مبارك كان يقضي اوقاتا طويلة في شرم الشيخ

لأنه لا يريد ان يرى او يسمع ما يحدث في مصر

الكسندر جاديش

لمن يتساءل كيف ابتعد الرئيس المصري حسني مبارك عن احتياجات المصريين الحقيقية على أرض الواقع ليس عليه ان ينظر لأبعد من منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر الذي لجأ إليه مبارك بعد أن أطاح به الشعب الأسبوع الماضي. فشرم الشيخ بشوارعها الواسعة التي يزين النخيل جانبيها أبعد ما تكون عن المدن الصناعية الملوثة الهواء والقرى الريفية المتهالكة التي يقطنها أغلب المصريين العاديين. فهناك في شرم الشيخ يستلقي السياح لأخذ حمامات الشمس ويشربون الخمر علنا على نسمات هواء البحر. ويقول سكان ان شرم الشيخ اجتذبت مبارك (82 عاما) لقضاء أوقات أطول فيها في أواخر فترة حكمه التي أمتدت نحو 30 عاما حيث يتنزه مع زعماء أجانب أو يستشفي من مرض. كان حبه لهذه البلدة الذي تمثل في لجوئه إليها بعد الإطاحة به إشارة على انفصاله عن مشكلات الحياة اليومية في مصر.

قال نبيل عبد الفتاح المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية 'مبارك كان لا يريد ان يرى أو يسمع حقيقة ما يحدث'. وأضاف 'ساعد ذلك في توسيع فجوة المصداقية بين مبارك والأجيال الجديدة خاصة في القاهرة والاسكندرية ومدن دلتا النيل مثل المنصورة'. كما أن الأمان الذي يوفره البحر والجبال في البلدة الواقعة على الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء جعل من شرم الشيخ موقعا طبيعيا مميزا يختاره مبارك لعقد اجتماعات قمة مهمة. وتحولت البلدة إلى ساحة للمحادثات الإسرائيلية الفلسطينية غير المثمرة التي استمرت سنوات. وعقدت القمة الاقتصادية العربية في منتج فاخر قريب من فيلا أسرة مبارك قبل أقل من أسبوع من بدء الاحتجاجات في مصر. وهذه الأيام تحولت الشائعات المحلية من رصد وجود شخصيات بارزة مثل كوفي عنان الامين العام السابق للامم المتحدة والرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى شائعات عن صحة الرئيس المخلوع. وقال صاحب مطعم انه رأى مبارك بنفسه يقود سيارة وحده قبل ثماني سنوات. ويقول بعض السكان نقلا عن تقارير اعلامية غير مؤكدة وشائعات ترددت محليا إن مبارك دخل في غيبوبة بعد الثورة أو أصيب باكتئاب ويرفض العلاج.

وأبلغ مصدر عسكري رويترز بأن مبارك 'يتنفس' لكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل بشأن حالته. وقال مصدر آخر مقرب من العائلة إنه ليس بخير لكنه لم يوضح. وحولت شركات التطوير العقاري التي جذبتها الطبيعة الجميلة لشبه جزيرة سيناء شرم الشيخ من مكان للصيد يحيط به خليج رملي إلى مركز للسياحة بعد أن أعادت إسرائيل الأرض لمصر في أوائل ثمانينات القرن الماضي. وسمح السلام الذي أعقب اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 للمستثمرين بإزالة الألغام المتبقية من ثلاث حروب مع إسرائيل وبناء شبكة من الفنادق ونوادي القمار والمطاعم ومراكز الغطس والحانات على امتداد الشاطئ. ويرجع العديد من السكان الفضل لمبارك فيما يعيشون فيه من رخاء ويميلون للحديث عن الرئيس السابق باعتباره أبا خرفا منعزلا لا دكتاتورا قويا.

وقال محمد الهليفي (30 عاما) مدير مطعم 'آخر 15 عاما كانت سيئة، لكن أول 15 عاما لم تكن بهذا السوء'. وأضاف أن مبارك كان يبتعد عن الناس بدرجة كبيرة كلما كبر. وأضاف 'أحيانا تتحدث مع واحد كبير في السن فيميل عليك مستفسرا ماذا؟ ماذا تقول؟ ... إذا لم تسمع جيدا فلن تفكر جيدا'. وقال علاء وهو مدير مطعم آخر رفض إعطاء اسمه بالكامل إنه ينظر لمبارك بفخر في الأغلب ويلقي اللوم على مستشارين سيئين فيما يتعلق بالفساد الذي أثار غضب المحتجين. وتابع 'إذا كنت تريد ان تعرف مبارك وما فعله لمصر اقرأ التاريخ'. لكن كثيرين ما يقرب من نحو 50 مليون مصري عاشوا حياتهم كلها في عهد مبارك - من بين عدد سكان مصر البالغ الان نحو 79 مليون نسمة - لا يعنيهم الماضي السحيق. ويقول ابراهيم محمد (27 عاما) عامل في أحد الفنادق 'إذا رأيت أشخاصا يؤذونني ولم تمنعهم فأنت تؤذيني'. ويقول محمد إن الكثيرين من أصدقائه انضموا للمظاهرات في ميدان التحرير بالقاهرة، وانه فخور بما حققوه في أقل من ثلاثة اسابيع. وأضاف أن الانتشار الكبير للانترنت مكن العديد من الشبان المصريين من متابعة ما يجري في الخارج فقرب لهم العالم وزاد من إحباطهم من الافتقار لإصلاح سياسي جاد في الداخل.