن خرجت بدون إذن منهم، ولكن دين الله والوطن أغلى من كل شىء، فخير الجهاد هي كلمة حق عند سلطان جائر ورجل قام إلى حاكم ظالم فنهاه فقتله.. كريم أحمد رجب أحمد".
إسلام بكير..كان يحلم بمصر جديدة
إسلام محمد عبد القادر بكير، من مواليد 1/3/1989، حاصل على ليسانس آداب قسم الحضارات الأوروبية عام2010 بجامعة القاهرة، يصفه المقربون منه بأنه شخص يحب الضحك.. يعشق والديه .. ويحب خطيبته .. ويحترم أصدقائه وأقاربه. خرج إسلام يوم 25 يناير ، ولم يكن في نيته الذهاب إلى التظاهر أو المشاركة ، ولكن في هذا اليوم كان إسلام يمشي في شارع الدقي بوسط القاهرة ، وهو يبعد مسافة قليلة عن ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية ، وفي هذه الأثناء كان الأمن، قبل هروبه، يحكم السيطرة على كل الطرقات المؤدية إلى ميدان التحرير.، الميدان الذي شهد أعظم ثوره في تاريخ الوطن.
ووجد إسلام نفسه مع المتظاهرين، وكان مثله مثل غيره من كثير من الشباب مثقلا بالمشكلات المادية وراغبا في الحصول على عمل يقربه أكثر من إتمام زيجته، كما كان ساخطا على تجمد الأوضاع السياسية في مصر وكيب الحريات بها.
ووجد إسلام نفسه يتفاعل بقوة مع صيحات وشعارات غيره من الشباب التي كانوا يطلقونها في المظاهرات، فالمطالب واحدة والهم نفس الهم، وارتفعت الصيحات، الشعب يريد إسقاط النظام ، الشعب يريد الحرية والتغيير والعدالة الاجتماعية.
تعرض إسلام للضرب بالرصاص المطاطي في قدمه، لكنه لم يخش أو يتراجع، بل أصر على المضي قدما في المظاهرات مع أقرانه من الشباب.، وهو يحلم بالتغيير وبمصر جديدة، وعزم أمره على الاشتراك في مظاهرة جمعة الغضب 28 يناير.
وبالفعل شارك إسلام وبقوة في جمعة الغضب، ولكن أصابته رصاصة في ظهره ولكنها هذه المرة كانت من الرصاص الحي فأودت بحياته ، ليموت إسلام وهو يحلم بأن يستكمل شباب مصر ما بدأه وأن يتنزعوا حريتهم وبقوة مهما كان الثمن.
يقول عنه أحمد الأمين على صفحة كلنا إسلام بكير على موقع الفيس بوك: "إسلام بكير كان من أشجع الناس في بلدنا، على الأقل كان أشجع من كل الذين اختاروا أن يختبئوا في بيوتهم مثل الفئران و تركوا الميدان للأسود أمثاله". أما أمجد علام فيقول عنه " الله يرحمك يا بطل .... والله يا جماعه أقل شيء ممكن نقدمه لإسلام إننا نعمله ميدان باسمه ويبقى اسمه ميدان الشهيد إسلام بكير".واللافت أن صورة إسلام بكير وضعها معظم اصدقائه على صفحاتهم الخاصة بدلا من صورهم تكريما وتخليدا لذكراه.
عمرو غريب
25 سنة، خريج كلية الحقوق جامعة عين شمس بالقاهرة، شاب مصري بسيط غير منتم لأي حزب أو تيار سياسي، ولم يسبق له الاشتراك في أي نشاط سياسي، حلم بالتغيير وسعى له، ولكنه لم يجد الفرصة التي تساعده على تحقيق حلمه حتى جاءت لحظة الغضبة الشعبية. كان يحلم بأن يعمل محاميا للدفاع عن حقوق البسطاء والتصدي لغول الفساد، كما يروي أصدقاؤه على فيس بوك. وجد عمرو فرصته للتعبير عن نفسه و مطالبه وغضبه من أوضاع مصر ، في ميدان التحرير، ميدان الشهداء ، مثل العديد من شباب البلد.
عمرو توفى يوم 2 فبراير متأثرا بجراحه التي تلقاها بعد إصابته في بطنه بطلقتين غادرتين من الرصاص الحي جاءت من جانب قوات الشرطة في يوم جمعة الغضب 28 فبراير في ميدان التحرير، قبل أن تنسحب هذه القوات فجأة تاركة البلاد فريسة لفوضى السلب النهب، وكأنها بقتل عمرو قد أنجزت مهمتها!!. لم تكن هناك سيارات إسعاف في الميدان، اختفت كل العناصر الطبية، حاول أصدقاؤه المقربون له إسعافه بشتى الطرق، ولكن عمرو كان يشعر بنسيم الشهادة وهو ملقى والدماء تسيل من جسده على أرض ميدان التحرير.
يقول عنه أحد أصدقائه الذين لا زالوا يحتفون به على الإنترنت: " كان دائما أشجعنا وأكثر حماسة خلال المظاهرة، لقد كان دوما يتقدم صفوف المتظاهرين في وجه آلة القمع الأمنية.. لقد أراد أن يموت شهيدا فكان من أوائل الشهداء الذين لقوا ربهم في ساحة ميدان التحرير".
أحمد إيهاب..عريس يزف إلى الجنة
أحمد إيهاب محمد فؤاد عباس، 29 سنة، مهندس خريج جامعة حلوان، وهو متزوج منذ شهرين فقط، وكان يحلم مثله مثل أي شاب مصري بالتغيير، بحياة كريمة له ولأولاده في المستقبل، لكنه لم يفكر يوما في التظاهر من أجل المطالبة بالتغيير. كان بداخله رغم ذلك يشعر أن هذا اليوم آت لا محالة..ولكنه كان ينتظر الشرارة ليخرج مع الجميع في يد واحدة وبصوت واحد يطالبون بإسقاط النظام واستحداث مصر جديدة.
وحين اندلعت هذه الشرارة الشعبية يوم الثلاثاء 25 يناير، أخبر زوجته أنه "قرر" الخروج في مظاهرات جمعة الغضب الموافق 28 يناير 2011، ولن يتراجع عن قراره بأي حال. وخرج أحمد بالفعل للمرة الأولى ولم يكن يعلم أنها ستكون الأخيرة، خرج بعد أن تحرر من قوقعة الأغلبية الصامتة المصرية، ولكنه لم يعد لزوجته التي كانت تنتظره بفارغ الصبر، ليحكي لها عما فعله وعما شاهده، وعن المظاهرات التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر.
استشهد أحمد بينما كان يواجه بقلب شجاع جحافل الأمن التي تمركزت عند مدخل جسر قصر النيل لمنع المتظاهرين من الدخول لزمر ثورتهم، ميدان التحرير. تلقى ثلاث رصاصات غادرة في جسده، واحدة منها اخترقت عيناه، ولقى ربه متأثرا بجراحه في الثاني من شهر فبراير الحالي، بعد أن قدم روحه فداء للوطن، وبعد أن مهد الطريق لزملائه من أجل دخول ميدان التحرير.أسرع عدد من المتظاهرين إلى نقله لمستشفى الحسين الجامعي بالقاهرة، واستمر بها إلى أن فاضت روحه إلى بارئها يوم 2 فبراير الجاري، فاقترح عدد من شباب الثورة المصرية أن يسجل اسمه باحرف من نور في نصب تذكاري لشهداء ثورة الحرية يقام في ميدان التحرير..
سامح علي جمال
24 سنة، خريج حديث، غير متزوج، كان يحلم مثله مثل أي شاب مصري بعيش كريم، ووظيفة تساعده على تحقيق آماله وبناء بيت سعيد مع زوجة وأولاد يقوم بتربيتهم على حب مصر. الشهيد الشهم، توفى في فجر الخميس 3-2-2011، في ميدان التحرير بقلب القاهرة، والذي يطلق عليه المتظاهرون المرابطون فيه اسم "ميدان الشهداء"، عندما كان يدافع مع أصدقائه عن إخوانه المعتصمين في الميدان، بينما كانت قنابل المولوتوف تلقى عليهم من كل حدب وصوب. سامح ظل حتى فجر الخميس، في طليعة الشباب، يحاول صد الهجوم الذي تعرض له المتظاهرون في ميدان التحرير من بعض "البلطجية" الذين قال عنهم المحتجون في الميدان إنهم "مدعمون من الأمن المصري والحزب الوطني الحاكم".
وفي أثناء "المعركة" أصيب أحد أصدقائه بجواره؛ جراء قنبلة مولوتوف سقطت عليه من سطح أحد المنازل التي اتخذها البلطجية للهجوم على المعتصمين في ميدان التحرير. حاول سامح "الشهم" إسعاف زميله المصاب، وأخذه بعيدا عن ميدان المعركة، ولكن قنابل المولوتوف والرصاص ما زالت تنهمر على المتظاهرين من فوق. لم يفكر سامح طويلا، واختار أن يصعد إلى هؤلاء "البلطجية" مع عدد من زملائه، للتشابك معهم ومنعهم من إلقاء قنابل المولوتوف على أصدقائه.
وبالفعل نجح سامح في الحصول على معظم قنابل المولوتوف الذي كان بحوذة البلطيجة، وسلمها إلى أصدقائه، ولكن "البلطجية" لم يتركوه وشأنه، وهموا بضربه بطلقة في بطنه وأخرى في رأسه أودت بحياته في الحال. استشهد سامح، ولكنه أنقذ المئات، اختار أن يضحي بعمره في سبيل بقاء المعتصمين أحياء ليواصلوا مسيرة الحرية والكرامة، ويدافعوا عن مطالبهم؛ تحقيقا لما تمناه في حياته. وتخليدا لذكراه، قام أصدقاء سامح بإنشاء صفحة على موقع التواصل الادجتماعي الشهير "الفيس بوك" تحت اسم "سامح على جمال عفالله "الله يرحمك و يرحم كل الشهداء"، والتي امتلأت بالدعوات له بالمعفرة واحتسابه شهيدا عند ربه. وعلى صفحة سامح علي جمال عفا الله، نشر حسام رسلان، خال الشهيد، فيديو يظهر سامح قبل لحظات من استشهاده، وهو يرمي بالمولوتوف بعيدا عن أصدقائه، وإسعاف زميله المصاب، بحسب ما قاله خاله حسام رسلان على الصفحة.
وعند مشاهدة الفيديو لاحظ الدائرة المضيئة التي يقوم فيها سامح بمحاولة إسعاف زميله، على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=VqydgpyVNKY&feature=player_embedded&skipcontrinter=1
أحمد بسيونى
33 عاما، كان يعمل فى مجال الفنون السمعية والبصرية، حصل على الماجستير من كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، يعمل مدرسا مساعدا فى كلية التربية الفنية، قسم الرسم والتصوير- جامعة حلوان، وكان دائما ما يدعو تلاميذه إلى النزول للشارع. حرص أحمد على أن يجعل الفن مفهوما لدى طبقات الشعب العادية، وكان يزور الأماكن الشعبية فى مصر لكى يسمعهم الموسيقى لإيمانه أنهم قادرون على تذوق الفن، وكان يحرص على تقديم دروس مجانية فى ورشة عمل فنية فى كلية الفنون بالتعاون مع أساتذة آخرين، استمرت تلك الورشة لمدة 10 سنوات عن آخر مستجدات الفن الحديث، كما عمل فى مشروع تطوير منطقة الفجالة بالقاهرة مع الفنان محمد عبلة.
كان يحلم بفن مصرى يصل للعالمية ويؤمن بأن للفن رسالة قائمة على الحرية والعدالة، ويجب على الفنانين أن يقوموا بهذا الدور لهذا نزل إلى الشارع يوم الغضب 25 يناير فتلقى الضرب من جانب رجال الأمن المركزى بقوة لأنه كان يحمل كاميرا فيديو، وهى الكاميرا التى كان يعتبرها من لوازم الثورة، يسجل بها خروج الناس إلى الشارع، وأصوات هتافاتهم عند الكر والفر من رجال الشرطة، تمهيدا لعمل معرض فى نهاية هذا الشهر لكن القدر لم يمهله. وحين نزل مرة أخرى في جمعة الغضب يوم 28 يناير، لم تكتف الشرطة بضربه بالرصاص الحى، وإنما دهسته بعدها سيارة أمن مركزى، وحاول رفقاء أحمد فى المظاهرات الذهاب إلى مستشفى أم المصريين وقد قضى نحبه ورفضت المستشفى تسليم جثته إلا بعد توقيع ذووه على تنازل كامل عن جميع مستحقاته وحقوقه، فاضطروا إلى التوقيع على ذلك، ووقعوا على وثيقة تسلم جثمانه يوم 4 فبراير أى بعد وفاته بأربعة أيام، ويؤكد تقرير المستشفى إصابته برصاص حى، وبتهتك فى الذراع والصدر والأرجل، نتيجة دهس سيارة الشرطة له.
قبل أن يستشهد أحمد يوم 28 يناير كتب على صفحته على موقع فيس بوك "عندى أمل كبير فى الناس أن تستمر فى المطالبة بحقوقها، وتأكيده لسلمية المظاهرات فى التحرير مقابل إرهاب الشرطة". أحمد متزوج وله ابن يسمى آدم، 4 سنوات، وسلمى لم تكمل عامها الأول، ربما تبكى سلمى الآن لأن رصاصات الشرطة التى استقرت فى صدر والدها حرمتها من أن يشاركها فرحة انتظاره اليومى، وهو عائد من عمله؛ ربما يرفض آدم أن ينام قبل أن يحكى له والده قصة قبل النوم.. ربما وربما.. لكن المؤكد أن كليهما عندما يكبران سيعرفان أن دماء والدهما التى سالت لم تذهب هدرا، فهو الذى صنع لهما مستقبلا أجمل.