مساء الأربعاء 9 شباط/فبراير وفي سياق إحتفال شباب 25 يناير بذكرى الأربعين لشهداء حادث كنيسة القديسَين بالإسكندرية.، ألقى الصديق الدكتور نبيل مرقس الكلمة التالية في ميدان التحرير أنقلها لكم كاملة للعبرة والذكرى وللتضامن والتواصلمع ثورة مصر:
عندما عاد أمير الشعراء أحمد شوقي من المنفى عام 1920 إلى أرض الوطن بعد إنتهاء إحداث ثورة 1919 ، خاطب مصر الثورة التي أضناه الشوق إليها بهذه الأبيات :
ويا وطني لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا
ولو أنى دعيت لكنت ديني عليه أقابل الحتم المجابا
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا
أظن أننا جميعاً شباباً وكهولاً نلتقي من جديد بوطننا الحبيب ذا الوجه المضيء الممتلئ حماساً ونضرة وحيوية بعد أن أضنانا جميعاً اليأس والركود والإنتظار الطويل في غياب لأي بارقة أمل أو رجاء. ميدان التحرير الذي جعلتم منه ميداناً للحرية أضحى اليوم بعد إنتفاضتكم المجيدة وجهاً مضيئاً للوطن وقلعة للحرية في مواجهة الطغيان.. وشبابنا الزاهر الذي إختطَف مخلصاً وهج العصر وجذوة الحداثة من براثن الإستبداد وأضاء بهما حياتنا اليومية المعتمة ، لا بد وأن نعترف به جيلاً جديداً مفرحاً ولد عملاقاً على أياديكم الطاهرة يوم أيقظتم مصر من سباتها العميق، يوم طرقتم بغير وجل أبواب العصر وأضأتم بفعلكم المخلّص لنا جميعاً شعلة الأمل بعد أن إنعدم منا كل رجاء. لقد وحدّتنا في الأيام الأخيرة شدائد كثيرة وجمع الموت بيننا، فتجاور شهداء ليلة رأس السنة في كنيسة القديسين بالإسكندرية مع شهداء أسبوع الغضب من شباب الإنتفاضة مسددين عنّا جميعاً ضريبة الحياة الحرة الكريمة. لقد حاولوا بغير جدوى أن يسرقوا منّا روح الوطن ، وضربونا معاً مرة بالمتفجرات التي دسّوها في ساحة كنيسة القديسين ومرات بالعصي وقنابل الغاز والرصاص المطاطي والرصاص الحي الذي أصاب صدوركم العارية عندما نطقتم بالحق في وجه حكام الوطن.
لكننا تعلمنا منكم ألا ننحني لسارقي الوطن، وأن نصدح بالحق في وجه كل سلطة غاشمة. تعلمنا منكم أن ندخل التاريخ من جديد بعد أن تخلينا عن دعة حياتنا الخانعة. لقد آن للخوف أن يغادر قلوبنا إلى الأبد ، وآن للطغيان أن يترجل راحلاً عن وطننا الأبي ، وآن لشباب 25 يناير أن يعبر بنا إلى مصاف الدول الناهضة بعد أن أعاد إلى شعبنا المصري كرامته المسلوبة وحقه الضائع وروحه المطفأة .تحيا مصر دائماً عزيزة أبية ، منيعة عصية ، تجاه كل شر وطغيان . والسلام لكم وبكم وعليكم ورحمة من ألله على كل شهدائنا الأبرار"..(إنتهى كلام نبيل مرقس).
وبعد...فيا نبيل مرقس ورفاقه.. يا وائل غنيم وخالد سيد وخالد عبد الحميد ومحمد عباس ومحمد القصاص..يا أسماء محفوظ محطمة حاجز الخوف..يا نوارة نجم نور الميدان..يا هالة عيد أم كلثوم التحرير..يا عادل محمد خطاط الثورة..يا يوسف محمد أصغر ناشط ثوري..يا دكتور أحمد طبيب الميدان..يا هبة رؤوف وجدان التحرير...يا كل شباب وشابات مصر..يا أبناء مصر في السجون..ويا شهداء مصر في يناير: يا هدير سليمان (13 عاماً) ويا مريم مكرم نظير (16 عاماً). يا جرجس لمعي ومايكل وصفي وجرجس صابر...يا مصطفى الصاوي وكمال فارس وكريم أحمد رجب وإسلام بكير ..يا عمرو غريب وسامح جمال وأحمد إيهاب وأحمد بسيوني.. ويا عشرات الشهداء المجهولي الهوية والمصير..يا ورد الجناين اللي فتح في ربوع مصر..يا غضب الشوارع اللي كنس طغاة مصر..ما أحلى الرجوع إلى الوطن..وما أحلى عودة الوطن إلى الناس..إلى التاريخ..إلى الجغرافيا..ما أحلى الحق والعدل والكرامة لكل الناس. معكم ومع الناس سيستمر ربيع الأمل الذي ينتظر كل جنائن العرب وكل شعوب العرب...من أجل إسترداد حرية وكرامة العرب..ومن أجل فلسطين..طريقها صار واضحاً..طريق العدالة والحرية والديموقراطية.. لا طريق الخوف والإستبداد والشعارات الجوفاء..